هل ستختفي ظاهرة “وزراء الظل” مع التعديل الوزاري الجديد؟
تاريخ النشر: 7th, August 2025 GMT
صراحة نيوز- بقلم /النائب الدكتور شاهر شطناوي
رئيس لجنة الصحة والغذاء النيابية
إن التعديل الوزاري الذي أجراه دولة الدكتور جعفر حسان اليوم، والذي حظي بسرية تامة ومخالفة لكل التوقعات، أصبح بمثابة حلم تحقق لدى كثير من الأردنيين والمتابعين للمشهد السياسي الأردني، فالحديث عن هذا التعديل منذ شهور أثار جدلا واسعا في موعده المرتقب والوزراء الجدد الذين سيدخلون التشكيل الحكومي.
وفي كل مرة يُعلن فيها عن تعديل وزاري جديد، تتجه الأنظار إلى الوجوه المتبدلة، والتكهنات بالتغيير المنشود، وكأن استبدال الأشخاص كافٍ لتغيير قواعد اللعبة، غير أن ما يغيب عن المشهد العلني هو تلك الظاهرة التي تعمل بصمت، وتحكم الواقع السياسي من خلف الستار، وتُعيد إنتاج الأزمات مهما تبدلت الوجوه: إنها ظاهرة وزراء الظل.
إن هذه التسمية التي خرجت من عباءة الخيال السياسي ليست مجازا إعلاميا أو سردية معارضة، بل تحوّلت في كثير من الحالات إلى حقيقة مؤسسية تتجاوز السلطة الدستورية للوزير، وتُفرغ موقعه من جوهره التنفيذي والسيادي. فـوزير الظل يعبر عن كيان مركّب يتموضع داخل الوزارة نفسها، في هيئة هياكل إدارية، ومراكز قوى بيروقراطية، ومجموعات مستشارين ومديرين دائمين، يتصرفون كأوصياء على القرار الوزاري، ويُعيدون توجيهه أو تجميده وفق مصالح مستقرة.
إن ما يجعل هذه الظاهرة مقلقة ليس فقط قدرتها على تعطيل المبادرات أو إفراغ الخطط من مضمونها، بل لأنها تنتج واقعًا خفيًا لا يخضع للمساءلة، ولا يظهر في الصورة، لكنه يضبط الإيقاع العام للعمل الوزاري، فمن خلال أدوات إدارية دقيقة كتأخير المذكرات، وتحريف المعطيات، وتشتيت الوزير بالمعلومات الناقصة، أو تطويق حركته بمساعدين غير موالين.
في هذا السياق، لا يكون التعديل الوزاري مهما حمل من وعود كافيًا ما لم يُواكبه تفكيك فعلي لتلك الشبكات غير الرسمية التي تستبطن القرار وتُعيد إنتاج الفشل، فما جدوى أن يتولى وزير جديد حقيبة وزارية، بينما أدواته ما تزال مرهونة لولاءات سابقة؟ وما معنى أن يُطلب منه قيادة التغيير، في حين يُسيّر من داخل وزارته بمنظومة لم يخترها ولا يملك السيطرة عليها؟
إن ظاهرة وزراء الظل تكشف عن اختلال بنيوي في فلسفة الإدارة العامة، حيث تُدار مؤسسات الدولة وفق منطق الإدارة بالعرف لا الإدارة بالسلطة، فالمواقع لا تُمنح لمن يملك رؤية أو مشروعًا، بل لمن يُجيد الصمت، ويُحسن العمل في الظل، ويُجيد تطويع الوزير لخدمة ما هو قائم، وبالتالي تتحوّل بعض الوزارات إلى كيانات شبه مغلقة، تتعامل مع الوزير كزائر مؤقت يجب احتواؤه، لا كشخصية سياسية سيادية تملك حق المبادرة واتخاذ القرار.
ومن هنا، فإن تفكيك هذه الظاهرة لا يمكن أن يتم بتغيير الأسماء فقط، إنما بتعديل قواعد العمل الإداري والسياسي، وتكريس مبدأ السيادة المؤسسية للوزير، بوصفه صاحب مشروع وقرار، له أدواته وفريقه ومسؤوليته أمام البرلمان والرأي العام.
فلا بد من إعادة هيكلة الإدارة الوسطى والعليا في الوزارات، ومنح الوزير القدرة القانونية والإدارية على اختيار طاقمه، ومحاسبة من يعرقل قراراته، وفرض آليات رقابة داخلية تكشف شبكات المصالح غير المعلنة، فالديمقراطية لا تُقاس بعدد التعديلات ولا بتجميل البيانات، بل بمدى قدرة المؤسسات على العمل وفق صلاحياتها الدستورية لا وفق الأوامر غير المكتوبة.
إن ظاهرة وزراء الظل ليست عارضًا إداريًا، وإنما يمكن توصيفها كأزمة سياسية بنيوية، تُنتج دولة مزدوجة: واحدة في الصورة، والثانية في القرار، وإذا لم يتم تفكيك هذه البنية، فسيبقى التعديل الوزاري مجرد إعادة توضيب للواجهة، بينما غرفة التحكم الحقيقية تواصل عملها بلا ضوء ولا محاسبة.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن عرض المزيد الوفيات عرض المزيد أقلام عرض المزيد مال وأعمال عرض المزيد عربي ودولي عرض المزيد منوعات عرض المزيد الشباب والرياضة عرض المزيد تعليم و جامعات في الصميم ثقافة وفنون نواب واعيان علوم و تكنولوجيا اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي نواب واعيان تعليم و جامعات منوعات الشباب والرياضة ثقافة وفنون علوم و تكنولوجيا زين الأردن مال وأعمال مال وأعمال اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن اخبار الاردن التعدیل الوزاری
إقرأ أيضاً:
“شهيد الشهامة”.. الشاب المصري يضحّي بحياته من أجل 13 فتاة
صراحة نيوز -لقي شاب مصري مصرعه غرقًا بعدما تدخل لإنقاذ 13 فتاة من الموت المحقق بعد انقلاب حافلتهن في مجرى مائي بمحافظة الإسماعيلية.
وبحسب التفاصيل، اندفع الشاب حسن أحمد حسن (35 عامًا)، وهو عامل زراعي، إلى المياه رغم عدم إجادته السباحة، وكسر زجاج الحافلة لإخراج الفتيات واحدة تلو الأخرى، وتمكن من إنقاذهن جميعًا قبل أن تخور قواه ويسقط في المياه ويموت غرقًا.
وكان الشاب يقيم بمركز أشمون في محافظة المنوفية، وهو أب لثلاث فتيات، وكانت إحدى فتياته تستعد للاحتفال بعيد ميلادها في اليوم التالي.
وأثار موقفه البطولي تفاعلًا واسعًا وإشادة كبيرة من الأهالي ورواد مواقع التواصل، ووصف بأنه “شهيد الشهامة”.
ونقلت جثمانه إلى مستشفى القنطرة شرق تحت تصرف النيابة العامة التي باشرت التحقيقات. وقررت وزارة التضامن الاجتماعي صرف تعويض 100 ألف جنيه لأسرة الشاب، وضم أسرته لبرنامج “تكافل وكرامة” لتقديم الدعم المالي، فضلًا عن التكفل بمصروفات تعليم بناته الثلاث.