#يوميات #قروي #أردني عادي جدًا
#شبلي_العجارمة
قبل أسبوعين تقريبًا ،وبعد جولة مفاوضات عديدة ،قررنا أن نعمل صيانة لكهرباء البيت : من إبريز صيني قديم واسع الفتحات – بلا قافية – إلى إبريز صيني جديد ذو فتحات ضيقة – برضه بلا قافية – ، وكل الكهربجية الذين تعاقبوا على حقب خراب البيت قالوا نفس العبارات : الكهربجي الي مشتغل عندك ما عنده ضمير ، انا رح اشتغلك شغل تدعي علي آسف تدعيلي ، من ضمن ورشة الصيانة قمنا بتركيب جرس هندي جديد أصلي -على ذمة البائع – ، ولأن زوار البيت اعتادوا على البيت بلا جرس ؛ كانوا يقرعون الباب بقبضة اليد أو بباطن الكف ،او بالمفاتيح أو الخاتم ، وكأنهم يئسوا مني أن أضع جرس البيت ضمن الأولويات ، حتى انا عندما أعود للبيت وأجد عقوبة إغلاق الباب كنوع من التعبير الديموفاميلي عن تأخري ،اقوم بطرق الباب بالمفاتيح لدرجة أنني كسرت الزجاج ذات ليلة،ونسيت أننا قمنا بإصلاح الجرس اصلًا.
تفقدت برميل علف الحمام على السطح والدجاج ، فوجدته فارغًا ، فاتصلت على صديقي خلدون العداربة ، فأشار علي بأخذ طيور الحمام التي لم تعد تنتج وأن سعرها قد أصبح بالحضيض، وأن أقايضها بالعلف ، فأخذت تسعةَ طيورٍ ووضعتها في كرتونة شاي صفراء ثقيلة ، وحين وصلت لتاجر الحبوب كانت جميعها قد فارقت الحياة ،رغم أن مكيف السيارة كان شغالًا طيلة الطريق ، فاضطررت لشراء العلف بالكاش ، وحين عدت للبيت ،وجدت الديك والدجاجتين على حواش سطح البيت ، ينتظرون العلف ، وحين صعد ابني للسطح وجد سبعة أفراخ قد ماتت من العطش والحر .
من ضيق الشعور بالخطيئة اتصلت بأحد الأصدقاء الفلسفجية لأخرج من هذا الجو المشبع بالسلبية ، قال لي : زوجتي عند اهلها ، وانت جاي جيب معك باكيت دخان وكاستبن قهوة وزجاجة ماء معدني .
قمت بتطنيش صديقي ، وأردت الاكتفاء بهاتفي ،فإذا بأنباء وفاة أكثر من شخص – رحمهم الله تعالى – في القرى المحيطة على الفيسبوك ، وحين أردت أن أذهب للتعزية ، أردت التقاط مفتاح السيارة من فوق طاولة المدخل فوجدت رزمة بطاقات دعوة أفراح متفاوتة المواعيد على راتب آخر الشهر ؛ ناهيك عن التي وصلتني على الخاص للمعزة والخصوصية
اخترت أن أجلس مع أسرتي أمام البيت على البرندة ، فإذا بجبهة تفتح من العيارات النارية احتفاء بالتخرج أو الثانوية العامة أو الخطوبة ، فهرولنا إلى غرفة التلفاز طلبًا للآمان في بلاد الآمان .
ما ارويه ليس من باب المداعبة أو الترويح عن النفس ؛ بقدر ما هي تفاصيل أعيشها ويعيشها كل أردني سواء أكان قرويًا أم بدويًا أم مدنيًا ، فالقصة هي منظومة متكاملة تحتوي على لبنات صحيحة وأخرى خاطئة وأخرى خطيئة، وكذلك أسس ضرورية وأسس أضر وأسس عبثية ، والمشهد بكل تجرد يزداد تعقيداً وضبابية ، ولا أحد يمتلك أن يقرع جرس التغيير الاجتماعي ،او يقود ثورة اجتماعية تنطلق من ثوابت المجتمع وقيمه وظروفه الاقتصادية والمعيشية ، فالذي يبحث عن وظيفة لابنه أو ابنته من غير المعقول أن يقيم حفل تخرج سواء للجامعة أو للثانوية بتحويشة عمر ابنه وابنته ! ، ومن يطلب من أهل العروس أن يراعونه بتقليل المهر من غير المجدي أن يقوم بإطلاق ألعاب نارية أو عيارات نارية بمئات الدنانير وقد تصل للآلف.
في مشهد الانفصام الذي نعيش ، نتباكى في الليل على غزة وكل ما ياتي منها ، وفي النهار كأن ذاكرتنا أضعف من ذاكرة السمكة ، تزدحم المواكب ، وتكب الموائد ، وتهدر آلاف الرصاصات الحية ، وكذلك تصطف صالات الأفراح بازدحامٍ أكثر من ازدحام سرفيس العبدلي في الثمانينيات.
تذكرت تلك العائلة العربية الشقيقة التي تعرفت عليها في واشنطن ، كانوا يؤخرون وجبة الإفطار الدسمة لما بعد صلاة العشاء ، وحين قاموا بدعوتي ذات ليلة رمضانية، صلينا العشاء ، فوضعوا بجوار الإفطار الثلج وأصناف من الكحول والمشروبات الروحية ، وانا بطبيعة قرويتي البسيطة كنت استفتي الشيخ في المشروبات الغازية ، وعندما دعاني الفضول لأتساءل عن هذا المشهد ، قالوا لي : بعد العشاء افعل ما تشاء!
المصدر: سواليف
إقرأ أيضاً:
الهدف هو السلام.. البيت الأبيض يعلق على صورة ترامب وبوتين
نشر البيت الأبيض، السبت 16 أغسطس 2025، صورة تجمع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب، مرفقة بعبارة: الهدف دائمًا هو السلام.