في ظل أزمة تأخر دفع رواتب الحشد الشعبي، بضغط أمريكي، أعلن العراق عن عزمه إطلاق "بطاقات دفع وطنية"، الأمر الذي أثار تساؤلات عما إذا كان الهدف منها تعزيز الشمول المالي في البلاد -كما أعلن البنك المركزي العراقي-، أم أنها محاولة للالتفاف على الرقابة الدولية؟

وكان عضو اللجنة المالية البرلمانية في العراق، معين الكاظمي، قد اتّهم الأسبوع الماضي، واشنطن، بأنها تمارس ضغوطا سياسية واقتصادية على الحكومة العراقية والبنك المركزي والمصارف، لمنع صرف رواتب الحشد الشعبي، وهو ما تسبب بعرقلة صرفها.



يأتي ذلك بعدما كشف المسؤول البارز في الحشد الشعبي، ميثم الزيدي، عن إبلاغ وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي، مصرف الرافدين والشركة الوسيطة "كي كارد" (ماستر كارد) المكلفة بتسليم الرواتب، بضرورة التوقف عن الصرف حتى لا تطالهم العقوبات.

"سحب النقد"
بخصوص الهدف من إطلاق "بطاقات دفع وطنية"، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، جمال كوجر، إنها "لن تكون بديلة عن (كي كارد) لدفع الرواتب، لأن لو كانت كذلك، فمعناها أن البنك المركزي أقحم نفسه في موضوع جزئي لا علاقة له بمهامه وسياساته المعني بتطبيقها".

وأوضح كوجر في حديث لـ"عربي21" أنّ: "إصدار نظام بطاقات دفع وطنية في العراق، إذا كان العامل الرئيس هو تجاوز أزمة رواتب الحشد الشعبي، فإن هذا يعني أن البنك المركزي يضع نفسه في موقف حرج جدا".

وأعرب النائب العراقي عن اعتقاده بأنّ "إصدار البطاقات الوطنية لا يتعلق بقضية رواتب، وإنما ربما الغرض منها هو سحب العملة العراقية كونها غير متوفرة نقدا لدى البنك المركزي، وإنما مكتنزة لدى المواطنين".

وأشار كوجر إلى أنّ: "اللجنة المالية البرلمانية سبق لها أن ناقشت أزمة شحة السيولة النقدية مع وزير التخطيط العراقي، وتوصّلت إلى أن الحلول لإخراج السيولة النقدية من البيوت إلى البنوك، محدودة جدا".

وبيّن النائب أنّه "من الحلول هو أننا أمام خيارين، الأول هو خيار الذهاب إلى استبدال العملة وننتقل بعدها مباشرة إلى تحويل التعاملات بالكامل إلى الكترونية وبالتالي كل العلة سواء التي في الخارج أو عند المواطنين ستذهب للبنك المركزي، لكن هذه قضية صعبة وتحتاج إلى عمل وصرفيات كبيرة".

أما الخيار الثاني، بحسب النائب، هو أن "تُصدر الحكومة بطاقة دفع وطنية، وتكون كل التعاملات الداخلية عن طريقها، بالتالي ستذهب هذه السيولة بشكل تلقائي إلى البنك المركزي، وهذه فاعليتها تصل إلى 50 بالمئة، وأن الحكومة اليوم أعتقد أنها بصدد الذهاب إلى تطبيق هذا الخيار".

وشدد النائب على أنه "إذا أقحمت الحكومة نفسها في قضية الرواتب، فإن مخاوف تعرض (كي كارد) إلى عقوبات ستتحول إلى البنك المركزي نفسه، وهذا سيجعلنا أمام كارثة".

ورأى عضو اللجنة المالية البرلمانية أنّ: "الحل الأفضل هو أن يستبعد الحشد الشعبي من هذا النظام، وتتولى الحكومة معالجة موضوعه، وبالتالي تبقى الأمور على ما هو عليه، ويتم معالجة قضية الحشد داخليا".


"إنهاء الدولرة"
في المقابل، رأى الخبير الاقتصادي العراقي، زياد الهاشمي، أنّ: "نظام بطاقات الدفع الإلكتروني المحلي الجديد بإطاره العام يمكن أن يساهم فعلا في تحقيق أهداف عدة، أهمها توسيع قاعدة التعاملات الإلكترونية عبر الدفع بالبطاقات على المستوى الوطني أو ما يسمى بزيادة الشمول المالي".

وأوضح الهاشمي في حديث لـ"عربي21" أنّ: "هذا يساعد في الحد من ظاهرة الدولرة التي عانى منها الاقتصاد العراقي خلال السنوات الماضية. وكذلك يمكن أن يساهم هذا النظام في سرعة انجاز التعاملات المالية دون تأخير أو تعثر".

وأردف الخبير الاقتصادي العراقي، بالقول: "كذلك، فإن من شأن النظام الجديد، إيجاد تنافسية في رسوم الخدمة ورخص الأجور المقدمة عبر البطاقة المحلية مقارنة مع رسوم بطاقات الفيزا والماستر كارد التقليدية".

لكن الهاشمي أكد أنه "رغم هذه الإيجابيات، لكن الغموض لايزال يلف هذا النظام المحلي الجديد، وخصوصا ما يتعلق بمسألة شفافيته ومستوى الامتثال للضوابط المحلية والدولية، ومستوى الرقابة التي سيطبقها البنك المركزي، ودرجة التدقيق على جودة وسلامة المدفوعات المحلية".

ومن التساؤلات المطروحة أيضا حيال نظام الدفع المحلي الجديد، هو "ما مدى ضمان عدم استغلاله في عمليات احتيالية داخلية قد تتسب في إثارة الأطراف الرقابية الدولية ودفعها إلى تطبيق ضوابط أو تشديدات جديدة؟"، حسبما ذكر  الهاشمي.

وشدد الخبير الاقتصادي على ضرورة أن "يولي البنك المركزي العراقي تلك الجوانب أهمية قصوى ويحدد بشفافية هيكلية النظام الجديد وكيف سيكون هذا النظام آمنا وتنافسيا ومحصنا من العمليات الاحتيالية بأشكالها كافة".


وقال البنك المركزي العراقي، خلال بيان رسمي، أصدره الجمعة، إنّ: "مشروع البطاقة الوطنيّة للدفع الإلكتروني هو خيار محلي إضافي يُستخدم داخل العراق حصرا بالدينار العراقي، ولا يلغي أو يقيّد البطاقات الدوليّة القائمة مثل فيزا وماستركارد".

ولفت إلى أنّ: "المشروع يهدف إلى خفض تكاليف المدفوعات، وتعزيز الشمول المالي، وتنويع الخيارات أمام الجمهور، وتوفير بطاقات ذات طبيعة وطنية لكل المؤسسات والشرائح الداخل العراق، فيما تبقى البطاقات الدوليّة الوسيلة الأساسية للإنفاق بالدولار أو بعملات أخرى خارج العراق للمشتريات عبر المواقع العالمية".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية سياسة عربية الحشد الشعبي العراق البنك المركزي قضية الرواتب العراق البنك المركزي الحشد الشعبي قضية الرواتب المزيد في سياسة سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة عربية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللجنة المالیة البنک المرکزی الحشد الشعبی رواتب الحشد بطاقات دفع هذا النظام

إقرأ أيضاً:

فيديو نادر لصدام حسين يثير جدلا عن الانقسام الطائفي العراقي (شاهد)

أعادت ابنة الرئيس العراقي الراحل، رغد صدام حسين، نشر مقطع مصور لوالدها عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، يتحدث فيه عن مخاطر الانقسام الطائفي والمذهبي في العراق، ما أثار موجة واسعة من التفاعل، وجدد النقاش حول دور الطائفية في تدهور المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد.

وكتبت رغد في تعليقها على الفيديو: "الدين لله، العراق للعراقيين لا للطائفية في بلدنا، الوعي العالي مطلوب، وهو الذي ينهي مشاريع (الدخلاء) الذين يخططون لتقسيم البلد والشعب، (يكيدون كيدا)".

ويظهر خلال الفيديو المتداول الرئيس الراحل صدام حسين متحدثا في لقاء داخلي – دون تحديد تاريخه – وهو يدعو العراقيين إلى رفض "شعارات التفرقة"، ويحذر مما وصفه بـ"المشاريع المصمّمة خارجيا" لإشعال الانقسام بين مكوّنات الشعب.


وقال خلال الفيديو: "أي شعار يفرقكم لا تقبلوه ترى شعارات التفرقة موضوعة ومصدّرة، بصيغة أو بأخرى، وحتى إن لم يعرف من يرفعها أنها كذلك، فهي تهدف إلى تمزيق أبناء الأمة".

الدين لله، العراق للعراقيين.
لا للطائفية في بلدنا، الوعي العالي مطلوب، وهو الذي ينهي مشاريع "الدخلاء" الذين يخططون لتقسيم البلد والشعب.
"يكيدون كيداً"#رغد_صدام_حسين pic.twitter.com/jSijNtKVRM — رغد صدام حسين (@RghadSaddam) July 6, 2025
وتطرق في حديثه إلى التكوين المذهبي للعراق قائلا:"الناس على السنة من غير اجتهاد بعدها، وآخرين اجتهدوا وتأسس المذهب الجعفري، لكننا عشنا سويًا لقرون دون صراع، من يحاول الآن استخدام المذهب كأداة للفرقة، هذا خطير ويجب أن يُواجه".

وأضاف بصيغة تحذيرية: "إذا أحد حاول يقسم الشعب على أساس مذهبي، نقول له: دير بالك، إحنا ما نريد الشعب يأكل نفسه".

وأثار الفيديو موجة من الردود المتباينة على مواقع التواصل، بعض المعلّقين عبّروا عن دعمهم لما اعتبروه خطابًا وطنيا وحدويا في مواجهة مشاريع التقسيم، معتبرين أن "العراق اليوم يفتقد لمثل هذا الخطاب في ظل استمرار المحاصصة الطائفية بعد الغزو الأميركي عام 2003".


في المقابل، انتقد آخرون نشر الفيديو، متهمين النظام السابق بتأجيج الطائفية من جهة، وتهميش فئات واسعة من العراقيين من جهة أخرى، خصوصًا خلال فترات الصراع السياسي والعسكري في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

وتعيد هذه الواقعة تسليط الضوء على الإرث الطائفي الذي خلفته التحولات السياسية في العراق، لا سيما بعد عام 2003، حيث أصبحت الطائفية جزءًا من النظام السياسي، عبر المحاصصة في توزيع المناصب، مما فاقم الأزمات وعمّق الانقسام الشعبي.

مقالات مشابهة

  • الحل يقترب.. مجلس الوزراء يناقش أزمة رواتب موظفي إقليم كوردستان
  • فيديو نادر لصدام حسين يثير جدلا عن الانقسام الطائفي العراقي (شاهد)
  • مصدر حكومي:البطاقات المحلية الإلكترونية التي أصدرها البنك المركزي تتعامل بالدينار العراقي فقط
  • مصدر حشدوي:بطاقات رواتب جديدة لمنتسبي الحشد
  • مبادرة شاملة لإنهاء أزمة الكلاب الضالة في أسوان
  • نائب:جمع تواقيع نيابية لتخفيض رواتب المسؤولين
  • البنك المركزي العراقي:أكثر من (54) مليار دولار ديون العراق الخارجية
  • بغداد وأربيل تتوصلان لحل أزمة رواتب الإقليم
  • البارزاني والمشهداني يؤكدان على حل أزمة رواتب الإقليم