مات الفنان الفلسطيني عادل الترتير أحد أهم مؤسسي المسرح الفلسطيني، كيف أكتب حبي لعادل الترتير؟ بأية طريقة أعبر عن حزني لفراقه؟ والأهم هو كيف أوثق جماله الفريد ومواقفه الجميلة وأوضح عبقريته؟ وكيف أشرح للجيل المسرحي الجديد دروس عادل وحزنه وخبراته؟. كيف عرفتك يا عادل؟ متى رأيتك أول مرة،؟ علاقتي بالمسرح لا تتجاوز عشقي لمشاهدة المسرحيات، أحب هذا الصمت الذي يسبق فتح الستارة، وأفتن بانحناء المسرحيين في آخر المشاهد للجمهور، وانتظر بارتعاش بطل المسرحية وهو ينحني ثم يشير بيديه لفنانين آخرين يخرجون من خلف الستارة احتراما لهم ولدورهم المسرحي، كانت لديّ قناعة أرددها باستمرار لطلابي على شكل عبارة: (من لا يحب المسرح لا يمكن أن يحب الحياة،) ثم أتابع: يا طلابي: أحد أهم معايير انتمائنا للبلد وقضاياه هو حبنا للمسرح، كان من الصعب على الطلاب فهم العلاقة،( يعني يا أستاذ إذا أنا ما حضرت ولا مسرحية في حياتي ما بقدر أكون فدائيا أو ما بكون بحب فلسطين؟).
كنت في الصف الحادي عشر، طالبا في مدرسة عين يبرود الثانوية للبنين، كنا نحن طلاب مخيم الجلزون كل خميس ننهي اليوم المدرسي المتعب بجولة في مدينة رام الله، نتسكع، نرمي دورية عسكرية بحجارة، نأكل الكنافة وسانوديشات الفلافل، ونتوهم أن تلك البنت التي تمر على الرصيف الآخر تحبنا، أو تضحك لنا، كانت أحلامنا بسيطة، نكتفي بها ثم نعود إلى المخيم سعداء بتنفس صغير في مدينة صغيرة. في أحد هذه الأيام، رأيت من بعيد شخصا غريب الشكل، أشقر، بعيون براقة وقوية، وبشارب أحمر وممتد حتى منتصف خديه، كان يمشي مع شخص ما في شارع ركب باتجاه سينما دنيا، فضولي جرني خلفه لأسمع ما يقول، كان هو والشخص الآخر يتناقشان بحدة، لكني كنت أصغي إلى صاحب الشوارب أكثر، صدرت عنه جملة كانت كافية لي لأن أنهي ملاحقتي له وأعود أدراجي ممتلئا حكمة ستظل تلاحقني حتى سنوات:( يا زلمة أنا ما بمثل مسرح، افهمني أرجوك، أنا بتنفس مسرح، المسرح حياتي وبدك أياني أتنازل؟ كأني بتخلى عن تنفسي. يا زلمة) قصة ( تنفس المسرح )، عبارة غريبة على لغتي وقاموسي، لكنها كانت جذابة كنت حساسا للكلام الغامض، الذي ينطقه أشخاص غريبو الأطوار والشكل. كان عادل الترتير في مرمى عيني باستمرار وأنا أبدأ وأنهي عام التوجيهي وأدخل جامعة بيرزيت لأشهر فقط. سنوات قليلة وسيصبح عادل صديقي، الذي أمشي معه في شوارع رام الله، منه عرفت تاريخ الحركة المسرحية الفلسطينية ومنه أحببت المسرح وعرفت حقا أنه أبو الفنون، ومنه أيضا عرفت أن الفنان الحقيقي هو الذي يحب فنه وينتمي له انتماء شرسا، بالمعنى الحقيقي للكلمة، عادل كان كذلك، لم يكن يتسلى، حكى لي قصة بداياته بلغته اللداوية العفوية الصافية: أعطتنا بلدية رام الله أواخر السبعينيات قاعة بلا نوافذ وغير مبلطة، لم تكن قاعة بالضبط، كانت مساحة بأرية ترابية مسقوفة غير مكتملة البناء ملحقة بالبلدية، وكنت فيها أنتظر الفنانين زملائي للتدرب على عرض مسرحي، كنت أصل قبلهم، كانوا إما يتأخرون، أو لا يأتون، فيجن جنوني، وأظل أتساءل: كيف يستهتر الفنان بفنه بهذه الطريقة، كيف؟ كان عادل يطبق أسنانه على أسنانه غيظا وهو يتذكر، ويحكي لي، هذه التصرفات، ويتابع: كنت أكمل المسرحية وحدي، وهذا ما قادني إلى العمل وحدي، فكانت مسرحية "راس روس" التي حكى لي عادل عنها بفخر وحنين وحزن أيضا، كنا في بيته، نعوده في مرضه، كان عادل مرتاحا وهو يحكي لنا عن هذه المينودراما التي هزت رام الله.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: رام الله
إقرأ أيضاً:
سفير المملكة في بروناي يشارك في حفل وداع سفيرة ألمانيا
شارك السفير محمد بن عبدالله البريثن، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى بروناي دار السلام، في حفل العشاء الذي أقامته سفيرة سلطنة عمان الشقيقة، وذلك توديعًا لسفيرة جمهورية ألمانيا الاتحادية السيدة غيردا وينكلر، عميدة السلك الدبلوماسي، بمناسبة انتهاء فترة عملها سفيرة لبلادها لدى بروناي.
ويأتي حضور السفير البريثن في إطار العلاقات الدبلوماسية المتينة التي تجمع المملكة والدول الصديقة، والتقدير المتبادل بين أعضاء السلك الدبلوماسي العاملين في بروناي دار السلام.
حضر سعادة السفير محمد بن عبدالله البريثن حفل العشاء الذي أقامته سفيرة سلطنة عمان الشقيقة توديعا لسفيرة جمهورية المانيا الاتحادية عميدة السلك الدبلوماسي السيدة/ Gerda Winkler
التي إنتهت فترة عملها سفيرة لبلادها لدى بروناي دار السلام. pic.twitter.com/DpwTmLZj2K