الأسبوع:
2025-12-14@17:58:53 GMT

التوب المصري هوية تبحث عن ذاتها

تاريخ النشر: 23rd, July 2025 GMT

التوب المصري هوية تبحث عن ذاتها

في زمن تتسارع فيه الإيقاعات وتتشابه فيه المظاهر وتنتشر فيه ثقافة الاستهلاك تتراجع الخصوصيات المحلية وتذوب الهويات البصرية وسط موجات من التقليد والاستيراد غير الواعي ومن أكثر المجالات التي تشهد هذا التغير قطاع صناعة الملابس الذي أصبح مرآة لفقدان الهوية بدلًا من أن يكون وسيلة للتعبير عنها.

لطالما كانت الملابس الشعبية جزءًا من ذاكرة الشعوب فهي ليست مجرد غطاء للجسد وإنما تحمل في طياتها رموزًا ومعاني تعكس البيئة والمعتقد والعلاقات الاجتماعية هكذا كان التوب المصري عبر التاريخ لوحة متكاملة تنطق بالانتماء وتفصح عن الأصل وتُظهر الحرفة والمهارة والذوق المحلي الصافي.

في الصعيد كانت النساء يرتدين أثوابًا مطرزة يدويًا بألوان تعكس المناسبة والمكانة وفي سيوة كانت الزخارف تشير إلى الروح والأسطورة وفي سيناء كان النقش يحكي عن القبيلة والجذور وفي النوبة كانت الألوان تحاكي النيل والشمس والفرح وكل هذا كان حاضرًا في تفاصيل التوب المصري دون ضجيج أو ادعاء.

ولكن مع غزو الموضة السريعة وهيمنة الإنتاج الصناعي تغير المشهد وبدأت ملامح الأصالة تتراجع وابتعد الناس عن ارتداء ما يخصهم واتجهوا إلى ملابس لا تحمل هوية ولا تعكس ثقافة وتحولت الذائقة العامة إلى استيراد مستمر لكل ما هو غريب حتى أصبح من النادر أن ترى زيًا يعبر عن بيئته أو عن صاحبه.

الخطورة ليست في ارتداء الأزياء العالمية فالتنوع مشروع والانفتاح لا يُعد عيبًا ولكن الخطورة في أن يفقد الإنسان صلته برموزه الثقافية وفي أن يُربّى الجيل الجديد على أن التراث ضعف والتقليدية تخلف وأن القبح المستورد أكثر أناقة من الجمال المتجذر في التربة المحلية.

إن التوب المصري ليس مجرد قطعة قماش وإنما سجل اجتماعي وثقافي له دلالاته العميقة وهو في الوقت نفسه فرصة اقتصادية لو أُحسن استثماره ويمكن أن يكون محورًا لصناعة قائمة على الأصالة والابتكار واليد المصرية الماهرة فالكثير من دول العالم نجحت في تحويل زيها الشعبي إلى رمز عالمي دون أن تتخلى عن قيمها.

وهنا يبرز التوب المصري ليس فقط كقيمة ثقافية وإنما كمدخل فعّال لتوطين الصناعة المحلية من جديد فهو يجمع بين الحرفة والذوق والطلب المتزايد على المنتجات التي تحمل روحًا وهوية في ظل سعي الدولة لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاستيراد تأتي الصناعات النسيجية الصغيرة والحرفية كرافد حيوي يمكن البناء عليه.

إحياء التوب المصري يعني إحياء ورش النسيج والتطريز وفتح فرص عمل للنساء في الريف والصعيد وتنمية مجتمعية مستدامة تعود بالنفع على الاقتصاد المحلي من خلال سلاسل إنتاج قصيرة ومجتمعات منتجة تعتمد على مواد وخامات محلية وتعيد دوران عجلة الاقتصاد في الداخل لا في الخارج.

حين نعيد الاعتبار للتوب المصري نعيد ترتيب علاقتنا بالذات نمنح الجمال المحلي فرصة للبقاء ونبعث في الوعي الجمعي معنى الانتماء ونكسر هيمنة النسخ المكررة ونقول من جديد إن لهذا الوطن ذوقه وله صورته وله صوته في النسيج واللون والشكل.

فالهوية ليست شعارًا نعلقه وإنما ممارسة نعيشها والملابس التي نصنعها ونرتديها هي أول سطر في قصة من نكون وحين يتحول هذا السطر إلى صناعة قائمة على التميز والإبداع والروح المصرية نكون قد ربطنا الماضي بالمستقبل وفتحنا بابًا جديدًا لاقتصاد ثقافي يحمل في نسيجه ملامح وطن.

اقرأ أيضاً«شكلت يقظة وطنية عظيمة».. أدباء ومفكرون: ثورة 30 يونيو أعادت الاعتبار لمفهوم الهوية المصرية

«ذاكرة المدينة» مشروع ثقافي رقمي لترسيخ الهوية المصرية وحفظ التراث

تقديرا لدوره البارز في تعزيز الهوية المصرية.. ثقافة الغربية تحتفي بالأديب نجيب محفوظ

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: صعيد مصر سيناء سيوة النوبة الهوية البصرية الحرف اليدوية التراث المصري الموضة السريعة الزي الشعبي الملابس التراثية الملابس التقليدية التطريز اليدوي الثقافة البصرية الزي المصري أزياء المرأة الملابس المحلية الأزياء الشعبية فقدان الهوية

إقرأ أيضاً:

عاجل. الخيوط بدأت تتكشَّف.. ماذا نعرف عن هوية أحد منفذي الهجوم الدموي في سيدني؟

في واحدة من أعنف الحوادث الأمنية التي شهدتها أستراليا مؤخرًا، تحوّل احتفال ديني على شاطئ بوندي في سيدني، اليوم الأحد، إلى مشهد دموي، ما دفع السلطات إلى إعلان استنفار أمني واسع والتحقيق في الهجوم بوصفه "عملاً إرهابيًا".

قال مسؤول رفيع في أجهزة إنفاذ القانون لشبكة "إيه بي سي" إن أحد مطلقي النار المشتبه بهم في الهجمات هو "نافيد أكرم"، وهو رجل من جنوب غرب سيدني. وأوضح المسؤول، الذي تحدث شرط عدم الكشف عن هويته، أن الشرطة داهمت منزل أكرم في ضاحية بونيريغ مساء الأحد، بعد ساعات من وقوع الهجوم.

وأسفر إطلاق النار عن مقتل ما لا يقل عن 12 شخصًا، بينما نُقل نحو 29 مصابًا إلى مستشفيات سيدني، بينهم شرطيان، في وقت وصفت فيه الإصابات بالخطيرة. ووقع الهجوم خلال فعالية دينية شارك فيها أكثر من ألف شخص لإحياء الليلة الأولى من عيد الأنوار "حانوكا"، وهو عيد يهودي يستمر ثمانية أيام ويرمز إلى الصمود.

Related أستراليا: قتلى وإصابات في إطلاق نار خلال احتفالات عيد الحانوكا في سيدني"اليهود في ذروة البياض": منشور لماسك على "إكس" عن "انقراض البيض" يثير جدلًا واسعًانبيذ برائحة الكلور ومعكرونة بطعم "العطر".. مربية متهمة بتسميم عائلة يهودية في فرنسا تفاصيل العملية الأمنية

أعلنت السلطات الأسترالية تنفيذ عملية أمنية واسعة في مدينة سيدني، فيما أكدت شرطة ولاية نيو ساوث ويلز أن أحد مطلقي النار قُتل في موقع الهجوم، بينما أُصيب الآخر ونُقل إلى الحجز وهو في حالة حرجة داخل المستشفى ويخضع للعلاج تحت الحراسة.

وقال مفوض شرطة الولاية، مال لانيون، إن أحد المشتبه بهم كان معروفًا لدى السلطات، لكنه أشار إلى أن المعلومات المتوافرة عنه كانت محدودة جدًا، مضيفًا: "لم يكن شخصًا كنا سنضعه تلقائيًا ضمن دائرة الاشتباه في هذه المرحلة".

وخلال مؤتمر صحفي، أوضح لانيون أن التحقيق ما يزال في مراحله الأولى، وأن الشرطة لا تملك حتى الآن معطيات كافية حول خلفيات مطلقي النار، رغم توفر بعض المعلومات التي تدفع إلى تصنيف الهجوم على أنه عمل إرهابي.

المسعفون ينقل شخصًا أصيب في إطلاق نار على شاطئ بوندي في سيدني، بتاريخ 14 ديسمبر 2025. Mark Baker/ AP روايات الشهود ومشاهد الفوضى

تلقت الشرطة اتصالات متعددة قرابة الساعة 6:45 مساءً تفيد بإطلاق النار على عدد من الأشخاص. وبحسب شاهد كان يسير على مسافة عشرات الأمتار من المسلحين، فإن مطلقي النار ترجلوا من سيارة صغيرة فضية اللون كانت متوقفة قرب جسر قريب من الشاطئ، وبدأوا بإطلاق النار باتجاه الحشد المحتفل بعيد "حانوكا".

وقال شهود عيان للإعلام الاسترالي إن المسلحين استهدفوا الاحتفال بشكل مباشر، فيما أشار شاهد مراهق طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية إلى أن إطلاق النار لم يكن عشوائيًا على جميع الموجودين.

وبعد دقائق من بدء الهجوم، أصدرت شرطة نيو ساوث ويلز تحذيرًا طالبت فيه الناس بالابتعاد عن الشاطئ.

ويبلغ طول شاطئ بوندي، الواقع على الساحل الشرقي لسيدني، أكثر من ثلاثة آلاف قدم، وهو من أشهر الشواطئ في البلاد. وأدى إطلاق النار، وهو حادثة نادرًا ما تشهدها أستراليا التي تُسجّل أدنى معدلات الوفيات المرتبطة بالأسلحة النارية في العالم، إلى حالة من الذعر.

وشوهد مسعفون وهم ينقلون أحد المصابين، فيما أظهرت لقطات بثتها هيئة الإذاعة الأسترالية انتشار عناصر الشرطة في منطقة مفتوحة كان سلاح ناري ملقى فيها قرب شجرة.

كما تداول مستخدمون على منصة "إكس" مقاطع فيديو توثق لحظات الفوضى، مع هروب الناس من دوي إطلاق النار وصفارات إنذار الشرطة. وأفاد شهود لصحيفة سيدني مورنينغ هيرالد بسماع نحو 50 طلقة ورؤية أشخاص ملقين على الأرض.

مواقف رسمية وسياق أوسع

قال رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز، كريس مينز، إن التحقيقات لا تزال جارية، وإن السلطات تتعامل مع الهجوم على أنه إرهابي، مشددًا على أن العملية صُممت لاستهداف الجالية اليهودية في سيدني في اليوم الأول من عيد الأنوار.

من جهته، قال رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز: "هذا هجوم مُستهدف على اليهود الأستراليين في اليوم الأول من عيد الأنوار، الذي ينبغي أن يكون يوم فرح"، مضيفًا أن "أي هجوم على اليهود الأستراليين هو هجوم على كل أسترالي".

ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن الحادث وقع بينما كان نحو 2000 شخص يشاركون في الاحتفال، مشيرة إلى أن إطلاق النار تزامن مع إلقاء أحد كبار قادة الجالية اليهودية في أستراليا كلمة خلال المناسبة.

ويأتي هذا الهجوم في ظل ادعاءات متزايدة بارتفاع حوادث معاداة السامية في أستراليا خلال العام الماضي.

وكان مركز "ياد فاشيم"، النصب التذكاري الرسمي للهولوكوست في إسرائيل، قد عبّر عن مخاوفه من "ارتفاع خطير" في هذه الحوادث، خلال لقاءات مع رئيسي حكومتي ولايتي فيكتوريا ونيو ساوث ويلز.

كما قالت قيادات ومنظمات من الجالية اليهودية، يوم الأحد، إن تلك التحذيرات لم تلقَ الاستجابة المطلوبة حتى الآن.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • اقتصاديات المحافظات.. وإدارة المخاطر المستقبلية
  • عاجل. الخيوط بدأت تتكشَّف.. ماذا نعرف عن هوية أحد منفذي الهجوم الدموي في سيدني؟
  • ضبط مخالف لنظام البيئة لنقله الحطب المحلي بالرياض
  • كشف هوية أول مشتبه به في هجوم سيدني "المروع"
  • ناقد: حماية التراث المصري معركة هوية لا تقبل التفريط
  • ثورة ديسمبر بوصفها مشروعًا لبناء وطن جديد بين الجهاد المدني وإعادة تأسيس الدولة
  • نجحت الصين وفشلت أمريكا
  • 7 خطوات نحو عام أهدأ.. كيف تعيد المرأة شحن ذاتها مع بداية العام؟
  • 6 إجراءات.. "الجوازات" توضح خطوات الإبلاغ عن فقدان هوية مقيم
  • ملك بريطانيا يتطلع لزيارة المتحف المصري الكبير: «تجسيد معاصر للحضارة المصرية»