استشاري نفسي الأطفال: غياب الحوار والقدوة داخل الأسرة يدفع الأبناء لأحضان تيك توك
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
تحول تطبيق “تيك توك” من منصة للترفيه إلى ملاذ نفسي للمراهقين الهاربين من واقع أسري مضطرب، بعدما فقد كثير منهم الشعور بالاحتواء داخل بيوتهم.
فبين الإهمال العاطفي، والعنف، والتدليل الزائد، يجد المراهق نفسه تائهًا بين تطلعاته المرفوضة وأحكام والديه القاسية، ليبدأ رحلة البحث عن الاعتراف والقبول في عالم افتراضي لا يعرف حدودًا.
وفي هذا الإطار، تكشف الدكتورة إيمان النبوي، استشاري نفسي الأطفال، عن الدور الكبير الذي تلعبه الأسرة في صناعة هذا الفراغ النفسي، الذي يستغله “تيك توك” ليصبح المصدر الأول للإشباع والانتماء لدى أبنائنا، حتى لو كان ذلك على حساب الأخلاق والقيم.
إيمان النبوي: بعض الأهالي يظنون أن تلبية الحاجات المادية كافية… لكن الأبناء يفتقدون الحوار والاحتواءقالت الدكتورة إيمان النبوي، استشاري نفسي الأطفال، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن هناك أسبابًا كثيرة تقف وراء تدني مستويات الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين، مؤكدة أن الوالدين في مقدمة هذه الأسباب، بما يفعلونه من إهمال للاحتياجات النفسية لأبنائهم، والاكتفاء بتلبية الاحتياجات المادية فقط، مثل شراء هاتف آيفون أو سيارة حديثة.
وأكدت النبوي أن بعض الآباء يمارسون العنف والعدوان في التعامل مع أبنائهم، ولا يُظهرون حبهم لهم، كما لا يحرصون على الحوار معهم بشأن ما يمرون به من مشاعر سلبية أثناء تواصلهم اليومي مع الآخرين، سواء في المدرسة أو النادي أو غيرها من المواقف الحياتية.
إيمان النبوي: بعض المراهقين يسعون للتريند بأي وسيلة فقط للرد على نظرة أهلهم السلبيةوأضافت أن كثيرًا من الآباء لا يوفرون وقتًا لأبنائهم، ولا يشاركونهم تفاصيل حياتهم اليومية، بل يتجاهلونهم أحيانًا أو يقللون من قدراتهم، مما يدفع هؤلاء الأبناء إلى البحث خارج الأسرة عن الاحتواء المفقود، فلا يجدون سوى منصات مثل تيك توك أو اليوتيوب، حيث يحاولون إثبات ذاتهم، أو الظهور مع أصدقاء فقط من أجل الشعور بالقيادة أو الفوز، ظنًا منهم أنهم قادرون على الانتصار على نظرة أهلهم السلبية لهم.
وتابعت: “للأسف، يرتفع سقف توقعات المراهق من نفسه، فيسعى لأن يصبح ترند بأي طريقة، حتى ولو من خلال محتوى لا أخلاقي، فقط لجذب انتباه الأهل أو إثبات أنه ليس كما يصفونه”.
وشددت النبوي على أن “السوشيال ميديا” أصبحت الملاذ الآمن للمراهق، نتيجة فقدانه الثقة في والديه، بسبب المعاملة السلبية أو المؤذية لطموحه.
وأوضحت أن النتيجة الكارثية لما بين التدليل الزائد والحماية الزائدة أو العنف والإهمال، هو ما نراه حاليًا على منصات التواصل، من شباب صغار يفتقدون للقدوة داخل الأسرة، فتنتهي العملية التربوية بلا نتائج.
واختتمت الدكتورة إيمان النبوي تصريحاتها قائلة: “لا تسألوا المراهق لماذا فعل فعلاً لا أخلاقيًا، بل اسألوا أنفسكم أولًا”
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: تيك توك الصحة النفسية الاحتياجات المادية تطبيق تيك توك إیمان النبوی تیک توک
إقرأ أيضاً:
خلص عليها يوم الفرح.. عريس أنهي حياة زوجته في أسيوط والمحكمة قضت بالإعدام
في وقت تتزايد فيه المخاوف الأمنية والاجتماعية في مصر، تبرز الحوادث المأساوية التي تهز القرى والمدن، لتذكّر الجميع بأن الجريمة ليست مجرد أرقام في تقارير الشرطة، بل حياة بشرية تُزهق، وعائلات تتحطم، ومجتمعات تفقد الأمان النفسي والاجتماعي.
الحادثة الأخيرة في قرية الفيما بمحافظة أسيوط، كانت حينما أقدم عريس شاب على قتل زوجته الصغيرة في أول أيام زواجه، صدمت الرأي العام، وأظهرت حجم التحديات التي تواجهها الأجهزة الأمنية والمجتمع في مواجهة جرائم القتل الأسرية المبنية على الشك والتطرف الذهني.
خلفية الحادثةبدأت مأساة القرية بخبر قصير أرسله الجاني إلى الشرطة: "خلصت على مراتى…" بلاغ اعتبره البعض بداية كابوس حقيقي عند وصول الشرطة إلى بيت الزوجية، الذي كان من المفترض أن يكون عش حب، عُثر على العريس جالسًا بجانب جثة زوجته البالغة من العمر 16 عامًا، ورأسها موضوع قرب باب الحمّام، والسكين بجانبها.
محمد، 24 سنة، طالب جامعي، لم يطرح أي أسئلة ولم يتحقق من أي أمر، بل قادته فكرة قاتلة مبنية على الشك، لينهي حياة فتاة صغيرة في لحظة واحدة، عاكسة مدى خطورة الاندفاع والشكوك الخاطئة في قرارات الإنسان.
أظهرت التحقيقات أن الضحية كانت بريئة من أي تصرف يثير الشك، إذ كشف الطب الشرعي أن غشاء البكارة سليم، والجرح حديث، وأن كل الاتهامات والأوهام التي بنى عليها الجاني قراره لم تكن لها أي أساس من الصحة.
وأكدت التحريات أن الجاني لم يكن يعاني من أي اضطراب نفسي أو فقدان وعي، بل كان قرار القتل مدفوعًا بإدراك كامل وتصرف واعٍ في لحظة من الظلام الذهني.
الحكم القضائي وردود الفعلقضت المحكمة بإعدام الجاني شنقًا، وهو حكم أعاد بعض الشعور بالعدالة لأهل الضحية والمجتمع، ورسم حدودًا واضحة بين السلوكيات المجرمة والمقبولة.
هذا الحادث يسلط الضوء على ظاهرة خطيرة في بعض المجتمعات المحلية، حيث يمكن للشك والخوف المجتمعي والتصورات الخاطئة أن تتحول إلى كابوس يهدد حياة الأبرياء.
وأكد الخبراء الاجتماعيون أن التصدي لهذه الجرائم لا يتوقف عند العقوبة، بل يتطلب حملات توعية ودعم نفسي واجتماعي للشباب والأسر، بالإضافة إلى تعزيز الثقافة القانونية والحقوقية، لحماية المجتمع من الانحرافات الفردية التي قد تتحول إلى جرائم مأساوية.
الحادثة في الفيما ليست مجرد قصة مأساوية، بل تحذير لكل المجتمعات من آثار الانحراف الذهني والسلوكيات المتطرفة، وتجسيد لضرورة التدخل المبكر والتوعية والرقابة الأسرية والاجتماعية للحد من هذه الجرائم التي تهز النفوس وتترك أثرًا طويل الأمد على الأسرة والمجتمع.
من جانبه، قال الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن المجتمع يشهد تصاعدًا مقلقًا في جرائم قتل النساء والعنف الأسري، مما يستدعي وقفة عاجلة لفهم جذور هذه الظواهر. وأوضح أن الأسرة لم تعد تقوم بدورها التربوي كما ينبغي، وأن التحولات الاجتماعية والتكنولوجية الحديثة ساهمت في ظهور أنماط غير مسبوقة من السلوكيات العنيفة والمنحرفة.
وأضاف في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن أي خلل في بناء الأسرة ينعكس مباشرة على سلوك الأبناء، مشددًا على أن حضور الأب والأم ومتابعتهما اليومية أهم من أي رفاهيات مادية، وأن كثرة أفراد الأسرة قد تُضعف قدرة الوالدين على المراقبة، ما يؤدي إلى ظهور سلوكيات منحرفة لدى الأطفال.
وأشار هندي إلى الدور الكبير للإنترنت في تشكيل سلوك الأطفال، حيث يقلدون الشخصيات التي يشاهدونها، خصوصًا المحتوى العنيف، ما قد يحول الأطفال من سلوك طبيعي إلى عدواني ومتعسف.
وشدد على ضرورة تكاتف الأسرة والمجتمع والمؤسسات التعليمية والإعلامية لتعزيز التوعية ودعم الأبناء نفسيًا واجتماعيًا، لضمان نشأة أجيال أكثر أمانًا وسلوكًا متزنًا.