بروتوكول تعاون بين رجال الأعمال المصريين واتحاد تشجيانغ الصيني
تاريخ النشر: 4th, August 2025 GMT
وقعت جمعية رجال الأعمال المصريين ، بروتوكول تعاون مشترك مع اتحاد تشجيانغ للصناعة والتجارة، بهدف تشجيع الاستثمار المشترك والترويج لفرص التعاون الاقتصادي بين الجانبين.
وذلك على هامش زيارة وفد صيني من مقاطعة تشجيانغ ضم نحو 16 شركة تعمل في مجالات صناعية وخدمية وتكنولوجية متنوعة.
وقع البروتوكول أحمد عز الدين، رئيس لجنة تنمية العلاقات مع الصين بجمعية رجال الأعمال المصريين، وتشنغ مينكيانغ، نائب رئيس مجلس إدارة اتحاد تشجيانغ للصناعة والتجارة، بحضور عدد من رجال الأعمال المصريين والصينيين.
وشملت مجالات عمل الوفد الصناعات النسيجية، تطوير البرمجيات، معدات الطاقة الجديدة، الإلكترونيات، الاتصالات، السياحة، الكيماويات، تصنيع منتجات الحديد المطاوع، مواد الديكور، والمصانع الذكية، بالإضافة إلى صناعات متقدمة مثل مكونات السيارات، أنظمة التحكم، الكابلات، والاستثمار في قطاعات الأجهزة الكهربائية والطاقة والطيران والأتمتة الصناعية والأثاث والرعاية الصحية والقطاع المالي.
وأكد أحمد عز الدين، أن اللقاء يمثل خطوة مهمة لفتح آفاق جديدة للتعاون مع واحدة من أكثر المقاطعات الصينية نشاطًا على مستوى الاستثمارات الخارجية، مشيرًا إلى عمق العلاقات الاقتصادية بين مصر والصين، خاصة بعد إعلان الشراكة الاستراتيجية بين البلدين العام الماضي.
وأوضح أن حجم الاستثمارات الصينية في مصر بلغ نحو 9 مليارات دولار، فيما تعمل أكثر من 2900 شركة صينية في السوق المحلية، ما يعكس ثقة المستثمرين الصينيين في مناخ الأعمال المصري.
وأضاف أن مصر، كأحد أوائل الدول الموقعة على مبادرة الحزام والطريق، تتطلع لزيادة الاستثمارات الصينية الصناعية وتوطين الصناعات التكنولوجية والسياحية والثقافية.
من جانبه، رحب تشنغ مينكيانغ بدعوة جمعية رجال الأعمال المصريين للشركات الصينية للاستثمار في مصر، مؤكداً أن اللقاء يمثل بداية لانطلاقة قوية نحو آفاق أوسع من التعاون المشترك. وأشاد بالزيارات المتبادلة بين قيادتي البلدين خلال العام الماضي، مؤكداً أن الاستثمارات بين مقاطعة تشجيانغ ومصر ستشهد نمواً خلال المرحلة المقبلة، في ظل ما تتمتع به مصر من موقع استراتيجي وحوافز استثمارية كبرى.
وأشار مينكيانغ إلى أن مقاطعة تشجيانغ تُعد واحدة من أكثر المقاطعات الاقتصادية تطورًا في الصين، حيث يبلغ إجمالي استثماراتها الداخلية نحو 1.2 تريليون دولار، وتستحوذ على المركز الرابع بين المقاطعات الصينية في حجم الاستثمارات، كما تضم أكبر ميناء عالمي احتل المركز الأول لمدة 16 عامًا متواصلة، وتصدر حاوية كل 4 دقائق. وأضاف أن اتحاد تشجيانغ يضم 3021 غرفة تجارية ويمثل نحو 400 ألف رجل أعمال، مع شبكة علاقات تربط المقاطعة بـ 52 دولة حول العالم.
من جانبهم، أكد ممثلو مجتمع الأعمال المصري على أهمية تعزيز التعاون مع الصين في مجالات السياحة والفندقة والبنية التحتية والإنشاءات، مشيرين إلى خبرة الشركات الصينية في المدن الجديدة بمصر مثل العاصمة الإدارية والعلمين الجديدة، والدور الذي يمكن أن تلعبه في جذب استثمارات إضافية في قطاعات العقارات والمقاولات والفنادق.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: رجال الأعمال المصریین الصینیة فی
إقرأ أيضاً:
فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
منذ يومين مرت الذكرى الرابعة والعشرون لرحيل رجل من أعظم رجال مصر فى القرن العشرين؛ رجل لم يكن مجرد سياسي أو صاحب منصب، بل كان مدرسة كاملة فى الوطنية والعناد الشريف والإصرار على أن تبقى مصر واقفة مهما حاولت قوى الاحتلال أن تكسر إرادتها.
أتحدث هنا عن فؤاد باشا سراج الدين، الرجل الذى ترك بصمة لا تمحى فى الوجدان المصرى، والذى رحل عن عالمنا فى التاسع من أغسطس عام 2000، لكنه لم يرحل يوما عن ذاكرة الوطن.
فى كل مرة تمر فيها ذكرى رحيله، أشعر أن مصر تعيد اكتشاف جزء من تاريخها؛ تاريخ لا يمكن فهمه دون الوقوف أمام شخصية بهذا الثقل وبهذه القدرة على الصمود.
ولد فؤاد باشا سراج الدين سنة 1910 فى كفر الجرايدة بمحافظة كفر الشيخ، وبدأ مشواره شابا يحمل حلم الوطن فى قلبه قبل أن يحمله على كتفيه.
تخرج فى كلية الحقوق، ودخل معترك الحياة العامة صغيرا فى السن، لكنه كبير فى العقل والبصيرة، وفى سن لم تكن تسمح لغيره سوى بأن يتدرب أو يتعلم، أصبح أصغر نائب فى تاريخ الحياة البرلمانية المصرية، ثم أصغر وزير فى حكوماتها المتعاقبة، فى زمن لم يكن الوصول فيه إلى المناصب بالأمر السهل ولا بالمجاملات.
لكن ما يجعل الرجل يستحق التوقف أمامه ليس كثرة المناصب، بل طريقة أدائه فيها، فقد كان نموذجا للمسؤول الذى يعرف معنى الدولة، ويؤمن بأن خدمة الناس شرف لا يباع ولا يشترى.
ومن يعيش تفاصيل تاريخه يدرك أنه لم يكن مجرد جزء من الحياة السياسية، بل كان جزءا من الوعى العام للمصريين، وصوتا قويا فى مواجهة الاحتلال، وسندا لحركة الفدائيين فى القناة، وواحدا من الذين كتبوا بدموعهم وعرقهم تاريخ كفاح هذا الوطن.
ويكفى أن نذكر موقفه الأسطورى يوم 25 يناير 1952، حينما كان وزيرا للداخلية، ورفض الإنذار البريطانى الداعى لاستسلام رجال الشرطة فى الإسماعيلية.
وقتها لم يتردد لحظة، واختار الكرامة على السلامة، والوطن على الحسابات السياسية، ذلك اليوم لم يصنع فقط ملحمة بطولية، لكنه صنع وجدانا كاملا لأجيال من المصريين، وأصبح عيدا رسميا للشرطة تخليدا لشجاعة رجال رفضوا أن ينحنوا أمام الاحتلال، وهذه الروح لم تكن لتظهر لولا وزير آمن برجاله وبمصر أكثر مما آمن بنفسه.
كما لا يمكن نسيان دوره الحاسم فى إلغاء معاهدة 1936، ودعمه لحركة الكفاح المسلح ضد الإنجليز، ولا تمويله للفدائيين بالمال والسلاح، كان يعلم أن المستقبل لا يهدى، وإنما ينتزع انتزاعا، وأن السيادة لا تستعاد بالكلام، وإنما بالمواقف.
وفى الداخل، قدم سلسلة من القوانين التى شكلت تحولا اجتماعيا حقيقيا؛ فهو صاحب قانون الكسب غير المشروع، وصاحب قوانين تنظيم هيئات الشرطة، والنقابات العمالية، والضمان الاجتماعى، وعقد العمل الفردى، وقانون إنصاف الموظفين.
وهى تشريعات سبقت عصرها، وأثبتت أن الرجل يمتلك رؤية اجتماعية واقتصادية عميقة، وميلا دائما للعدل والمساواة، وفهما راقيا لطبيعة المجتمع المصرى.
ولم يكن خائفا من الاقتراب من الملفات الثقيلة؛ ففرض الضرائب التصاعدية على كبار ملاك الأراضى الزراعية حين كان وزيرا للمالية، وأمم البنك الأهلى الإنجليزى ليصبح بنكا مركزيا وطنيا، ونقل أرصدة الذهب إلى مصر للحفاظ على الأمن الاقتصادى للدولة، وكلها خطوات لا يقدم عليها إلا رجل يعرف معنى السيادة الحقيقية ويضع مصالح الوطن فوق كل اعتبار.
ورغم الصدامات المتتالية التى تعرض لها، والاعتقالات التى مر بها فى عهود متعددة، لم يتراجع ولم يساوم، ظل ثابتا فى المبدأ، مؤمنا بالوفد وبالحياة الحزبية، حتى أعاد إحياء حزب الوفد الجديد عام 1978، ليبقى رئيسا له حتى آخر يوم فى حياته، وقد كان ذلك الإحياء بمثابة إعادة الروح لمدرسة سياسية كاملة ترتبط بتاريخ النضال الوطنى الحديث.
إن استعادة ذكرى فؤاد باشا سراج الدين ليست مجرد استدعاء لصفحات من التاريخ، بل هى تذكير بأن مصر لم تبن بالكلام، وإنما صنعت رجالا مثل هذا الرجل، آمنوا أن الحرية حق، وأن الوطنية فعل، وأن الكرامة لا تقبل المساومة.
وفى زمن تكثر فيه الضوضاء وتختلط فيه الأصوات، يبقى صوت أمثال فؤاد باشا أكثر وضوحا، وأكثر قوة، لأنه صوت نابع من قلب مصر، من تربتها وأهلها ووجدانها.
رحل جسد الرجل، لكن أثره باق، وتاريخه شامخ، وسيرته تذكرنا دائما بأن الوطن لا ينسى أبناءه المخلصين وأن مصر، رغم كل ما تمر به، قادرة دائما على إنجاب رجال بحجم فؤاد باشا سراج الدين.