ما دلالات عدم تسمية سفير أمريكي في العراق منذ مجيء ترامب؟
تاريخ النشر: 31st, August 2025 GMT
أثار إعلان الولايات المتحدة الأمريكية تكليف الدبلوماسي، جوشوا هاريس، بمهام القائم بالأعمال الأمريكي في بغداد، العديد من التساؤلات عن أسباب عدم تعيين واشنطن سفيرا لها في العراق منذ مجيء الرئيس الحالي دونالد ترامب، رغم أنها تصنفه بلدا حليفا لها بالمنطقة.
ويأتي تعيين هاريس بشكل مفاجئ بعد ثلاثة أشهر فقط من تولي سلفه ستيفن فاجن المنصب ذاته، والذي جاء بعد أشهر عدّة من شغور المنصب وتأخر تسمية واشنطن سفيرا جديدا بدلا عن إلينا رومانوسكي السفيرة السابقة فوق العادة، التي انتهت مهمتها منذ نهاية عام 2024.
دلالات مهمة
وبخصوص ما يعنيه تقليل التمثيل الدبلوماسي الأمريكي، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، مثنى أمين، إنه: "دليل على توتر العلاقة واضطرابها وضعفها وعدم قوتها، وكذلك تدل على أن الولايات المتحدة لا تولي الجانب الدبلوماسي أهمية مع العراق بالقدر الكافي".
وأضاف أمين في حديث لـ"عربي21" أن "الولايات المتحدة تمتلك أدوات أخرى غير دبلوماسية لفرض املاءات معينة على العراق أو التعامل معه في غير الإطار الدبلوماسي، وتكون أما بضغوطات اقتصادية أو تهديدات أمنية أو تقليل التدفقات النقدية، وغيرها من المعوقات الأخرى التي يمكن أن تكون أدوات ضغط على السياسة العراقية"، وبخصوص مدى إمكانية التعامل بالمثل، وتقليل التمثيل الدبلوماسي العراقي، قال أمين: "إذا كانت هذه الرغبة الأمريكية، فليست هناك رغبة ولا مصلحة عراقية في تقليل هذا التمثيل".
وتابع لـ"عربي21" قائلا: "رغم أن كل الدول متكافئة من حيث المبدأ والأصل، لكن بلا شك أن الولايات المتحدة دولة مهمة لكل دول العالم، ومن بينها العراق أيضا، فالتعامل بالمثل قد لا يكون هو السبيل الأصوب لتصحيح بعض المشكلات ووضع العلاقة في الإطار الصحيح، بالتالي ليست هذه مصلحة عراقية".
ورأى أمين أن "واحدة من أقرب التحليلات إلى الذهن، هو أن خفض التمثيل الدبلوماسي وسحب موظفين من السفارة هي أنه ثمة توتر قد يحصل في المنطقة، خصوصا مع تأزم العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، وكذلك لها شد سابق مع أطراف عراقية معينة من بينها الحشد الشعبي".
وأردف، قائلا: "بالتالي من الطبيعي أن تتخذ هذه الدولة (أمريكا) إجراءات لحماية منشآتها أو الأفراد العاملين فيها خوفا من تجدد هذا التوتر، وربما هذا مؤشر على أن الأفق السياسي والتفاوضي، وقد ينسد ويتوجه الطرفان إلى تفعل دبلوماسية الصواريخ بدلا من الدبلوماسيات الأخرى، وهذا مؤشر على التوتر والاستعداد له".
وشدد أمين على أن "الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون لديها معلومات تخص مصالحها، ربما استهداف منشآتهم والعاملين فيها، وهذا إجراء احترازي وقد يكون تخطيطي لفعل آخر، ومن غير المستبعد أنه من قبيل الدخول في مواجهات عسكرية محتملة".
"إعلان حرب"
وفي السياق ذاته، قال رئيس "مركز بغداد" للدراسات الاستراتيجية، مناف الموسوي، لـ"عربي21" أن "النظام السياسي القائم حاليا في العراق ساهمت الولايات المتحدة في تأسيسه بشكل كبير عقب احتلال البلاد وتغيير النظام السابق فيه عام 2003.
وأضاف الموسوي خلال حديثه لـ"عربي21" إن: "تقليل التمثيل الدبلوماسي وسحب أغلب الموظفين في السفارة الأمريكية في بغداد يُعد مؤشر، غير إيجابي، وأنه يفترض على المنظومة السياسية تفادي هذه الإشكالية".
وأشار إلى أن "الأخطر من تقليل التمثيل الدبلوماسي الأمريكي، هو أن العراق لايزال تحت الوصاية الأمريكية حتى اللحظة، لأن الأموال العراقية (من بيع النفط) التي تذهب للبنك الفيدرالي محمية بقرار من الولايات المتحدة"، ووصف الموسوي خفض التمثيل الدبلوماسي الأمريكي بأنه "مؤشر على إعلان حرب"، رغم أن الولايات المتحدة ليس من مصلحتها إعلان الحرب على نظام سياسي هي من جاءت به في العراق، والذي لايزال حتى اليوم محسوب عليها".
وأكد الخبير العراقي أن الولايات المتحدة تريد الضغط على العراق بشكل أو بآخر، خصوصا أن أحد أعضاء الكونغرس الأمريكي (الجمهوري جو ويلسون) قدّم قبل مدة قانون أطلق عليه "تحرير العراق من نفوذ إيران"، وكل هذه مؤشرات سلبية.
وشدد على أن "أخطر ما قام به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هو عدم تسمية سفير لبلاده في العراق، والذي ربما يشير أيضا إلى أن المنطقة قد تكون على صفيح ساخن وعودة الصراع الإيراني الصهيوأمريكي، وقد تحاول الولايات المتحدة إخلاء رعاياها من العراق.
وعن مدى قدرة العراق على التعامل بالمثل، قال الموسوي: "لم نسمع أو نشاهد خلال مدة الـ20 عاما الماضية عن قيام الخارجية العراقية بالتعامل بالمثل، ولاسيما أن السفيرة السابقة رومانوسكي كانت لديها تحركاتها ولقاءات بمسؤولين وسياسيين، غبر دبلوماسية، ولم يحتج أحد عليها".
وأعرب الموسوي عن اعتقاده بـ"عدم قدرة العراق على التعامل بالمثل ليس فقط مع الجانب الأمريكي فحسب، وإنما مع الجانبين الإيراني والتركي، عندما كانوا يقصفون أراضي عراقية ولم يتخذ ضدهما أي إجراء دبلوماسي، وهو مؤشر كبير على ضعف الدبلوماسية العراقية.
وكشف رئيس البرلمان العراقي، محمود المشهداني، خلال مقابلة تلفزيونية، الأحد، إن الجانب الأمريكي أبلغ المسؤولين العراقيين، أنه سيفرض عقوبات سياسية واقتصادية وأمنية في حال إقرار قوانين محددة ترفضها واشنطن، وهذه رسالة واضحة تتعلق بقانون الحشد الشعبي.
وتشكل الحشد الشعبي على إثر اجتياح تنظيم الدولة وسيطرته على ثلث مساحة العراق في عام 2014، وذلك باندماج فصائل مسلحة شيعية قريبة من إيران، وأخرى تشكلت في السنة ذاتها بناء على فتوى "الجهاد الكفائي" للمرجع الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية جوشوا هاريس ستيفن فاجن الحشد الشعبي الحشد الشعبي جوشوا هاريس ستيفن فاجن المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أن الولایات المتحدة التعامل بالمثل فی العراق على أن
إقرأ أيضاً:
استمرار العدوان الصهيوني الإجرامي على غزة وتداعيات خطة ترامب .. القوات المسلحة اليمنية تستهدف قلب العدو بعملية نوعية (دلالات وأبعاد العملية)
بينما تتواصل المجازر الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، جاءت العملية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية اليوم باستخدام صاروخ باليستي فرط صوتي “فلسطين2” متعدد الرؤوس، لتفتح فصلاً جديداً في مشهد الإسناد لغزة، هذه الضربة، التي استهدفت مواقع حساسة في القدس المحتلة، تزامنت مع مستجد بالغ الأهمية، موافقة حماس المشروطة على خطة ترامب ، بعد تعديلات تضمن وقف العدوان ورفع الحصار، في ظل تعنّت إسرائيلي ورفض واضح لأي اتفاق لا يحقق الهيمنة المطلقة له.
يمانيون / خاص
تأتي هذه العملية اليمنية في لحظة سياسية مفصلية تعكس فشل إسرائيل في استثمار التفوق العسكري والسياسي الذي منحته إياها “صفقة القرن”، وتُعيد الاعتبار لمحور المقاومة كفاعل متزايد التأثير في تحديد مسارات الصراع في فلسطين والمنطقة.
في التوقيت .. لماذا الآن؟
لأن العدوان على غزة في ذروته، جاءت العملية اليمنية في وقت تتصاعد فيه هجمات العدو الإسرائيلي على القطاع، وسط استخدام مفرط للقوة والقتل الجماعي، ما أعاد التحرك في إطار الالتزام الأخلاقي والسياسي والتمسك بمشروعية المقاومة للعدو،
موافقة حماس المشروطة على خطة ترامب بعد وساطة أطراف إقليمية كانت فرصة للعدو الإسرائيلي لإنهاء الحرب وفق شروط معتدلة نسبيًا، إلا أن رفضه التعاطي بجدية، وخصوصًا عدم الاستعداد لرفع الحصار ووقف العدوان، فضح محدودية تلك الخطة التي بُنيت على فرضيات قوة لم تعد واقعية.
في مضمون العملية دلالات ورسائل استراتيجية
استهداف القدس، بصفتها الاعتبارية الدينية والسيادية، ينقل رسالة سياسية مباشرة، أن أي مكان في فلسطين المحتلة لم تعد بمنأى عن ردود أفعال إقليمية، وأن التصعيد في غزة ستكون له تبعات تتجاوز القطاع.
كما أن إطلاق صاروخ فلسطين2، يمثل دخولًا صريحًا من القوات المسلحة اليمنية في قلب معادلة الردع ضد العدو الإسرائيلي، في تجاوز واضح لما هو أبعد من الدعم السابق الذي بات أكثر تصاعداً .
انهيار معادلات “صفقة القرن”
الفشل الإسرائيلي في استيعاب صدمة موافقة حماس على خطة خطة ترامب إلى تحرك سياسي، والتي كانت تهدف إلى، نزع سلاح المقاومة، وتقويض نفوذ حماس، وتثبيت الوضع القائم في القدس.
لكن الواقع اليوم يُظهر عكس ذلك تمامًا، فحماس ما زالت تقود المعركة، والقدس باتت ساحة استهداف، والقوات المسلحة اليمنية وبقية قوى محور المقاومة، دخلت خط الاشتباك الفعلي.
وفي الوقت الذي كانت فيه صفقة القرن تُعوّل على اتفاقيات التطبيع لتحييد الجبهة العربية، أظهرت العملية اليمنية أن القوات المسلحة اليمنية بات يمتلك أدوات فرض معادلات جديدة، تتجاوز الطرح الأمريكي وتُعيد الاعتبار لقضية فلسطين كقضية مركزية.
رسائل اليمن إلى العدو الإسرائيلي وأمريكا والدول العربية
لا حصانة لكيانكم في أي بقعة، والرد على الجرائم لن يكون محدودًا بفلسطين، وكذلك وحدة المصير بين الشعوب المظلومة ستُترجم إلى عمليات عسكرية، وإلى واشنطن والعواصم العربية، فقد كانت رسائل القوات المسلحة واضحة وقوية، أن مشروعكم المسمى “سلامًا” لا يحصّن أحدًا، وأن من تجاهل حقوق الفلسطينيين سيكتشف أن الحرب ستطرق أبوابه، والشعوب الحرة قادرة على قلب المعادلات، ولو من خارج الحسابات التقليدية.
العملية تُعلن بوضوح أن اليمن، لن يكتفي بالخطابات بل بات فاعلاً في ساحة المواجهة، إلى جوار بقية دول محور المقاومة وهذا يعزز مفهوم الجبهة الممتدة، والتي تهدف إلى إنهاك العدو الإسرائيلي على أكثر من محور في آن واحد.
وكذا قد تُسرّع العملية من جهود الوسطاء الدوليين للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، خشية توسّع رقعة التصعيد.
والعدو الإسرائيلي بات في موقع يُظهره كمن أضاع فرصة تاريخية لإنهاء الحرب في لحظة قبول فلسطيني ذكية بالخطة الأمريكية.
عملية اليمن ليست مجرد دعم لغزة بل إعلان وفاة لخطة ترامب
الضربة الصاروخية اليمنية على القدس المحتلة، في هذا التوقيت وهذه الظروف، ليست حدثًا معزولًا، إنها بمثابة إعلان سياسي وعسكري مفاده أن خطة ترامب قد سقطت ميدانيًا، وأن المقاومة بكل تجلياتها، هي من تعيد اليوم صياغة معادلات الردع وتوازنات القوة في المنطقة.
لقد حاول العدو الإسرائيلي أن يحسم معركته مع غزة تحت غطاء أميركي وعربي، لكنه وجد نفسه أمام جبهة إقليمية متعددة الاتجاهات، أعادت للقضية الفلسطينية مركزيتها، ولقوى المقاومة قدرتها على المبادرة.
فشل العدو الإسرائيلي في اغتنام لحظة “القبول الفلسطيني المشروط”، وتعنّتها في الانفتاح على حل سياسي، أتاح الفرصة لمحور المقاومة لفرض قواعد اشتباك جديدة، قد تكون كفيلة بإعادة صياغة الصراع الفلسطيني، مع الإسرائيلي لعقود قادمة.