المأساة الإنسانية في غزة تتفاقم وسط تصعيد دموي وضغوط دولية متزايدة (تقرير)
تاريخ النشر: 27th, June 2025 GMT
تتسارع التطورات الميدانية والسياسية في قطاع غزة والشرق الأوسط، في وقتٍ تشهد فيه الساحة الإسرائيلية والفلسطينية تغييرات عميقة قد تمهد لإنهاء الحرب الممتدة منذ أكتوبر 2023، وسط تصاعد العنف الإسرائيلي وتكثيف الوساطات الدولية، خصوصًا من مصر وقطر والولايات المتحدة.
تصعيد ميداني عنيف في قطاع غزة
واصلت إسرائيل قصفها المكثف على قطاع غزة، موقعًا أكثر من 80 شهيدًا منذ فجر اليوم، حسب مصادر طبية فلسطينية، ليرتفع عدد الشهداء خلال 24 ساعة إلى 103، إلى جانب 219 إصابة.
وأكدت وزارة الصحة الفلسطينية أن حصيلة العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 بلغت 56،259 شهيدًا و132،458 مصابًا، فيما بلغت حصيلة الشهداء منذ 18 مارس 2025 وحدها 5،936 شهيدًا و20،417 إصابة.
من جانبها، أعلنت وزارة الصحة عن سقوط 3 شهداء و7 إصابات (بينها حالة خطيرة) جراء عدوان نفذه مستوطنون إسرائيليون على بلدة كفر مالك، في جريمة وصفتها قيادات إسرائيلية معارضة بأنها "مذبحة يهودية عنيفة".
تحركات دبلوماسية ومبادرات لوقف النار
كشفت مصادر إسرائيلية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وجّه الجيش الإسرائيلي بإعداد خطة عاجلة خلال 48 ساعة لمنع حركة "حماس" من السيطرة على المساعدات الإنسانية الموجهة إلى شمال غزة، بعد ورود تقارير تتهم الحركة بالاستيلاء على تلك المساعدات.
في المقابل، نقلت قناة "كان" العبرية عن مصادر مطلعة أن نتنياهو سيعقد اجتماعًا مع كبار المسؤولين الأمنيين لبحث سبل إنهاء الحرب، تزامنًا مع تزايد الضغوط الأميركية والعربية للدفع نحو "صفقة شاملة".
وأكدت مصادر مطلعة أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يدفع نحو "اتفاق نهائي" يشمل:
إنهاء الحرب في غزة
إطلاق سراح المختطفين
تعزيز الوجود العربي في القطاع
تسوية سياسية شاملة
إنهاء محاكمة نتنياهو
ووفقًا لمسؤولين إسرائيليين، فإن اللقاء المرتقب بين نتنياهو وترامب قد يمثل نقلة حاسمة في هذا الاتجاه، في وقتٍ تواصل فيه الوساطات القطرية والمصرية العمل على تجاوز تحفظات حركة حماس على مقترح "ويتكوف"، خاصة ما يتعلق بخريطة الانسحاب وتوقيت الإفراج عن الأسرى.
المرشد الإيراني علي خامنئي أعلن انتصار بلاده في مواجهة الولايات المتحدة وإسرائيل، معتبرًا أن "أمريكا لم تحقق أي إنجاز" وأن "إيران وجهت لها صفعة قاسية".
إسرائيل ردّت على لسان وزير الدفاع يسرائيل كاتس بأنها كانت تستهدف خامنئي مباشرة، وقال: "نزل إلى أعماق الأرض وقطع الاتصال... لكنه ليس في أمان".
نتنياهو بدوره، وصف العملية ضد إيران بـ "النصر العظيم" الذي "يفتح آفاقًا جديدة للسلام في المنطقة".
رئيس وزراء إسبانيا هاجم الازدواجية الأوروبية، مشيرًا إلى "17 حزمة عقوبات ضد روسيا"، بينما "لا أحد يجرؤ على تعليق اتفاق الشراكة مع إسرائيل".
بيان القمة الأوروبية دعا إسرائيل إلى "رفع الحصار بالكامل عن غزة"، والسماح بدخول المساعدات دون عوائق.
الأونروا حذرت من "مشروع فصل الفلسطينيين عن أرضهم"، واعتبرت أن غزة تُعامل كأنها "أزمة إنسانية مزمنة".
اليونيسف نددت بحرمان سكان غزة من الغذاء، واعتبرت أن "تقديم خيار قاتل مقابل الحصول على المساعدات لن يُحسّن الوضع".
خلافات سياسية داخل إسرائيل وتطورات قضائية
مع تصاعد الضغط الشعبي والانتقادات داخل إسرائيل، نقلت القناة 12 العبرية عن وزراء قولهم: "ما قمنا به في غزة لم يحقق نتائج، ويجب تغيير النهج العسكري أو السعي نحو صفقة شاملة".
في السياق ذاته، تقدم نتنياهو بطلب لتأجيل محاكمته الجنائية، بدعوى "ضرورات أمنية"، وهو ما قوبل برفض من النيابة العامة التي رأت أن التحقيقات الجارية لا تتعارض مع مهامه السياسية، لا سيما أن بعضها تم خلال الحرب الحالية.
مسؤولون: فرصة لإنهاء الحرب وصفقة إقليمية كبرى
قال مسؤول كبير لقناة "كان" العبرية إن "تصريحات ترامب ليست عبثية"، بل تأتي ضمن "تحرك كبير قد يفضي إلى إنهاء الحرب، وإطلاق سراح الرهائن، وإغلاق ملف محاكمة نتنياهو"، وربما أيضًا "توسيع اتفاقيات السلام في المنطقة".
وأضاف الوزير الإسرائيلي ميكي زوهار: "نتنياهو لن يساوم على السماح بعودة حماس لقدراتها العسكرية، لكن السيطرة على محور فيلادلفيا ستكون مفتاح الصفقة".
في النهاية يبدو أن الشرق الأوسط يقف على أعتاب تحوّل تاريخي، مع تسارع المبادرات الرامية إلى إنهاء حرب غزة، في ظل واقع إنساني كارثي، واصطفاف دولي متباين، وخريطة تحالفات جديدة تتشكل في الأفق.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: غزة فلسطين اسرائيل مصر قطر وقف اطلاق النار
إقرأ أيضاً:
متخصص في الشأن الإسرائيلي: نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس
قال محمد الليثي، الباحث المتخصص في الشأن الإسرائيلي، إن تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن "خوض معارك من أجل بقاء إسرائيل" تعكس محاولة واضحة لإنقاذ نتنياهو، مشيرًا إلى أن ترامب يسعى لتقديم رئيس الوزراء الإسرائيلي كبطل في مواجهة التحديات، سواء في غزة أو إيران، لتأمين مستقبله السياسي.
وأضاف الليثي، في مداخلة هاتفية على قناة "إكسترا لايف"، أن ترامب حاول سابقًا إخراج نتنياهو من مأزق الحرب في غزة، لكنه اصطدم بتعقيدات أبرزها احتجاز حركة حماس لعدد من الأسرى الإسرائيليين، ما حال دون إعلان إسرائيل الانتصار الكامل كما كان يتمنى نتنياهو والتيار اليميني المتطرف المسيطر على حكومته.
وأوضح أن الداخل الإسرائيلي لم يمنح نتنياهو نقاطًا كثيرة عقب المواجهة مع إيران، إذ وُجهت له انتقادات واسعة بسبب توقيت وشكل العملية العسكرية، وكذلك بسبب القصور في حماية الداخل الإسرائيلي من الصواريخ الإيرانية، على الرغم من ادعاء التفوق التكنولوجي الدفاعي.
وأشار الليثي إلى أن الضربة الإسرائيلية والأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية لم تسفر عن تدمير كامل للبرنامج النووي، بل اقتصر تأثيرها على تأجيله فقط، لافتًا إلى أن عدداً من المحللين الإسرائيليين شككوا في فاعلية هذه الضربات، خاصة بعد أن أعلن ترامب نفسه استهداف ثلاث منشآت فقط بقنابل خارقة.
وفيما يخص الوضع في قطاع غزة، اعتبر الليثي أن القطاع أصبح منسيًا على المستوى الدولي، رغم ما يشهده من تصعيد، في ظل تركيز العالم على المواجهة الإيرانية-الإسرائيلية، مضيفًا أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية الحالية تنفذ خطة متطرفة تتجاهل الجوانب الإنسانية، بينما يتراجع الاهتمام العالمي مقارنة بما حدث عند سقوط صواريخ إيرانية على الداخل الإسرائيلي.
وبشأن مستقبل نتنياهو، رأى الليثي أن رئيس الحكومة الإسرائيلية يحاول كسب الوقت لحماية مستقبله السياسي، خاصة مع الضغوط القضائية التي يواجهها، لافتًا إلى أن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن قضايا الفساد تندرج في إطار محاولة دعمه.
وعن احتمالات التوصل إلى صفقة بشأن غزة، قال الليثي إن نتنياهو لن يقبل بوقف الحرب دون استعادة الأسرى الإسرائيليين لدى حماس، وهو ما ترفضه الحركة، مما يطيل أمد الأزمة، مضيفًا: "نتنياهو لا يتحرك بمفرده، بل تُحركه أطراف داخل اليمين المتطرف، ولن يذهب لأي اتفاق دون أن يظهر بمظهر المنتصر".
وختم بالقول إن هناك رهانًا على الجهود الدولية، وعلى رأسها الجهود المصرية، لإنهاء التصعيد والتوصل إلى حلول تحفظ الأرواح وتعيد الاستقرار.