تحذّيرات من تفريط خطير في سيادة اليمن الرقمية: بيانات بيومترية لمواطنين تُخزّن خارج البلاد بلا حماية قانونية
تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT
حذّرت مصادر حقوقية وتقنية مطلعة من مخاطر جسيمة تهدد السيادة الرقمية لليمن، في ظل فرض إلزام غير معلن على المواطنين وموظفي الدولة بالحصول على بطاقة إلكترونية بيومترية، كشرط لاستخراج جوازات السفر أو استكمال بعض المعاملات الحكومية، دون أي إطار قانوني أو توضيح رسمي بشأن مصير البيانات الحساسة التي يتم جمعها.
وفي تصريحات لوكالة خبر، أكدت المصادر أن البيانات البيومترية – وتشمل بصمات الأصابع والعين، والصور الرقمية، والمعلومات الشخصية الكاملة – تُنقل إلى خوادم خارج الأراضي اليمنية، في حين لا تمتلك الدولة أي مركز بيانات سيادي داخل البلاد يحتفظ بنسخة من هذه البيانات تحت إشراف وطني مباشر.
بيانات خارج السيطرة
أشارت المصادر إلى أن هذه المعلومات الحيوية باتت خارج سيطرة المواطن والدولة، ولا يُعرف على وجه التحديد من يديرها أو من يمكنه الوصول إليها أو حتى استغلالها، مما يشكل خطرًا دائمًا لا يمكن تعويضه في حال حدوث اختراقات أو تسريبات.
وحذّرت من أن هذا التفريط في أمن البيانات لا يعد مجرد تقصير إداري، بل يمثل ثغرة فادحة في بنية الأمن القومي، في وقت أصبحت فيه البيانات الشخصية – وخاصة البيومترية – من أبرز أدوات الهيمنة في العالم الرقمي المعاصر.
تجارب دولية تؤكد المخاطر
وتطرقت المصادر إلى نماذج من دول واجهت كوارث مشابهة رغم امتلاكها تشريعات وبنى تحتية متقدمة. ففي الهند، تم تسريب بيانات أكثر من مليار مواطن ضمن برنامج "Aadhaar"، وجرى لاحقًا تداولها في السوق السوداء الرقمية.
وفي القارة الإفريقية، تعرّضت بيانات ملايين المواطنين في دول مثل كينيا وتونس للتسريب، نتيجة تعاقد حكوماتها مع شركات أجنبية قامت بتخزين البيانات خارج الحدود، دون وجود رقابة أو مساءلة فعالة.
اليمن في مهب العاصفة
المخاوف تزداد في الحالة اليمنية، حيث لا يوجد حتى الآن أي قانون نافذ لحماية البيانات الشخصية، ولا بنية تحتية سيبرانية تؤهل الدولة للتحكم ببيانات مواطنيها. كما لا يوجد مركز بيانات وطني مجهز بمعايير الحماية المطلوبة، ما يعني أن كل المعلومات الحيوية المتعلقة بالمواطنين أصبحت مكشوفة ومعرضة للاختراق أو الاستغلال من جهات مجهولة.
وأكدت المصادر أن ما يحدث لا يقتصر على الإهمال، بل هو تفريط فعلي في سيادة الدولة، قد يُستخدم لاحقًا ضد اليمنيين سياسيًا أو اقتصاديًا أو أمنيًا.
دعوات لإجراءات عاجلة
وطالبت المصادر بإصدار قانون وطني صارم لحماية البيانات الشخصية والبيومترية، يحدد بدقة كيفية جمعها وتخزينها وتشفيرها، ويمنع نقلها إلى الخارج دون إشراف قانوني مباشر، مع فرض عقوبات رادعة على أي جهة أو فرد يتورط في تسريبها أو إساءة استخدامها.
كما دعت إلى إنشاء مركز بيانات سيادي داخل الأراضي اليمنية، يخضع لرقابة مباشرة من مؤسسات الدولة، ويُجهز بأحدث تقنيات الحماية، ليكون بمثابة الحصن الأول لحماية بيانات اليمنيين من أي استغلال خارجي.
وشددت كذلك على ضرورة مراجعة كافة العقود التقنية الموقعة مع جهات أجنبية، لا سيما تلك المتعلقة بأنظمة التسجيل المدني أو تخزين المعلومات البيومترية، وإيقاف أي اتفاق لا يخضع لرقابة وطنية واضحة.
وأكدت المصادر أهمية الدور الإعلامي والرقابي في هذه المرحلة، داعية الصحفيين ووسائل الإعلام إلى فتح تحقيقات معمقة في هذا الملف، ومطالبة البرلمان والقضاء والأجهزة الرقابية بفتح تحقيق رسمي، والكشف عن الجهات التي سمحت بنقل بيانات المواطنين إلى الخارج دون غطاء قانوني أو سيادي.
واختتمت المصادر تحذيرها بالتشديد على أن البيانات الشخصية ليست مجرد ملفات إدارية، بل تمثل هوية الإنسان وسلاحًا بيد من يمتلكها. ومن يفرّط بها دون رقابة أو قانون، فإنه يفرّط بسيادة بلده وأمنه واستقلال قراره.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: البیانات الشخصیة
إقرأ أيضاً:
رئاسة البرلمان تعلق أعمال لجانها الميدانية وتحمل الحكومة والرئاسي المسؤولية وتقول بأنها الشرعية الوحيدة المتبقية في اليمن
أعلنت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمني، تعليق أعمال لجانها الميدانية بعد تعرضها للمنع والتهديدات من قبل مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتيا، محملة رئيس الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي المسؤولية، في الوقت الذي أكدت أن البرلمان هو المؤسسة الشرعية الوحيدة المتبقية في اليمن.
جاء ذلك خلال اجتماعين عقدته هيئة رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل البرلمانية، برئاسة رئيس المجلس الشيخ سلطان البركاني، يومي الاربعاء والخميس 23 - 24 يوليو 2025م، للوقوف أمام الأوضاع الراهنة في البلاد، وفي مقدمتها الأوضاع الاقتصادية والتدهور المعيشي وانهيار أسعار الصرف، ومناقشة عمل اللجان البرلمانية المكلفة بالنزول الميداني.
وخلال الإجتماعين تم مناقشة الأوضاع المختلفة على الساحة الوطنية، وأعمال اللجان البرلمانية التي شُكلت يوم 2 / 7 / 2025 للزيارات الميدانية للمحافظات: (عدن – تعز – لحج - الضالع - شبوة – مأرب – أبين - حضرموت – المهرة – سقطرى) للقيام بالمهام المتعلقة بفحص نشاط السلطة المحلية والتصرفات المالية والإدارية والموارد العامة المركزية والمحلية، والوقوف على الاختلالات النفطية وأعمال المؤسسات الايرادية.
وبحسب بيان هيئة رئاسة البرلمان، فقد تم مناقشة التقرير المقدم من اللجنة البرلمانية المكلفة بالنزول الميداني لتقصي الحقائق في محافظات (حضرموت – المهرة – سقطرى)، وما تضمنه من عوائق مفتعلة حالت دون قيام اللجنة بتأدية مهامها الرقابية حين قامت مجاميع تابعة للمجلس الانتقالي يوم الاثنين 2025/07/21م، بمنعها من ممارسة مهامها، وإجبارها على مغادرة الفندق في مدينة المكلا، مشيرا إلى أن السلطات المحلية لم تحرك ساكنًا رغم نداءات اللجنة لها بتوفير الحماية وفض التجمع المحيط بالفندق.
وحملت هيئة رئاسة المجلس ورؤساء الكتل البرلمانية السلطة المحلية في حضرموت المسؤولية الكاملة عما تعرض له النواب وعن عدم تعاونها، مؤكدين أن ما جرى يهدد مفهوم الدولة ويكرس منطق الفوضى والاعتداء على الدستور والقوانين ولا يمثل حضرموت ولا أبنائها، ويتنافى مع قيمهم الأصيلة في إكرام زوارهم واحترام الدولة ورموزها ومؤسساتها.
وقال البيان، بأنه تم بحث أوضاع أعمال لجنة (عدن – تعز والمحافظات الأخرى)، حيث تقرر تعليق أعمال اللجنة التي كان من المقرر استكمال وصول بقية أعضائها إلى عدن في ذات يوم الإثنين 21 / 07/ 2025 عقب ما حدث لزملائهم في لجنة حضرموت، بينما تواصل لجنة (مأرب – شبوة – أبين) أداء مهامها في مأرب، على أكمل وجه وستختتم عملها خلال الساعات القادمة منوهين أنها لن تتمكن من أداء مهامها في المحافظات الأخرى.
وأشاد البيان، بالسلطة المحلية في مأرب على تعاونها المطلق وتعاملها الكريم واحترامها قيم الدولة والنظام والقانون وإعلاء أحكام الدستور ودور المؤسسات.
وعبر البيان، عن بالغ أسفه لأن تقف سلطات ومكونات في مواجهة مجلس النواب ومنعه من أداء مهامه، وأن تعمل تلك الجهات والمكونات كمظلة للفساد ومدافعة عنه، وألا تتحرج والفساد يتغول في كل مرافق الدولة وأجهزتها الايرادية، وسلطاتها، ويمتد من الباب إلى المحراب، ولم يجد من يوقفه.
وأشار البيان، أن رئيس مجلس النواب وهيئة الرئاسة قد اتفقوا مع رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي ورئيس الوزراء سالم بن بريك على تشكيل هذه اللجان وأن تكون مقدمة لانعقاد مجلس النواب، وأن الضرورة لإصلاح الأوضاع ومكافحة الفساد تقتضي عمل كل مؤسسات الدولة مجتمعة للقضاء على تلك الآفة والحفاظ على المال العام وتوريد كل عائدات الدولة إلى الخزينة العامة.
وأوضح الاجتماع ، أن رئيس مجلس النواب بعث رسالة إلى رئيس الوزراء المعين يوم 6/ 7 /2025م، بعد تشكيل اللجان، طلب منه إبلاغ كل الجهات ذات العلاقة من وزارات وهيئات ومؤسسات ومصالح ومحافظات للتعاون مع اللجان وتقديم المعلومات والبيانات والوثائق التي تطلبها اللجان، مشيرين أن رئيس الوزراء المعين لم يصدر أي توجيه رغم أنه ادعى أنه قد وجه وزيري الإدارة المحلية والنفط لكنه تأكد أنه لم يصدر أي توجيه، وبلغ هيئة رئاسة مجلس النواب يوم الأربعاء 16 / 7 / 2025م، أن رسائل طبعت ووقع عليها بن بريك وبقيت عند أحد الموظفين معه وحتى هذه اللحظة لم تصل هذه الرسائل الى الوزراء.
واتهمت رئاسة البرلمان، رئيس وزراء بممارسة التضليل وعدم المصداقية مع مجلس النواب الذي أكد مضيه في الدعوة لانعقاد المجلس والسعي لمكافحة الفساد رغم كل العراقيل التي وضعت في طريق إعاقة عمله وانعقاده، لممارسة مهامه الدستورية، حد زعم البيان.
وأوضح البيان، أن تعاطي رئيس الوزراء والسلطة المحلية في حضرموت مع أعمال لجان مجلس النواب لا يعطي أي مؤشر على وجود رغبة لتجاوز الاختلالات القائمة وتمكين مؤسسات الدولة للقيام بواجباتها واستكمال بناها كخطوة ضرورية لاستعادة الدولة وتحسين أداء مؤسساتها.
وقال البيان، إن بقاء الحكومة بدون رؤية أو برنامج يخضع للمراقبة والمحاسبة لا يمكن القبول به، داعيا مجلس القيادة إلى القيام بواجباته وعلى رأسها تمكين السلطات الثلاث من النهوض بمسؤولياتها وفقاً للدستور والتزام الحكومة بتقديم برنامجها وموازنتها العامة وحساباتها الختامية بكل شفافية وعرضها على مجلس النواب مجددا مطالبته مجلس القيادة التوجيه بصورة عاجلة بمحاسبة كل من أعاق عمل لجان مجلس النواب وتمكين المجلس من الانعقاد بصورة دائمة في العاصمة المؤقتة عدن.
وناقش الاجتماع، العراقيل المستمرة أمام انعقاد مجلس النواب رغم الجهود المتكررة التي بذلتها هيئة رئاسة المجلس بزيارات عدة إلى عدن والرياض بغرض إقناع رئيس مجلس القيادة ونوابه بانعقاد المجلس ليؤدي مهامه ويتحمل مسؤوليته، لكن كل تلك الزيارات لم تفلح وظلت تلاحق وعودًا أشبه بالسراب، متهما مجلس القيادة بعدم التعاون وتمكين البرلمان من عقد جلساته في عدن حتى اليوم.
واتهم مجلس النواب، رئيس الحكومة سالم بن بريك، بنكث كل وعوده وعدم تعامله مع مجلس النواب وفقًا للدستور والقانون رغم إعطائه وعودًا لهيئة الرئاسة عبر رسائل مع آخرين، ووعودًا لسفراء الاتحاد الأوروبي ولبعض زواره وناصحيه بأنه سينفذ ما جاء برسالة رئيس مجلس النواب فورًا، لكن تلك الوعود لم تتسم بالصدق، وهو أمر لم يعرفه العمل البرلماني ولا السياسي، محملين حكومة بن بريك المسؤولية كاملة كون الحكومة هي المحاسبة أمام البرلمان.
وشددت رئاسة البرلمان، على أهمية توضيح الحقيقة للناس بعد أن مضت سنوات مشيرة إلى أن الظروف القائمة تقتضي أن يتحمل أعضاء البرلمان ويصبروا ويصابروا حتى بلغ السيل الزبى وطفح الكيل ولم يعد بمقدور هيئة رئاسة مجلس النواب أن تصمت عن قول الحق، وستظل بموقفها المؤمن أن مجلس النواب هو السلطة الدستورية والشرعية الوحيدة القائمة وأنه سيمارس مهامه حتى انتخابات جديدة وفقًا لأحكام المادة (65) من الدستور والمادة (4) من لائحة مجلس النواب التي أعطته الحق بالاستمرار في حالة الظروف القاهرة وتُجرى الانتخابات بعد زوال تلك الظروف، مشيرين أن "على الذين يطلقون الكلام جزافًا أن يقرأوا النصوص الدستورية قبل أن يطلقوا أي أحكام لا تعني الحقيقة بشيء ولأن أحكام الدستور والقانون ليست عبثية ولا لمجرد الأهواء حتى يتلاعب بها الجاهلون وأصحاب الرغبات".
وجدد البيان، التأكيد أن هيئة رئاسة المجلس ستواصل جهودها لتمكين المجلس من الانعقاد بصورة دائمة في العاصمة المؤقتة عدن وتأدية البرلمان لمهامه الدستورية والقانونية.