تحول جذري في مسار الحرب.. الضربة الأمريكية لـ إيران تهز العواصم العالمية
تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT
في لحظةٍ نادرة يتقاطع فيها التاريخ مع الجغرافيا والسياسة مع السلاح، دخلت الولايات المتحدة رسميًا على خط المواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، في تدخلٍ مباشر حوّل الصراع من حرب بالوكالة إلى مواجهة مفتوحة بين دول كبرى.
ففي فجر اليوم الأحد 22 يونيو 2025، لم يكن عاديًا في الإقليم ولا في العالم، إذ أعلنت واشنطن عن تنفيذ ضربات جوية مركّزة ضد منشآت نووية إيرانية، في خطوة وُصفت بأنها الأشد منذ عقود، وأثارت عاصفة من ردود الفعل الدولية المتباينة بين داعم ومتحفظ وقلق.
البيت الأبيض أعلن أن الضربات التي نفذتها طائرات الشبح الأميركية جاءت ردًا على ما وصفه بـ"التهديد الوجودي الذي تمثله الطموحات النووية الإيرانية، والدعم العسكري المباشر من طهران لجماعات تهدد أمن إسرائيل واستقرار الشرق الأوسط".
وأكد الرئيس الأمريكي أن "الولايات المتحدة لن تقف متفرجة أمام تصعيد إيراني غير مسبوق"، مشددًا على أن واشنطن “ستدافع عن مصالحها وحلفائها بكل الوسائل الممكنة”.
واعتبرت الإدارة الأمريكية أن الهجوم يحمل رسالة مزدوجة: منع إيران من تجاوز الخطوط الحمراء، ومنع امتداد الحرب إلى نطاق يهدد استقرار المنطقة والعالم.
من جانبها، رحّبت إسرائيل علنًا بالتدخل الأميركي، واعتبرته تطورًا طبيعيًا في مسار التحالف الإستراتيجي بين البلدين.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن “الدعم الأميركي اليوم يبرهن على أن معركة إسرائيل ضد إيران ليست معركة منفردة، بل هي جزء من منظومة دولية تسعى لردع التهديد النووي الإيراني.”
وأشارت مصادر إسرائيلية إلى أن التعاون الاستخباراتي والعسكري بين تل أبيب وواشنطن كان وثيقًا خلال الأيام التي سبقت الضربة، ما يعزز فرضية التنسيق الكامل.
إيران: إدانة شديدة وتحذيرات من تصعيد مفتوحفي طهران، قوبل التدخل الأميركي بإدانة شديدة، حيث اعتبرته القيادة الإيرانية "عدوانًا سافرًا وانتهاكًا فاضحًا للسيادة الإيرانية"، وتعهدت بـ"ردّ ساحق ومؤلم في الزمان والمكان المناسبين".
وأعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن "الإدارة الأميركية تتحمل المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا التصعيد"، معتبرًا أن واشنطن “أغلقت الباب نهائيًا أمام أي تسوية دبلوماسية في المرحلة الراهنة”.
كما أطلق الحرس الثوري تهديدات مباشرة ضد القواعد الأميركية في العراق وسوريا والخليج، مشيرًا إلى أن "كل جندي أميركي أصبح هدفًا مشروعًا".
روسيا.. تحذير من انفجار إقليمي وفشل الحلول الدبلوماسيةموسكو، التي تحتفظ بعلاقات مع كل من طهران وتل أبيب، أبدت قلقًا بالغًا من الضربات الأميركية.
وقالت وزارة الخارجية الروسية إن “التدخل الأميركي في النزاع يمثل تصعيدًا خطيرًا قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة".
وحذرت موسكو من أن "سياسات القوة والضربات الاستباقية لن تؤدي إلا إلى تقويض فرص الحل السياسي"، داعية إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن لبحث الوضع.
الصين: دعوة لضبط النفس وإعادة التفاوضأما بكين، فأعربت عن قلقها من "التطورات الميدانية الخطيرة"، ودعت إلى “ضبط النفس من جميع الأطراف، ووقف فوري للتصعيد”.
وأكدت وزارة الخارجية الصينية أن "المواجهة العسكرية لن تُنتج أمنًا مستدامًا، والحل الوحيد يكمن في العودة إلى المفاوضات"، معربة عن رفضها لأي استخدام للقوة خارج نطاق الشرعية الدولية.
الاتحاد الأوروبي.. انقسام وصوت مرتجفداخل الاتحاد الأوروبي، بدا الانقسام واضحًا بين دول تؤيد الموقف الأميركي، مثل بريطانيا وبولندا، ودول أخرى دعت إلى التهدئة، كفرنسا وألمانيا.
وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إن "التدخل الأميركي يعقّد المشهد بشكل خطير، ويهدد بفتح جبهات جديدة في الإقليم"، مطالبًا بعقد مؤتمر دولي عاجل لإعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني.
فيما عبّرت بعض العواصم الأوروبية عن خشيتها من أن يؤدي التصعيد إلى موجة لجوء جديدة وانفجار في أسعار الطاقة.
الدول العربيةجاءت المواقف العربية متباينة وحذرة للغاية.السعودية والإمارات دعتا إلى "ضبط النفس وتجنب التصعيد"، مع التأكيد على "ضرورة حماية أمن الخليج واستقرار المنطقة."العراق ولبنان وسوريا عبرت أطراف سياسية فيها عن خشيتها من أن تتحول أراضيها إلى ساحات رد إيرانية ضد المصالح الأميركية.مصر والأردن دعتا إلى "وقف فوري للأعمال العدائية"، وعبّرتا عن دعم أي مسار دبلوماسي يُجنّب المنطقة الانزلاق نحو حرب شاملة.الأمم المتحدة: قلق ومخاوف من كارثة إقليمية
الأمين العام للأمم المتحدة أعرب عن "قلق بالغ" من التطورات الأخيرة، محذرًا من أن "التصعيد العسكري بين قوى إقليمية ودولية قد يفتح أبوابًا لا يمكن إغلاقها بسهولة."
ودعا إلى انعقاد عاجل لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الضربة الأميركية، وتفعيل الأدوات الدبلوماسية لاحتواء الأزمة.
الدخول الأميركي المباشر على خط الحرب بين إسرائيل وإيران لم يكن مجرد قرار عسكري، بل لحظة فارقة في توازنات الشرق الأوسط. وبين دعم غربي وتحذيرات شرقية، يجد العالم نفسه أمام أزمة متعددة المستويات: أمنية، سياسية، واقتصادية.
وما بين الخيارات المحدودة أمام إيران، والمخاوف العالمية من حرب لا يمكن التنبؤ بمداها، يبقى السؤال المطروح: هل تتحول الضربة الأميركية إلى شرارة لحرب كبرى، أم أنها ستكون صدمة تردع الجميع وتعيدهم إلى طاولة المفاوضات؟ الأيام المقبلة وحدها كفيلة بالإجابة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: إيران الولايات المتحدة إسرائيل واشنطن
إقرأ أيضاً:
بوتين يرفض التراجع وترامب يهدد: هل بدأ التصعيد؟
حذر الكاتب والمراسل المخضرم ستيف روزينبرغ من أن العلاقة التي بدت واعدة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في بدايات الولاية الثانية للأخير، تتجه اليوم نحو "تصادم مباشر"، مع تصاعد التوترات بشأن الحرب في أوكرانيا.
في تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، ووفقًا لما نقلته صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" الروسية، فإن العلاقة بين الزعيمين تشبه "قطارين مسرعين يتجهان نحو بعضهما البعض دون نية للتوقف"، في إشارة إلى سياسة بوتين المستمرة في التصعيد العسكري في أوكرانيا، مقابل تصعيد ترامب من لهجته وتحركاته ضد موسكو.
من الانفتاح إلى التهديد
وكانت العلاقات قد شهدت بدايات دافئة فور عودة ترامب إلى البيت الأبيض، حيث سعت واشنطن حينها إلى تحسين العلاقة مع الكرملين، بل ووقفت في الأمم المتحدة ضد مشروع قرار أوروبي يدين "عدوان روسيا على أوكرانيا". إلا أن بوتين لم يُبدِ استعدادًا للتنازل، ورفض عروض وقف إطلاق النار التي طرحتها إدارة ترامب.
وترافق ذلك مع تكثيف المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف زياراته إلى موسكو، حيث التقى بوتين أربع مرات خلال شهرين فقط، وسط إشارات إلى رغبة أمريكية في التفاوض. ومع ذلك، لم ينجح ويتكوف في دفع موسكو لأي تنازلات حقيقية.
تهديدات ترامب... وغضب بوتين
وكشف التقرير أنه في الأسابيع الأخيرة، لوح ترامب بفرض عقوبات جديدة، وفرض رسوم جمركية على شركاء روسيا، مثل الهند والصين، فضلًا عن تحركات عسكرية مفاجئة شملت إعادة تموضع غواصات نووية أمريكية بالقرب من السواحل الروسية، في خطوة وصفها مراقبون بأنها "استعراض قوة".
ووسط التصعيد، منح ترامب مهلة لبوتين مدتها 50 يومًا لإنهاء الحرب، ثم قلصها لاحقًا إلى 10 أيام، والتي تنتهي هذا الأسبوع، دون أي مؤشر على استجابة من الكرملين.
إصرار بوتين ومساعي ترامب
وأضاف التقرير أنه على الرغم من التصعيد، لا يزال البيت الأبيض يرسل إشارات إلى إمكانية التفاوض، إذ من المتوقع أن يعود ويتكوف إلى موسكو هذا الأسبوع، في محاولة جديدة لإقناع بوتين بوقف الحرب، وسط تقارير عن احتمال تقديم "عروض تعاون مغرية" لروسيا في حال التوصل إلى اتفاق.
لكن العقبة الأكبر، بحسب مراقبين، تكمن في إصرار بوتين على تحقيق النصر الكامل في أوكرانيا، بما يشمل ضمانات تتعلق بالحياد الأوكراني، والسيادة على أراضٍ متنازع عليها، وهو ما تعتبره واشنطن "مطالب مبالغ فيها".
وفي تصريح لـ"بي بي سي"، اعتبرت، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة "ذا نيو سكول" الباحثة نينا خروشيفا، أن بوتين لا يأخذ مواعيد ترامب النهائية على محمل الجد، قائلة: "ترامب يغير موقفه باستمرار، وبوتين يعي ذلك جيدًا".
هل نقترب من الاصطدام؟
ختامًا، يرى التقرير أن القطيعة بين ترامب وبوتين تزداد وضوحًا، لكنها لم تصل بعد إلى نقطة اللاعودة، إذ لا يزال ترامب يُقدّم نفسه كصانع صفقات، وقد يُحاول تقديم "جزرة دبلوماسية" لإنهاء الحرب بدلًا من العصا.