هود الحكماني
المتَّهم هو شخص طامح للشهرة، والأداة المستخدمة في الجريمة هي إحدى منصات التواصل الاجتماعي، أما المجني عليهم فهم أفراد المجتمع، هكذا هي أطراف القضية باختصار، بعض منشئي المحتويات على المنصات التفاعلية حتى هذه اللحظة يعتقدون بأن الجلوس خلف هواتفهم النقالة «بالساعات الطويلة» سواء في تصوير أنفسهم والحديث الذي لا قيمة له، أو الدخول في «بث مباشر» مع أطراف آخرين في سبيل تحقيق الشهرة المزعومة، أو الحصول على أموال الداعمين التي لا يُعرف حتى هذه اللحظة «من أين لك هذا؟»، هل هي عمليات مشبوهة كغسل الأموال أو تُنفَق لأهداف أخرى؟
ما لا يعرفه البعض أن التعدي على المجتمع والسعي نحو هدم القيم المجتمعية سواء باللفظ أو الفعل يعد من الجرائم التي يُقدَّم فاعلُها إلى ساحة العدالة، فليس كل «مزاح أو لفظ خارج أو خادش للحياء» يمكن أن يمر مرور الكرام، بل يمكن أن تتحرك القضايا ضدهم إذا تم التبليغ عن هذه التعديات للجهات الرقابية والقانونية المختصة بجرائم تقنية المعلومات.
أسماء مَن يدَّعون بأنهم «مؤثرون اجتماعيًّا» بين لحظة وأخرى، ليس لديها أي محتوى يمكن أن يُصنَّف بأنه يخدم المجتمع أو يمنح المتابعين الفائدة، وللأسف بعض هؤلاء يُعرِّفون أنفسهم بأنهم أبناء من نسيج الوطن العربي، ويقدمون نماذج سيئة، ويعطون لأنفسهم قيمة في المجتمع من خلال ما يقدمونه من صور غير حضارية أو إيجابية.
لا يسألون أنفسهم، لماذا ينجح البعض في تقديم محتوى هادف وبنَّاء، ويفشل آخرون في تحقيق ذلك؟
من البديهي جدا أن نجد لكل عمل ناجح أسسه وقواعده وطرقه الصحيحة للنجاح، فليس كل من «هبّ ودبّ» يعتقد بأنه صانع محتوى مؤثر، التأثير لا يكون من خلال الهبوط بمستوى الذوق العام، أو الحديث عن موضوعات لا تليق بشخص يعرف عادات المجتمع وتقاليده ودينه وخصوصيته وتركيبته السكانية.
إذا كان الهدف هو الحصول على المال فيجب أن يكون هناك مقابل للحصول على تلك الأموال، أما الدخول في «بثوث» طويلة المدة هابطة المستوى، ودون أي قيمة أخلاقية أو أدبية أو علمية، فهذا أمر محزن للغاية ويجب ملاحقة كل من يسيء للوطن والمجتمع.
تتحرك السلطات عندما يتم التبليغ عن مثل هؤلاء العابثين بسمعة الوطن، غير المدركين؛ لأن الصور القبيحة ربما تنتشر في هذا الفضاء الافتراضي المفتوح، فليس كل من أوجد لنفسه حسابا على منصة تفاعلية يعطيه الحق في تجاوز حدود الأدب أو الأخلاق ليطلق على نفسه «المؤثّر».
هناك فرق شاسع ما بين المؤثّر الحقيقي ومروّج الإعلانات؛ فهناك أسماء عالمية وعربية حفرت لنفسها مكانة في قلوب الناس، يقدمون محتويات تبهرك في مضمونها وطريقة تناولها للموضوع وحتى إخراجيا لها لمسات سحرية، أما أصحاب الغرف المغلقة الذين يفتحون البثوث كل يوم فمثل هؤلاء لا يسيئون لأنفسهم فقط بقدر ما يمنحون الآخرين صورة قاتمة عن أفراد المجتمع الذي خرجوا من رحمه وتمرّدوا عليه.
زراعة القيم والمحافظة عليها يمكن أن تكونا ضمن صميم الأعمال التي تُقدَّم عبر المنصات التفاعلية، فنقل الواقع أو البحث عن تفاصيل مهمة يجهلها الآخر يمكن أن تسمع الناس وتحظى بشهرة جماهيرية كبيرة.
هذه المنصات التي تدفع المقابل للمستخدمين لم توضع من محض الفراغ أو دون هدف أو مغزى، بل لها أجندات منظمة، والتقنيات الحديثة في الاتصال المرئي وسهولة الدخول عليها جعلتها متاحة في يد الصغير والكبير، لكن يجب أن تتم مراعاة الأطر القانونية والأخلاقية على حد سواء فقد تكون سلاحا ذا حدين، المال يقابله الإسفاف والانحدار الأخلاقي، وربما يكون المال يقابله السمو بالنفس والعزة للأوطان، فهنا يكون الخيار متاحا أمام الجادين وليس المتطفلين.
علينا أن نراعي حرمات الله وأن نتّقيه في أعمالنا في إنسان يحاسبه الله على قدر عمله، ولا يظن البعض بأن الله غافل عما يفعل الظالمون، بل تنتهي مسيرة الحياة وربما يبقى العمل الطالح الذي لا يخلص الإنسان من ذنوب المعصية، علينا أن نختار طرقات الحياة السليمة من كل عاهات مرضية نفسية، وأن نزكي أنفسنا عن سفاسف الأمور التي لا تجلب إلا أوجاعا لأنفسنا والآخرين.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: یمکن أن
إقرأ أيضاً:
رؤساء المؤسسات المشاركون في قمة المرأة المصرية يستعرضون أسرار النجاح في سوق العمل
في جلسة تفاعلية مليئة بالإلهام والتجارب العملية، بمؤتمر قمة المرأة المصرية ٢٠٢٥، استعرضت مجموعة من أبرز الرؤساء التنفيذيين والقادة في مختلف القطاعات الرئيسية الاتجاهات الحديثة في سوق العمل بمجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM).
وقد شاركت كل من السيدة لبنى هلال، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، والدكتور أحمد جلال، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك المصري لتنمية الصادرات، والسيد حازم حجازي، نائب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لبنك البركة مصر، وهدى منصور، العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس إدارة شركة السكري لمناجم الذهب، وباكينام كفافي، رئيس شركة طاقة عربية، ونيفين الطاهري عضو مجلس الشؤون الاقتصادية لمجلس النواب ومؤسس رئيس مجلس إدارة شركة "دلتا شيلد" للاستثمار- خبراتهم العملية وقصص نجاحهم، مقدمين نصائح قيادية محفزة تدفع الحضور إلى التفكير النقدي واغتنام الفرص التي لا تتكرر، مع تسليط الضوء على التحديات والفرص التي تواجه الشباب والكوادر الواعدة في هذه المجالات الحيوية.
روت لبنى هلال، أول نائبة محافظ للبنك المركزي سابقاً ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، رحلتها المهنية خلال مؤتمر قمة المرأة المصرية الرابعة، مؤكدة أن مسيرتها كانت مليئة بالتحديات والقرارات الصعبة التي شكلت مسارها المهني والإنساني .. بدأت من التخرج في الجامعات الأمريكية بتخصص العلوم السياسية، وكان حلمها الانضمام إلى السلك الدبلوماسي، لكن الزواج والاستقرار جعلها تعيد التفكير في خياراتها.
وتابعت: "التحقت بعد الزواج بماجستير في الاقتصاد، مستفيدة من تخصصين رئيسيين، وتجاوزت تحديات تأجيل المسيرة المهنية للسفر مع زوجي والاعتناء بالأطفال الصغار. بدأت من وظائف أقل وكافحت للوصول إلى المكانة التي حققتها اليوم"، مؤكدةً أهمية الموازنة بين الأسرة والطموح المهني، وموجهة رسالة ملهمة للسيدات لتحقيق أهدافهن رغم الصعاب.
وأوضحت هلال أن مسيرتها لم تكن يومًا للسعي وراء المناصب، بل كانت نابعة من شغف حقيقي بالعمل وكيفية إنجازه على أفضل وجه، بدءًا من توليها منصب أول مدير مالي (CFO) في أحد البنوك، وصولاً لدورها في البنك المركزي حيث شاركت في إصلاح القطاع المصرفي وبرامج الإصلاح الاقتصادي الشاملة.
وأكدت أن إحدى أولوياتها في مواقع القيادة كان بناء جيل ثانٍ من القيادات، مع التركيز على دعم النساء بناءً على الجدارة والاستحقاق، قائلة: "أي حد يستاهل لازم يتزق ويتاخد بإيده، ست أو راجل"
ووجّهت رسالة للشباب بضرورة التوازن بين الطموح والرضا والالتزام بالأخلاقيات المهنية، مؤكدة أن الجمع بين الرضا الداخلي والسلوك المهني القويم يصنع مسارًا مستدامًا وناجحًا.
من ناحية أخرى أكدت رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للاتصالات، أهمية التعامل الواعي مع التطور التكنولوجي المتسارع، مشددة على ضرورة عدم إغفال البعد الإنساني والأخلاقي المصاحب للثورات الصناعية الرابعة والخامسة، إلى جانب التقدم التقني.
وقالت هلال إن دور الآلة لم يعد مقتصرًا على كونها أداة مساعدة، بل أصبحت شريكًا أساسيًا في اتخاذ القرار، داعية لوضع كود أخلاقي يواكب هذا التطور لضمان تنمية متوازنة ومستدامة.
وشددت على أن الشباب لم يعودوا يمثلون المستقبل فقط، بل أصبحوا بالفعل صانعيه، محذرة من تجاهل الجانب الإنساني في التغيرات التقنية، وداعية المؤسسات والأكاديميا والشباب للعمل المشترك لصياغة مستقبل التكنولوجيا في مصر بشكل مسؤول.
من جانبه، أكد حازم حجازي، الرئيس التنفيذي لبنك البركة مصر، أن البنك وضع منذ 2022 رؤية شاملة لمدة ثلاث سنوات، شملت المنافسة مع البنوك الأخرى وتحديد هوية البنك والمنتجات المقدمة للعملاء.
وأشار إلى أن التطور السريع في القطاع المصرفي يتطلب فريق عمل متكامل قادر على ترجمة الرؤية إلى واقع ملموس، مؤكدًا أن لكل شاب خطة يجب أن تكون متوافقة مع مهاراته وقدراته لتحقيق النجاح.
أوضح أحمد جلال، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب للبنك المصري لتنمية الصادرات، أن النجاح المهني يعتمد على إدارة علاقات العمل وفهم الشخصيات المختلفة، مع الجرأة على خوض تجارب جديدة لبناء الخبرة.
وشدد على أهمية التعلم المستمر، وتكوين فرق عمل قوية، واحترام جميع المهن، مؤكدًا أن الإدارة علم ومهارة تحتاج إلى تدريب، وأن التخطيط المسبق يوفر الوقت والجهد على المدى الطويل.
فيما روت نيفين الطاهري رئيس مجلس إدارة شركة "دلتا شيلد" للاستثمار، تفاصيل مسيرتها المهنية، بدءًا من رفض والدها إدخالها الجامعة الأمريكية، والتحاقها بكلية السياسة والاقتصاد، وتعلمها "دراسات الجدوى" من خلال العمل في البنوك.
وأكدت أهمية التعلم الذاتي المستمر وتجنب "الأنا" في العمل، مشيرة إلى أن الوصول للقمة يتطلب المثابرة والالتزام، وأن التجربة العملية هي أفضل مدرسة لبناء الخبرات.
كما أكدت باكينام كفافي، رئيس شركة طاقة عربية، أن حب العمل والثقة في المهارات والفضول للتعلم المستمر هي عناصر النجاح، مشيرة إلى أن التجارب المبكرة والتعليمية شكلت مسارها المهني.
وروت رحلتها الشخصية والمهنية التي واجهت خلالها تحديات عدة، مؤكدة أن الإرادة والقوة تمكنان المرأة من التغلب على العقبات وتحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية.
أوضحت هدى منصور، العضو المنتدب ونائب رئيس مجلس إدارة شركة السكري لمناجم الذهب، أن التفكير بتفاؤل واتخاذ كل خطوة بثقة، مع الاعتماد على الاجتهاد والتعلم، هو مفتاح النجاح المهني للشباب.
وشددت على أهمية مشاركة المعرفة مع الآخرين، وأكدت أن الرؤية الواضحة تحدث فارقًا كبيرًا في تحقيق التقدم والتميز في أي مجال.
وانطلقت اليوم فعاليات قمة المرأة المصرية، النسخة الرابعة تحت عنوان «تمكين الشباب في مجالات :STEM المستقبل يحدث الآن»، تحت رعاية دولة رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي، بمشاركة رفيعة المستوى ضمت وزراء التخطيط، والعمل، والمالية، والزراعة، إلى وعدد من السفراء ورؤساء المؤسسات الدولية، ورؤساء 28 جامعة مصرية وأجنبية.
وتشهد القمة حضورًا واسعًا تجاوز 6 آلاف مشارك من الوزراء وكبار المسؤولين وصنّاع السياسات، وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، والسفراء، وقيادات المؤسسات العامة والخاصة، وأعضاء هيئات التدريس بالجامعات، وقيادات نسائية من مصر والدول العربية والأفريقية، فضلًا عن وفود شبابية من الجامعات الحكومية والخاصة، في خطوة تستهدف تأسيس أول جسر عملي يربط بين المؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص والجهات الدولية، لتمكين الشباب والمرأة من استشراف وظائف المستقبل في مجالات STEM والذكاء الاصطناعي.
وتنعقد القمة، التي ينظمها منتدى الخمسين سيدة الأكثر تأثيرًا بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، وبمشاركة فاعلة من جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، بمقر جامعة النيل الأهلية على مدار يومين، وسط تركيز خاص على التحولات الجذرية التي تشهدها سوق العمل عالميًا، في ظل التسارع غير المسبوق للتطور التكنولوجي وتغير أنماط الإنتاج، بما أعاد صياغة معايير النجاح لتتجاوز التحصيل الأكاديمي إلى امتلاك المهارات التطبيقية والقدرة على التفكير النقدي والتكيف مع المتغيرات.
وتتناول القمة ثلاثة محاور رئيسية، يتصدرها المحور الرئيسي المنعقد بحضور الوزراء وكبار المسؤولين، إلى جانب جلسات وورش عمل متخصصة يشارك فيها نحو 100 متحدث من مصر ودول الخليج، وممثلي كبرى الشركات والمؤسسات الدولية، لمناقشة رؤية سوق العمل والمهارات المطلوبة والفرص المتاحة أمام الخريجين خلال السنوات المقبلة.
كما تشهد القمة توقيع شراكة استراتيجية مع جهاز تنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تستهدف تحويل القمة إلى برنامج طويل الأجل لدعم الشباب وتشجيع ريادة الأعمال، وتوفير مسارات تمويل بديلة خارج الإطار المصرفي التقليدي، بما يفتح آفاقًا أوسع أمام الأفكار الابتكارية والمشروعات الناشئة.