الأسبوع:
2025-07-26@23:29:50 GMT

التوب المصري هوية تبحث عن ذاتها

تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT

التوب المصري هوية تبحث عن ذاتها

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتشابه فيه المظاهر وتنتشر فيه ثقافة الاستهلاك تتراجع الخصوصيات المحلية وتذوب الهويات البصرية وسط موجات من التقليد والاستيراد غير الواعي ومن أكثر المجالات التي تشهد هذا التغير قطاع صناعة الملابس الذي أصبح مرآة لفقدان الهوية بدلًا من أن يكون وسيلة للتعبير عنها.

لطالما كانت الملابس الشعبية جزءًا من ذاكرة الشعوب فهي ليست مجرد غطاء للجسد وإنما تحمل في طياتها رموزًا ومعاني تعكس البيئة والمعتقد والعلاقات الاجتماعية هكذا كان التوب المصري عبر التاريخ لوحة متكاملة تنطق بالانتماء وتفصح عن الأصل وتُظهر الحرفة والمهارة والذوق المحلي الصافي.

في الصعيد كانت النساء يرتدين أثوابًا مطرزة يدويًا بألوان تعكس المناسبة والمكانة وفي سيوة كانت الزخارف تشير إلى الروح والأسطورة وفي سيناء كان النقش يحكي عن القبيلة والجذور وفي النوبة كانت الألوان تحاكي النيل والشمس والفرح وكل هذا كان حاضرًا في تفاصيل التوب المصري دون ضجيج أو ادعاء.

ولكن مع غزو الموضة السريعة وهيمنة الإنتاج الصناعي تغير المشهد وبدأت ملامح الأصالة تتراجع وابتعد الناس عن ارتداء ما يخصهم واتجهوا إلى ملابس لا تحمل هوية ولا تعكس ثقافة وتحولت الذائقة العامة إلى استيراد مستمر لكل ما هو غريب حتى أصبح من النادر أن ترى زيًا يعبر عن بيئته أو عن صاحبه.

الخطورة ليست في ارتداء الأزياء العالمية فالتنوع مشروع والانفتاح لا يُعد عيبًا ولكن الخطورة في أن يفقد الإنسان صلته برموزه الثقافية وفي أن يُربّى الجيل الجديد على أن التراث ضعف والتقليدية تخلف وأن القبح المستورد أكثر أناقة من الجمال المتجذر في التربة المحلية.

إن التوب المصري ليس مجرد قطعة قماش وإنما سجل اجتماعي وثقافي له دلالاته العميقة وهو في الوقت نفسه فرصة اقتصادية لو أُحسن استثماره ويمكن أن يكون محورًا لصناعة قائمة على الأصالة والابتكار واليد المصرية الماهرة فالكثير من دول العالم نجحت في تحويل زيها الشعبي إلى رمز عالمي دون أن تتخلى عن قيمها.

وهنا يبرز التوب المصري ليس فقط كقيمة ثقافية وإنما كمدخل فعّال لتوطين الصناعة المحلية من جديد فهو يجمع بين الحرفة والذوق والطلب المتزايد على المنتجات التي تحمل روحًا وهوية في ظل سعي الدولة لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد تأتي الصناعات النسيجية الصغيرة والحرفية كرافد حيوي يمكن البناء عليه.

إحياء التوب المصري يعني إحياء ورش النسيج والتطريز وفتح فرص عمل للنساء في الريف والصعيد وتنمية مجتمعية مستدامة تعود بالنفع على الاقتصاد المحلي من خلال سلاسل إنتاج قصيرة ومجتمعات منتجة تعتمد على مواد وخامات محلية وتعيد دوران عجلة الاقتصاد في الداخل لا في الخارج.

حين نعيد الاعتبار للتوب المصري نعيد ترتيب علاقتنا بالذات نمنح الجمال المحلي فرصة للبقاء ونبعث في الوعي الجمعي معنى الانتماء ونكسر هيمنة النسخ المكررة ونقول من جديد إن لهذا الوطن ذوقه وله صورته وله صوته في النسيج واللون والشكل.

فالهوية ليست شعارًا نعلقه وإنما ممارسة نعيشها والملابس التي نصنعها ونرتديها هي أول سطر في قصة من نكون وحين يتحول هذا السطر إلى صناعة قائمة على التميز والإبداع والروح المصرية نكون قد ربطنا الماضي بالمستقبل وفتحنا بابًا جديدًا لاقتصاد ثقافي يحمل في نسيجه ملامح وطن.

اقرأ أيضاً«شكلت يقظة وطنية عظيمة».. أدباء ومفكرون: ثورة 30 يونيو أعادت الاعتبار لمفهوم الهوية المصرية

«ذاكرة المدينة» مشروع ثقافي رقمي لترسيخ الهوية المصرية وحفظ التراث

تقديرا لدوره البارز في تعزيز الهوية المصرية.. ثقافة الغربية تحتفي بالأديب نجيب محفوظ

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: صعيد مصر سيناء سيوة النوبة الهوية البصرية الحرف اليدوية التراث المصري الموضة السريعة الزي الشعبي الملابس التراثية الملابس التقليدية التطريز اليدوي الثقافة البصرية الزي المصري أزياء المرأة الملابس المحلية الأزياء الشعبية فقدان الهوية

إقرأ أيضاً:

لغز عمره قرون .. اكتشاف هوية سفينة غارقة منذ القرن الـ18 يشعل اهتمام العالم!

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / متابعات:

اكتشف علماء الآثار هوية سفينة غرقت بالقرن الثامن عشر في “أوركني” وهي مجموعة من الجزر شمال إسكتلندا.

ويقول الخبراء: “إن السفينة التي اكتشفت في جزيرة “سانداي” العام الماضي هي من المرجّح “أيرل أوف تشاتام” وهي سفينة تابعة للبحرية الملكية سابقًا كانت تسمى “إتش.إم.إس هيند” التي جرى تغيير اسمها لاحقًا بعد إخراجها عن الخدمة بمجرد أن أصبحت سفينة صيد حيتان تبلغ زنتها 500 طن”.

وأكملت السفينة بعد تحويلها لسفينة صيد حيتان أربعة مواسم في القطب الشمالي قبل أن تلقى مصيرها بخليج “لوبنس” في مارس 1788، وكانت تحمل على متنها 56 بحارًا وقتها، نجا جميعهم.

وبدأت مؤسسة “ويسيكس” للآثار بالتعاون مع باحثين متطوعين، العمل على معرفة منشأها بعد اكتشافها في فبراير 2024، وجرى الكشف عن حطام سفينة “سانداي” العام الماضي بفعل التغيرات المناخية، حيث أدَّت العواصف المتزايدة وأنماط الرياح غير المعتادة إلى إزالة الرمال التي كانت تخفي الحطام وتحميه لعدة قرون.

مقالات مشابهة

  • صوت النواب في مواجهة إرث الإمبراطورية.. هل تُصحِّح بريطانيا جريمتها؟
  • لغز عمره قرون .. اكتشاف هوية سفينة غارقة منذ القرن الـ18 يشعل اهتمام العالم!
  • «فتح» ترفض التشكيك في الدور المصري وتؤكد: «القاهرة كانت وستظل سندًا للقضية الفلسطينية»
  • النسيج اليدوي .. صناعة تجسّد الهوية بلمسة عصرية
  • طفلة بلا هوية .. العثور على رضيعة بمنطقة السيد عبدالرحيم بقنا
  • قضية التآمر في تونس.. شهود بلا هوية وأحكام بعشرات السنين
  • ليبيا بين الداخل والخارج.. كيف نبني هوية اقتصادية تصديرية؟
  • الخارجية المصرية: معبر رفح لم يُغلق من الجانب المصري والدعاية المغرضة تستهدف تشويه دورنا
  • فريدة الشوباشي: ثورة 23 يوليو أعادت صياغة هوية مصر وألهمت العالم في مسيرة التحرر
  • فرع التقدم والاشتراكية ببنسليمان يستنكر "ممارسات انتقائية" ضد منتخبيه