عربي21:
2025-08-12@18:58:34 GMT

حلفاء إسرائيل مذعورون بشأن مصيرها

تاريخ النشر: 12th, August 2025 GMT

دبّ الذعر فجأة في أوصال مؤيدي إسرائيل حول العالم. فالأنظمة الاستعمارية الغربية، بما فيها المستعمرات الاستيطانية البيضاء في أستراليا وكندا ونيوزيلندا، باتت تشعر بقلق بالغ إزاء مصير آخر مستعمرة استيطانية أوروبية في آسيا، حتى المنظمات اليهودية البريطانية والأمريكية المؤيدة لإسرائيل انضمت إلى هذه الجوقة الجديدة من القلقين.



وفي حين دأب مؤيدو إسرائيل الغربيون على الدفاع المطلق عن جرائم إسرائيل المستمرة قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 ومن بعده، باغتهم اليوم نوع من "صحوة الضمير" الأخلاقية تجاه المرحلة الأحدث من الإبادة الجماعية، إذ لم يقتصر الأمر على استمرار القصف الإسرائيلي وإشعال محرقة في غزة، بل تعداه إلى تجويع متعمد للناجين.

وعلى النقيض من الجماعات اليهودية المعادية للصهيونية وغيرها من الجماعات اليهودية اليسارية التي أدانت منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 واحتجت على الإبادة الجماعية الإسرائيلية، حافظت معظم المنظمات اليهودية البريطانية والأمريكية الرئيسة المؤيدة لإسرائيل على موقفها الداعم للجرائم الإسرائيلية. لكن تحولا لافتا طرأ خلال الأسبوعين الأخيرين، ظهر على شكل تصريحات متزامنة، تبدو ظاهريا منسقة، تعرب فجأة عن قلق إزاء المجاعة في غزة.

في 27 تموز/ يوليو، أصدرت "اللجنة اليهودية الأمريكية" المؤيدة لإسرائيل بيانا يدعم "حرب إسرائيل المبررة للقضاء على التهديد الذي تشكله حماس وتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين"، لكنها أعربت عن "حزنها الشديد للخسائر الفادحة التي أوقعتها هذه الحرب في صفوف المدنيين الفلسطينيين"، وزعمت أنها "قلقة للغاية إزاء تفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في غزة". كما رحبت اللجنة "بإعلان إسرائيل عن سلسلة من الإجراءات الإضافية المهمة لزيادة تدفق وتوزيع المساعدات في غزة"، وحثت "إسرائيل ومؤسسة غزة الإنسانية والأمم المتحدة وجميع الأطراف المسؤولة على المشاركة في توزيع المساعدات وعلى زيادة التعاون والتنسيق لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الفلسطينيين في غزة".

لم يقتصر هذا القلق المتأخر على الفلسطينيين على اللجنة اليهودية الأمريكية. ففي الأسبوع ذاته، أعربت الجمعية الحاخامية في نيويورك، التي تمثل الطائفة اليهودية المحافظة، عن قلقها المتزايد "إزاء تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة"، مطالبة "باتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف معاناة المدنيين وضمان إيصال المساعدات". ودعت الجمعية إلى "مستقبل قائم على العدالة والكرامة والسلامة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين"، ودعت إسرائيل إلى "بذل كل ما في وسعها لضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين". واستنادا إلى التعاليم اليهودية، أكدت المجموعة أن "التقاليد اليهودية تدعونا إلى ضمان توفير الغذاء والماء والإمدادات الطبية كأولوية قصوى".

وانضمت إلى هذه الجماعات "حركة الإصلاح" في أمريكا الشمالية، وهي أكبر طائفة يهودية في الولايات المتحدة، والتي عارضت الصهيونية بشدة حتى أربعينيات القرن الماضي. وأصدرت هي الأخرى بيانا في 27 تموز/ يوليو جاء فيه: "لم يُقرّب تصعيد الضغط العسكري ولا تقييد المساعدات الإنسانية إسرائيل من إبرام صفقة أسرى أو إنهاء الحرب". وأضافت أن "إسرائيل يجب ألا تضحي بمكانتها الأخلاقية.. إن تجويع المدنيين في غزة لن يجلب لإسرائيل "النصر الكامل" على حماس الذي تسعى إليه، ولا يمكن تبريره بالقيم اليهودية أو القانون الإنساني".

وبعد بضعة أيام، أكدت رسالة وقّعها أكثر من ألف حاخام من مختلف الطوائف حول العالم "باسم السمعة الأخلاقية ليس فقط لإسرائيل، بل لليهودية نفسها، اليهودية التي نكرّس حياتنا لها"؛ أنه "لا يمكننا التغاضي عن عمليات القتل الجماعي للمدنيين، بمن فيهم عدد كبير من النساء والأطفال وكبار السن، أو استخدام التجويع كسلاح حرب".

لم ينحصر هذا القلق في المنظمات الأمريكية، ففي 29 تموز/ يوليو دعت أكبر منظمة يهودية في المملكة المتحدة، وهي "مجلس المندوبين"، إلى "زيادة سريعة ومتواصلة وغير مقيدة في المساعدات من خلال جميع القنوات المتاحة" لفلسطينيي غزة. ويأتي ذلك بعد شهر فقط من قيامها بمعاقبة أعضائها الذين انتقدوا جرائم إسرائيل في غزة.

كما دعت مجموعة تضم 31 شخصية إسرائيلية بارزة المجتمع الدولي أيضا إلى فرض "عقوبات قاسية" على إسرائيل بسبب جريمتها المتمثلة في تجويع الفلسطينيين. وقد فعلوا ذلك في الأسبوع نفسه الذي قررت فيه منظمتان إسرائيليتان لحقوق الإنسان، هما "بتسيلم" و"أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل"، الانضمام إلى بقية المنظمات العالمية في إصدار تقارير في 28 تموز/ يوليو تُصنّف ما ترتكبه إسرائيل على أنه "إبادة جماعية". ويُقال إن دونالد ترامب نفسه صرخ في وجه نتنياهو خلال مكالمة هاتفية أُجريت مؤخرا طالبا منه التوقف عن إنكار المجاعة.

ومع ذلك، ينبغي الحذر من التعامل مع هذه المشاعر بوصفها إجماعا عالميا؛ إذ أظهر استطلاع رأي أخير بأن 79 في المئة من اليهود الإسرائيليين يقولون إنهم "غير منزعجين" أو "غير منزعجين على الإطلاق" من تقارير المجاعة ومعاناة الفلسطينيين في غزة.

وقد اعترضت معظم الأنظمة الغربية على السياسات الإسرائيلية الأخيرة، لا سيما خطة إسرائيل المعلنة لإعادة احتلال غزة. حتى محررو صحيفة الغارديان البريطانية المؤيدة لإسرائيل باتوا في حالة متقدمة من الذعر، ما دفعهم إلى توجيه تحذيرات صارمة لإسرائيل مؤكدين أن هذه الإجراءات "لا تضمن نصرا عسكريا، بل تُصعّد القتال مع حماس دون أي سبيل لإنهائه". وقد انضم إلى موقف الصحيفة عدد من أبرز حلفاء إسرائيل الغربيين، بمن فيهم بريطانيا وألمانيا وفرنسا وأستراليا ونيوزيلندا وكندا وغيرها، في رفض إعادة الاحتلال، رغم إعلان بنيامين نتنياهو أن هدفه يقتصر على "تحرير غزة من حماس وتمكين حكومة سلمية هناك". وقد حظرت الحكومة الألمانية المؤيدة لإسرائيل للغاية، والتي دعمت جميع الإجراءات الإسرائيلية منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر، مبيعات الأسلحة الجديدة إلى دولة الإبادة الجماعية والتي يمكن استخدامها في محرقة غزة المستمرة.

يتزامن ذلك مع أحدث كمين وخدعة غربية، تتمثل بالاعتراف الشهر المقبل بدولة فلسطينية وهمية، في محاولة يائسة لإنقاذ المستعمرة الاستيطانية الإسرائيلية وحمايتها من نفسها، وللتغطية على الدعم الغربي العلني والنشط للإبادة الجماعية. أما الأنظمة العربية الديكتاتورية التي يرعاها الغرب والتي لم تتردد في دعم الإبادة الجماعية الإسرائيلية، فما انفكت تواصل دعمها لهذه السياسات، ماديا وسياسيا.

لكن ما الذي أوصل الأمور إلى هذا الحد؟ وما الذي جعل هذه المواقف "الإنسانية" تطفو فجأة على السطح؟

 يكمن الجواب في تراكم اعترافات مقرري الأمم المتحدة المستقلين ومنظمات حقوق الإنسان -بما فيها التقارير الإسرائيلية المتأخرة- التي وصفت ما يجري في غزة بأنه إبادة جماعية، الأمر الذي عرقل تماما محاولات الحكومات الغربية ووسائل إعلامها الكبرى لتبرير الجرائم أو إنكارها أو التقليل من حجم الدمار والقتل خلال الأشهر الماضية. وإلى جانب ذلك، كشف الفشل الذريع لإسرائيل في حسم الحرب ضد حماس، فضلا عن عجزها في مواجهة إيران، عن محدودية قدراتها العسكرية التي تبرز فعاليتها أساسا في قتل المدنيين، دون أن تنجح في إخضاعهم. هذا الواقع أصبح مصدر قلق أمني عميق للحكومات الغربية، التي لولا دعمها اليومي -العسكري والاستخباراتي والمالي والدبلوماسي- منذ 8 تشرين الأول/ أكتوبر، لما تمكنت إسرائيل من مواصلة الإبادة الجماعية أو حتى الدفاع عن نفسها أمام من اعتدت عليهم بلا انقطاع لعقود.

إنّ إصرار الحكومة الإسرائيلية، المدعومة من غالبية الناخبين اليهود الإسرائيليين، على المضي قُدُما في سياساتها الإبادية دون هوادة، بات يشكّل خطرا حقيقيا على مكانة البلاد في الرأي العام الغربي، وهو ما زاد الطين بلّة بالنسبة إلى داعميها في الغرب. فباستثناء الولايات المتحدة، الراعية الأساسية لإسرائيل و"الوطن الأم" لمستعمرتها، يتضح بشكل متزايد أن حلفاءها الغربيين لم يعودوا مستعدين للمضي في دعم إبادة الفلسطينيين وتجويعهم وإعادة احتلال غزة بالقدر الذي تطمح إليه إسرائيل.

فهل هم بصدد التخلي عن سفينة تغرق؟

يبدو أننا بتنا قريبين من مصير شبيه بمصير المستوطنين الفرنسيين في نهاية حرب تحرير الجزائر أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات، إذ سئم الفرنسيون من العنف الوحشي الذي مارسه المستوطنون الفرنسيون ضد الجزائريين وحتى داخل فرنسا نفسها، في محاولة يائسة للحفاظ على مستعمرتهم الاستيطانية. ولعلنا نرى اليوم مشهدا متكررا في الحالة الإسرائيلية. إذ تكشف استطلاعات الرأي في مختلف أنحاء العالم الغربي أن غالبية الناس، من اليمين إلى اليسار، تدين الفظائع الإسرائيلية. وحتى في الولايات المتحدة نفسها، لم يعد الرفض حكرا على اليسار، بل امتد ليشمل قطاعات من اليمين المؤيد لترامب، التي باتت هي الأخرى تعارض الدعم الأمريكي المستمر للمستعمرة الاستيطانية.

إن انكشاف السياسات الإسرائيلية الإبادية للرأي العام العالمي صار سيفا مسلطا على رقاب مؤيدي إسرائيل الغربيين المتشبثين بها، وأضحى مصدر قلق حقيقي لديهم من أن إسرائيل، بهذه السياسات المنفلتة، قد تواجه مصيرا مشابها لمصير الجزائر الفرنسية. وما يزيد وطأة هذا القلق هو تحذير نتنياهو نفسه، الذي لم يفتر منذ عقد من الزمن عن التعبير عن خشيته من أن إسرائيل قد لا تتمكن من الصمود لتبلغ عيد ميلادها المئة، مما يمنح هذه المخاوف مصداقية كبيرة ويشي بأن إسرائيل تسير بخطى متسارعة نحو نهايتها المحتومة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه إسرائيل الغربية الدعم إسرائيل دعم الغرب ابادة مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة رياضة سياسة رياضة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة المؤیدة لإسرائیل تشرین الأول فی غزة

إقرأ أيضاً:

أبو تريكة يوجه رسالة صارمة إلى فيفا بشأن الفرق الإسرائيلية

طالب نجم الكرة المصرية السابق محمد أبو تريكة، أمس الأحد، الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي (يويفا) بوقف الفرق والرياضيين الإسرائيليين وسحب مونديال 2026 من الولايات المتحدة، وذلك على خلفية الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

وستقام بطولة كأس العالم في الفترة الممتدة بين 11 يونيو إلى 19 يوليوز 2026، وستستضيفها بشكل مشترك 16 مدينة في 3 دول في أميركا الشمالية، وهي كندا والمكسيك والولايات المتحدة التي ستستضيف معظم مباريات البطولة.

وستقام المباراة النهائية لمونديال 2026 على ملعب نيوجيرسي بولاية نيويورك الأميركية في 19 يوليوز من العام نفسه، وفق ما أعلن (فيفا) سابقا.

وقال أبو تريكة، خلال وجوده بالأستوديو التحليلي لمباراة كريستال بالاس وليفربول على لقب الدرع الخيرية “هناك 760 رياضيا فلسطينيا استُشهدوا على يد إسرائيل، منهم 420 لاعب كرة قدم، فيما دُمرت 140 منشأة كرة قدم”.

وتابع “نشاهد الإبادة بغزة عبر البث مباشر، ونحن هنا نتحدث في المجال الرياضي. الفيفا واليويفا، أوقفا روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، فمتى يتم إيقاف الاحتلال الإسرائيلي، لا نريد كلاما فقط ولكن نريد فعلا حقيقيا”.

وأضاف “على مدار عامين (674 يوما) نشاهد تلك الإبادة ولم يتم إيقاف الفرق أو الرياضيين الإسرائيليين، ولا تخبرونا عن خلط الرياضة بالسياسة، فالأمور بالفعل مختلطة”.

واستطرد أبو تريكة “إذا كنتم تريدون اتخاذ موقف حازم فيجب سحب كأس العالم من الولايات المتحدة فهي مساهمة بشكل مباشر مع إسرائيل، لا للاحتفال مع سمسار العقارات (في إشارة للرئيس الأميركي دونالد ترامب) على منصة التتويج في نهائي كأس العالم للأندية، ويداه ملطختان بالدماء” الفلسطينية.

وتابع انتقاداته “فرنسا وبريطانيا وألمانيا بدأت تغسل يديها من جرائم إسرائيل، هناك إبادة لشعب يحرق ويتم تجويعه، ويتذرعون بأن الفلسطينيين هم من بدؤوا العنف، يجب أن نفهم جيدا أن هذا احتلال وهناك مقاومة تدافع عن أرضها”.

واختتم النجم المصري السابق “إذا كان الفيفا واليويفا صادقين في إدانتهما يجب منع الفرق الرياضية الإسرائيلية من المشاركة، وإلا فإنهما مشاركان بهذه الإبادة، كما هي الحال بالنسبة لنا إذا صمتنا”.

وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.

وخلّفت الإبادة الإسرائيلية 61 ألفا و430 شهيدا و153 ألفا و213 مصابا من الفلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين.

مقالات مشابهة

  • غزة – إجمالي عدد شاحنات المساعدات التي دخلت خلال الـ15 الماضية
  • أبو تريكة يوجه رسالة صارمة إلى فيفا بشأن الفرق الإسرائيلية
  • الصحفي الشجاع الذي أقلق إسرائيل
  • الأمم المتحدة: قرار الحكومة الإسرائيلية بشأن غزة فصل مروع آخر من الصراع
  • الإعلام الحكومي بغزة: المساعدات التي دخلت القطاع لا تكفي إلا 3% فقط
  • الأمم المتحدة: الخطة الإسرائيلية بشأن غزة قد تتسبب بـكارثة جديدة
  • ماذا وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي “لا ترضي أحدا”؟
  • هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت
  • ما وراء خطة نتنياهو بشأن احتلال غزة التي لا ترضي أحدًا؟