صلالة- الرؤية

رعى صاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد محافظ ظفار، صباح الإثنين، افتتاح أعمال منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة 2023، والذي عقد في صلالة، تحت مظلة المنتدى العماني للشراكة والمسوؤلية الاجتماعية، بتنظيم من جريدة "الرؤية" والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، بعنوان "مبادئ الاتفاق العالمي للأمم المتحدة.

. المسؤولية والتنمية المستدامة"، مع حضور ضيف شرف المنتدى، الشيخ الدكتور ثاني بن علي بن سعود آل ثاني عضو مجلس إدارة مركز التوفيق والتحكيم التجاري بغرفة تجارة وصناعة قطر، والسفير الدولي للمسؤولية المجتمعية.

وفيما يلي ورقة عمل الدكتور بدر عثمان مال الله مدير عام المعهد العربي للتخطيط:

 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ

أصحاب المعالي والسعادة...،

أُحيِّي جمعكم الكريم أطيب تحية، وأعبر عن وافرِ التقديرِ والامتنان وخالِصِ الشكرِ لصاحب السمو السيد مروان بن تركي آل سعيد - محافظ ظفار، على رعايته الكريمة لهذا المنتدى. والشكر موصول للأخوة في جريدة الرؤية العُمانية والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية على دعوتهم الكريمة للمشاركة في فعاليات "منتدى شركاء المسؤولية الاجتماعية والاستدامة 2023".

و أنتهز هذه المناسبة لأشيد بالدور الفاعل الذي تقوم به جريدة الرؤية العُمانية والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية، وجهودهما المباركة التي لم تقتصر فقط على نشر ثقافة المسؤولية المجتمعية والاستدامة، وإبراز أفضل الممارسات فيها، بل كذلك سعيهما الحثيث إلى البناء المتواصل على ما تم إنجازه، وما هذا المنتدى إلا خطوة متقدمة في هذا السياق، يهدف إلى تعزيز التواصل والتعاون بين القطاعات العام والخاص والمجتمع المدني حول قضايا المسؤولية المجتمعية والاستدامة ويساهم في نشر الوعي بأهمية هذه القضايا وتبادل الخبرات في مجالاتها المختلفة. ومن جهة أخرى، يسلط هذا المنتدى الضوء على الجهود الحكومية والخاصة في الدول العربية بشكل عام، وفي سلطنة عُمان على وجه الخصوص لتعزيز هذه المفاهيم وتطويرها، كما يسهم في ترسيخ سمعة السلطنة عربياً ودولياً كدولة مهتمة بقضايا المسؤولية المجتمعية والاستدامة.

أصحاب المعالي والسعادة...،

بهذه المناسبة، نود التأكيد، أن مفاهيم وقضايا المسؤولية المجتمعية والتنمية المستدامة تأتي في صميم رؤية المعهد العربي للتخطيط التي نسعى من خلالها لخدمة القضايا الإنمائية في دولنا العربية. ونؤمن بأن أهمية تناول هذه القضايا بمنظور شامل يربط بين أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، من أجل ضمان تحقيق تنمية تستفيد منها الأجيال الحالية دون المساس بحقوق الأجيال القادمة.

وعلى هذا الأساس، لابد من التوقف عند مسألة في غاية الأهمية، وهي أن مبادئ وأهداف اتفاق الأمم المتحدة للمسؤولية المجتمعية والاستدامة تهدف إلى تعزيز دور القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة. ومن المهم الإشارة إلى أن هذا الاتفاق يقوم على مبادئ رئيسية من أبرزها: حماية حقوق الانسان، والاهتمام بالعمال وظروف عملهم والاهتمام بالبيئة ومكافحة التغير المناخي. إلى جانب ذلك، يحث الاتفاق على دمج مبادئ الاستدامة في خطط الأعمال والقرارات الاستراتيجية ويشجع على صياغة سياسات وآليات لتجنب أي انتهاكات للحقوق. بالإضافة إلى تأكيده على أهمية بناء ثقافة مسؤولية مجتمعية مشتركة بين الحكومات والقطاعين العام والخاص.

وفي هذا الشأن، واستناداً إلى تقرير وحدة متابعة تنفيذ رؤية عُمان 2040، أحرزت سلطنة عُمان تقدماً ملحوظاً في كثير من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، ومنها مؤشرات أهداف التنمية المستدامة والمسؤولية المجتمعية. فقد تبوأت السلطنة المرتبة 6 عربياً و73 عالمياً في المؤشر العام لأهداف التنمية المستدامة، وهي بذلك تخطت متوسط الترتيب العالمي خلال عام 2021 في هذه المؤشرات. إلى جانب ذلك، تحسّن مؤشر التقدم الاجتماعي ومؤشر التنمية البشرية ومؤشر تنمية الشباب وبعض مؤشرات الأداء البيئي والتغير المناخي خلال السنوات الماضية، فضلاً عن التقدم الذي أحرزته السلطنة في العديد من المؤشرات الوطنية والدولية، ما يؤكد أنه رغم التحديات التي تواجه السلطنة في هذا المجال إلا أنها ماضية بخطى ثابتة نحو تحقيق رؤيتها الاستراتيجية 2040.

الحضور الكريم...،

في تقديري، أن الهدف الأساسي من هذا المنتدى، يتمثل في طرح رؤية عربية للمسؤولية المجتمعية والاستدامة تنطلق من المتطلبات الأساسية للنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للواقع العربي في ظل التحولات الهيكلية التي شهدها ويشهدها الاقتصاد العالمي. وأن تحقيق هذه الرؤية يتطلب اقتراح معايير ومؤشرات لقياس مدى تحقق أهداف اتفاق الأمم المتحدة في قطاع المسؤولية والاستدامة بالدول العربية تشمل كل المجالات ذات العلاقة بحماية الحقوق وظروف العمل وبقضايا البيئة والمجتمع.

وفي هذا السياق، يفرض التطور السريع في مجال المسؤولية المجتمعية والاستدامة الحاجة الملحة إلى وضع معايير ومؤشرات فعّالة ومتوافقة مع أنشطة المنظمات والشركات تُسهم في تحديث الأهداف والسياسات والإجراءات وقياس وتقييم أدائها المستدام في هذا المجال، وتعزز الشفافية والتعاون والشراكات، وتمكّنها من قياس أثرها الاجتماعي والبيئي والاقتصادي بطريقة موحدة بين الشركات المختلفة.

لذلك، يقع على عاتق الجهات المعنية بقضايا المسؤولية المجتمعية والاستدامة العمل على آليات واضحة ومرنة وواقعية، منها على سبيل المثال:

         إصدار دليل توجيهي يحتوي على معايير القياس وكيفية تطبيقها.

         إنشاء هيئة تنظيمية أو مراكز متخصصة لمراجعة التزام الشركات.

         تقديم تقارير سنوية من قبل الششركات توضح مدى تطبيقها للمعايير.

         إجراء تدقيق وزيارات دورية للتأكد من الالتزام.

         نشر النتائج وتصنيف الشركات حسب مستوى التزامها.

         إجراء تقييم دوري لفاعلية آليات التطبيق والمتابعة.

وفي الختام، أجدد الشكر والتقدير لراعي المنتدى ولجريدة الرؤية العُمانية والشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية على إتاحة هذه الفرصة للمشاركة في هذه الفعالية القيّمة التي تعد خطوة موفقة لترجمة مفاهيم ومبادئ المسؤولية المجتمعية والاستدامة إلى ممارسة عملية تدعم جهود التنمية العربية، متمنياً أن يخرج هذا المنتدى بتوصيات ملموسة تسهم في رفع مستوى أداء الدول العربية على صعيد المسؤولية المجتمعية والاستدامة.

والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته...،

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: التنمیة المستدامة هذا المنتدى فی هذا

إقرأ أيضاً:

مدن المستقبل.. الإنسان والهوية والاستدامة

بقلم: الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي

لطالما كانت المدن مرآةً لحضارات الأمم، فهي فضاءات حيّة تعكس طموحات الشعوب، وتترجم قدرتها على تحويل الأفكار إلى أنماط عيش ومعايير جودة حياة، واليوم، في عالم تتسارع فيه التحولات البيئية والرقمية والاجتماعية، تتجدد أمامنا أسئلة مصيرية: أي مدن سنورثها للأجيال المقبلة؟ وبأي نموذج سنصوغ مستقبلها؟ الإجابة عن هذه الأسئلة تجعلنا نسير بخطى أكثر ثباتاً، وتجعل الرؤية أمامنا أكثر وضوحاً، فمعيارنا لقياس مدن الغد ليس أنماط العمران وحجمها، وإنما قدرة المدن نفسها على أن تكون أكثر إنصافاً للإنسان، وأعمق التزاماً بالاستدامة، وأقدر على صون الهوية الأصيلة للمجتمعات وهي تنفتح على كل ثقافات العالم، وتستجيب لاقتصاد المعرفة والتحولات التي تفرضها ذهنية الابتكار.
ما يجعل تصوّر المستقبل ضرورة هو التحديات التي نواجهها اليوم، فهنا يمكن القول: إن المستقبل يحتاج إلى مدن تجعل البيئة جزءاً من بنيتها، حيث تشكّل الطاقة النظيفة وإعادة التدوير والتخطيط البيئي الذكي مكونات أساسية للنمو، فمن خلال هذا الوعي البيئي، تتحول التنمية إلى استثمار طويل الأمد يحمي الموارد الطبيعية ويعزز تنافسية الاقتصادات المحلية.
غير أن المستقبل لا يكتمل من دون الثقافة، فالمدن التي تحتفظ بذاكرتها، وتغذيها بالمعرفة والفنون، تبني لنفسها قيمة مضاعفة، إذ تصبح الثقافة قوة اقتصادية واجتماعية تعزز ثقة المجتمع، وتستقطب الاستثمار والسياحة والإبداع، وعندما يتحول التراث إلى رافعة للتنمية، ويكتسب الحاضر أصالة فريدة، ويجد المستقبل جذوراً يتكئ عليها.
إلى جانب ذلك، لا يمكن فصل مشهد مدن المستقبل عن الابتكار والتقنيات الناشئة، لأننا نعيش متطلبات هذه التقنية اليوم، ونرى كيف أصبح الذكاء الاصطناعي، والتقنيات النظيفة، والتحولات الرقمية، محركات رئيسية لإعادة تشكيل العمران والاقتصاد، لذلك ينبغي التأكيد على أهمية أن تفتح المدن مساحاتها للبحث العلمي، وريادة الأعمال لتمنح نفسها قدرة أكبر على المرونة والاستعداد لمواجهة تحديات الغد، وتستثمر في الفرص.
ومع كل هذه الأبعاد، يبقى الإنسان البوصلة التي تحدد الاتجاه، إذ هل يمكن للتنمية أن تثبت نجاحها بما حققته من نتائج رأس المال واتساع في العمران؟ حتماً الإجابة ليست بنعم، فالتنمية الحقيقية تقاس بمدى قدرتها على تحسين نوعية الحياة، وتوسيع الخيارات أمام الأفراد، وتمكينهم من التعلم والعمل والإبداع.
لقد اخترنا في الشارقة أن نستلهم هذه الرؤية في مشاريعنا التنموية، حيث حرصنا على أن تكون مشاريع هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) وسيلة لبناء صلة أوثق بين الماضي والمستقبل، بين الأصالة والطموح، ومن خلال مبادراتنا الاستثمارية، سعينا إلى صياغة نموذج يربط الاقتصاد بالثقافة، والعمران بالبيئة، والاستثمار بالإنسان، ليبقى جوهر التنمية مرتبطاً بما يحقق التوازن والاستدامة.
إن مدن المستقبل لا تُشيَّد بالإسمنت وحده، بل تُبنى بالفكر والرؤية والإرادة، وما نطمح إليه هو أن تكون الشارقة، ومعها مدن منطقتنا، نموذجاً عالمياً يبرهن أن التنمية يمكن أن تحافظ على استدامتها، وأن الاستثمار يمكن أن يبقى إنسانياً، وأن الهوية قادرة على التجدد من دون أن تفقد أصالتها، ففي هذا يكمن التحدي الأكبر، ومن هنا تنبثق الفرصة الأعظم.

رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)

أخبار ذات صلة «مهرجان أم الإمارات».. تجارب استثنائية في كورنيش أبوظبي متحف زايد الوطني يستضيف ندوة «اكتشاف التاريخ وصون التراث»

مقالات مشابهة

  • البنك الأهلي يستعرض مبادرات المسؤولية الاجتماعية والابتكار المجتمعي
  • الرياض تستضيف منتدى تحالف الأمم المتحدة للحضارات غدا
  • وفاة والدة الدكتور خالد حمدي رئيس جامعة الأهرام الكندية
  • انطلاق قطار الشباب إلى الأقصر للمشاركة في منتدى الشباب العربي الإفريقي في نسخته الـ14
  • عون رداً على الكلام عن وجود ورقة موقعة منه حول التزامه لـحزب الله بموضوع الاستراتيجية الدفاعية: فلينشروها اذا كانت موجودة
  • أردوغان يتبادل الحديث مع زعماء في منتدى السلام بتركمانستان
  • مفتي الجمهورية ينعى الدكتور ثروت مهنا أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر
  • رئيس هيئة سلامة الغذاء يستقبل مدير الوكالة الموريتانية على هامش منتدى أفراف
  • انطلاق منتدى طرابلس للاتصال الحكومي ضمن أيام طرابلس الإعلامية
  • مدن المستقبل.. الإنسان والهوية والاستدامة