تزامنًا مع انطلاق القاهرة السينمائي.. وزير الثقافة يدعو لإقامة معرض تشكيلي عن “الفن التشكيلي والسينما”
تاريخ النشر: 23rd, June 2025 GMT
شارك الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، والفنان الكبير حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في فعاليات الجلسة الحوارية الأولى للمعرض العام تحت عنوان “الفن التشكيلي في عيون السينما”، والتي أدارتها الدكتورة إيمان أسامة، القوميسير العام للمعرض، وذلك بمتحف الفن المصري الحديث في ساحة دار الأوبرا، بحضور عدد من الفنانين والنقاد والسينمائيين والمهتمين بالفنون التشكيلية وفنون السينما.
وأكد الدكتور أحمد فؤاد هَنو أن العلاقة بين الفن التشكيلي والسينما هي علاقة تكامل وإلهام متبادل، موضحًا أن التشكيل يُثري الرؤية البصرية للعمل السينمائي ويمنحه بعدًا جماليًا أكثر عمقًا، مشيرًا إلى أن كثيرًا من كبار المخرجين استعانوا بفنانين تشكيليين في تصميم الديكور أو الصورة، وهو ما يسهم في ترسيخ الهوية البصرية للفيلم. كما لفت إلى ضرورة تناول جميع روافد الثقافة كالرواية والسينما وغيرها، للسيرة الذاتية لكبار الفنانين التشكيليين وتقديمها للمتلقي كقصص ملهمة للأجيال المتعاقبة.
وفي سياق متصل، اقترح وزير الثقافة إقامة معرض تشكيلي تكون مفردته الرئيسة “الفن التشكيلي والسينما”، بالتزامن مع إقامة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وذلك بقاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا.
وأوضح وزير الثقافة أن هذه الجلسة تفتح نافذة مهمّة على وعي جديد بقيمة الفنون التشكيلية كمساحة تلاقٍ بين الإبداع الفردي والرسالة المجتمعية من خلال صناعة السينما، مشددًا على أن الفن التشكيلي المصري، بتاريخ رموزه ورواده، يشكّل جزءًا أصيلًا من وجدان الأمة، ويُعدُّ أحد الروافد الأساسية لهويتنا الثقافية. وأكد أن وزارة الثقافة منفتحة على دعم أي أفكار من شأنها تطويع الفنون لخدمة المجتمع من خلال إحداث التفاعلية المرجوة والبناءة في هذا الصدد، وأن الوزارة تفتح جميع منصاتها لكل الفنانين التشكيليين وكذلك المبدعين من خلال مراكزها الثقافية المنتشرة في أرجاء الجمهورية، لعرض وتقديم إبداعاتهم للجمهور المصري، مؤكدًا أن هذه النوعية من اللقاءات تُسهم في إذكاء الفكر النقدي والتنويري في حقل الإبداع.
وأشار وزير الثقافة إلى أن الثقافة البصرية المتراكمة لدى الفنان التشكيلي تُعد موردًا حيويًا لصانع الفيلم، سواء على مستوى التكوين أو الإضاءة أو اختيار الألوان، لافتًا إلى أن الحس الجمالي المدعوم بالتجريب التشكيلي يُثري التكوينات البصرية ويُضفي على السينما خصوصية وتفرُّدًا. وأوضح أن السينما المصرية شهدت نماذج رائدة جسّدت التلاقي بين الفن التشكيلي ومدارسه المتنوعة وبين التناول البصري في السينما، مشيرًا إلى أن هناك أعمالًا تأثرت بشكل واضح بمدارس مثل الانطباعية والتجريدية والسريالية، ونجحت في تحويل الأفكار التشكيلية إلى سرد بصري على الشاشة.
وشدّد وزير الثقافة على أهمية فتح قنوات تعاون حقيقية بين القطاعات المعنية بالفنون التشكيلية والمؤسسات السينمائية، تُعزّز من تواصل الفنانين مع صنّاع الصورة، كما دعا المعنيين بدعم هذا التوجه والأمل نحو تجسيده في مشروعات مشتركة تُعزّز من حضور الهوية البصرية المصرية على الشاشات.
وأشار هَنو إلى أن الوزارة تولي اهتمامًا بالغًا بالقوة الناعمة، وتعمل من خلال قطاعاتها المختلفة على ترسيخ رموزها عبر سياسات ثقافية حديثة، داعيًا إلى توسيع نطاق الاستفادة من خبرات الفنانين المصريين في الداخل والخارج، وربط الأجيال الشابة بجذورها الفنية المتجذّرة.
من جانبه قال الفنان حسين فهمي أن الفن التشكيلي هو جزء مهم من صناعة السينما عبر تقنيات معينة، فهو فن أساسي من مفردات السينما، حيث الأهمية التي تتسم بها عملية تكوين الصورة، وكذلك في آليات اختيار الألوان داخل العمل السينمائي وما يرتبط بها من دلالات رمزية تجسّد المعنى المقصود منها. وأعرب عن تمنياته أن يرى عملًا سينمائيًا يتناول السمات الشخصية لرموز الفن التشكيلي عالميًا، أمثال بيكاسو وفان جوخ وغيرهما، والغوص في أعماق هذه الشخصيات وتقديمها للمشاهد بصورة جذابة ومشوقة.
وأكّد الفنان الكبير حسين فهمي أن الفن التشكيلي ليس مجرد خلفية جمالية داخل العمل السينمائي، بل هو عنصر جوهري في صناعة الصورة البصرية وتشكيل إيقاع المشهد، مشيرًا إلى أن التقاط اللون والضوء والتكوين التشكيلي هو ما يمنح السينما عمقها التعبيري الحقيقي.
وأوضح فهمي أن السينما مدينة للفن التشكيلي في كثير من أدواتها البصرية، وأن هناك ضرورة ملحّة لإنتاج أعمال درامية وسينمائية تتناول حياة الفنانين التشكيليين الكبار، محليًا وعالميًا، بصورة درامية مشوقة تُلقي الضوء على إنسانيتهم وتجاربهم الإبداعية، داعيًا إلى “فهم الفنان كحالة إنسانية ووجدانية كاملة، لا فقط كصاحب موهبة تقنية”.
وتناولت الجلسة عدة محاور، منها: الفنان التشكيلي في عيون الكاميرا في الدراما التليفزيونية والسينما، بين الواقع والخيال: السينما وتزييف صورة الفنان، رمز الفنان كمقاوم ومُعبّر عن المجتمع، أين دور السينما في تأريخ السير الذاتية لرموز الفن التشكيلي المصري والعربي، والسينما التشكيلية: عندما تصبح الصورة السينمائية هي بطلة العمل وأداته. وخلال الجلسة، تم عرض مجموعة من اللقطات لأفلام مختارة تناولت صورة الفنان التشكيلي.
يُذكر أن المعرض العام في نسخته الـ45 ينظمه قطاع الفنون التشكيلية برئاسة الدكتور وليد قانوش، ويستمر حتى منتصف يوليو المقبل، بمشاركة 325 فنانًا، وبمجموع أعمال بلغ 420 عملًا في مختلف مجالات الفن التشكيلي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: حسين فهمي وزير الثقافة الفن التشکیلی وزیر الثقافة حسین فهمی ا إلى أن إلى أن ا من خلال
إقرأ أيضاً:
حين يصبح المنزل مسرحا.. حسين شكرون يطلق الفن من كفرّمان النبطية
على تلة مشرفة على جبل الشيخ وفي بلدة كفرّمان قضاء النبطية في الجنوب اللبناني، شيد الفنان حسين شكرون مشروعه "مسرح الهواء الطلق"، وهذا المسرح لا يشبه المسارح التي اعتدناها، بل يتميز بكونه مسرحا فريدا من نوعه، إذ يقع ضمن بيت الفنان شكرون، حيث اقتطع جزءا منه ومن حديقته الخارجية، وحولها إلى مسرح مع باحة تتسع للمتفرجين.
هذه الخطوة تأتي بعد حرب إسرائيلية على لبنان، ومنها بلدة كفرّمان التي لاقت نصيبا من الاعتداءات، وقد كانت الدافع الأول لشكرون ليحقق حلمه بإنشاء مسرح، ليكون ملتقى لكل الفنانين على مساحة البلاد.
حفل الافتتاح حضرته مجموعة من أهل الفن إلى جانب حشد من الفعاليات الثقافية والتربوية من العديد من المناطق اللبنانية، وقد دشنته فرقة للرقص الفولكلوري بلوحات متنوعة، وكذلك فقرات فنية للفنانين منير كسرواني ووفاء شرارة وحسين شكرون.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"بي تي إس" تنفي رسميا مشاركتها في ألبوم تكريمي لمايكل جاكسونlist 2 of 2إعادة تدوير الحنين.. كيف تحول نجوم الفيديو كليب بمصر إلى "ميمز"؟end of listنقيب الممثلين في لبنان الفنان نعمه بدوي لفت -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن هذا المسرح يعد رسالة صمود وتحد للاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن الفن بكافة أشكاله مقاومة، خاصة أنه يأتي في ظل إغلاق المسارح في بيروت أو خارجها، "وهذا أمر غير مقبول، إذ يجب أن تُرعى المسارح وكل الأنشطة الثقافية في كل المناطق اللبنانية"، داعيا الدولة وتحديدا وزارة الثقافة لأن "تتحمل مسؤوليتها تجاه المسارح والفنانين".
بدوره، ثمّن الفنان منير كسرواني -في حديثه للجزيرة نت- لحسين شكرون هذه الخطوة، مؤكدا أنها ردٌ على الحرب الإسرائيلية، وهي عودة مميزة بعباءة الفن، إلا أن الأهم من ذلك هو أن هذا المسرح سيكون متنفسا لكل الفنانين الذين يعانون من ارتفاع كلفة استئجار المسارح، فهنا يمكنهم أن يقدموا ما لديهم من دون دفع مبالغ مالية، خاصة أمام جيل الشباب الذي يريد أن ينطلق في عالم الفن.
من جانبها، نوهت الفنانة وفاء شرارة بهذه الخطوة التي تتزامن مع شح في المساحات الفنية والثقافية شكل عقبة أمام المواهب الشابة التي ترغب بدخول عالم الفن. وتقول شرار ة في حديثها للجزيرة نت إن "هذا المسرح هو للجميع، ومتنفس لكل الناس، لا سيما لمن لا يجدون مكانا يعبرون فيه عن فنهم أو يعرضون مواهبهم. وهذا المسرح وُجد من أجل هؤلاء، للمحترفين والمبتدئين على حد سواء، فالمبتدئون هم الذين سيكملون المسيرة، ونحن لن نبقى للأبد، بل سيأتي غيرنا ليكمل الطريق".
أما الفنان عصام الأشقر، فتحدث عن إعجابه بجرأة شكرون على اتخاذه هذه الخطوة واصفا إياها بالشمعة في النفق المظلم، وهي رسالة "بأن الشعب اللبناني لا يموت، رغم كل ما تعرض له، بل ينهض من تحت الرماد كطائر الفينيق"، حسب تعبيره.
أما الفنان محمد بِشر، لفت إلى أن شكرون كسر حاجز الخوف، ووقف أمام جمهور منهك أو محبط ليخفف عنهم تبعات الحرب، وقال للجزيرة نت "نحن الفنانين نمتلك أرواحا مختلفة، وربما بعض الجنون، ولكنه جنون إيجابي، ونأمل أن نقدم أفضل ما لدينا للناس، ولكننا نريد من الدولة أن تحمي مواطنيها، ومن ثم تحمي فنانيها، فالفنان كأرزة لبنان إذا حميته حميت بلدك".
بعد أن توقفت الحرب في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، عاد حسين شكرون إلى منزله في كفرّمان وكانت هذه الحرب الشرارة التي دفعته إلى تحقيق حلم الطفولة بإنشاء المسرح، إذ أراد أن يؤسس لمرحلة جديدة في الجنوب وفي بلدته كفرمان، ويرسل رسالة إلى الاحتلال بأن المسرح رسالة صمود وتحد ثقافي وستتوارثه الأجيال القادمة.
إعلانولكن الذي يجذب الانتباه في مسرح حسين شكرون هو أن خشبة المسرح التي احتاج لأن يرفعها عن مستوى الأرض استقدم لأجلها حمولات من الردميات، كانت ناتجة عن المنازل المدمرة في الجنوب، حيث لاحظ أثناء قيامه بتفتيت الحجارة الكبيرة أن بداخلها يوجد بقايا من مقتنيات أصحاب تلك المنازل المدمرة، فشاهد ألعاب الأطفال المحطمة، وفستان الزفاف الممزق، وسماعة الطبيب المقطعة، كلها ذكريات لكثيرين لا يعرفهم، لكنه يعرف جيدا أن هذه الذكريات الثمينة ستكون مدماكا لمسرحه الذي يأمل أن يكون منارة ومتنفسا ومنطلقا لأجيال، تؤمن بأن الفن والثقافة والتمسك بالأرض هو قدر أهل الجنوب.
ويتحدث شكرون للجزيرة نت عن هذا الحلم الذي أصبح حقيقة بعد أن بلغ من العمر 66 عاما، "ففي كفرّمان يوجد مواهب مميزة وطاقات كبيرة، إلا أنها بحاجة إلى مساحة وتوجيه في الوقت عينه"، وفي ظل غياب الدولة والمعنيين آثر على نفسه أن يخطو هذه الخطوة، يقول شكرون: "بدأت العمل بمفردي، كنت أُضحي براحتي، وأتقاسم مع المسرح لقمة الخبز، أطعمه قطعة وأحتفظ لنفسي بأخرى، وحولت بيتي من مكان للراحة والنوم إلى خشبة مسرح، تحمل كل أنواع الفنون من موسيقى وغناء وتمثيل وغيرها".
وللمسرح أهمية كبرى، بحسب شكرون، فهو عنصر من عناصر التلاقي والاندماج الاجتماعي، ويعرّف الناس ببعضهم بعضا فيتشاركون تجاربهم. ويلفت الفنان اللبناني إلى أن المسرح في القرية يختلف كثيرا عن المدينة، "ففي المدينة هناك إعلام ومحطات تلفزيونية ومؤسسات، أما أهل القرى فمحرومون من كل ذلك".
ويضيف أن "الشاب الذي يدخل الجامعة ويدرس الإخراج أو التمثيل ويعود إلى قريته لعدم قدرته على السكن في المدينة، غالبا لا يجد مكانا يُمارس فيه فنه، فيضطر إلى العمل في الزراعة، وأنا أردت أن أقول له: تعال نكتب ونخرج ونصمم الديكور ونؤلف الموسيقى وندير الممثلين معا، لنُنجز هذا المشروع".
ويختم شكرون "أنشأت المسرح في الهواء الطلق، تماما كما كان المسرح الروماني، ولم أضع له غطاء، بل جعلته منفتحا على الطبيعة، ومن دون أنظمة صوتية. وأول من شجعني على هذه الخطوة هم زوجتي وأولادي وهم من دفعوني إلى الأمام، كما أنني اقترضت المال من زوجتي لأشتري المواد وأباشر العمل".