كيف تتخطى الصين التحدي التكنولوجي بالمناورة بين إيرباص وبوينغ؟
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
دخلت أميركا والصين في أبريل/نيسان الماضي هدنة، إثر جولة مفاوضات لإنهاء الحرب الاقتصادية، إلا أن كلا الطرفين يلوح، بين فترة وأخرى، بإمكانية الضغط بما لديه من أوراق، ليحصل على المزيد من التنازلات وإنهاء الجولة لصالحه، أو على الأقل تقليل خسائره.
واستضافت لندن جولة المفاوضات، والتي انتهت حسبما نشر أخيرًا بوسائل الإعلام باتفاق مبدئي، وفق تغريدة للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وأشار ترامب إلى أن الاتفاق ينتظر توقيعه، وتوقيع الرئيس الصيني، كما أن الاتفاق يسمح لأميركا بفرض 55% رسوما جمركية على الواردات من الصين، في حين يسمح للأخيرة بـ 10% فقط.
وحسب الاتفاق ترفع أميركا بعض القيود عن الصادرات الحساسة وتسمح للطلاب الصينيين بالدراسة في الجامعات الأميركية، وتعود الصين إلى تصدير المواد النادرة لأميركا.
ولما كانت المصالح مثل المصائب تجمع أهلها، جمع الصين والاتحاد الأوروبي خندق واحد في مواجهة سياسات ترامب، سواء الرسوم الجمركية، أم أجندة ترامب بضرورة دفع الاتحاد الأوروبي فاتورة الخدمات الدفاعية الأميركية.
وإذا كان ترامب، يضغط بمساحة السوق الواسعة، وإمكانية إغلاقها في وجه السلع الصينية، وكذلك ورقة التفوق التكنولوجي وحجب التكنولوجيا عن الصين، بل وتجفيف منابعها الخاصة بالصين، بالعزم على إلغاء تأشيرات الطلاب الصينيين الذين يدرسون بجامعات أميركا، فإن الصين ليست خالية الوفاض، ولديها من أوراق الضغط ما يجعل أميركا تعيد النظر في ما تتخذه من إجراءات تحاول أن تقلص بها مصالح الصين.
ولدى الصين من المعادن النادرة التي لا يمكن لأميركا أن تستغني عنها، وقد اتخذت الصين قرارات مؤقتة بحجب هذه المواد، وأخيرًا أعلن مسؤولون صينيون، أنهم يدرسون إبرام صفقة مع شركة إيرباص، هي الأكبر في تاريخ الطيران باستيراد عدد يتراوح بين 200 و500 طائرة.
إعلانوكانت الصين إبان تصعيد الحرب التجارية مع أميركا أخرّت استلام صفقة طائرات مع شركة بوينغ الأميركية، الأمر الذي يحتاج إلى مزيد من التحليل، وهو وإن كان يمثل ورقة في يد الصين، لتغازل بها الاتحاد الأوروبي وأميركا، وقتما تريد، إلا أنه في النهاية نقطة ضعف للصين، فهي لا تمتلك ميزة إنتاج الطائرات المدنية، ولا تزال خياراتها محصورة في الاستيراد من أميركا أو الاتحاد الأوروبي، على الرغم من تخطي الصين العديد من خطوات تكنولوجيا التصنيع.
العجز التكنولوجيفي عام 2023 بدأت الصين تسيير رحلات داخلية بإنتاجها الطائرات المدنية، ومع ذلك لا تستطيع الاستغناء عن وارداتها من الطائرات من أميركا والاتحاد الأوروبي، فالإنتاج الصيني من الطائرات المدنية، يعتمد بنسبة كبيرة على مكونات مستوردة من أميركا والاتحاد الأوروبي تصل إلى 60% من إجمالي مكونات الطائرة.
ومن هنا وجدنا حرص الصين على استمرار العلاقة مع أميركا، في ضوء ما أعلنه ترامب من اتفاق مبدئي، تم التوصل إليه عبر جولة مفاوضات لندن، فالصين قبلت بعلاقة غير متكافئة في الرسوم الجمركية، مقابل أمرين مهمين، كلاهما يتعلق بالتكنولوجيا؛ وهما رفع القيود الأميركية على الصادرات الحساسة، والسماح للطلاب الصينيين بالدراسة في الجامعات الأميركية.
ولا شك أن قبول الصين بهذه الشروط، التي قد يراها بعضهم مجحفة، إلا أنها لجأت إلى ذلك من باب الاضطرار، فليس أمامها خيار آخر، ولن تستطيع الصين أن تناور في مجال التكنولوجيا، حتى تستكمل مواضع التفوق التكنولوجي، الذي يمكّنها من الاستغناء عن أميركا والغرب ككل.
وهنا لابد، أن نشير إلى نقطة مهمة، من خلال تاريخ التجربة الصينية، وكيف انتقلت بشكل كبير لأن تكون ثانيَ أكبر قوة اقتصادية في العالم، وهي اعتمادها على ما يعرف بالهندسة العكسية، التي سمحت لها بتصنيع العديد من الآلات، بل وتطويرها، والخروج بمنتجات صينية من الآلات، مكّنتها مِن أنْ تنافس المنتجات الأميركية والأوروبية، وإن كان ذلك محصورًا في السيارات وخطوط إنتاج العدد والآلات، وبعض المنتجات الإلكترونية.
وقد يكون قبول الصين الاتفاق المبدئي الأخير الذي أعلن عنه ترامب في 11 يونيو/حزيران الحالي، في إطار توسيع تصنيع الطائرات المدنية وغيرها من السلع المماثلة.
فإذا كانت الصين تستورد 60% من مكونات الطائرات المدنية محلية الصنع الآن، فقد تصل إلى نسبة تصنيع محلي لكامل إنتاج الطائرة في غضون 5 سنوات، وبما لا يزيد عن 10 سنوات في أقصى تقدير.
وإلى أن يتحقق ذلك ستظل التكنولوجيا، أحد مكامن الضعف في الموقف الصيني، وإحدى أوراق الضغط الأميركية، وسيكون الصراع بين القوى الاقتصادية الكبرى خلال الفترة القادمة، تكنولوجيًا بامتياز، وقد رأينا كيف تم تفعيل التكنولوجيا في الحرب الروسية الأوكرانية، عبر تطوير أوكرانيا لاستخدام المسيرات لضرب روسيا من الداخل، وهي نفس التكنولوجيا التي اعتمدت عليها بنسبة كبيرة دولة الكيان الصهيوني في توجيه ضربات موجعة لإيران فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران الماضي.
مناورة تحويل التجارةقبول الصين بهذه النسبة المرتفعة للرسوم المفروضة على صادراتها إلى أميركا خلال الفترة المقبلة، سيؤدي بلا شك إلى تراجع قيمة التجارة بينهما، وهو ما يهدف إليه ترامب بما اتخذه من إجراءات خلال الفترة الماضية.
إعلانوحسب البيانات الرسمية الأميركية، تراجعت واردات السلع الأميركية في الصين في أبريل/نيسان 2025 إلى 25.3 مليار دولار مقارنة بـ 41.6 مليار دولار في يناير/كانون الثاني من نفس العام، وهو ما يعني أن الإجراءات الخاصة برفع الرسوم الجمركية قد نتج عنها تراجع قيمة الواردات الأميركية من الصين.
وفي حال أنهت الصين دراسة قرار اعتماد واردات الطائرات المدنية من الاتحاد الأوروبي، عبر شركة إيرباص، بديلا لاستيرادها نفس الطائرات من شركة بوينغ الأميركية، فإن ذلك يعني أن الصين فعلت ما يعرف بتحويل التجارة، لتقوية موقفها في علاقات ندية مع أميركا.
ولا شك في أنه إذا اتخذت الصين مثل هذا القرار، فسوف تتضرر أميركا كثيرا، حيث يؤكد الخبراء، أن صفقة تتضمن استيراد 500 طائرة، تعد صفقة غير مسبوقة في تاريخ التجارة الخاصة بالطائرات.
وتبدو الأمور مختلفة هذه المرة، فكل من الصين والاتحاد الأوروبي يشعران أن أميركا شريك لا يُطمئن، بسبب طبيعة ارتباط السياسات الأميركية بشخص الرئيس.
جدير بالذكر، أن قيمة التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين بنهاية 2024 بلغت 730 مليار يورو (844.5 مليار دولار)، بفائض تجاري لصالح الصين بنحو 304 مليارات يورو (351.68 مليار دولار)، في حين بلغت قيمة التبادل التجاري بين أميركا والصين بنهاية 2024 نحو 581 مليار دولار، بفائض تجاري لصالح الصين أيضا بلغ 295 مليار دولار، وبذلك نجد أن قيمة التبادل التجاري للصين مع الاتحاد الأوروبي أكبر منها مع أميركا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات والاتحاد الأوروبی الاتحاد الأوروبی الطائرات المدنیة ملیار دولار مع أمیرکا
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يوافق على تجميد أصول روسيا إلى أجل غير مسمى
وافق الاتحاد الأوروبي على تجميد أصول البنك المركزي الروسي الموجودة في أوروبا لأجل غير مسمى، ما يزيل عقبة كبيرة أمام استخدام هذه الأموال لمساعدة أوكرانيا في حربها مع روسيا.
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى ضمان استمرار تمويل أوكرانيا ودعمها في القتال، إذ يعتبر الغزو الروسي تهديداً لأمنه. ولتحقيق ذلك، تهدف دول الاتحاد الأوروبي إلى استثمار بعض الأصول السيادية الروسية التي جمّدتها بعد غزو موسكو لأوكرانيا عام 2022.
وتتمثل الخطوة الأولى المهمة، التي وافقت عليها حكومات الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة، في تجميد أصول سيادية روسية بقيمة 210 مليارات يورو (246 مليار دولار) ما دامت الحاجة قد دعت، بدلاً من التصويت كل 6 أشهر على تمديد تجميد الأصول.
وهذا يزيل خطر رفض المجر وسلوفاكيا، اللتين تربطهما علاقات أفضل مع موسكو من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، تمديد التجميد في وقت ما، الأمر الذي قد يُجبر الاتحاد الأوروبي على إعادة الأموال إلى روسيا.
يهدف تجميد الأصول لأجل غير مسمى إلى إقناع بلجيكا بدعم خطة الاتحاد الأوروبي لاستخدام الأموال الروسية المُجمدة لتقديم قرض يصل إلى 165 مليار يورو لأوكرانيا لتغطية احتياجات ميزانيتها العسكرية والمدنية لعامي 2026 و2027.
لن تسدد أوكرانيا القرض إلا بعد أن تدفع روسيا لكييف تعويضات عن أضرار الحرب، ما يجعل القرض بمثابة منحة تُقدم دفعةً مُسبقة من التعويضات الروسية المستقبلية.
من المقرر أن يجتمع قادة الاتحاد الأوروبي -المجلس الأوروبي- في 18 ديسمبر كانون الأول لوضع اللمسات الأخيرة على تفاصيل قرض التعويضات وحل المشكلات العالقة، والتي تشمل ضمانات من جميع حكومات الاتحاد الأوروبي لبلجيكا بأنها لن تُترك وحدها لتحمل التكاليف في حال نجاح دعوى قضائية محتملة من موسكو.
وقبل ذلك، سيزور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برلين لإجراء محادثات مع المستشار الألماني فريدريش ميرز يوم الاثنين، على أن ينضم إليهما لاحقاً قادة أوروبيون آخرون وقادة من الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وفقاً لما ذكرته الحكومة الألمانية.
أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية بأن ألمانيا لا ترى بديلاً عن قرض التعويضات، وستقدم ضمانات بقيمة 50 مليار يورو.
وأفادت وزيرة المالية الدنماركية، ستيفاني لوز، التي تتولى بلادها الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي، للصحفيين بأن “بعض المخاوف” لا تزال بحاجة إلى معالجة، لكنها أعربت عن أملها في تمهيد الطريق لاتخاذ قرار في المجلس الأوروبي الأسبوع المقبل.
وقال رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، على فيسبوك: إنه يعتقد أن خطوة الاتحاد الأوروبي بتجميد الأصول الروسية إلى أجل غير مسمى عبر تصويت بالأغلبية المؤهلة – والذي يتطلب موافقة 15 دولة من أصل 27 دولة عضوة تمثل 65% من سكان الاتحاد الأوروبي – ستلحق ضرراً لا يمكن إصلاحه بالتكتل، وأضاف أن المجر ستبذل قصارى جهدها “لإعادة الأمور إلى نصابها القانوني”.
أعلن البنك المركزي الروسي أن خطط الاتحاد الأوروبي لاستخدام أصوله غير قانونية، وأنه يحتفظ بحقه في استخدام جميع الوسائل المتاحة لحماية مصالحه، وهي تصريحات تجاهلها دومبروفسكيس.
كما أعلن البنك أنه رفع دعوى قضائية ضد شركة يوروكلير، وهي شركة إيداع الأوراق المالية المركزية في بروكسل، والتي تمتلك 185 مليار يورو من إجمالي الأصول المجمدة في أوروبا، أمام محكمة في موسكو، بسبب ما وصفه بإجراءات ضارة تؤثر على قدرته على التصرف في أمواله وأوراقه المالية.
وتخضع يوروكلير لدعاوى قضائية روسية في محاكم موسكو منذ أن جمّد الاتحاد الأوروبي أصولها في عام 2022.
ذكرت صحيفة فايننشال تايمز أن أوكرانيا قد تنضم إلى الاتحاد الأوروبي بحلول 1 يناير كانون الثاني 2027، بموجب مقترحات تُناقش في محادثات بوساطة أميركية لإنهاء الحرب.
عادةً ما تستغرق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو هدف طويل الأمد لكييف في سعيها للابتعاد أكثر عن فلك موسكو، سنوات عديدة.
قال دبلوماسي أوروبي مطلع على الخطة إن انضمام أوكرانيا سيكون “صعباً للغاية” بحلول عام 2027، وأنه ليس من الواضح ما إذا كانت قيادة الاتحاد الأوروبي تؤيد ذلك.
وقال عدد من المسؤولين والدبلوماسيين الأوروبيين الآخرين إن الموعد المستهدف “مستحيل تماماً”.
جريدة الرياض
إنضم لقناة النيلين على واتسابPromotion Content
أعشاب ونباتات رجيم وأنظمة غذائية لحوم وأسماك
2025/12/15 فيسبوك X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة أرحلوا حالًا… الولايات المتحدة تنهي الوضع القانوني المؤقت للإثيوبيين2025/12/14 فريق عسكري سعودي إماراتي يصل عدن2025/12/13 إيران تصادر ناقلة نفط أجنبية على متنها 6 ملايين لتر من الديزل المهرب في بحر سلطنة عُمان2025/12/13 ترامب يلغي وضع الحماية المؤقتة للإثيوبيين2025/12/13 مجلة تايم تختار “شخصية العام”.. 5 أشخاص كبار في العالم.. من هم؟2025/12/12 الخارجية الأمريكية تعرض مكافأة 5 ملايين دولار لأي معلومات عن زعيم عصابة2025/12/12شاهد أيضاً إغلاق عالمية السلطات الأمريكية تطلب من السياح كلمات سر حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي 2025/12/11الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن