عمّان- احتجاجا على استمرار العدوان الإسرائيلي وتضامنا مع أكثر من مليوني فلسطيني يتعرضون للتجويع في قطاع غزة، قررت العديد من المطاعم ومحال الحلويات في الأردن الامتناع عن نشر صور الطعام عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي.

واختارت عشرات المطاعم الشهيرة ومحال الحلويات بالعاصمة عمّان وعدد من المحافظات أن تستبدل الصور اليومية المعتادة لأطباق الطعام، وعلى رأسها المنسف والحلويات الفاخرة، بمنشورات تحمل عبارات الدعم والتضامن مع أهالي غزة، من قبيل "تضامنا مع غزة، لن ننشر صور الطعام"، و"قلوبنا معكم.

. لن نحتفل بينما يُقصف الأطفال في غزة".

وشهدت الأسابيع الماضية تصاعدا لافتا في التفاعل الشعبي الأردني مع الأحداث الجارية في غزة، لتأتي الحملة الإنسانية -بحسب المشاركين فيها- كمحاولة للقول إن نشر صور الرفاهية لا يتماشى مع مشهد الجوع والدمار في قطاع غزة، وإن الشهية للطعام لا تستقيم وأهل غزة جياع.

تحفيز ودعم

نشرت صفحة أحد المطاعم الأردنية الشهيرة على موقع "فيس بوك" منشورا ذكرت فيه "اعتبارا من هذه اللحظة لن يتم نشر صور أو مقاطع فيديو تخص الأكل والطعام إلى حين فك الكرب وانتهاء مشكلة أهلنا بغزة، سنكتفي بنشر منشورات عادية على الصفحة، لا تحتوي لا على أكل وشرب أو موسيقى".

ولاقى هذا التوجه دعما كبيرا من المتابعين، حيث عبّر العديد من رواد مواقع التواصل عن تقديرهم لموقف هذه المتاجر وغيرها، مؤكدين أن التضامن لا يقتصر على البيانات الرسمية، بل يتجلى أيضا في المواقف اليومية وإن كانت بسيطة.

بينما طالب آخرون بأن تمتد هذه المبادرات لتشمل قطاعات أوسع، كتأجيل الفعاليات الترفيهية، وتقليل المظاهر الاحتفالية في ظل الأوضاع المأساوية في غزة.

 

وفي سياق التفاعل الشعبي، اتشحت بعض الصفحات الإلكترونية للمطاعم الشهيرة بالسواد، ونشرت أخرى صورا رمزية للمسجد الأقصى وأعلام فلسطين، بالإضافة إلى شهداء قطاع غزة، بينما نشر آخرون معلومات عن قنوات موثوقة للتبرع ومؤسسات تقدم مساعدات طبية وإغاثية لأهالي القطاع، في تحفيز مباشر للجمهور للإسهام في الإغاثة.

إعلان

وبينما نشرت بعض الحسابات صورا لأطباق طعام فارغة، في تعبير صامت عن الحزن والعجز أمام الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، لم يقتصر التضامن على المنشورات الرقمية، بل رافقه في بعض الأحيان مبادرات ميدانية، كمشاركة بعض المحال في حملات تبرع أو تخصيص جزء من الأرباح لدعم جهود الإغاثة، بالتعاون مع جمعيات خيرية محلية معتمدة.

ورغم امكانية تأثير هذا التضامن على الجانب التجاري والإعلاني، فقد فضّل أصحاب هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة المضي في المبادرة الإنسانية التي رصدتها الجزيرة نت عبر التضامن الشعبي الأردني مع المجوعين في قطاع غزة، ورفضا لسياسة القتل الممنهج بحقهم أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية.

 

خطوة رمزية

يقول أشرف أبو سنينة، أحد المسؤولين في مطعم بالعاصمة عمّان، إن "خطوة التضامن مع الأهل في قطاع غزة تأتي كإجراء رمزي وواجب إنساني ووطني وأخلاقي لا بد منه".

وأضاف أبو سنينة متحدثًا للجزيرة نت "نهدف من خطوتنا لعدم نشر الطعام على منصتنا الرقمية لتذكير الجمهور بأن الطعام لأهالي غزة أصبح تحديا كبيرا، وأن نشر صور الأطعمة في ظل المجاعة لم يعد لائقا في هذا الظرف الإنساني الطارئ".

الجغبير: ندعم كل موقف أو خطوة صادقة للتعبير عن التضامن الإنساني مع غزة (الجزيرة)

 

بدوره، قال رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان المهندس فتحي الجغبير إنه "لا يمكن فصل الأردن عن فلسطين، وعن غزة تحديدًا، فنحن أهل، والوجع واحد، ونحن نعيش الألم مع أهلنا في القطاع"، مضيفًا في حديثه للجزيرة نت "كل موقف أو خطوة صادقة للتعبير عن هذا التضامن الإنساني مع أهالي غزة، مهما كانت رمزيتها، نقف معها وندعمها".

ولفت إلى أن ما قامت به بعض المطاعم من الامتناع عن نشر صور الطعام هو "تعبير نبيل عن إحساس صادق بالمسؤولية والمشاركة الوجدانية مع أهلنا في غزة"، موضحًا أن هذا النوع من المبادرات يؤكد أن "الأردن -رغم كل التحديات- لا يزال قويا بإنسانيته، وبقدرته على التعبير عن مواقفه المشرفة".

عطية: الرسالة للمجتمع المحلي والدولي أن معاناة أهلنا في غزة لا يمكن أن تُنسى أو تُهمّش (الجزيرة)

 

ووصف النائب السابق في البرلمان الأردني خليل عطية مبادرة المطاعم ومحال الحلويات في الأردن تضامنا مع غزة بـ"المحترمة والمقدرة". وأضاف للجزيرة نت أنها "تمثل صورة مشرقة من صور التضامن الشعبي الأردني مع القضية الفلسطينية، وتعكس وعيا وطنيا وأخلاقيا لدى أصحاب هذه المنشآت في التعبير عن وقوفهم إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم".

ورغم أن الخطوة تعتبر رمزية، فإنها تحمل رسالة قوية للمجتمع المحلي والدولي كما قال العطية، موضحا أن "معاناة أهلنا في غزة لا يمكن أن تُنسى أو تُهمّش في خضم الحياة اليومية"، داعيا مؤسسات أخرى، تجارية وإعلامية وثقافية، إلى اتخاذ مواقف مشابهة تعبّر عن الضمير الأردني الحي.

ويشهد قطاع غزة منذ أشهر طويلة أزمة إنسانية غير مسبوقة بسبب إغلاق الاحتلال كافة معابر القطاع ومنع الإمدادات الإنسانية، مما أدى إلى تفاقم أزمة الجوع وسوء التغذية بين مختلف الفئات، خصوصا الأطفال والنساء وكبار السن، حيث باتت الحاجة إلى الغذاء والماء والدواء تمثل معركة يومية للبقاء.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات فی قطاع غزة أهلنا فی فی غزة مع غزة

إقرأ أيضاً:

توقيف صانع محتوى أردني ونشطاء على خلفية التضامن مع غزة (شاهد)

قالت حسابات على مواقع التواصل، إن السلطات الأمنية اعتقلت الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، أيمن عبلي، المعروف بمحتواه المناصر لغزة منذ بداية الحرب على القطاع.

وكان عبلي نشر قبل أيام مقطعا انتقد فيه تجويع سكان قطاع غزة، وخذلانهم، على حد تعبيره.

View this post on Instagram A post shared by Ayman aballi (@ayman_aballi)

على جانب آخر، تتواصل الاعتقالات في الأردن على خلفية الوقفات الاحتجاجية والأنشطة الشعبية الداعمة لغزة، حيث لا تزال الأجهزة الأمنية تستدعي الناشطين الذين شاركوا في فعاليات خلال الأسابيع الماضية وآخرين نشروا على مواقع التواصل الاجتماعي، ولا يزال آخرون قيد الاحتجاز منذ أسابيع طويلة.

وشهدت العاصمة عمّان ومحافظات أخرى موجة متجددة من الاستدعاءات من قبل الأجهزة الأمنية خلال الساعات الماضية، وطلب من بعض الموقوفين بحسب ما قالت عائلاتهم لـ"عربي21" توقيع كفالة بمبالغ مالية طائلة وصلت بنحو 30 ألف دولار أمريكي، مقابل الإفراج عنهم.

نجحت السلطات خلال سنوات من تعطيل أدوات العمل السلمي الفعال : حرية التعبير، حق التجمع والتنظيم، وهي فعالة في التحرك للمطالبة بالحقوق أو الضغط على الحكومة لإتخاذ اجراءات ضد الكيان الاسرائيلي أو لمجرد ابداء الغضب أو الدعم. المفارقة أن الحكومة أنتهكت هذه الحقوق تحت لافتة دعمها لغزة! — Hala Ahed هالة عاهد (@Hala_Deeb) July 23, 2025

وقال ناشطون تحدثت إليهم "عربي21" إن الكفالات تهدف بالمقام الأول إلى منع الناشطين من العودة إلى الاحتجاج، أو ثنيهم عن الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي تحت طائلة دفع مبالغ كبيرة، فيما تلوح السلطات باتخاذ إجراءات ضدهم على أساس قانون "الجرائم الإلكتروني" سيء السمعة.

وقال آخرون إن خيار الكفالة غير متاح لبعض المعتقلين الذين لا يزالون قيد الاحتجاز بدون تهم واضحة.




سيف التوقيف الإداري 

وفي غياب أي تهم حقيقية، أو قضايا مرفوعة، تلجأ الأجهزة الأمنية إلى التوقيف الإداري، كإجراء عقابي بحق النشطاء والمشاركين في الفعاليات المختلفة.

وكانت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، قالت في وقت سابق، إن مئات النشطاء يمثلون أمام القضاة الأردني، ويتم إسقاط العديد من التهم في نهاية المطاف، إلا أنهم بحسب ما قال محامون وناشطون يعاد اعتقالهم عبر وزارة الداخلية باستخدام إجراءات الاحتجاز الإداري "المسيئة"، ويجبر بعض المحتجزين على توقيع تعهدات بعدم الاحتجاج أو التحريض عليه تحت طائلة دفع غرامات طائلة.

وفي تقريرها الأخير للوضع الحقوقي في الأردن لعام 2024، قالت منظمة العفو الدولية "أمنستي"، إن المحافظين المحليين في الأردن يواصلون استخدام قانون منع الجرائم الذي يعود إلى 1954 لاحتجاز النشطاء، دون توجيه تهمة، أو المثول أمام هيئة قضائية مختصة.

وبحسب المادة 3 من قانون منع الجرائم رقم (7) لسنة 1954م، يجوز للمحافظ أن يصدر قرارا احترازيا بتوقيف "كل من وجد في مكان عام أو خاص في ظروف تقنع المتصرف بأنه كان على وشك ارتكاب أي جرم أو المساعدة على ارتكابه.

و"كل من اعتاد اللصوصية أو السرقة أو حيازة الأموال المسروقة أو اعتاد حماية اللصوص أو إيواءهم أو المساعدة على إخفاء الأموال المسروقة أو التصرف فيها".

و"كل من كان في حالة تجعل وجوده طليقاً بلا كفالة خطراً على الناس".

ومطلع العام الجاري، كشف وزير الداخلية الأردني، مازن الفراية، أن هنالك قرابة 1500 موقوف إداريا في المملكة.

مساعدات أردنية لغزة 

على جانب آخر، قالت الهيئة الخيرية الهاشمية الخميس، إنها سيرت قافلة مساعدات إنسانية جديدة من عمّان باتجاه قطاع غزة بالتعاون مع منظمة المطبخ العالمي وبرنامج الغذاء العالمي.

وتتكون القافلة من 50 شاحنة تحمل مواد غذائية أساسية وطحينا وحليب أطفال، بحسب وكالة الأنباء الرسمية "بترا".

وتشمل القافلة مكونات غذائية متنوعة تدخل في إعداد الوجبات الساخنة التي يتم توزيعها داخل غزة من خلال فرق "المطبخ العالمي"، إضافة إلى كميات من الطحين والحبوب والزيوت التي ستُسهم في تلبية احتياجات آلاف العائلات.

ولفتت الوكالة إلى أن هذه "القافلة الخامسة التي يتم إرسالها بالتعاون مع المنظمات الدولية في غضون 10 أيام، إذ تم إرسال 147 شاحنة في القوافل الأربع الأولى، إذ تمكنت الهيئة يوم الأربعاء من إدخال قافلة واحدة من المساعدات إلى القطاع عبر معبر "زيكيم" الحدودي وكانت تضم 36 شاحنة".
 
على جانب آخر، قال رئيس وزراء السلطة الفلسطينية محمد مصطفى، الثلاثاء الماضي، إن غزة تتعرض لـ"مجاعة حقيقية لم تعد تكفي معها بيانات الإدانة الدولية"، ودعا إلى فتح المعابر فورا وإدخال المساعدات بكميات كافية.

وأضاف في كلمة خلال افتتاح اجتماع للحكومة في رام الله: "الوضع الإنساني في قطاع غزة تجاوز كل وصف، نحن أمام مجاعة حقيقية، أطفال يموتون من الجوع، كبار السن ينهارون، مرضى يموتون بلا دواء، عائلات بأكملها تُباد، ومن نجا منها فهو اليوم بلا مأوى ولا مياه ولا غذاء".

وأشار إلى أن "بيانات الشجب والإدانة للمجتمع الدولي لم تعد تكفي، إن الوضع الإنساني في القطاع يتطلب تحركا فعليا أكبر مما رأيناه حتى الآن، للاستعجال بفتح المعابر فورًا، وإدخال المساعدات بكميات كافية وضمان وصولها لكل محتاج".



وأردف مصطفى أن "غزة ليست مجرد ملف إنساني، بل قلب القضية الفلسطينية، ولا استقرار في هذه المنطقة من دون إنهاء معاناة أهلها".

ويعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخه، حيث تتداخل المجاعة القاسية مع حرب إبادة جماعية تشنها دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.

مقالات مشابهة

  • شيخ الأزهر يعلق مكالماته لتهنئة أوائل الثانوية ويلغي المؤتمر الصحفي تضامنا مع غزة
  • الطعام الرديء
  • شخصيات وطنية ونشطاء يبدأون إضرابا عن الطعام من رام الله تضامنا مع غزة
  • شخصيات وطنية ونشطاء يبدؤون إضرابا عن الطعام من رام الله تضامنا مع غزة
  • إضراب رقمي عن الطعام.. حملة لصناع المحتوى والمطاعم المصرية تضامنا مع غزة
  • توقيف صانع محتوى أردني ونشطاء على خلفية التضامن مع غزة (شاهد)
  • في مخيم البداوي.. وقفة تضامنية تضامنا مع غزة وإضراب عن الطعام
  • صعود “الطبقة المخملية” يُعيد تشكيل ثقافة الأكل في العراق
  • المرزوقي يدعو لإضراب عالمي عن الطعام ويوم غضب الجمعة تضامنا مع غزة