عربي21:
2025-08-09@09:49:30 GMT

ما هو أبعد من نتنياهو

تاريخ النشر: 22nd, June 2025 GMT

أتصور أن "الجرأة الهجومية" التي تحدث بها توماس باراك، سفير أمريكا في تركيا ومبعوثها إلى سوريا، عن خريطة "سايكس بيكو" في 25 أيار/ مايو الماضي، لم تكن انفعالا عارضا، في نقاش عابر، احتدم فسطعت فوق رؤوس أطرافه ذات فجأة خريطةٌ لكوكب الأرض، واكتشفوا سبب الكوارث التي تلاحق الشرق الأوسط، فصاح أحدهم: لقد وجدتها، أو "يوريكا يوريكا" كما صاح عالم الرياضيات أرشميدس في طرقات صقلية في القرن الثالث ق.

م؟

وهذه الحادثة بالمناسبة -والتي سنرى أنها طريفة في هذا الوقت بالذات- كانت من أجل اكتشافه، لقوة "الطفو" عند وضع جسم في الماء، ومعرفة كثافة الجسم. لكن الأهم حينها، أنه اكتشف "معضلة التاج" التي أطاحت برأس الصائغ، الذي صنع تاج الملك من ذهب مغشوش، مخلوط بالنحاس.

"ذهب خالص.. ذهب مغشوش" حالة ذات أهمية عتيقة، سيكون لها حضور كبير، دائما في الأزمات والإشكالات! ليس هذا فقط، بل ورؤوس سيُطاح بها في مجرى هذا الحضور الدائم للذهب والرجال! وسيُكشف كل شيء عن كل شيء في وقت ما، و"تأبى الأرض التكتم" كما يقال.

* * *
نحن الآن أمام تاريخ يسقط، ليقوم مكانه تاريخ جديد، والآن، كما يقول الفيلسوف الإيطالي المعروف جرامشي، نمر بمرحلة "الوحوش الضارية" لإعادة إنتاج "الهيمنة".. أو في وضع قريب من ذلك
فنحن مثلا، لا نعرف "أسرار" لقاء روزفلت بالملك فاروق في (14 شباط/ فبراير 1945م) على ظهر الفرقاطة "كوينسى" في البحيرات المُرّة، قرب الإسماعيلية، وكأنه كان هناك حرص شديد على عدم إعلانه موثقا، رغم التباين الشديد فيما ذُكر عن هذا اللقاء، ما بين "ملك" يعتز بأجداده، ويريد الحفاظ على استقلال وكرامة بلاده، أو "ملك" بدا كطفل يلهو بألعابه، ويتشكى من معاملة الإنجليز.

لكننا عرفنا بخاصية "الفهم والاستنتاج" ما دار في هذا اللقاء. متى؟ بعد "فصل" السودان عن مصر سنة 1954م، وبعد "عملقة" إسرائيل سنة 1967م.. نقطة ومن أول السطر..

* * *

لقد كان هذا هو "الهاجس الغربي" الدائم واللحوح، للنظام الدولي الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، ومن يريد أن يملأ "زكائب الهواء" بما يحلو له من "حكايات" فليفعل.

لكن التاريخ، لا يعبأ إلا بما هو قائم بالفعل من حقائق على الأرض، في الحدود المقبولة طبعا للخطأ والصواب في مجرى التاريخ، وما من شأنه أن يكون، أو لا يكون.

ولدينا الأستاذ هيكل رحمه الله نموذجا متكامل النمذجة للحكايات، نظرا لأنه أكثر من تعرض وتناول الفترة الأخطر والأهم في التاريخ العربي الحديث (الخمسينيات والستينيات)، ونظرا لقربه وقتها من المركز الحساس لأعصاب الدولة كلها.

تحدّث كثيرا وكتب كثيرا ليبرر ما حدث، لكن "الأسرار" كلها تكشفت في شكل نتائج، وبقانون التدرج السببي للأشياء، عرفنا وفهمنا من أي مقدمات أتت هذه النتائج.

* * *

في مدار "الحكايات" وفن أن تكون دائما على صواب! سيكون لدينا خبر قصف المستشفيات حاضرا طازجا، وما قالته إسرائيل عن قصفها للمستشفى الأوروبي في غزة يوم 9 حزيران/ يونيو الجاري، وبين ما قالته عن قصف إيران لمستشفى سوروكا في بئر سبع بعدها بعشر أيام فقط (19 حزيران/ يونيو)! وبلا أي خجل، بل وبلا أي تحسب لردود الفعل في الرأي العام الدولي، وكما قال السفسطائي الشهير جورجياس: إن أهم أداة للسيطرة على الآخر، هي الكلام..!

دون فكر، دون معرفة، دون حقيقة، كل ما تحتاجه فقط هو "البلاغة".. هو حيل القول والكلام وخداعاته، في مزايدة احترافية لعوبة، وأيضا مقززة.

* * *

لم يأخذنا أرشميدس بعيدا في كل الأحوال، إذ يبدو أنه هناك الآن حالة "تعويم" للشرق الأوسط إلى حين الاهتداء إلى بديل لما وصفه المبعوث الأمريكي توماس باراك بـ"الخطأ ذي الكلفة على أجيال بأكملها"!!

الرجل يشير إلى اتفاقية سايكس بيكو (1916م) هكذا نصا فصا!.. وأضاف في منشور له على منصة إكس أن الغرب فرض قبل قرن من الزمان خرائط وانتدابات وحدودا، مرسومة بالحبر، وأن اتفاقية سايكس بيكو قسمت سوريا و"المنطقة"، لأهداف استعمارية، لا من أجل السلام، وأن المستقبل سيكون لحلول تنبع من داخل "المنطقة" وعبر الشراكات القائمة على الاحترام المتبادل.

* * *

يقولون إنه ليس هناك أفضل من الحروب لحلحلة الأوضاع غير القابلة للاستمرار أو التطور، وهذا صحيح، الحرب بالفعل هي المحرك للتطور التاريخي عبر الزمن.

لن نتحدث هنا عن حديثا تقليديا بسيطا، عن "مؤامرة" تقف خلف ما يجرى الآن في الشرق الأوسط، من حرب كبيرة بين إيران وإسرائيل.. لماذا؟.. لأن حاضر التاريخ وواقع الجغرافيا، كانا قد تجهزا تجهيزا لهذه الحرب.. حاضر "ما بعد 7 أكتوبر".. طوفان الأقصى، الذي تداعت فيه وبه وبعده الأحداث، وتفاعلت، إلى أن وصلت لتلك "المواجهة الضارية" التي يراقبها ويترقبها العالم اليوم، وهو يحبس أنفاسه.

* * *

7 أكتوبر لم تكن مؤامرة من تلك المؤامرات الخبيثة، الذي اعتاد الشرق طويلا، على تلقيها، ثم الاضطراب في حبائلها، ثم محاولة التعاطي معها، بعد "فوات الأوان".. لا لم تكن كذلك.. لقد تم تبادل أدوار تاريخي، بين الأطراف الفاعلة والمفعول بها، ذاك أن "الطوفان" كان قد وضع العدو في ذات "المربع" الذي اعتاد الشرق أن يقبع فيه طويلا، متلفتا في استكانة، ليلتقي بمصيره الذي قرره له غيره.

كلمات الشهيد محمد الضيف في التحضير للطوفان، بالغة الوضوح، بالنظر لفكرة "التطور التاريخي عبر الزمن"، حين قال: نستطيع أن نغير مجرى التاريخ، ويكون لنا السبق في هذه الفترة الزمنية، ونحقق يوما من أيام الله..

هذا نص تقفز الكلمات والعبارات فيه قفزا، لتعبر عن حقائق جادة وجديدة تماما، على الواقع وعلى الوعي بهذا الواقع.

وعبارة "هذه الفترة الزمنية" تشير بوضوح إلى أن هناك فترات زمنية لاحقة، ستقوم على هذه الفترة الزمنية التي ستؤسس لما بعدها.. وهو ما حدث ويحدث بالفعل.

* * *

نحن الآن أمام تاريخ يسقط، ليقوم مكانه تاريخ جديد، والآن، كما يقول الفيلسوف الإيطالي المعروف جرامشي، نمر بمرحلة "الوحوش الضارية" لإعادة إنتاج "الهيمنة".. أو في وضع قريب من ذلك.

سيبدو نتنياهو في هذه المشاهد الكبرى صعلوكا ضئيلا، ودعيّا، تائها، في مهمة الضلال، يلعب به "الآخرون"، متوهما أنه يلعب بهم
لكن الملفت هو أن هناك بالتأكيد من دفع بالمواجهة لتكون على هذا المستوى "الضاري" الذي لا يمكن أن يكون غيره، لصنع المراد والمطلوب. إذ أي نظام سياسي في التاريخ لا يمكن أن يحتمل الاستمرار في العيش، بعد أن يُقتل له، في ضربة واحدة، كل هؤلاء القادة.. وكل هؤلاء العلماء.. استباحة تامة للجغرافيا والتاريخ، وكل ما من شأنه أن يُقر بمستوى رهيب من الإهانة والاستهانة. ويبدو أنه، كان لا بد أن يكون ما كان.. ليكون بحجم وأثار، ما هو كائن الآن.

* * *

وهنا سيتقاطع خط الأحداث، مع هذا التصريح الصاعق في توقيته لتوماس باراك، ذاك السبعيني القادم من عمق أعماق "السياسة الخفية".. ليقوم وبهدوء عميق، بالإشراف على تنفيذ أدوار انتقال وتحول بالغة الأهمية، في أوقات بالغة الدقة والحساسية.

دراساته الأكاديمية العليا، وتاريخه السياسي الزاخر، ونشاطه الاقتصادي والمالي الضخم، كل ذلك يشير إلى أن الرجل يتواجد الآن حيث ينبغي أن يكون.. أين؟ سفيرا لأمريكا في عاصمة البلاد التي بات على الجميع أن تمتد خيوطهم فيها ومعها، ومنها وإليها.. (تركيا).. وسواء كنت مرحبا بذلك، أم معارضا لذلك، فهذا هو واقع الحال.

* * *

سيبدو نتنياهو في هذه المشاهد الكبرى صعلوكا ضئيلا، ودعيّا، تائها، في مهمة الضلال، يلعب به "الآخرون"، متوهما أنه يلعب بهم.

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء سايكس بيكو الشرق الأوسط خرائط نتنياهو الشرق الأوسط نتنياهو سايكس بيكو خرائط قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن یکون

إقرأ أيضاً:

ماذا دفع مصر لإبرام أضخم صفقة في التاريخ مع إسرائيل؟

مصر – علق خبيران مصريان على أهمية توقيع حقل ليفياثان الإسرائيلي للغاز الطبيعي أكبر اتفاقية تصدير في تاريخ البلاد، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، لتزويد مصر بالغاز.

وأكد الخبير الاقتصادي محمد أنيس، أن اتفاقية إسرائيل بتصدير الغاز لمصر بقيمة 35 مليار دولار حتى 2040، من المنظور الاقتصادي تحمل بعدا إيجابيا بعيدا عن النواحي السياسية، لأن كمية الغاز التي سوف تستوردها مصر أرخص من الغاز المسال وهذا يزيد من أمن الطاقة.

وقال محمد أنيس في تصريحات لـRT، إنه قبل هذه الاتفاقية الجديدة، كانت مصر تستورد من إسرائيل الغاز تقريبا من 800 ميلون إلى مليار قدم مكعب، وبعد هذا الاتفاق يضاف نفس الكمية تقريبا ولكن من حقل ثاني، وبخصوص السعر لا يمكن تحديده لأنه لم يتم الإعلان عنه، ومن الممكن الإعلان عنه لاحقا.

وأضاف أن الاتفاق يمنح مصر قدرة أكبر على التخطيط طويل المدى لتأمين احتياجاتها من الغاز الطبيعي، خاصة في ظل التحديات المرتبطة بالإنتاج المحلي وتقلبات السوق العالمية.

وأكد الخبير الاقتصادي، أنه نظرا لأزمة الشحنة في مصر عامي 2022 و2023 نتج عنها أننا لم ندفع الكامل حقوق شركائنا في قطاع البترول في الشركات العالمية وبالتالي تم تقليل الاستكشافات وبالتالي إجمالي الغاز الخاص بمصر قل من 7 مليار قدم يوميا إلى مستوى 4 مليار يوميا، لذلك الغاز الذي تستورده مصر من إسرائيل حاليا بدلا من تصديره يتم استهلاكه ولا يكفي، وبالتالي مصر تستورد غاز مسال وتحويله إلى الحالة الغازية ثانيا ونستهلكه في السوق المحلي وهذا أغلى بكثير.

وتابع: “الكمية المضافة من قبل إسرائيل تأتي من الأنابيب بمعني الحالة الغازية ولكن أرخص من الغاز المسال، والبديل حتى إذا جاء من إسرائيل هيكون أفضل لأنه أرخص من الغاز المسال”.

وأشار إلى أن الكمية الإضافية من حقل ليفياثان مؤقتا ستقوم بتغطية العجز في السوق المحلي لحين استعادة مستويات الإنتاج لطبيعتها بعد سنتين أو ثلاثة ويصبح السوق المحلى بالكامل يتغطي من أرخص غاز في تكلفة الإنتاج.

كما أكد الخبير الاقتصادي، مصطفى بدره، أن هذه الاتفاقية هي اتفاقية استراتيجية لمدة الغاز إلى مصر لسنة 2040 أو السنة التي ينتهي فيها الإنتاجية من الغاز .

وقال في تصريحاته لـRT، إن مصر ستستفيد من هذه الاتفاقية بشكل كبير وكذلك الطرف الآخر لديه نفس الاستفادة وهذا يعني ضمان بكمية كافية من الغاز على المدى البعيد .

وأضاف بدره أن مصر تؤمن احتياطها وواردتها من الغاز مع إحدى الشركات الأجنبية، وهذا يعكس طمأنينة للدولة والحكومة أن لديها واردات من الغاز ستبقى على الأقل 10 سنوات وبسعر مميز بكثير عن السوق العالمي.

واستكمل، الشركة المنتجة للحقل هتستفيد لأنها ضامنة بيع منتجها للدولة المصرية أكثر من 10 سنوات فـ ضامنة الواردات المالية.

وأعلنت شركة نيوميد أحد الشركاء في الحقل، يوم الخميس أن حقل ليفياثان، الواقع قبالة ساحل إسرائيل على البحر الأبيض المتوسط، والذي تبلغ احتياطياته نحو 600 مليار متر مكعب، نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر حتى عام 2040، أو حتى استيفاء جميع الكميات المتعاقد عليها.

ويذكر أن التدفق الطبيعي للغاز من حقلي “ليفياثان” و”كاريش” الإسرائيليين إلى مصر عاد تدريجيا بعد انتهاء التصعيد مع إيران، ليصل إلى نحو مليار قدم مكعب يوميا. وتستفيد مصر من جزء من هذه الكميات في تغطية احتياجاتها المحلية، بينما تعيد تصدير الجزء الآخر، مما يحقق لها أرباحاً كبيرة.

يشار إلى أن مصر، التي كانت في السابق مصدرا للغاز، أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الواردات الإسرائيلية بسبب تراجع إنتاجها المحلي، رغم امتلاكها بنية تحتية متطورة لإعادة التصدير. وفي المقابل، تواصل إسرائيل توسيع حقولها الغازية، مثل “ليفياثان”، حيث من المتوقع أن تخصص جزءا من الإنتاج المستقبلي للسوقين المصري والأردني.

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: إذ تستعيد هذه الخطوة نهج المؤتمرات التي سعت لتقسيم سوريا قبل الاستقلال فإن الحكومة السورية تؤكد أن الشعب السوري الذي أفشل تلك المخططات وأقام دولة الاستقلال سيُفشل اليوم هذه المشاريع مجدداً ماضياً بثقة نحو بناء ا
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ
  • ماذا دفع مصر لإبرام أضخم صفقة في التاريخ مع إسرائيل؟
  • الزي الآشوري.. حين يتحدث القماش بلسان التاريخ (صور)
  • البرغوثي يعلق على خطة غزة التي أعلنها نتنياهو
  • ما أبرز ملامح الخطة التي تناقشها حكومة نتنياهو لـإعادة السيطرة على غزة؟
  • قيادي في “حماس” يؤكد تعطيل “نتنياهو” و”ويتكوف” المفاوضات التي كادت أن تصل إلى اتفاق نهائي
  • وزارة الخارجية: من الآن فصاعدا التأشيرات التي تُمنح لحاملي جوازات السفر الفرنسية الدبلوماسية ستخضع لنفس الشروط التي تفرضها فرنسا
  • بلحوسيني: “مواجهة جنوب افريقيا ستكون صعبة وهدفنا بلوغ أبعد حد في الشان”
  • ١١١ عاماً على تركيب أول إشارة مرور في التاريخ