دعاء البُعد عن المعاصي .. 7 كلمات أخبر بها النبي فلا تغفلها
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
يغفل الكثيرون عن دعاء البعد عن المعاصي، حيث إن هناك خطوات للخروج من المعاصي والشهوات المحرمة، والعودة إلى الله والتوبة إليه- سبحانه-، وفي التقرير التالي، نرصد دعاء البعد عن المعاصي.
دعاء البعد عن المعاصييتساءل كثير من المسلمين ويقولون إن الشهوات تغلب علينا، فنستغفر الله ونترك المعاصي ثم ننسى العهد الذي بيننا وبين الله ونعود للشهوات والمعاصي فما المخرج من ذلك؟، وفي جواب ذلك يقول الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء إنه من كثرة تكرار هذا الحال كاد الإنسان أن ييأس من نفسه ومن هذا الحال، ولا أقول ييأس من روح الله، لأن الله تعالى قال : ﴿إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلاَّ القَوْمُ الكَافِرُونَ﴾ [يوسف :87]، وهم كذلك لا يقنطون من رحمة الله، قال تعالى : ﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ﴾ [الحجر :56].
وتابع: على المسلم إذا وقع في الزلات أن يغلب جانب الرجاء بقسم الجمال من أسماء الله الحسنى، على جانب الخوف، فإن الله ربط بين الوقوع في الزلل والإسراف على النفس وبين جماله وعفوه وغفرانه فقال تعالى : ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾ [الزمر :53]، وذلك لأن تغليب جانب الرجاء، فيساعده ذلك على التوازن، ولذا ترى أهل الله يحذروا السالكين في طريق من نقصان الرجاء عند الوقوع في الزلات مما له من أثر سيء في الإياس من الغفران، يقول سيدي ابن عطاء الله السكندري : «من علامات الاعتماد على العمل نقصان الرجاء عند وجود الزلل».
كذلك فعلى المسلم تغليب جانب الخوف عند فعل الطاعات، وقد بين لنا ربنا هذا المنهج في كتابه، فقال تعالى : ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون :60].وعليه يمكن أن نزيد على حكمة سيدي ابن عطاء الله السكندري عبارة «ونقصان الخوف عند وجود الطاعة».
وفي بيان ما هي الخطوات التي يجب على المسلم إتباعها للخروج من حالة سيطرة المعاصي والشهوات عليه؟، قال علي جمعة إنه للخروج من هذه الحالة هناك خطوات يجب أن تتبع عدة خطوات أولى هذه الخطوات أن يجعل المؤمن نفسه ابنا لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى : ﴿مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ [الأحزاب :40]، فلم يجعله ربنا أبا لأحد من الرجال ليكون خالصا في أبوته لأمته ويبقى له بعض الإناث فتموت السيدة زينب الكبرى عليها السلام والسيدة رقية والسيد أم كلثوم عليهم السلام في حياته، وتبقى السيدة فاطمة عليها السلام بعده وتلحق به بعد انتقاله بستة أشهر.
ولم يتبقى من نسله بعد ذلك إلا الحسن والحسين عليهما السلام ومن نسلهما الشريف كانت العترة الطاهرة، والتي أوصانا صلى الله عليه وسلم بالتمسك بها حيث قال صلى الله عليه وسلم: « أما بعد ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربى فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين؛ أولهما : كتاب الله فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ». فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال : «وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي» [رواه مسلم]. وفي رواية أخرى قال صلى الله عليه وسلم : « يا أيها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا؛ كتاب الله، وعترتي أهل بيتي » [رواه الترمذي].
وإذا جعل المسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا له فقد حقق ما أخبرنا به صلى الله عليه وسلم حيث قال : «إنما أنا لكم مثل الوالد للولد» [رواه الدرامي]. ويكون ذلك باعتزازك به كما تعتز بأبيك بل وأكثر، وتستحضر صورته أمامك دائما بالليل والنهار، فتعيش معه فإن ذلك سيعينك في طريقك إلى ربك، وتحبه من كل قلبك حتى تكون على استعداد أن تضحي بنفسك في سبيل كلمة تقال ويراد منها إنقاصه.
الخطوة الثانية للخروج من المعاصي والذنوب هي ذكر الله ذكرا كثيرا، وفي معنى الذكر المراد قال الصنعاني : «والذكر حقيقة في ذكر اللسان، ويؤجر عليه الناطق ولا يشترط استحضار معناه، وإنما يشترط ألا يقصد غيره فإن انضاف إلى الذكر باللسان الذكر بالقلب فهو أكمل، وإن انضاف إليهما استحضار معنى الذكر، وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى، ونفي النقائص عنه ازداد كمالا، فإن وقع ذلك في عمل صالح مما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما فكذلك، فإن صح التوجه وأخلص لله فهو أبلغ في الكمال» [سبل السلام 2/700].
ولقد قرن الله بين ذكر الله كثيرا والخطوة الأولى التي ذكرت وهي أبوة النبي والتأسي به في كل حال، فقال سبحانه : ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا﴾ [الأحزاب :21]. وقال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الأحزاب :41، 42].
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: المعاصي والذنوب صلى الله علیه وسلم للخروج من قال تعالى أهل بیتی الله فی
إقرأ أيضاً:
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر يستعرض تأثير رحمة النبي في فتح مكة
عقد الجامع الأزهر أمس الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان: "رحمة النبي صلى الله عليه وسلم "فتح مكة نموذجا" وذلك بحضور كل من؛ أ.د أسامة المهدي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأ.د حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأدر الحوار الأستاذ محمد جمعة، الإعلامي بإذاعة القرآن الكريم.
في بداية الملتقى، أوضح فضيلة الدكتور حسن القصبي أن رحمة النبي صلى الله عليه وسلم ورأفته في كل أفعاله وأقواله، هي التي فتحت قلوب الناس لهذا الدين، ويؤكد القرآن الكريم هذا المعنى بقول الله تعالى: "فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ"، هذه الآية تبين أن الرحمة ليست مجرد صفة عابرة، بل هي جوهر الدعوة النبوية، لأنها مفتاح القلوب وسر الألفة والمودة بين الناس، ويجب علينا أن نقتدي بهذا الخلق النبوي في حياتنا، فالرحمة هي التي تزيل الحواجز وتذيب الخلافات، وتجعل المجتمعات أكثر تماسكا، وعلينا أن ندرك جيدا أن الرحمة ليست مجرد شعور، بل هي سلوك ينعكس في تعاملاتنا مع أسرنا، جيراننا، وجميع من حولنا، فإذا ما غلبنا خلق الرحمة، تفتح القلوب، وتزداد المودة، وتنتشر السكينة بين الناس، مما يعزز الترابط ويجعلنا أمة متماسكة مترابطة.
وأشار فضيلة الدكتور حسن القصبي إلى أن فتح مكة يقدم دروسًا للمسلمين، فمن أبرز تلك الدروس أن من ينقض عهدًا قد قطعه، يكون قد ارتكب خيانة ومكرا، وهو ما يستوجب الحذر التام ممن يتعاملون بهذه الأخلاق، لهذا، كان تحرك النبي صلى الله عليه وسلم تجاه تصرف قريش بنقض عهدهم "صلح الحديبية" أمرا حتميا لرد الظالم عن ظلمه، ومن الدروس الأخرى التي نتعلمها من فتح مكة، هو حظر الشائعات ووأد الفتن في مهدها، يتجلى ذلك بوضوح في موقف النبي صلى الله عليه وسلم الحكيم تجاه مقولة سعد بن عبادة عند دخول مكة، حين قال: "الْيَوْمُ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمُ تُسْتَحَلُّ فِيهِ الْكَعْبَةُ"، فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بحكمة بالغة: "كَذَبْتَ يَا سَعْدُ، هَذَا يَوْمُ الْمَرْحَمَةِ، هَذَا يَوْمٌ تُعَظَّمُ فِيهِ الْكَعْبَةُ"، بل وأرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلحق بسعد ويأخذ الراية منه، ليكون دخول مكة سلميا، موقف النبي صلى الله عليه وسلم هذا كان حائلا بين انتشار الشائعات، التي يمكن أن تؤدي إلى الفتنة وسفك الدماء.
وأضاف فضيلة الدكتور حسن القصبي أن الرحمة التي قابل بها النبي صلى الله عليه وسلم، قريشا عند فتح مكة هي أعظم الدروس الإنسانية، وهي التي تجعلنا نطلق على فتح مكة فتح الأخلاق، فعلى الرغم من كل ما لاقاه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من قريش من إخراج من ديارهم وظلم واضطهاد على مدار سنوات طويلة، إلا أن خلق النبي العظيم تجلى في أبهى صوره يوم الفتح، فعندما دخل مكة منتصرًا، جمع قادة قريش الذين كانوا أشد أعدائه، وسألهم: "مَا تَرَوْنَ أَنِّي فَاعِلٌ بِكُمْ؟"، فردوا: "خَيْرًا، أَخٌ كَرِيمٌ وَابْنُ أَخٍ كَرِيمٍ"، فقال صلى الله عليه وسلم كلمته الخالدة التي أذهلت العالم: "اذْهَبُوا فَأَنْتُمُ الطُّلَقَاءُ"، هذا العفو الشامل لم يكن مجرد تسامح، بل كان درسا عمليا في القوة التي تتحلى بالرحمة، والقدرة التي تقابل بالإحسان، مما أثر في قلوب أهل مكة ودفعهم إلى الدخول في الإسلام أفواجا، هذا الدرس يعلمنا أن القوة الحقيقية تكمن في ضبط النفس، وأن النصر لا يعني الانتقام، بل هو فرصة لإرساء قيم العدل والرحمة.
من جانبه أكد فضيلة الدكتور أسامة مهدي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مثالا للرحمة الكاملة، كما تجلى هذا في قول الحق سبحانه و تعالى في وصفه للنبي صلى الله عليه وسلم: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"، كما أن هذه الرحمة النبوية ظهرت بوضوح في موقف الطائف، فحين شج رأسه الشريف وكسرت رباعيته، رفض الدعاء على المشركين، قائلا: "إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة"، ونراها في كل مواقف للنبي حتى في تعامله الأبوي؛ فعندما رأى الأقرع بن حابس النبي يقبل الحسن والحسين، قال متعجبا: "إن لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا"، ليرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم مؤكدا أهمية الرحمة الأسرية: "من لا يرحم لا يرحم"، وفي هذه المواقف تجسيد أن خلق الرحمة دعامة أساسية للمودة والسكينة في الأسرة والمجتمع ككل.
وقال فضيلة الدكتور أسامه مهدي، لقد تجلت الرحمة كخلق عظيم في دعوة الأنبياء والمرسلين أجمعين، يتضح هذا جليًا في مواقف عظيمة سطرها التاريخ، فنجد سيدنا يوسف عليه السلام عندما قال له الملك: "إنك اليوم لدينا مكين أمين"، لم يتردد سيدنا يوسف عليه وعلى نبينا السلام، في استخدام علمه وحكمته في إدارة شؤون مصر الاقتصادية، فأغاث الناس من الجفاف والمجاعة، مظهرا أقصى درجات الرحمة بهم وببلادهم، هذا الموقف يتوازى مع موقف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، حيث وقف شامخا وقال لأهل مكة الذين طالما آذوه وحاربوه: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، هذان الموقفان الخالدان يؤكدان أن الرحمة جوهر رسالات الأنبياء، ودليلا ساطعا على عظمة أخلاقهم التي تدعو إلى التسامح والعطاء.
كما بين الإعلامي محمد جمعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم يفيض رحمة في خلقه وسلوكه، ولم يكن ليتحمل أعباء الدعوة وتبليغ الرسالة إلا لرحمته الفياضة التي شملت الجميع، هذا المعنى الذي جاء في قول الحق سبحانه وتعالى: "لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ"، هذه الآية الكريمة تبين مدى حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته وشفقته عليها، مما يجعله القدوة لنا في إرساء دعائم مجتمع مبني على الرحمة والتراحم، مؤكدا أننا في أمس الحاجة لتطبيق خلق الرحمة في واقعنا المعاصر، مستلهمين ذلك من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الذي جسد هذا الخلق العظيم في كل موقف من مواقفه، لا نه لا يمكن لحياتنا أن تستقر أو تزدهر دون ترسيخ هذه المعاني السامية في كافة جوانبها: في الأسرة، في العمل، في الشارع، وفي كل تعاملاتنا اليومية، لأن الرحمة ليست مجرد صفة، بل هي دليل على رقة القلب ورأفته.
يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.