تحول تطبيق “تيك توك” من منصة للترفيه إلى ملاذ نفسي للمراهقين الهاربين من واقع أسري مضطرب، بعدما فقد كثير منهم الشعور بالاحتواء داخل بيوتهم. 

فبين الإهمال العاطفي، والعنف، والتدليل الزائد، يجد المراهق نفسه تائهًا بين تطلعاته المرفوضة وأحكام والديه القاسية، ليبدأ رحلة البحث عن الاعتراف والقبول في عالم افتراضي لا يعرف حدودًا.

وفي هذا الإطار، تكشف الدكتورة إيمان النبوي، استشاري نفسي الأطفال، عن الدور الكبير الذي تلعبه الأسرة في صناعة هذا الفراغ النفسي، الذي يستغله “تيك توك” ليصبح المصدر الأول للإشباع والانتماء لدى أبنائنا، حتى لو كان ذلك على حساب الأخلاق والقيم.

إيمان النبوي: بعض الأهالي يظنون أن تلبية الحاجات المادية كافية… لكن الأبناء يفتقدون الحوار والاحتواء

قالت الدكتورة إيمان النبوي، استشاري نفسي الأطفال، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن هناك أسبابًا كثيرة تقف وراء تدني مستويات الصحة النفسية لدى الأطفال والمراهقين، مؤكدة أن الوالدين في مقدمة هذه الأسباب، بما يفعلونه من إهمال للاحتياجات النفسية لأبنائهم، والاكتفاء بتلبية الاحتياجات المادية فقط، مثل شراء هاتف آيفون أو سيارة حديثة.

وأكدت النبوي أن بعض الآباء يمارسون العنف والعدوان في التعامل مع أبنائهم، ولا يُظهرون حبهم لهم، كما لا يحرصون على الحوار معهم بشأن ما يمرون به من مشاعر سلبية أثناء تواصلهم اليومي مع الآخرين، سواء في المدرسة أو النادي أو غيرها من المواقف الحياتية.

إيمان النبوي: بعض المراهقين يسعون للتريند بأي وسيلة فقط للرد على نظرة أهلهم السلبية

وأضافت أن كثيرًا من الآباء لا يوفرون وقتًا لأبنائهم، ولا يشاركونهم تفاصيل حياتهم اليومية، بل يتجاهلونهم أحيانًا أو يقللون من قدراتهم، مما يدفع هؤلاء الأبناء إلى البحث خارج الأسرة عن الاحتواء المفقود، فلا يجدون سوى منصات مثل تيك توك أو اليوتيوب، حيث يحاولون إثبات ذاتهم، أو الظهور مع أصدقاء فقط من أجل الشعور بالقيادة أو الفوز، ظنًا منهم أنهم قادرون على الانتصار على نظرة أهلهم السلبية لهم.

وتابعت: “للأسف، يرتفع سقف توقعات المراهق من نفسه، فيسعى لأن يصبح ترند بأي طريقة، حتى ولو من خلال محتوى لا أخلاقي، فقط لجذب انتباه الأهل أو إثبات أنه ليس كما يصفونه”.

وشددت النبوي على أن “السوشيال ميديا” أصبحت الملاذ الآمن للمراهق، نتيجة فقدانه الثقة في والديه، بسبب المعاملة السلبية أو المؤذية لطموحه.

وأوضحت أن النتيجة الكارثية لما بين التدليل الزائد والحماية الزائدة أو العنف والإهمال، هو ما نراه حاليًا على منصات التواصل، من شباب صغار يفتقدون للقدوة داخل الأسرة، فتنتهي العملية التربوية بلا نتائج.

واختتمت الدكتورة إيمان النبوي تصريحاتها قائلة: “لا تسألوا المراهق لماذا فعل فعلاً لا أخلاقيًا، بل اسألوا أنفسكم أولًا”


 

طباعة شارك تيك توك الصحة النفسية المراهقيين الاحتياجات المادية تطبيق تيك توك

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: تيك توك الصحة النفسية الاحتياجات المادية تطبيق تيك توك إیمان النبوی تیک توک

إقرأ أيضاً:

الاختلافات الفقهية وأدب الحوار

في لحظات الطواف بين الزحام والأنفاس الراجفة ، رأيت شيخًا مسنًا، عليه وقار العلماء، وسِمت أهل الهيبة والسكينة، يمضي في طوافه بثبات، وقد غطّى كتفه الأيمن بردائه، على خلاف ما اعتاده الناس من الاضطباع.

دفعني حبّ السنة، فدنوت منه بأدب واحترام ، وقلت برفق:

“يا عم، من السنة في الطواف كشف الكتف الأيمن.”

فابتسم، والتفت إليّ بعينٍ هادئة وصوتٍ مطمئن، وقال: “يا بني، ليست هذه سنةٌ متفقًا عليها عند جماهير العلماء، فالإمام مالك – رحمه الله – لم يقل بها، بل يرى أن ستر الكتفين أولى، وهذا ما عليه علماؤنا في المغرب العربي.”

عندها، أدركت أنني لم أقف أمام رجلٍ عادي، بل أمام رُوحٍ فقيهةٍ، ومدرسةٍ صامتة تنطق بالحكمة.

فقلت له بأدب التلميذ: “أفِض علينا مما أفاض الله عليك.”

فحدثني عن الاختلاف الذي هو سعة، لا نزاع، وعن العلماء الذين كانوا يختلفون في المسائل، ثم يُصلّون خلف بعضهم البعض، ولا يزيدهم ذلك إلا توقيرًا ومودة.

قال لي: “الناس يظنون أن الصواب حكر على مذهبهم، ولو علموا أن الأئمة ما اختلفوا إلا لثبوت الأثر عند أحدهم، أو لطريقة في الفهم، ما جُرح بعضهم بعضًا، ولا تطاول أحد على أحد.”

ورضي الله عن الإمام الشافعي الذي قال : والله ما أبالي أن يظهر الحق على لساني أو على لسان خصمي
أتممت طوافي، وأنا أحمل في قلبي نورًا آخر لم أكن أبحث عنه:

نور فقه الخلاف حين يُجمّله الأدب،
ونور الحوار حين يُزينه التواضع،
ونور السنة حين تُفهم في ضوء مقاصدها، لا على ضيق ظاهرها.

فمن بين صفوف الطائفين، عرفت أن الحرم لا يعلّمنا فقط كيف نُكبر ونُلبي… بل كيف نُصغي ونتواضع، وكيف نختلف ونتراحم.

مقالات مشابهة

  • "حمد الطبية" تحذر من ترك الأطفال داخل المركبات خلال الطقس الحار
  • الاختلافات الفقهية وأدب الحوار
  • فضيحة تهز فرنسا.. اعتداء جنسى داخل مستشفى للأطفال
  • أسرة سكندرية تُشارك في انتخابات مجلس الشيوخ وتؤكد: المشاركة مسؤولية وطنية
  • تطور جديد في قضية "ضحايا دلجا ".. إيداع والدة الأطفال مستشفى العباسية للأمراض النفسية
  • استشاري الصحة النفسية: القلق من رنة الهاتف أصبح اضطرابًا نفسيًا
  • استشاري نفسي يحذر من النوم بزعل: أضراره كبيرة
  • في عامها الأول.. ولي العهد الأردني يُهدي ابنته إيمان دعاءً ورسالة حب
  • حتى الأمم المتحدة.. لمن يدفع أكثر