ذوبان غير مسبوق للأنهار الجليدية في أميركا وكندا وأوروبا
تاريخ النشر: 16th, August 2025 GMT
أشارت بيانات تحليلية جديدة إلى أن الأنهار الجليدية في جميع أنحاء العالم تذوب بمعدل قياسي، حيث تفقد ضعف كمية الجليد في الفترة من 2021 إلى 2024 مقارنة بالعقد السابق بسبب الحرارة الشديدة وانخفاض تساقط الثلوج، وكانت المعدلات غير مسبوقة بأوروبا والولايات المتحدة.
وكشفت دراسة نشرت في مجلة "رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية" أن الأنهار الجليدية في واشنطن ومونتانا وكولومبيا البريطانية وألبرتا في كندا وجبال الألب السويسرية فقدت كمية هائلة من الجليد بين عامي 2021 و2024.
ولتقييم الذوبان، استخدم الباحثون بيانات من خدمة مراقبة الأنهار الجليدية العالمية، والمسوحات الجوية، وسجلات المناخ، وملاحظات الأقمار الصناعية.
وأدخلوا المعلومات في نموذج حاسوبي لتحليل التغيرات الكتلية في اثنين من الأنهار الجليدية في الولايات المتحدة، و3 أنهار جليدية في كندا، و5 أنهار جليدية في سويسرا.
وقال الدكتور ماثياس هوس، من قسم الهندسة المدنية والبيئية والجيوفيزيائية في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ، إنه تم تحطيم الأرقام القياسية السابقة في معدلات الذوبان.
وواجهت الأنهار الجليدية المدروسة، ظروفا أسهمت في فقدان كتلتها الجليدية، مثل انخفاض تساقط الثلوج في الشتاء، وموجات الحر الطويلة، ومناخات حارة وجافة بين عامي 2000 و2023.
وفقدت الأنهار الجليدية العالمية 301 مليار طن متري من الجليد سنويا، مما أسهم في خُمس الارتفاع الملحوظ في مستوى سطح البحر. وأكدت نتائج الدراسة أن الفترة من 2021 إلى 2024، كانت أسوأ فترة لفقدان الجليد منذ بدء الرصد في ستينيات القرن الماضي.
وفي سويسرا، اختفى عُشر الأنهار الجليدية في عامين فقط (2022 و2023). وأشار هوس إلى أنه "من المثير للاهتمام، ولكن أيضا للقلق، أن نرى أن هذه الظواهر المتطرفة منتشرة على نطاق واسع ولا تحدث في منطقة واحدة فحسب، بل على مستوى العالم.
إعلانولا يؤدي التراجع المتسارع للأنهار الجليدية إلى تفاقم ارتفاع مستوى سطح البحر فحسب، بل ويعرض أيضا توافر المياه العذبة للخطر، ويزيد من المخاطر الجيولوجية، ويغير المناظر الطبيعية الجبلية.
وفي كلٍّ من أميركا الشمالية وسويسرا، كان ارتفاع درجات الحرارة في الصيف عاملا رئيسيا في ذوبان الجليد. تسببت موجة حرّ في يونيو/حزيران 2021 في الولايات المتحدة وغرب كندا في ذوبان هائل للجليد، بينما تسببت موجة حرّ في عام 2023 في اندلاع حرائق غابات مبكرة، مما أثر بشكل غير مباشر على الأنهار الجليدية.
وأدى السخام الناتج عن الحرائق إلى تعتيم الجليد، مما أدى إلى زيادة امتصاصه لأشعة الشمس أكثر من عكسها، مما أسهم في تسريع ذوبانه وتأجيج موجات حر وحرائق أخرى.
وأشار هوس إلى أنه بالإضافة إلى الفقدان السريع للجليد، اختفت بعض الأنهار الجليدية الأصغر حجما تماما، مما قلل من تدفق المياه إلى الأنهار والجداول، وهو ما يشير إلى التأثير الهائل للاحتباس الحراري في العالم بسبب انبعاثات غازات الدفيئة.
وكانت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) قد أكدت في تقرير لها أن الأنهار الجليدية في العالم تعرضت للخسارة الكبرى على الإطلاق في كتلتها على مدى 3 سنوات بين عامي 2022 و2024.
ويغطي أكثر من 275 ألف نهر جليدي في جميع أنحاء العالم مساحة تبلغ 700 ألف كيلومتر مربع تقريبا. وتخزن الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية معا ما يقرب من 70% من موارد المياه العذبة في العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات تغي ر المناخ الأنهار الجلیدیة فی
إقرأ أيضاً:
في الجليد الكوني.. بلورات مخفية بحجم الحمض النووي تفاجئ العلماء
كشف علماء من كلية لندن الجامعية وجامعة كامبريدج أن بلورات مخفية بحجم الحمض النووي في الجليد الكوني قد تُغير الفهم الأساسي السابق للجليد المنتشر في الكون، كما قد تُعيد صياغة ما يعرفه العلماء عن الماء، المركب الذي يعد أساسيا لازدهار الحياة في الكون.
وعلى مدى عقود، ساد بين العلماء اعتقاد بأن الجليد الكوني مُفكك تماما، إلا أن التجارب التي أجراها هذا الفريق بينت أنه مُغطى في الواقع ببلورات صغيرة، وقد تم تحديد هذه البلورات الدقيقة، التي لا يتجاوز عرضها نانومترا واحدا، من خلال عمليات المحاكاة والتجارب المعملية.
ويقول الدكتور مايكل ب. ديفيز، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نشرت في دورية "فيزيكال ريفيو بي"، في تصريحات خاصة للجزيرة نت، "الاسم العلمي للجليد الفضائي هو "الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة"، وهو الشكل الأكثر شيوعا لوجود الماء في الكون".
ويضيف "يختلف الجليد الذي نعرفه على الأرض -مثل مكعب الثلج في مشروبنا- اختلافا كبيرا عن شكله في الفضاء. فعلى المستوى الذري في جليد الأرض، ترتب جزيئات الماء نفسها في نمط سداسي يصنع رقاقات الثلج، ولكن في الفضاء تكون الظروف أقسى بكثير، فدرجة الحرارة حوالي 270 درجة مئوية تحت الصفر أي أنها باردة جدا لدرجة أن الجزيئات لا تمتلك طاقة كافية لترتيب نفسها في هذا الهيكل السداسي".
ويوضح ديفيز أن ذلك دفع بالعلماء إلى الاعتقاد أن جزيئات الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة ستتخذ هيكلة غير منظمة تماما، لكن بعد دراسة الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة، والذي يوجد كمادة أساسية في المذنبات وعلى الأقمار الجليدية وفي سحب الغبار حيث تتشكل النجوم والكواكب، تبين أن ذلك الاعتقاد ربما يكون خاطئا.
وقد وجد الباحثون أن المحاكاة الحاسوبية لهذا الجليد تتطابق بشكل أفضل مع قياسات التجارب السابقة إذا لم يكن الجليد غير متبلور تماما، ولكنه يحتوي على بلورات صغيرة (عرضها حوالي 3 نانومترات، أي أعرض بقليل من خيط واحد من الحمض النووي) مدمجة في بنيته غير المنظمة.
إعلان اكتشاف بلورات الجليدوفي التطبيق العملي التجريبي، أعاد الباحثون عملية التبلور في عينات حقيقية من الجليد غير المتبلور، والتي تشكّلت بطرق مختلفة، ووجدوا أن الجليد غير المتبلور، ليس "غير متبلور" تماما بل يحتوي على العديد من بلورات الجليد الصغيرة المحاطة بمناطق غير منظمة، كما يوضح ديفيز، والذي يضيف أن "الجليد الذي تصل نسبة تبلوره إلى 20%، يبدو مطابقا تماما لبنية الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة، كما هو موضح في دراسات سابقة".
وفي عمل تجريبي إضافي للتأكيد على تلك النتائج، أنشأ فريق البحث عينات حقيقية من الجليد غير المتبلور منخفض الكثافة بطرق متعددة، بدءا من ترسيب بخار الماء على سطح شديد البرودة وصولا إلى تسخين الجليد غير المتبلور عالي الكثافة برفق حتى تتوافر له الطاقة اللازمة لتكوين البلورات.
ويقول ديفيز في تصريحات رسمية: "لدينا الآن فكرة جيدة عن شكل الجليد الأكثر شيوعا في الكون على المستوى الذري، وهذا مهم لأن الجليد يشارك في العديد من العمليات الكونية، على سبيل المثال في كيفية تكوّن الكواكب، وكيفية تطور المجرات، وكيفية حركة المادة في الكون".
ويضيف: "ولهذه النتائج آثار على إحدى النظريات التخمينية حول كيفية وصول صور الحياة القديمة إلى الأرض. ووفقا لهذه النظرية، المعروفة باسم "التبذر الشامل"، حُملت لبنات الحياة الأساسية إلى هنا على متن مذنب جليدي".
وأضاف ديفيز: "تشير نتائجنا إلى أن هذا الجليد سيكون مادة نقل أقل كفاءة لجزيئات أصل الحياة، وذلك لأن البنية البلورية جزئيا تحتوي على مساحة أقل لاحتواء هذه المكونات، ومع ذلك، قد تبقى هذه النظرية صحيحة، إذ توجد مناطق غير متبلورة في الجليد حيث يُمكن احتجاز لبنات الحياة الأساسية وتخزينها".