نائب:الأحزاب الكردية لاتحترم قرارات المحكمة الاتحادية
تاريخ النشر: 19th, June 2025 GMT
آخر تحديث: 19 يونيو 2025 - 11:12 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- انتقد النائب عن مجلس النواب ثائر الجبوري، الخميس، مواقف الأحزاب الكردية تجاه المحكمة الاتحادية، معتبرًا أن التعامل الانتقائي مع قرارات المحكمة يُضعف من هيبة الدولة ويعكس ازدواجية سياسية تضر بالمصلحة العامة.وقال الجبوري في تصريح صحفي، إن “بعض القوى السياسية الكردية تُهاجم المحكمة الاتحادية عندما تصدر قرارات لا تتماشى مع توجهاتها السياسية، لكنها في الوقت ذاته تمتدح المحكمة عندما تنسجم القرارات مع مصالحها”، مشددًا على أن “هذا التناقض في الخطاب لا ينسجم مع مبادئ العمل السياسي ولا يخدم تطلعات المواطنين في إقليم كردستان”.
وأضاف أن “الازدواجية في التعامل مع القضاء تُكرّس الانقسام السياسي وتُعيق التفاهمات الوطنية، خصوصًا في ظل الأزمات المستمرة بين المركز والإقليم بشأن الملفات النفطية والمالية”.ودعا الجبوري القيادات السياسية الكردية إلى “تبني مواقف ثابتة تحترم القضاء العراقي، بعيدًا عن الحسابات الفئوية أو المصالح الضيقة”، مؤكدًا أن “استقلال القضاء واحترام قراراته هو المدخل الحقيقي لحل الأزمات وبناء دولة مؤسسات”.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
من قصر الاتحادية إلى منزل عبد الناصر | رسائل تاريخية وسياسية من زيارة رئيس فيتنام.. حكاية أمتين وقفتا ضد إمبراطوريات
في قلب القاهرة، حيث تهمس الشوارع بأصداء التاريخ ويروي النيل حكايات الصمود، شهدنا هذا الأسبوع لحظة بدت وكأنها صفحة انتزعت من كتاب الماضي، لكنها تنبض بحيوية الحاضر.
زيارة الرئيس الفيتنامي لونغ كونغ إلى مصر لم تكن مجرد حدث دبلوماسي عابر؛ بل كانت تذكيرًا حيًا برابطة نُسجت في خضم النضال، وشهادة على تضامن يتجاوز حدود الزمن والجغرافيا.
عندما استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي نظيره الفيتنامي في قصر الاتحادية، لم يكن المؤتمر الصحفي المشترك مجرد بروتوكول بل كان لحظة مشحونة بتاريخ مشترك، وتحدٍ صلب، ووعد ضمني بالحفاظ على شعلة العدالة متقدة.
لم تكن هذه زيارة عادية. كانت بمثابة حج إلى ماضٍ مشترك، إيماءة إلى روح لا تلين لأمتين وقفتا جنبًا إلى جنب ضد إمبراطوريات. من قاعات السلطة إلى منزل زعيم ثوري متواضع، نسجت الزيارة خيوط الذاكرة والمقاومة والأمل. إليكم قصة أسبوع أعاد إشعال نار التاريخ، رويت بحرارة الإنسانية وثقل الزمن.
لقاء الاتحادية
قصر الاتحادية، بثرياته الفخمة وأصداء قممه العديدة، شكّل مسرحًا للقاء حمل أكثر من مجرد تحيات دبلوماسية. الرئيس السيسي، بثباته المعهود، أكد موقف مصر الراسخ.. لا لتهجير الفلسطينيين، موقف ينبع من إيمان عميق بالعدالة للمضطهدين. كلماته لم تكن مجرد سياسة بل كانت إعلانًا عن بوصلة مصر الأخلاقية، رفضًا للانصياع تحت الضغوط.
أمامه، وقف الرئيس لونغ كونغ، ممثلاً عن أمة أرغمت يومًا أقوى جيش في العالم على الركوع، ولم يُخفِ كلماته. أعلن أن فيتنام تقف إلى جانب موقف مصر العادل. كانت لحظة بدت كمصافحة عبر عقود، إيماءة إلى أيام وقفت فيها مصر وفيتنام متحدتين ضد الهيمنة، بقادة يحلمون بعالم يقف فيه الجميع شامخين.
زيارة إلى منزل ناصر
لكن القلب الحقيقي للزيارة لم يكن في القصر، بل في زاوية أكثر هدوءًا من القاهرة هي منشية البكري، حيث يقع منزل الزعيم الثوري جمال عبد الناصر كمتحف حي يحتفظ بروحه. دخل الرئيس لونغ كونغ، برفقة زوجته ووفده، هذا الفضاء ، حيث يبدو الزمن وكأنه توقف، محتفظًا بروح رجل أعاد تشكيل العالم العربي. الجدران، المزينة بذكريات عصر ناصر، تهامست بحكايات زمان كانت فيه مصر منارة للمظلومين، صوتًا لمن لا صوت لهم.
في لحظة أثارت القشعريرة في الغرفة، وقف لونغ كونغ أمام صورة مؤطرة للبطل الثوري الفيتنامي هو تشي منه، موقعة منه ومُهداة إلى ناصر. توقفت عيناه، وكأن ثقل التاريخ استقر على كتفيه.
في دفتر الزوار، سكب كلمات لم تكن مجرد بروتوكول، بل تحية من القلب: “ستظل أفكار عبد الناصر نبراسًا للأجيال القادمة، تعزز روابط الصداقة والتفاهم المتبادل بين الأمم.” كتب عن تأثره العميق برؤية الصورة، شهادة على “المودة العميقة” بين ناصر وهو تشي منه، والتضامن بين شعبي فيتنام ومصر.
لم تكن هذه مجرد زيارة بل كانت مواجهة مع التاريخ، وعهد بالحفاظ على تضحيات من سبقوا.
جذور رابطة ثورية
لاستيعاب كهرباء هذه اللحظة، يجب العودة إلى ستينيات القرن الماضي، عندما كانت القاهرة بوتقة الحماسة المناهضة للاستعمار.
تحت قيادة ناصر، وفي عام 1963، أصبحت مصر من أوائل الدول التي أقامت علاقات دبلوماسية كاملة مع فيتنام، فاتحة سفارة في هانوي في وقت كان العالم منقسمًا بولاءات الحرب الباردة. رأى ناصر في نضال فيتنام مرآة لكفاح مصر ضد الاستعمار البريطاني والفرنسي معركة من أجل الكرامة، السيادة، وحق تقرير المصير.
لم يكن ناصر وهو تشي منه مجرد حلفاء؛ بل كانا روحين متشابهتين. زار هو تشي منه مصر لأول مرة عام 1911، تحت الاحتلال البريطاني، ورأى أمة تتوق إلى الحرية. زياراته اللاحقة في 1946 عززت إعجابه بالشعب المصري، وهو شعور تعمق عندما قاد ناصر ثورة 1952.
لم تكن علاقتهما سياسية فحسب بل كانت شخصية، مبنية على الاحترام المتبادل ورؤية مشتركة لعالم خالٍ من قيود الإمبريالية.
محمد حسنين هيكل، الصحفي المقرب لناصر، وثّق هذه الرابطة في كتاباته. كان ناصر، كما يروي هيكل، مفتونًا بمقاومة فيتنام، يرى فيها أصداء لتحدي مصر. دعا إلى انسحاب القوات الأمريكية من فيتنام، وهو موقف أثار غضب واشنطن.
وحاولت الولايات المتحدة جر ناصر للتوسط في محادثات السلام، لكنه رفض الانخراط ما لم يكن الطرفان مستعدين لحل عادل. “لن ألقي بثقل مصر وهيبتها في هذا الأمر إلا إذا علمت استعداد الطرف الآخر”، قال، وهي جملة تحترق بالمبدأ.
التجارة.. جسر يربط الماضي بالمستقبل
اليوم، تتجلى هذه الرابطة التاريخية في تعاون اقتصادي ينمو باطراد. وفقًا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفع التبادل التجاري بين مصر وفيتنام إلى 634 مليون دولار في عام 2024، مقارنة بـ606 ملايين دولار في 2023، بنمو بنسبة 4.6%. هذا النمو ليس مجرد أرقام—بل هو دليل على شراكة تتعمق يومًا بعد يوم.
الصادرات المصرية.. تنوع وطموح
وسجلت الصادرات المصرية إلى فيتنام 52 مليون دولار في 2024، بانخفاض طفيف عن 53 مليون دولار في 2023. لكن التنوع في السلع المصدرة يعكس إمكانات مصر الاقتصادية:
القطن والمنسوجات: تصدرت القائمة بـ13 مليون دولار، مما يبرز مكانة مصر كمنتج عالمي للقطن عالي الجودة.
السكر ومصنوعاته: بلغت 8 ملايين دولار، تعكس قوة الصناعات الغذائية المصرية.
الفواكه والثمار: بقيمة 4 ملايين دولار، تظهر جاذبية المنتجات الزراعية المصرية.
الآلات والأجهزة الكهربائية: بـ4 ملايين دولار، تشير إلى نمو القطاع الصناعي.
اللدائن ومصنوعاتها: بـ3 ملايين دولار، تعزز من تنوع الصادرات المصرية.
الواردات من فيتنام.. تنوع واعتماد
في المقابل، شهدت الواردات المصرية من فيتنام ارتفاعًا إلى 582 مليون دولار في 2024، مقارنة بـ553 مليون دولار في 2023، بنمو 5.2%. تصدرت القائمة السلع التالية:
الآلات والأجهزة الكهربائية: بقيمة 228 مليون دولار، مما يعكس الاعتماد على التكنولوجيا الفيتنامية.
البن والشاي والبهارات: بـ83 مليون دولار، تؤكد تفوق فيتنام في المنتجات الزراعية.
المطاط ومصنوعاته: بـ60 مليون دولار، يدعم الصناعات المصرية.
الأسماك والقشريات: بـ38 مليون دولار، تعكس تنوع الواردات الغذائية.
الأحذية ومكوناتها: بـ24 مليون دولار، تلبي احتياجات السوق المصري.
هذا التنوع في التبادل التجاري يعكس علاقة اقتصادية متوازنة، حيث تستفيد مصر من التكنولوجيا والمنتجات الفيتنامية، بينما تقدم فيتنام سوقًا واعدة للمنتجات المصرية.
الاستثمارات.. شراكة في النمو
شهدت الاستثمارات الفيتنامية في مصر نموًا ملحوظًا، حيث بلغت 5.7 مليون دولار في العام المالي 2023/2024، مقارنة بـ1.8 مليون دولار في العام السابق. في المقابل، تراجعت الاستثمارات المصرية في فيتنام إلى 29.4 مليون دولار في 2023/2024، مقارنة بـ71.9 مليون دولار في 2022/2023، وهو تراجع قد يعكس إعادة تقييم استراتيجي للاستثمارات المصرية في الخارج.
كما ارتفعت تحويلات المصريين العاملين في فيتنام إلى 1.2 مليون دولار في 2023/2024، مقارنة بـ898 ألف دولار في العام السابق، بينما تراجعت تحويلات الفيتناميين العاملين في مصر إلى 133 ألف دولار من 372 ألف دولار. هذه الأرقام تعكس حركية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مع طموح واضح لتعزيز التعاون.
طموح مشترك.. مليار دولار على الأفق
وخلال الزيارة، أعلن الرئيس لونغ كونغ والرئيس السيسي عن طموحهما لرفع التبادل التجاري إلى مليار دولار في الفترة المقبلة، مع تقديم تسهيلات للمنتجات الزراعية وتوسيع التعاون الاقتصادي.
ووقّعت مصر مذكرة تفاهم مع فيتنام لتعزيز التعاون في التجارة والاستثمار والتنمية المستدامة، في خطوة تعكس التزامهما بتعميق الشراكة. كما ناقش وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، مع نائبة وزير الصناعة والتجارة الفيتنامية، فان ثي تانج، فرص تعزيز الاستثمار وتوسيع التبادل التجاري، مع الترويج لفيتنام كبوابة للصادرات المصرية إلى آسيا.
شعلة عدم الانحياز
ولم يكن دعم ناصر لفيتنام مجرد تضامن بل كان ركيزة لحركة عدم الانحياز، التي دافع عنها إلى جانب قادة مثل تيتو من يوغوسلافيا ونهرو من الهند. في رسائل متبادلة مع تيتو، كانت فيتنام موضوعًا دائمًا، رمزًا للنضال ضد الإمبريالية. يروي هيكل عشاءً في يونيو 1963، حيث تناول ناصر الطعام مع رئيس الوزراء الصيني شو إن لاي، الذي أذهله قائلاً إن فيتنام لا تريد من الأمريكيين الرحيل بل تريد المزيد من القوات كفخ لتوريط الولايات المتحدة. ناصر، الاستراتيجي البارع، أدرك اللعبة لكنه تمسك بموقفه: مصير فيتنام يجب أن يقرره شعبها، لا قوى أجنبية.
عندما أوقف الرئيس الأمريكي ليندون جونسون الغارات الجوية على فيتنام لفترة وجيزة عام 1966، استقبل ناصر المبعوث الأمريكي أفريل هاريمان. كان رسالته صريحة: “هل تعتقدون حقًا أنكم ستهزمونهم؟ كلما زاد عدد قواتكم، زادت عزيمتهم.” كانت تحذيرًا نابعًا من إعجاب بتكتيكات حرب العصابات الفيتنامية، التي اعتقد ناصر أنها يمكن أن تلهم المقاومة الفلسطينية، حتى لو اختلفت الظروف.
امتنان فيتنام الخالد
لم تنسَ فيتنام موقف مصر. في رسالة عام 1966 نُشرت في الأهرام، أشاد هو تشي منه بدعم ناصر الثابت في وقت تخاذل فيه الكثيرون. رأى في ناصر ليس فقط زعيمًا عربيًا، بل رمزًا عالميًا للمقاومة ضد الإمبريالية. جاءت تلك الرسالة في خضم تصعيد أمريكي ضد فيتنام الشمالية، كمنارة تذكّر فيتنام بأنها ليست وحدها.
لم تكن الرابطة بين الأمتين مجرد خطابات. ساعد الدعم الدبلوماسي والإعلامي المصري في حشد تعاطف عالمي مع قضية فيتنام. لم يرسل ناصر جنودًا، لكن صوته كان له وزن، يعزز نضال فيتنام على المسرح العالمي. عندما انتصرت فيتنام، تذكرت من وقف إلى جانبها ليس بالسلاح، بل بالإيمان.
كلمات في دفتر الزوار تتردد عبر التاريخ
زيارة الرئيس لونغ كونغ إلى منزل ناصر لم تكن مجرد إشارة إلى الماضي؛ بل كانت تأكيدًا على قيم لا تزال مشتعلة. كلماته في دفتر الزوار لم تكن مجرد دبلوماسية بل كانت تعهداً بالمضي قدمًا في إرث ناصر وهو تشي منه. واقفًا أمام تلك الصورة الموقّعة، لم يكن مجرد رئيس؛ بل كان رجلاً تأثر بثقل التاريخ، بتضحيات زعيمين جرؤا على الحلم.
رابطة لا تُمحى
ما يجعل هذه الزيارة أكثر من مجرد مناسبة بروتوكولية هو أنها تؤكد حقيقة نادرة في العلاقات الدولية.. ذاكرة الشعوب لا تخون من وقف معها في أوقات الشدة.
ظلت فيتنام تحتفي بذكرى الزعيم المصري الذي لم يرسل جنديًا إلى جبهاتها، لكنه قدم دعمًا سياسيًا ودبلوماسيًا وإعلاميًا مؤثرًا ترك أثرًا عميقًا في كسب التعاطف العالمي.
ناصر لم يتاجر بقضيتهم، بل دافع عنها من منطلق المبدأ، وهو ما تفتقده السياسة كثيرًا في أيامنا هذه.
وقوف لونغ كونغ أمام صورة هو تشي منه، وكتابته رسالة طويلة في دفتر الزوار، لم يكن مجرد لفتة دبلوماسية. كان اعترافًا بأن التاريخ الحقيقي يكتبه من ناصروا الحق، ولو بالكلمة. ومثلما تحررت فيتنام من الاحتلال الأمريكي، لم تنسَ من ساندها، وظل اسم عبد الناصر حيًا في ذاكرتها الوطنية.
شعلة لا تنطفئ
في عالم غالبًا ما يُنسى فيه الماضي تحت وطأة السياسات اللحظية، كانت زيارة الرئيس الفيتنامي إلى مصر بمثابة تذكير ساطع بأن الروابط الحقيقية تبنى على التضحيات المشتركة.
من قصر الاتحادية إلى منزل ناصر المتواضع، كانت هذه الزيارة أكثر من مجرد لقاء دبلوماسي بل كانت احتفاءً بروح المقاومة، وتعهدًا بأن شعلة العدالة والتضامن ستظل متقدة.
مصر وفيتنام، بتاريخهما المشترك، ليستا مجرد أمتين على الخريطة بل هما قصة حية عن الأمل، الصمود، والإيمان بأن الشعوب، عندما تتحد، يمكنها تغيير مجرى التاريخ.