حصن اللسي بذمار.. بناه الأتراك وتحول إلى موقع الإرسال الهاتفي (تقرير)
تاريخ النشر: 20th, June 2025 GMT
يبعد جبل "اللسي" عن مدينة ذمار بنحو 13 كم، ويرتفع عن مستوى سطح البحر بحوالي (2834م)، ويتبع إداريًا مديرية ميفعة عنس بمحافظة ذمار.
تقف في قمة الجبل بقايا حصن قديم، بشموخ وكبرياء وسردية طويلة من ذكريات الحرب والسلم والملاحم التاريخية التي كان شاهدًا عليها لعقود طويلة.
كان الجبل واحدًا من أهم الجبال التي يُستخرج منها مادة الكبريت في اليمن، واستعان به الموالون للأئمة الزيديين لاستخراج الكبريت المستخدم في الذخائر في حروبهم ضد الولاة العثمانيين.
حتى حكم الوالي العثماني محمد باشا (1025-1031هـ / 1616-1622م) الذي أمر بإنشاء حصن قوي في قمة الجبل، وذلك بعد عام واحد من تقلده ولاية اليمن، لكي يمنع عناصر المقاومة اليمنية من الاستيلاء على الجبل.
وكان "السبب الرئيسي لإنشاء الحصن هو منع أصحاب الإمام القاسم بن محمد من استخراج مادة الكبريت التي كانت تمثل المادة الرئيسية في صناعة البارود المستخدم في ذخيرة البنادق". وفق ما تشير الوثائق التاريخية.
لا يمتلك الجبل مادة الكبريت فحسب، بل يمتلك عددًا كبيرًا من المعادن منها: الزنك، والرصاص، والفضة.
حمام البخار
في منحدرات الجبل من الجهة الشرقية توجد عدد كبير من الكهوف البخارية التي تحولت مع مرور السنوات إلى حمامات بخارية طبيعية تصدر منها بخار الماء المتصاعد المشبع بمادة الكبريت، يساعد وفق الأهالي في الشفاء من عدد من الأمراض أهمها: الأمراض الجلدية والروماتيزم.
يطل الحصن على مناطق واسعة بذمار، من الغرب: قاع الغرقة وقرية ورقة، من الشرق: قاع مرام، ومن الجهة الشمالية: قرية الجرشة العليا، ومن الجهة الجنوبية: تقع قرية اللسي - بسفح الجبل نفسه - وسميت القرية نسبة إلى الجبل.
بعد إنشاء الحصن، وُضعت حامية عسكرية عثمانية، وكان مقرًا للسيطرة العسكرية على مناطق شاسعة تمتد من رداع مرورًا بذمار وصولًا إلى مناطق وصاب.
استمرت سيطرة العثمانيين على جبل (اللسي) منذ إنشائه عام (1026هـ / 1616م) حتى حدث الخلاف بين الوالي العثماني حيدر باشا (1033-1038هـ / 1624-1629م)، عندما انشق والي ذمار "الأمير سنبل بن عبد الله" عن السيطرة العثمانية وأعلن ولاءه للإمام المؤيد، فأصدر هذا الأخير قرار تعيينه على ولاية ذمار ووصاب. وبانضمام الأمير سنبل إلى معسكر الإمام، انضمت تباعًا الفرق العسكرية التابعة له في قلعة ذمار وجبل "اللسي" الكبريت، وفي رداع ووصاب إلى جانب القوات الإمامية.
بعد سيطرة الإمام المؤيد محمد بن القاسم على حصن الكبريت، بحسب ما ذكر الباحث بجامعة ذمار مبروك الذماري في بحث منشور بمجلة "منبر التراث الأثري" 2016م.
وبقي الحصن تحت سيطرة أئمة آل القاسم الزيديين بين عامي (1872-1336م)، ومن المحتمل أن العثمانيين استطاعوا السيطرة عليه مرة أخرى أثناء فترة حكمهم الثانية لليمن (1265-1337هـ / 1872-1918م). وفق ما يشير الباحث.
ووفق بعض الأهالي، الذين يروون عن آبائهم وأجدادهم، تواجد طائفة من اليهود بالقرب من جبل اللسي كان جزء منهم يعملون في صناعة البارود من مادة الكبريت التي كانت تستخرج من الجبل، قبل مغادرتهم اليمن في عملية بساط الريح في أربعينيات القرن الماضي.
تلاشي الأهمية الاستراتيجية
أُهمل الحصن لعقود من الزمن، ساهم في ذلك بُعده عن مدينة ذمار ووعورة الطرقات نحو قمة الجبل وتلاشي الأهمية الاستراتيجية، بسبب تطور الأسلحة الحديثة.
لذا، وجدت الجهات الرسمية الموقع مكانًا جيدًا لبناء محطات الإرسال الهاتفي والإذاعي وفي وقت لاحق التلفزيوني، في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي. ومع ظهور شركات الهاتف الجوال في اليمن، اختير الموقع من قبل تلك الشركات لإنشاء أبراج الإرسال الهاتفي بسبب الموقع الاستراتيجي والمطل على مناطق متعددة في ذمار.
وصنعت عوامل التعرية والإهمال ما تصنعه في بقية الحصون في اليمن، وما تبقى من الحصن المنيع غير سور كبير تهدمت الكثير من أجزائه، وبعض أبراج الحراسة وبركة الماء. وفي العام 1982م، تهدمت أجزاء واسعة من بقايا السور والحصن إثر تعرض محافظة ذمار لزلزال مدمر.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن ذمار الأتراك تراث مادة الکبریت
إقرأ أيضاً:
إقبال واسع من الزوار على فعالية "رمانة" في الجبل الأخضر
الجبل الأخضر- العمانية
بلغ عدد زوار النسخة الثالثة من فعالية "رمانة" التي تقام في مزرعة جنائن بولاية الجبل الأخضر بمحافظة الداخلية منذ انطلاقتها في 4 يوليو حتى 31 من الشهر ذاته، 8953 زائرًا، وتقدم الفعالية باقة ثرية من التجارب التفاعلية والأنشطة العائلية في قلب الطبيعة العُمانية.
تأتي الفعالية التي تستمر حتى الـ27 من شهر سبتمبر القادم بدعم من وزارة التراث والسياحة وبشراكة مع محافظة الداخلية، وبالتعاون بين شركة "تيبي" وشركة تطوير السياحة الزراعية "جنائن"، في إطار رؤية تكاملية تهدف إلى تحويل المقومات الطبيعية والثقافية للجبل الأخضر إلى تجارب سياحية ملهمة، تعزز من مكانة سلطنة عُمان كوجهة سياحية رائدة في المنطقة وتفعيل مفهوم السياحة الزراعية المستدامة، وتمكين المجتمعات الريفية، واستثمار المقومات الزراعية في تعزيز التجربة السياحية.
وتعد تجربة قطف التين إحدى التجارب الزراعية التي تتضمنها فعاليات رمانة في هذه النسخة وهي واحدة من أكثر التجارب رواجًا في موسم الجبل الأخضر، حيث تبدأ تجربة الزوار بمزارع التين بجولة تعريفية مع المزارع، يليها قطف ثمار التين من الأشجار مما يسهم في إيجاد رابط فريد بين الزائر والطبيعة، فضلًا عن أخذ صور تذكارية توثق لحظة قطف الثمار، حيث تعد تجربة ممتعة، وتعليمية، ومثالية للعائلات ومحبي الزراعة المحلية.
وتحتفي فعالية "رمانة" التي تتزامن مع مهرجان الجبل الأخضر، بالمقومات الزراعية والسياحية للجبل الأخضر، لتجمع بذلك بين تجربة السياحة الزراعية الأصيلة والأجواء العائلية الحيوية. ويستمتع الزوار هذا العام بتجارب القطف المباشر لثمار الرمان، والتين، والكمثرى في مواسم حصادها، إلى جانب حلقات عمل أسبوعية تثقيفية وترفيهية تستهدف مختلف الأعمار.
ويشهد المسرح المفتوح للفعالية عددًا من العروض التفاعلية والمسابقات العائلية، بينما يستمتع الأطفال بركن ترفيهي متكامل يضم ألعابًا متنوعة وحلبة سباق سيارات مصغّرة. كما يُعد "سوق المزارعين" من أبرز محطات "رمانة"، حيث تُعرض المنتجات المحلية الطازجة في أجواء تحاكي روح السوق التقليدي من خلال فعالية "المناداة"، التي تبرز طابع التعاون والإنتاج المحلي.
وتضم الفعالية أيضًا مجموعة مختارة من المقاهي والمطاعم التي تقدم خيارات متنوعة من المأكولات العُمانية التي تمتاز بها ولاية الجبل الأخضر.