«جبلٌ على كتفي».. مشهدية شعرية لافتة ومتغيرة
تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT
القاهرة (الاتحاد)
«أجيد التحدث عما يحمل روحي إلى كل عالٍ وعمن نسج روحه بطاقة حب قدمها في يوم أثير عمن سخّر أشجاره السخية لتظلل روحاً بهتت إثر فراق غير محسوب».
ربما يعطي هذا المقطع ضوءاً خاطفاً عن قصيدة سارة حامد حواس، لكن المتأمل عميقاً في كتابها الشعري «جبل على كتفي»، الصادر مؤخراً عن بيت الحكمة للثقافة، يجد نفسه أمام لسان مغاير يحتفي باللغة في إشراقها وتجليها، مبتعداً عن القوالب المقننة، والمحفوظة أكاديمياً، حيث تخلت الشاعرة في نصوص كتابها الشعري عن أكاديميتها الصارمة، والشعر بطبيعته كائن فوضوي يبحث عمن يسكن هذه الفوضى في حركية مستمرة.
وأشارت دار الحكمة إلى أن هذا الكتاب الشعري «يمكن أن تقرأه بوصفه سيرة لروح، أو تتعامل معه بوصفه سجادة تتكون من نسيج واحد، اشتغلته يد عارفة ماهرة في توزيع الألوان وتداخلها، بحيث عندما تنتهي من القراءة تكون قد خرجت برؤية كلية لعالم سارة حواس، عبر شبكة من الجماليات والعلاقات التي تحمل النص الكلي إلى أفق جديد».
وأضافت: «تكتب سارة حواس بضمير المتكلم، ولكن ليس من باب التعظيم والتفخيم، فالشاعر الشاعر لا يفعل ذلك، لأنه آتٍ من مناطق الهزيمة والضعف والانكسار، والكتابة تقويه، وتضعه في مرتبة ومكانة أخريين. ولكنها ذهبت نحو ضمير المتكلم للالتفات بشكل تلقائي من دون تعمُّد أو تكلف، كي لا يسأم قارئها أو يمل، جاذبة إياه، وأيضاً للاعتراف والكشف وإزالة الستر والحواجز، ولا شك أن الشاعرة على وعي بأن الشعر هو الأدب الذي يمارس فيه «ضمير المتكلم» طغيانه، فنحن نرى «أنا» الشاعرة القلقة الباحثة عن المعنى، معنى وجودها، ولغتها، تحملها مخيلة قوية تتسم بالجدة، ومن ثم جاءت النصوص التي قامت على هذا الضمير سلسة، عمادها الوضوح، وليس المباشرة والتقريرية، فالذات الشاعرة تهدم وتبني في الوقت نفسه، فهي تقلب حقائق الأشياء والكائنات، إذ لها نظر خاص إلى هذا العالم، مستخدمة إيقاعات خافتة من خلال التكرار وتتابع ضمير الشاعرة الذي يتكلم، وقد تجلى ذلك في نصوص كثيرة في كتابها الشعري (جبل على كتفي) القائم على العلاقات الشكلية والدلالية المبتكرة بين أجزاء التعبير الشعري».
ويشير التقديم إلى الانسجام والتماسك النصي والترابط بين الأجزاء المتناثرة في الكتاب الشعري، حيث إن «استخدام سارة حواس لضمير المتكلم وتوظيفها له، أضفى على نصها حيوية وحركة في أدائها، وجعل جوهر المعنى قريباً رغم بعده الذي يحتاج إلى تأويل أكثر مما يحتاج إلى شرح أو تفسير. ولا تقع الشاعرة في النمط السائد، فهي تكسر ما تعارف عليه، وتغامر لغوياً خارجة عن السياق الشائع، فهي تغادر ما هو تقليدي وسائد ومكرور، بحيث نجد أنفسنا طوال الوقت أمام دهشة لم تكن منتظرة، فالشاعرة تحول كل ما تراه إلى مادة شعرية، مستنطقة ذاتها بأكثر من طريقة أسلوبية، ذات الشاعرة التي تأسست على ضمير المتكلم (أنا) جاءت في الكتاب الشعري فاعلة ومنتجة للفعل، وبانية للدلالة، حتى أنها تمثل عصب الكتاب الشعري، حيث تثري النص بدلالات متنوعة. وبقدر ما كشفت الشاعرة فقد أضمرت وأخفت وسترت، لإدراكها أن الشعر فن الكشف والإخفاء معاً. وقد وظفت الشاعرة سارة حواس ضمير المتكلم في كتابها الشعري بشكل اعتمد على حاستها وحدسها في تعاملها مع اللغة، الأمر الذي جعل النص الشعري يأتي واحداً محمولاً على الترابط والتماسك.
لغة لا تعرف الكلام
ترتكز سارة حواس على مشهدية لافتة متغيرة تعول على تحولات نفسية وروحية تصعد وتهبط، مستفيدة مما انتهى إليه الشعر في العالم، وما وقر في صدر ذاكرتها التي لا تنسى، معتبرة (الشعر لحظة ميلاد بعد موت طويل)، وأنه (لغة لا تعرف الكلام)، (نزف صامت)، (جسد بقلبين)، وبمصاحبتها الفطرية للشعر جعلتها تكشف عن قانونها غير الملزم لها أو لأحد سواها، لأنه يتغير بتغير الحال، فجرحت قانون السكون والحركة في إيقاعها الشعري، وارتأت أن الشعر (موسيقى تاهت من نوتتها)، و(ساعة بلا عقارب)، و(تفاحة سقطت على رأس نيوتن)».
يضم الكتاب ثمان وثلاثين قصيدة كتبتها الشاعرة سارة حامد حواس في الفترة من أغسطس 2024 إلى مارس 2025، وصدر لها من قبل: «ثقب المفتاح لا يرى: عشرون شاعرة أميركية حائزات جائزتي نوبل وبوليتزر» عن بيت الحكمة للثقافة (يناير 2024)، القاهرة. و«قبلة روحي: مائة قصيدة قصيرة من شعر أحمد الشهاوي»، جامعة كلكتا، الهند (أغسطس 2024)، و«ولاؤهم للروح.. عشرون شاعراً أميركياً حازوا جائزة بوليتزر»، مختارات شعرية وسير، بيت الحكمة للثقافة، يناير 2025، القاهرة. وتعمل الشاعر سارة حامد حواس مدرسة بقسم اللغة الإنجليزية، كلية الآداب، جامعة المنصورة بمصر.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشعر الثقافة اللغة الکتاب الشعری سارة حواس
إقرأ أيضاً:
دواء تجريبي مبتكر يعالج الصلع خلال شهرين
البلاد (وكالات )
أدى دواء تجريبي مبتكر إلى تحفيز نمو الشعر مجددًا في فروة رأس رجال ونساء؛ يعانون الصلع في مقدمة وأعلى الرأس، محققًا نتائج واعدة في التجارب السريرية المبكرة.
وفي تجربة المرحلة 2a (مرحلة مبكرة من المرحلة الثانية)، دلّك المشاركون الدواء المسمى «PP405» يوميًا، ولاحظوا بدء نمو الشعر خلال شهرين من استخدام الدواء، الذي تطوره شركة «Pelage Pharmaceuticals»، التي تتخذ من مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأمريكية مقرًا لها.
وحسب صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، أظهرت النتائج أن 31% من مستخدمي الدواء زادت كثافة شعرهم بنسبة 20%، في حين لم يُلاحظ أي نمو للشعر في مجموعة الدواء الوهمي. كما لم تُسجّل أي آثار جانبية، ولم يُرصد الدواء في الدم، ما يشير إلى احتمالية عدم تأثيره في مناطق أخرى من الجسم. ويعد هذا الاكتشاف مهمًا؛ إذ إن أدوية حالية تستغرق حوالي 6 أشهر لإحداث تأثير ملحوظ، وغالبًا ما يكون الشعر الناتج أرقّ من الشعر الأصلي، كما ترتبط بمخاطر الوصول إلى الدم.