الهوية كأداء حكومي: التعديل الوزاري المرحلة الثانية دخلت حيز التنفيذين
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
صراحة نيوز – لا تعني الهوية الوطنية أن نرفع شعارات متكررة، ولا أن نحتمي بتاريخ طويل دون أن نُفعّل أدواته. في الدول الرصينة، تصبح الهوية فعلًا سياسيًا وإداريًا يوميًا، تُجسده السياسات العامة، وتثبته القرارات التي تُنصف الكفاءة وتعيد الاعتبار للعدالة.
من هنا، يُمكن قراءة التعديل الوزاري الأخير في حكومة الدكتور جعفر حسان ليس بوصفه مجرد تصحيح مسار إداري، بل كبوابة إلى تجديد علاقة الدولة بهويتها، وبمواطنيها على السواء.
لقد حمل التعديل خروج عشرة وزراء ودخول تسعة آخرين، غالبيتهم من أصحاب التخصص والخبرة الميدانية في قطاعاتهم. وفي دولة مثل الأردن، حيث ظلت الهوية الوطنية لعقود رهينة التوازنات لا الأداء، فإن إسناد المسؤولية على أساس الكفاءة لا يُعد فقط قرارًا تقنيًا، بل فعل سيادي يعيد الاعتبار لفكرة الانتماء المنتج، لا الانتماء القائم على الوراثة أو الامتياز.
فحين يُعيَّن وزير للنقل يحمل دكتوراه في هندسة المرور، وآخر للبيئة بخبرة إقليمية حقيقية، وثالث للاستثمار خرج من عمق الرؤية الاقتصادية، فهذا يعني أن الدولة بدأت — ولو جزئيًا — تتحول من هُوية تصف نفسها، إلى هُوية تُثبت نفسها بالفعل.
من هو الأردني في ضوء هذا التحول؟
الأردني، كما ترسمه هذه التغييرات، ليس ابن قبيلة أو جهة أو طبقة فقط، بل ابن كفاءة. وكلما اقتربت الحكومة من هذا التصور في بناء فرقها التنفيذية، كلما اقتربنا من تحرير الهوية من سطوة الخطابة، وإعادة إنتاجها كعقد اجتماعي متجدد.
وهنا، تتقاطع مضامين كتاب التكليف السامي مع جوهر هذه الفكرة: لم يعد مطلوبًا من الحكومة أن “تتحدث عن الهوية”، بل أن “تُمارسها” من خلال عدالة الاختيار، وشفافية الإنجاز، وإتاحة الفرص على قاعدة الجدارة لا القرابة.
من الهوية كرمز… إلى الهوية كنظام تشغيل
ربما آن الأوان أن نُعيد تعريف الهوية الوطنية الأردنية ليس كمجموعة رموز فقط، بل كنظام تشغيل يومي للدولة:
في طريقة تعيين المسؤول،
وفي آليات تقديم الخدمة،
وفي وضوح الخيارات الكبرى للدولة.
كل قرار حكومي عادل هو تثبيت للهوية.
كل إنجاز حقيقي يشعر به المواطن هو تعزيز للانتماء.
وكل مسؤول يُحاسب عند التقصير هو ضمان لاستمرار عقد الثقة بين الدولة وأبنائها.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن
إقرأ أيضاً:
لماذا احتفظ وزيرا الداخلية والخارجية بمنصبيهما في التعديل الوزاري؟
صراحة نيوز- رصد
أجرى رئيس الوزراء الأردني د. جعفر حسان، أول تعديل وزاري على حكومته، قبيل إتمامها عامها الأول في السلطة، في خطوة مباغتة من حيث التوقيت، رغم أن التعديل بحد ذاته لم يكن مفاجئاً في مضمونه.
وتميّز التعديل بإرساء “سنّة جديدة”، حيث تم الإعلان مسبقًا عن موعد التعديل وأداء الوزراء الجدد لليمين الدستورية، على عكس ما جرت عليه العادة في الحكومات السابقة.
رغم ما أثير من شائعات وتكهنات عن احتمال مغادرتهما، حافظ وزير الداخلية مازن الفراية ووزير الخارجية أيمن الصفدي على موقعيهما، في مؤشر واضح على ثقة الحكومة والقيادة بدورهما.
الصفدي، الذي واجه انتقادات بسبب مواقفه في ملف غزة، وُصف بأنه كان يعبر عن موقف الدولة لا عن قناعات شخصية، وعرّض نفسه لضغوط داخلية وخارجية جسيمة. ومع ذلك، حافظ على علاقات فاعلة مع الجانب الأميركي، ما يؤكد أن التعامل مع التحديات لا يُحل بمجرد تغيير الأسماء، بل بفهم أعمق للسياسات والدوافع.
أما الفراية، فاعتُبر بقاؤه في موقعه تتويجًا لنجاحه في معالجة ملفات حساسة على مستوى وزارة الداخلية، منها قضايا الحدود والتأشيرات، وملف الثأر والإجلاء، إلى جانب ما يُحسب له من كفاءة مهنية وسياسية تحظى باحترام واسع.
التعديل الذي وصف بـ”عملية جراحية صغيرة”، شمل دخول شخصيات جديدة بارزة، مثل د. إبراهيم البدور وزيراً للصحة، إلى جانب أسماء أخرى ذات خبرة في ملفات اقتصادية وتنموية، من بينها وزير الاستثمار القادم من الديوان الملكي.
من اللافت أن بعض الأسماء التي خرجت كانت قد تعرضت لحملات انتقاد علنية خلال الفترة الماضية، ما جعل خروجها متوقعًا، ليس بالضرورة لأسباب شخصية، بل نتيجة تحديات داخل وزاراتها.
كما حمل التعديل مؤشرات على تعزيز الفريق الاقتصادي، في ظل التحديات التي تواجه الأردن داخليًا وخارجيًا، دون أن يغيب عن المشهد حسابات التوازنات الداخلية والتعويض السياسي.
ورغم التكهنات السابقة حول قرب استقالة الحكومة أو حل مجلس النواب، فإن هذا التعديل يشير إلى اتجاه نحو الثبات والاستمرار في المرحلة الحالية، دون استبعاد التغيير في وقت لاحق إذا دعت الحاجة.
في نهاية المطاف، فإن ما يهم الشارع الأردني ليس فقط تغيير الوزراء، بل تحسين واقعهم المعيشي، وحل المشكلات اليومية، وهو التحدي الأكبر الذي لا يزال ينتظر من الحكومة ترجمة وعودها إلى أفعال ملموسة.