التسويف والإلهاء هدف المواقف العربية والغربية
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
شهد الأسبوع الأخير من الشهر الماضي حدثان خطيران ستكون لهما آثار سلبية خطيرة على القضية الفسلطينية، الأول قرار الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، والثاني قرارات المؤتمر الدولي بشأن التسوية السلمية لقضية فلسطين وتنفيذ حل الدولتين، والذي عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك برئاسة مشتركة لفرنسا والسعودية، وحضور 17 دولة عربية وإسلامية وغربية بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية.
وصدرت عن المؤتمر الدولي لحل الدولتين الذي حضرته أربع دول عربية هي: السعودية ومصر والأردن وقطر، وثلاث دول إسلامية هي: إندونيسيا وتركيا والسنغال، 42 توصية تضمنت تنازلات غير مسبوقة تخص النضال الفلسطيني لتحرير الأرض، حيث تضمنت التوصية الرابعة إدانة الهجمات التي ارتكبتها حماس ضد المدنيين في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كما أوجبت التوصية الثامنة على حماس إطلاق سراح جميع الرهائن، دون ربط ذلك بتحقيق أية مطالب للفلسطينيين.
وتضمنت التوصية الحادية عشرة أنه ينبغي أن يؤول الحكم والأمن في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية حصرا إلى السلطة الفلسطينية، في ضوء سياسة دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد، بما في ذلك عملية نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج اللازمة، وأنه يجب على حركة حماس إنهاء حكمها في غزة وتسليم أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية. كما تضمنت التوصية الثالثة عشرة أنه عقب وقف إطلاق النار يجب إنشاء لجنة إدارية انتقالية فورا لتتولى العمل في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية.
تحديث المناهج التعليمية الفلسطينية!
واتصل بذلك ما ورد بالتوصية الخامسة عشرة بنشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار، تحت رعاية الأمم المتحدة ومنحها تفويضا من مجلس الأمن وبدعم إقليمي ودولي مناسب، مع الترحيب باستعداد بعض الدول الأعضاء للمساهمة بقوات، وستتولى هذه البعثة التي يمكن أن تتطور بحسب الاحتياجات حسب التوصية السادسة عشرة؛ توفير الحماية للسكان المدنيين الفلسطينيين، ودعم نقل مسؤوليات الأمن الداخلي إلى السلطة الفلسطينية، ودعم القوات الأمنية للسلطة الفلسطنية وتقديم ضمانات أمنية لكل من فلسطين وإسرائيل.
وتضمنت التوصية الثامنة عشرة أمرا طالما سعت إليه الدول الغربية والعربية الكارهة للإسلام السياسي، حينما نصت على الالتزام بدعم تدابير وبرامج مكافحة التطرف والتحريض ونزع الإنسانية، والتطرف العنيف المؤدي إلى الإرهاب والتمييز وخطاب الكراهية، وتعزيز ثقافة السلام داخل المدارس في فلسطين، ودعم انخراط المجتمع المجتمع المدني، والترحيب بالجهود الجارية لتحديث المناهج الفلسطينية، وإنشاء آلية للرصد والتحقق من الالتزام بذلك.
وحين تحدثت التوصية التاسعة عشرة عن حل الدولتين في حدود آمنة ومعترف بها استنادا إلى خطوط عام 1967 فقد أضافت "بما في ذلك فيما يتعلق بالقدس"، دون أي تفصيل.
وجاءت التوصية العشرون صادمة حين تحدثت عن الترحيب بتعهدات الرئيس الفلسطيني محمود عباس في رسالته بتاريخ 9 حزيران/ يونيو من العام الحالي، في الاستمرار في رفضه للعنف والإرهاب، وأن الدولة الفلسطينية لا تعتزم أن تكون دولة مسلحة! وأنها على استعداد لعمل ترتيبات أمنية مفيدة لجميع الأطراف.
وركزت التوصية الحادية والعشرون على أهمية تركيز السلطة الفلسطينية على مكافحة التحريض وخطاب الكراهية، كما رحبت التوصية الثانية والعشرون بتعهد الرئيس محمود عباس بإجراء انتخابات عامة ورئاسية ديمقراطية وشفافة، في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، في غضون عام، تحت رعاية دولية بما يكفل تنافسا ديمقراطية بين الفاعلين الفلسطينيين الملتزمين ببرنامج منظمة التحرير الفلسطينية والتزاماتها الدولية، ومبدأ دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، سلاح واحد.
انتخابات بين لون سياسي واحد
وهكذا تم تحديد من يتم السماح بدخول الانتخابات مما يجعل نتيجتها محسومة لأصحاب التيار السائد حاليا لدى السلطة الفلسطينية، والتي لا تحظى بالقبول من غالبية الشعب الفلسطيني، وعززت التوصية الرابعة والعشرون ذلك المسلك بحمل الأحزاب السياسية على الالتزام بمبادئ نبذ العنف والاعتراف المتبادل.
ومهدت التوصية الخامسة والثلاثون الطريق للدول العربية والإسلامية الساعية للتطبيع مع إسرائيل منذ فترة، حين نصت على الاتفاق على اتخاذ خطوات ملموسة لتعزيز الاعتراف المتبادل والتعاون بين جميع دول المنطقة، ودعمت ذلك التوصية السابعة والثلاثون بدعم الجهود على المسارين السوري الإسرائيلي واللبناني الإسرائيلي.
وهكذا تعيدنا توصيات إعلان نيويورك الذي شاركت فيه البرازيل وكندا وأيرلندا وإيطاليا واليابان والمكسيك والنرويج وبريطانيا وإسبانيا، إلى مسار أوسلو الذي لم يفض بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما سوى لسيادة منقوصة لسلطة فلسطينية يتم اقتطاع أراضيها تباعا من قبل المستوطنين، ويقر الكنسيت مؤخرا بفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية حيث مقر السلطة في رام الله، كما يتوعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بالسيطرة على غزة.
ولقد جاء قرارا الكنسيت وإعلان نيويورك في وقت تشتد فيه عمليات التجويع في غزة، والمسرحية التي شاركت فيها دول عربية وغربية بإلقاء بعض المساعدات من الجو من خلال كميات محدودة لا تسمن ولا تغني من جوع؛ حين تتحدث ألمانيا عن إسقاط 14 طن من المساعدات، حتى أن مجموع الكميات التي أسقطتها طائرات من الأردن والإمارات وألمانيا وفرنسا وإسبانيا قد بلغت 57 طنا!
كما يمارس الرئيس الأمريكي نفس اللعبة الأمريكية التي مارسها بايدن من قبل، بالحديث عن جهود لوقف إطلاق النار والذي لا يتحقق بالمرة، وكرر ذلك مع مشاهد آثار التجويع وأنه سيتدخل لتخفيف حدة الجوع بعد أن تأثرت زوجته بمشاهد آثار الجوع! وإرسال مبعوثه الخاص للمنطقة الذي صرح بأنه لا يوجد تجويع ولكن مجرد نقص بالغذاء.
السكوت عن ضحايا نقاط توزيع المساعدات
ماذا كان موقف الدول العربية المشاركة في الحصار والداعمة له منذ ما قبل عملية الطوفان بسنوات طويلة؟ لقد تجاهلت قضية التجويع الممنهج وركزت على تصريحات للقيادي في حماس خليل الحية طالب فيها الشعوب والهيئات في مصر والأردن لنجدة أشقائهم في غزة، لتصب وسائل الإعلام المصري والأردنية والفضائيات السعودية والإماراتية جام غضبها على الحية ورفاقه من قيادات حماس في الخارج
وحتى مع حديث ترامب عن إرسال أغذية بقيمة 60 مليون دولار فقد صرح بنفسه أن أثرها غير واضح، بما يؤكد سرقتها من قبل العصابات التي تحركها إسرائيل، مع تشكيك منظمات أمريكية في الرقم الذي ذكره ترامب وأن المعونات الغذائية لم تصل سوى إلى ثلاثة ملايين دولار فقط.
والأخطر من ذلك هو سكوت الإدارة الأمريكية عن مقتل أكثر من 1350 غزاوى بمناطق توزيع المساعدات الأمريكية منذ بدء منظمة غزة الإنسانية أعمالها في أيار/ مايو الماضي، بخلاف عشرات المصابين، وبما ينم عن تواطؤ أمريكي إسرائيلي للاستمرار في مسلسل التجويع، وتواطؤ عربي غربي على استمرار المسرحية الحالية بالسماح بدخول شاحنات غذاء للأراضي الفلسطينية، ويتم تصوير الشاحنات خلال عبورها للمنافذ وترويجها إعلاميا لتحسين صورة إسرائيل والولايات المتحدة، ثم تقوم السلطات الإسرائيلية من خلال عصابات مسلحة بالاستيلاء على تلك الشاحنات بحيث لا يصل منها سوى القليل للجوعى، استنادا إلى اكتفاء الكثيرين بقراءة عناوين الأخبار التي تركز على سماح إسرائيل بدخول المعونات، بينما لا يقرأ الكثيرون عن نهبها وعدم وصولها للجوعى.
ويظل السؤال: وماذا كان موقف الدول العربية المشاركة في الحصار والداعمة له منذ ما قبل عملية الطوفان بسنوات طويلة؟ لقد تجاهلت قضية التجويع الممنهج وركزت على تصريحات للقيادي في حماس خليل الحية طالب فيها الشعوب والهيئات في مصر والأردن لنجدة أشقائهم في غزة، لتصب وسائل الإعلام المصري والأردنية والفضائيات السعودية والإماراتية جام غضبها على الحية ورفاقه من قيادات حماس في الخارج.
وامتد الهجوم إلى الفصائل المقاومة في الداخل بعد مظاهرات قام بها مصريون حول عدد من السفارات المصرية في الخارج، مطالبين بفتح معبر رفح لإدخال المساعدات، منها مظاهرة أمام السفارة المصرية بتل أبيب، ليمتد الهجوم إلى جماعة الإخوان المسلمين باعتبارها المُنظمة لتلك التظاهرات.
وهكذا اشترك الجميع، عربا وغربا وأمريكان وإسرائيليين، في إلهاء الجماهير العربية والمسلمة عن جرائم التجويع المستمرة منذ آذار/ مارس الماضي وما قبلها، بشغلهم بالهجوم الإعلامي على حماس والإخوان، وأنباء إسقاط المساعدات بالطائرات وإدخال الشاحنات التي لا تصل للجوعى، في مخطط متفق عليه مسبقا من قبل الجميع لإعطاء فرصة زمنية إضافية للقيادة الإسرائيلية، بعد فشل عملية عربات جدعون وما قبلها من عمليات عسكرية، لعل مخطط التجويع يحقق ما فشلت فيه عمليات الإبادة الجماعية من إخضاع لشعب غزة والمقاومة.
x.com/mamdouh_alwaly
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه فلسطين دولة سلاح الاعتراف المقاومة فلسطين مقاومة سلاح اعتراف دولة مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة ما قبل من قبل فی غزة
إقرأ أيضاً:
حماس ترد على ترامب: اتهاماتكم باطلة للتضليل عن جرائم التجويع بحق غزة
علّقت حركة حماس بشدة على تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي اتهم فيها الحركة بسرقة المساعدات الإنسانية المُخصصة لقطاع غزة، ووصفت تلك الاتهامات بأنها "افتراءات إسرائيلية" يكررها ترامب دون أي دليل.
وفي بيان نقلته قناة الحركة عبر تطبيق "تليغرام"، قال عضو المكتب السياسي لحماس عزت الرشق إن ترامب "لا يملّ من ترديد الأكاذيب والمزاعم الإسرائيلية"، مؤكدًا أن حماس من جانبها "لن تملّ من رفضها وتفنيدها". وأضاف الرشق أن هذه الادعاءات "باطلة ولا تستند إلى أي أساس واقعي"، بل تهدف إلى تبرئة إسرائيل وتحميل الضحية مسؤولية ما يجري، في إشارة إلى الفلسطينيين في قطاع غزة.
وشدد الرشق على أن تقارير منظمات دولية عديدة، بما في ذلك الأمم المتحدة، دحضت مثل هذه الاتهامات، مشيرًا بشكل خاص إلى تحقيق داخلي أجرته وكالة التنمية الأمريكية (USAID)، أكد عدم وجود أي أدلة أو معطيات تشير إلى استيلاء حماس على المساعدات أو بيعها.
كما حمّلت حماس الإدارة الأمريكية مسؤولية دعم سياسات التجويع والإبادة الجماعية التي تُمارَس بحق سكان قطاع غزة، واتهمت واشنطن بالنظر إلى المشهد "بعيون إسرائيلية"، مشددة على ضرورة تغيير هذا الموقف والانحياز للحق الإنساني والأخلاقي.
وطالبت الحركة الإدارة الأمريكية بالكفّ عن توفير الغطاء السياسي والعسكري لحرب الحصار التي تفرضها إسرائيل على غزة، ودعت إلى ضمان دخول المساعدات بشكل آمن وكامل لجميع سكان القطاع، دون شروط أو وسطاء محليين مرتبطين بمصالح أمنية، مشددة على ضرورة توزيع المساعدات عبر الأمم المتحدة، لا من خلال ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، التي اتهمتها حماس بتحويل المساعدات إلى "مصائد موت للجوعى".
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد صرّح مؤخرًا بأنه يأمل في وصول المساعدات إلى مستحقيها في غزة "بشكل عادل"، لكنه أشار إلى أن "العديد من الأموال تُرسل، وحماس تقوم بسرقتها"، مضيفًا أن إسرائيل تتابع هذه التحركات عن كثب.
تأتي هذه التصريحات في سياق توتر متصاعد على المستويين السياسي والإنساني في غزة، حيث تعاني القطاعات المدنية من أزمة إنسانية خانقة، وسط اتهامات دولية متزايدة لإسرائيل باستخدام الغذاء والدواء كسلاح حرب ضد أكثر من مليوني إنسان.