قال السفير الأمريكي في الأراضي المحتلة أنه عاش أسوأ ليلة في حياته، واضطر في نفس الليلة إلى نزول الملاجئ خمس مرات، بهذه العبارات القصيرة لخص الرجل عظمة الفعل التي أحدثته إيران في ردها على الكيان الصهيوني، البعض يقول لماذا إيران لم تستهدف المفاعل النووي؟ ولماذا إيران لم ولم ولم ؟! لم يُدرك هذا المأفون أن إيران هي البلد الوحيد التي استهدفت هذا الكيان منذ عام 1948م، منذ تلك اللحظة لم يتجرأ أي عربي أو مسلم من إنزال الصهاينة إلى الملاجئ، قبل ما حدث في العراق لمرة واحدة، ومن لبنان من خلال الشهيد العظيم حسن نصر الله، وهذا الرجل يستحق التعظيم والتقدير، لأنه باستشهاده سقطت ثلاث دول عربية في أيدي الصهاينة، كما قال رئيس وزراء الكيان الصهيوني النتن ياهو، أي أنه كان محور ارتكاز المقاومة ومصدر الحماية للقرار العربي المستقل .
المهم أن إيران أقدمت على شيء لم تقدم عليه أي دولة إسلامية، إلا من خلال الإدانات والشجب والاستنكار أو تلك المسرحية الهزلية التي قام بها أردوغان عبر السفينة المسماة بمرمرة، والتي كانت للآسف عبارة عن مسرحية انتهت بتوطيد العلاقة بين الصهاينة والأتراك، وهذا هو سر الامتعاض من أولئك الذين لا يزالون يتشدقون بالعروبة والإسلام وهم أبعد ما يكونوا منهما، كل منهم يبحث عن محتوى يستظل بظله وإن كان ذلك المحتوى هم الصهاينة والكيان الصهيوني، وفي نهاية المطاف نراهم يلوذون بترامب، وترامب هو مصدر الشر ومحور ارتكاز العداوات والأحقاد المتوغلة في النفوس ضد العرب والمسلمين، وهو الذي يبحث عن شرق أوسط جديد كما يقول، وفي المرة الأولى تصدى له القائد العربي الفذ حسن نصر الله «طيب الله ثراه» وأسقط المشروع تماماً، واليوم أتسع محور المقاومة ليشمل اليمن والعراق ولبنان إلى جانب المجاهدين الأبطال في غزة هاشم، فهم وفي المقدمة الشهيد السنوار «رحمة الله عليه» من اختطوا هذا الانتصار العظيم ووضعوا أول مسمار في نعش الكيان الصهيوني المؤقت، مما جعل الأمريكان والأوروبيون يتقاطرون إلى الأرض المحتلة وهم يتباكون على هذا الكيان وما حل به، ثم جاءت المرحلة التالية التي اليوم تتصدى لها إيران، وكم أستغرب من وسائل الإعلام التي تدعي أنها عربية وهي تقول الحرب الإيرانية الاسرائيلية، ما الذي دفع هذا الكيان الغاصب أن يعتدي على إيران؟ أليست فلسطين وموقف إيران الواضح من نصرة الشعب الفلسطيني، في حين تخلى عن هذا الشعب أبناء جلدته من العرب وأصبحوا أعداء لكل ما هو فلسطيني، ويتهافتون على نصرة المعتدي والتطبيع مع هذا الكيان المؤقت.
المعادلة صعبة، وإيران اليوم في حرب شاملة مع ما يسمى بالعالم الحر أمريكا وأوروبا، كل هذه الدول تقف مجتمعة ضد إيران، وإن لم تشارك مباشرة في الحرب من خلال الدعم المادي والعسكري، فهي ضالعة في التخطيط والتوجيه والدعم اللوجيستي، إيران بالنسبة لهم العدو الوحيد الذي ظهر في المنطقة ليسقط كل الخطط البغيضة التي وضعها الأعداء منذ زمن، وأصبحوا يتفاخرون بقرب الوصول إليها وتحقيقها، لكن إيران وقفت لهم بصلابة وهي اليوم تقف وحيدة، وإن شاء الله ستقهر هذا العدوان، وبالتالي تقهر المطبلين والمرجفين وأصحاب الإرادات المهزومة، ممن يتهافتون على دعم الصهاينة، وفي المقدمة دول الخليج ومصر والأردن.
تخيلوا أن الأردن الذي دخل في ثلاثة حروب مع هذا الكيان، اليوم يبادر إلى إسقاط الطائرات الإيرانية بدعوى الحياد وعدم الدخول في هذه المعركة، متجاهلاً أنها كانت في يوم ما معركته، وكانت محور اهتمام كل عربي ومسلم، وهذا يجعلنا نتحسر كثيراً على الحال التي وصلت إليه الأمة العربية والإسلامية، وكيف أصبحت تتباكى على الصهاينة وتتسابق لمعاداة أبناء جلدتهم من العرب والمسلمين .
صحيح أننا نؤمن بتلك القاعدة التي أرساها إمام المتقين ويعسوب الموحدين الإمام علي بن أبي طالب «عليه السلام» عندما قال ( إنما الخلق صنفان أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) أي أن الأمة كلها تنحدر إلى أصل واحد وهو آدم عليه السلام، لكن ما صنعه اليهود منذ أن توغلوا في هذا العالم لا يمكن أن يتجاهله أحد، فهم دائماً مصدر الشر، واليوم اتسعت العداوة وأصبحت بقرون أمريكية أوروبية، واليهود مجرد فاعل ومنفذ، وهذا يجعلنا نمد أيدي الضراعة إلى الله بأن ينصر إيران ويعلي رايتها كي تُعلم الآخرين دروساً في البطولة والاستبسال، ولهم في ذلك حديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال ( سينصر الله هذا الدين برجل من فارس ) أو كما قال، والله من وراء القصد ..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
إيران في معركتها مع الكيان
تخوض إيران ثاني معركة في الداخل المحتل طَوال تاريخ هذا الكيان الدموي المارق، إذ إن المعركة الأولى كانت "طوفان الأقصى"، مع الفارق الكبير بين التسليح الإيراني والفلسطيني وأيضا اللبناني واليمني، والتأثير الحربي لكل من الطرفين، لكن المحصلة أننا نشاهد استغاثات وصراخا في تل أبيب، وجرأة في مواجهة وكيل الغرب في المنطقة، رغم الدعم العسكري والسياسي والمالي الضخم الموجه إلى كيان الاحتلال المزروع في منطقتنا.
لم تبدأ طهران هذه الحرب، بل بدأها الكيان الدموي بذريعة منع إيران من التقدم في الملف النووي، وأيّا كان سبب اهتمام الإيرانيين بهذا الملف؛ سواء كان لسبب عسكري أم سلمي، فلا يحق لأحد منعهم من الحصول على التقنيات النووية، خاصة إذا كان المانِع دولة استخدمته ضد المدنيين مثل أمريكا التي ترعى الفوضى والفساد في العالم كله، أو الكيان الصهيوني الخبيث الذي يتجرع شعبه وحكومته الدماء في كل صباح ومساء.
تقف إيران بعد العدوان الصهيوني الإجرامي في موقف رد فعل، وقد كان الهجوم قويّا واستهدف قيادات عليا في الدولة، وما يُطلق عليه "الرد المتناسب" في القانون الدولي يسمح بالرد في النطاق نفسه، لذا لا مجال للحديث عن خطوط حمراء، إلا ما تحدده الدولة المعتدَى عليها لنفسها.
عندما أقدم الاحتلال على عمليته المباغتة، وبمشاركة ترامب بنفسه في تضليل الإيرانيين، اعتقد أن الضربة القاسية لرأس الهرم العسكري ستؤدي إلى انهيار المنظومة العسكرية وربما السياسية، مسترشدا بما فعل مع حزب الله الذي تلقى ضربة قاسية وقدم معها تضحيات ثمينة، ومسترشدا كذلك بأحداث الشهر ذاته؛ حزيران/ يونيو منذ قرابة 60 عاما، عندما هاجم عدة دول عربية
حاولت طهران أن تعيش بشكل طبيعي في محيطها، فأقدمت على مفاوضات لأجل الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وحدث الاتفاق عام 2015، لكن ترامب انقلب على الاتفاق في ولايته الأولى، ولم يعُد إليه بايدن خلال ولايته، واليوم يهدد الجميع إيران بألا تتجاهل المطالب الدولية! أي وقاحة هذه التي تجعل مَن خَرَقَ الاتفاق يطالب الملتزم به ألا يتجاهل مطالب القوى الدولية!
من حق الإيرانيين أن يرفعوا مستوى تسليحهم إلى الحد الأقصى الذي تبلغه قدراتهم التصنيعية والتقنية، كما تفعل أمريكا وروسيا والصين وغيرها من الدول، ومن حقهم أن يسعوا إلى حيازة السلاح الذي يُحدث التوازن بالردع، كما تُوازِن روسيا ردعها مع أمريكا بالتسليح، وتوازن باكستان مع الهند، وغير ذلك من النماذج الكثيرة التي توازن الردع بالتسليح، ونحن في منطقة فيها عدو شرس لا يتوانى عن قتل الأطفال والنساء والمسنين، وهذا العدو يرفض الخضوع للتفتيش النووي، ويرفض الامتثال للقرارات الأممية، ويرفض وقف سفك الدماء، بل نشأ على سفك دماء الفلسطينيين، ولديه أهداف توسعية طوال الوقت، فكيف لا تسعى دولة إقليمية لموازنة قوته العسكرية المنفلتة من أي قيم أو أخلاق أو قانون!
عندما أقدم الاحتلال على عمليته المباغتة، وبمشاركة ترامب بنفسه في تضليل الإيرانيين، اعتقد أن الضربة القاسية لرأس الهرم العسكري ستؤدي إلى انهيار المنظومة العسكرية وربما السياسية، مسترشدا بما فعل مع حزب الله الذي تلقى ضربة قاسية وقدم معها تضحيات ثمينة، ومسترشدا كذلك بأحداث الشهر ذاته؛ حزيران/ يونيو منذ قرابة 60 عاما، عندما هاجم عدة دول عربية واحتل أراضيها في أيام معدودة، دون أي رد فعل عسكري يمس الداخل المحتل.
أما إيران -التي فقدت قيادتها العسكرية- فقد أذهلَتْه وأذهلتنا باستطاعتها استعادة التوازن في خلال ساعات، وآلمت مناطق عديدة، وووصلت إلى مقر وزارة الدفاع ومصفاة النفط في حيفا، ومقر الاستخبارات وعدد من المطارات العسكرية، ولا تزال مستمرة في ردها، رغم الطبقات الدفاعية المتعددة من أفضل منظومات الدفاع الجوي في العالم، وتركيزها أيضا في محيط المنشآت الحساسة، ورغم كل ذلك نجحت إيران في استهداف مناطق حساسة وشديدة التأمين.
وربما تجدر الإشارة هنا إلى أن المشاهد المباشرة على شاشات التلفاز توضح بما لا يدع مجالا للشك أمرين؛ أولا، أن بطاريات الدفاع الجوي للعدو الصهيوني توجد بكثافة داخل المدن وفي المناطق السكنية، وثانيا، أن المؤسسات العسكرية للعدو الصهيوني في مناطق سكنية كذلك، وبالتالي عند استهداف هذه الأهداف العسكرية يصرخ المعتدِي بأن إيران تستهدف من يسمون المدنيين في كيان الاحتلال!
هذا الثناء لا يعني موافقة إيران في كل مواقفها في المنطقة، خاصة في الأزمة السورية، لكن المقام الآن، مقام الدعم والإسناد بالكلمة والنصح أو بما هو أكثر من ذلك
في مقابل هذه الصرخات الكاذبة، نشاهد على الهواء منذ 20 شهرا استهداف المدنيين والأطفال في قطاع غزة، لتبلغ آخر نسبة وفيات للنساء والأطفال والمسنين 60 في المئة من نحو 55 ألف شهيد في القطاع وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، ونشاهد استهداف مبنى الإذاعة والتلفزيون في إيران، وغير ذلك من المنشآت المدنية والمحمية بالقانون الدولي، دون اعتراض حقيقي من الغرب الذي تزدوج معاييره عند النظر إلى المنطقة.
أُجبرت إيران على خوض هذه المعركة بسبب دورها في دعم القضية الفلسطينية، وكذا فعل حزب الله وأنصار الله في اليمن، وما أبدته الفصائل الفلسطينية في العملية من انضباط عملياتي وكفاءة عسكرية، يرجع في جزء منه إلى الدعم الإيراني، وبات الملف النووي الإيراني إحدى الذرائع المعلنة لقطع الصلة بين إيران وفلسطين، ودخلت عوامل اغتيال السيد حسن نصر الله، وسقوط نظام بشار على خط تدعيم قرار مواجهة إيران بعد قطع خطوط الإمداد الكثيفة عن الحزب في لبنان عبر سوريا، وسقوط بشار بالمناسبة محل احتفاء، لكن المذكور هنا مجرد محاولة لجمع الخيوط.
القصد أن إيران في قلب هذه المعركة بسبب دورها في دعم القضية الفلسطينية، وبسبب عداء نظامها للعدو الأخطر في المنطقة، والوقوف في وجه القوى الغربية ووكيلتها في المنطقة. وهذا الثناء لا يعني موافقة إيران في كل مواقفها في المنطقة، خاصة في الأزمة السورية، لكن المقام الآن، مقام الدعم والإسناد بالكلمة والنصح أو بما هو أكثر من ذلك.