لجريدة عمان:
2025-08-17@19:04:48 GMT

مصداقية القطاع الخاص بين الثقة والتسريح

تاريخ النشر: 17th, August 2025 GMT

يمر اقتصاد العالم اليوم بالكثير من التحديات العصرية والتحولات الجذرية، تحديات بعضها تراكمي تعاقبت عليه سنوات وربما عقود مُشَكِّلَة تعقيداته الحالية وتقلباته الآنية، وبعضها سياسي لا يمكن إغفاله مع اشتمال بعضه كوارث غير متوقعة كجائحة كورونا بأثرها على اقتصادات العالم، بعض تلك التحديات اجتماعي نشأ في مجتمعات دون أخرى، وربما في مراكز مدنية معينة ( كالأرياف والقرى ) دون مراكز رئيسة أخرى كالعواصم والمدن الكبيرة، كل ذلك أسلم هذا القطاع للتأرجح في ثباته وحركته سلبا وإيجابا تبعا لنوع المؤثرات وحِدّتها، وقدرة كل من الأفراد والمجتمعات على استيعابها أولا ،ثم تجاوزها و توظيفها توظيفا إنتاجيا خادما لتنمية المجتمعات ورفاه الشعوب.

ومن واقع حاجة الاقتصاد للإنتاجية المعتمدة على قطاعات مختلفة كالصناعة والزراعة والتعدين والطاقة وغيرها صارت العناية بالقطاع الخاص ومساهمته في الإنتاج أمرا ملحا ومطلبا حيويا، وقد كان ما لا بد أن يكون، لكن ما لم يكن ممكنا -عبر عقود من التنمية- مجاراة قدرة هذا القطاع بالمساهمة في التنمية وتغيير وجه الاقتصاد العالمي والمحلي بتعزيز ثقة الناس للانضمام وظيفيا للمساهمة والاستفادة من إنتاجية هذا القطاع بمؤسساته المختلفة وشركاته المتنوعة، مما اضطر الحكومة إلى استقطاب عدد كبير من الوافدين سواء كإدارة عليا أو إشراف أو متخصصين في مجالات مختلفة، أو حتى أيد عاملة حرفية مدربة قادرة على تحدي ظروف المكان والزمان، بعد عقود من التنمية وتركيز التعليم على حاجة سوق العمل من الكفاءات الوطنية لم تزد ثقة الناس في هذا القطاع إلا قليلا، لذلك مرت عقود من الزمن-حتى مع المبتعثين في تخصصات نادرة ودقيقة في مجالات تفيد إنتاجية القطاع الخاص إدارة وتنفيذا؛ متضمنة كل الكفاءات التقنية والفنية- لم يتجاوز فيها الناس النظرة التقليدية لضعف الثقة في ثبات هذا القطاع وضمان أمانه الوظيفي مما دفعهم لضمان مقاعدهم في مؤسسات القطاع الحكومي دون شركات القطاع الخاص، ومع زيادة نصاب القطاع الحكومي من الموظفين نشأت زيادة مشابهة (إن لم تكن مضاعفة) في استقطاب القطاع الخاص للوافدين بتراتبية مقلقة، حتى أتت الشركات الحكومية للمساهمة كذلك في التنمية والاقتصاد ولتقف متوسطة بين القطاعين الحكومي والخاص ولتمنح الشباب شيئا من الثقة في الأمان الوظيفي المفقود(حسب اعتقاد العامة) في القطاع الخاص، ليبدأ المجتمع فعليا في تغيير فكرته التقليدية في القطاعين الخاص والشركات الحكومية وينبري الشباب باحثون عن أفق أرحب في هذه المساحة، ناشدين فرص التدريب والتواصل مع شركات عالمية وشراكات إقليمية ومهارات وعلاوات ما كانوا يحلمون بها، كانوا عند الثقة خصوصا مع تمكنهم أكاديميا وجديتهم وظيفيا للعمل في أصعب الظروف وفي مختلف المواقع، لكن زيادة عدد المواطنين في هذين القطاعين معا لم تكن بالأمر الهين بعد عقود من تمكن وتثبيت الآخر، حتى من التفكير المحلي ذاته الذي رسخ ربط هذه المجالات بالوافد ومهارته، متناسيا أن المهارات مكتسبة يمكن تعزيزها ممارسة وتكرارا، يواجه الشباب تحديات كبيرة في إثبات قدرتهم وإبداعهم واستيعابهم لكل متغيرات الواقع وحاجات الوطن، ولا نكاد جميعا نتلمس ثقة جديدة في هذا القطاع مع سعي الشباب للالتحاق به خاصة أولئك المبتعثين الذين تعودوا التعامل مع الآخر والتأقلم مع الجديد راغبين في هذه القطاعات التنافسية المحفزة للإبداع، ثم تتضاءل الثقة مع الأمل عند أكبر التحديات المعاصرة (جائحة كورونا) حيث جاءت لتعصف باقتصاد كل الدول وما كان من تداعياتها إلا أن أتت على عقود من محاولة صنع الثقة في شركات القطاع الخاص، خصوصا مع أزمة التسريح وحيل الكثير من الشركات للتخلص من أعبائها المالية بتسريح الكثير من موظفيها، ثم ادعاء إعادتهم بعقود مجحفة، ورواتب لا تكاد تصل ربع رواتبهم السابقة ليقع هؤلاء الشباب في مأزق الديون المتراكمة الناشئة عن التزامات سابقة كانت متوافقة مع تصورات واقعهم السابق للتسريح، واستحالة تكييفها للتوافق مع عقودهم المجحفة حاليا.

تأتي أزمة الباحثين عن عمل لتقف مع أزمة التسريح في صف واحد كأبرز تحديات الواقع المعاصر، ومع الأزمتين تتراجع الثقة التي بنيت عبر عقود في قدرة هذا القطاع على استيعاب طاقات الشباب وأحلامهم، ومع الحديث عن التحديات لا بد من وضع تصورات لتجاوزها بأقل قدر ممكن من الخسائر، ولا ينبغي لتلك الخسائر التمثل في طموح الشباب وطاقاتهم وأحلامهم في غد أفضل، لذلك لا بد من إعادة النظر في سياسة الإحلال التي لن تكون يسيرة بالطبع بعد عقود من تثبيت الآخر قدميه على أرض ترسخ في ذهنه اعتقاد يقيني أنها أرضه ونصيبه الذي يستبسل دفاعا عنه بكل السبل المشروعة وغير المشروعة، ولا مجال لأي إشارة للتقليل من الكفاءات العمانية اليوم سواء التقنية والمهنية الفنية أو الإدارية القيادية العليا.

ختاما، لا يمكن إنكار الجهود المبذولة لتجاوز أزمات الواقع الاقتصادي الحالي، كما لا يمكن الصمت عن إمكانية بذل المزيد من الجهد واضعين في الاعتبار ضرورة إعادة الثقة في القطاعين الخاص والحكومي بالمتابعة الدقيقة لسياسة التعمين السابقة، ووضع سياسات أخرى حالية قادرة على الضبط والمراقبة والمتابعة، واثقة من كفاءة العمانيين حرصا على بلوغ غد أفضل وتنمية أكمل، ولا يمكن هنا إغفال التعيينات الجديدة في القيادات العليا سواء في الشركات الحكومية أو في القطاع الخاص، علها تكون خطوة أولى لاستشعار هذه القيادات مسؤوليتها الوطنية في حلحلة أزمات الواقع الحالية، والأخذ بأيدي الشباب المترقبين فرصا للتوظيف أو المتوجسين خيفة من التسريح، يمكن حينها استعادة الثقة في هذه القطاعات وفي كفاءة القيادات الوطنية معا إذ لا يستكفي فرد برفاهيته وترفه وسط دائرة من المتعبين حاملي قلق اليوم وتحديات الغد، حينها يمكن التعويل على إنتاجية أفضل بأكبر شريحة وطنية ممكنة دون إجحاف أو إقصاء عن قصد أو إهمال.

حصة البادية أكاديمية وشاعرة عمانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القطاع الخاص هذا القطاع فی القطاع الثقة فی عقود من لا یمکن

إقرأ أيضاً:

يطبق قريبا..كيف تحدد أجور عمال القطاع الخاص بقانون العمل الجديد 2025؟

أيام قليلة تفصلنا عن تطبيق قانون العمل الجديد، حيث من المقرر أن يتم تنفيذ القانون رسميا بداية سبتمبر المقبل.


ويرغب العديد من الموظفين والموظفات العاملين في القطاع الخاص ، معرفة الضوابط القانونية لتحديد الأجور بقانون العمل الجديد 2025،  بما يضمن الحفاظ على حقوقهم  كاملة .

آليات تنفيذ قانون العمل الجديد على أجندة القومي لحقوق الإنسانحظر تغيير شروط العقد بعد كتابته بقانون العمل الجديد.. تفاصيلبعد تحرك البرلمان.. كيف يقي قانون العمل الموظفين من درجات الحرارة الشديدةقانون العمل الجديد يحدد آليات تشغيل العمالة وتنظيم بيانات السوق.. تفاصيل


و نص قانون العمل الجديد ، على أنه يحدد الأجر وفقًا لعقد العمل الفردى ، أو اتفاقية العمل الجماعية ، أو لائحة المنشأة المعتمدة ، فإذا لم يحدد بأى من هذه الطرق استحق العامل أجر المثلإن وجد ، وإلا قدر الأجر طبقًا لعرف المهنة فى الجهة التى يؤدى فيها العمل ، فإن لم يوجد عرف تولى قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة العمالية المختصة تقدير الأجر وفقًا لمقتضيات العدالة ، مع مراعاة أحكام هذا القانون .


و طبقًا لـ قانون العمل الجديد، تؤدى الأجور وغيرها من المبالغ المستحقة للعامل فى أحد أيام العمل وفى مكانه بالعملة المتداولة قانونًا ، أو فى حساب العامل البنكى ، مع مراعاة الأحكام التالية:


١- العمال المعينون بأجر شهرى تؤدى أجورهم مرة على الأقل فى الشهر .

٢- إذا كان الأجر بالإنتاج أو بالعمولة واستلزم العمل مدة تزيد على أسبوعين، وجب أن يحصل العامل كل أسبوع على دفعة تحت الحساب تتناسب مع ما أتمه من العمل، وأن يؤدى له باقى أجره خلال الأسبوع التالى لتسليم ما كلف به.

3- فى غير ما ذكر فى البندين (۱ ، 2) من هذه المادة تؤدى للعمال أجورهم مرة كل أسبوع على الأكثر ما لم يتفق على غير ذلك.

4- إذا انتهت علاقة العمل لأى سبب يؤدى صاحب العمل للعامل أجره وجميع المبالغ المستحقة له فى مدة لا تجاوز سبعة أيام من تاريخ مطالبة العامل بهذه المستحقات.

وفى جميع الأحوال، يجب ألا يقل ما يحصل عليه العامل عن الحد الأدنى للأجور ، ويحظر احتجاز أجر العامل أو جزء منه دون سند قانوني.

تجدر الاشارة إلى أن أكد وزير العمل محمد جبران، أن قانون العمل الجديد سيدخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر القادم، مشيرا إلى أن القانون يحقق توازنا شاملا بين أصحاب الأعمال والعمال.

طباعة شارك قانون العمل الجديد موظفين أجور القطاع الخاص وزير العمل موعد تطبيق قانون العمل الجديد

مقالات مشابهة

  • وزير الكهرباء: حريصون على زيادة مساهمة القطاع الخاص وتقديم كافة التسهيلات
  • الكهرباء: الوزارة حريصة على زيادة مساهمة القطاع الخاص وتقديم كافة التسهيلات
  • الأمان الأسري وتداعياته
  • المشاط: نتطلع لتوسيع استثمارات القطاع الخاص الياباني في الاقتصاد الأخضر
  • يونس يثمّن قرار استرداد القوانين ويؤكد أهمية التشاركية مع القطاع الخاص
  • مساعد وزير الشباب: التواصل المباشر مع الشباب يرفع وعيهم ويعزز الثقة مع الدولة
  • يطبق قريبا..كيف تحدد أجور عمال القطاع الخاص بقانون العمل الجديد 2025؟
  • عبد الصمد ماهر: القطاع الخاص يمثل 33% من المنظومة الصحية في مصر
  • خصومات تصل لـ50%.. كيف ستنخفض أسعار السلع خلال الفترة المقبلة؟