من طهران إلى بغداد.. هل تصبح “إزالة الأصفار” سياسةً لإخفاء العجز البنيوي؟
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
5 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: وافقت اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى الإيراني على مشروع قانون يقضي بحذف أربعة أصفار من العملة الوطنية، وهي خطوة توحي بجهد تقني لمداواة أزمة بنيوية، أكثر مما تعكس انفراجًا اقتصاديا حقيقيا. فحين تتحوّل المعالجات النقدية إلى واجهات سياسية، يصبح المساس بالشكل الرقمي للعملة تعبيرًا عن مأزق عميق في جوهر السياسات العامة.
ويسعى مشروع القانون إلى تثبيت الريال كعملة رسمية، لكن بحساب جديد: كل ريال جديد يعادل عشرة آلاف من النسخة السابقة، على أن يُقسّم إلى 100 قيران. ورغم أن هذا المقترح ليس وليد اللحظة، فقد أُعيد طرحه من أرشيف 2019، في ظل تآكل مستمر للقيمة الشرائية، وعجزٍ واضح في احتواء التضخم أو استعادة الثقة النقدية.
ولا يخفى أن هذا التعديل المقترح يأتي في سياق ضغوط اقتصادية مكثفة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، وما تبعه من سياسات “الضغوط القصوى”. فمع بلوغ الدولار في السوق السوداء حاجز 925 ألف ريال، يبدو أن الدولة تحاول ترميم صورة العملة، لا قيمتها الحقيقية. وهو ما يذكّر بمفاهيم التضخم المفرط وإعادة التقييم (Revaluation) التي تلجأ إليها بعض الدول كمسكنات قصيرة الأجل في غياب إصلاحات هيكلية.
وفي خلفية هذا القرار تكمن رغبة سياسية بإعادة تعريف العلاقة بين الدولة والمواطن من خلال “بسْط” الرموز المالية، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم اللجنة الاقتصادية حين قال إن الهدف هو “تبسيط المعاملات والتدقيق المؤسسي”. لكن التبسيط هنا يُخفي تعقيدًا أكبر: انهيار الثقة، ومشهدية التراجع، وحالة الإنكار البنيوي.
فهل يمكن أن ينطبق هذا النموذج على العراق؟ المعطيات مختلفة شكلاً لكنها قريبة مضمونًا. فالعراق بدوره يعاني من اقتصاد ريعي مفرط، وسوق موازية للعملة، وغياب الشفافية في إدارة الاحتياطيات. وإذا ما استمرت الأزمات السياسية والفساد المالي، فإن خيار “حذف الأصفار” قد يُطرح ذات يوم لا كخيار نقدي، بل كستار رمزي للهروب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
الاتحاد الأوروبي يبرم “صفقة مؤلمة” مع ترامب للحفاظ على القوات الأمريكية في أوروبا
3 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: ذكرت صحيفة بريطانية، أن الاتحاد الأوروبي أبرم صفقة سيئة مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، وذلك بسبب مخاوف من تقليص الوجود العسكري الأمريكي في أوروبا.
وكما أشارت الصحيفة، كانت فون دير لاين، تعد لإجراءات صارمة ردا على تهديدات واشنطن، لكنها تراجعت عن ذلك بموافقتها على الصفقة خلال اجتماعها الأخير مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأشارت الصحيفة نقلا عن الخبير جاكوب كيركيغارد، الباحث البارز في مركز بروغل للأبحاث ومقره بروكسل: “يقر الجميع بأن هذه الاتفاقية كانت سيئة للغاية من الناحية التجارية بالنسبة لأوروبا. ولكن إذا كنت قائدا مسؤولا، فلا خيار أمامك سوى الحفاظ على القوة العسكرية الرائدة في حلف الناتو، أي أمريكا بقيادة ترامب، إلى جانبك”.
ووفقا للصحيفة، فقد تم ذلك جزئيا لحماية الشركات الأوروبية، ولكن أيضا خوفا من أن يستخدم الرئيس الأمريكي هذا كذريعة لتقليص الدعم العسكري لأوكرانيا أو الإضرار بالأمن الأوروبي.
كما جاء في المقال، فإن قلق بروكسل الرئيسي يكمن في أن مراجعة الولايات المتحدة لاستراتيجيتها العسكرية، والتي من المقرر نشر تقرير عنها خلال الأسابيع المقبلة، قد تؤدي إلى انسحاب جزء من القوة الأمريكية البالغ قوامها 800 ألف جندي من أوروبا.
وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التوصل إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي يقضي بخفض الرسوم الجمركية إلى 15%، في خطوة تنهي شهورا من التوتر والغموض حول العلاقات التجارية مع أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts