المحيط الحيوي للأرض بلغ نقطة تحول حرجة
تاريخ النشر: 31st, August 2025 GMT
تكشف دراسة جديدة أن الأنشطة البشرية دفعت المحيط الحيوي للأرض إلى نقطة تحول حرجة، مما يهدد قدرة الكوكب على دعم الحياة، ويدفع إلى دعوات عاجلة لاتخاذ إجراءات عالمية فورية تتعلق باحتواء أسباب التغير المناخي.
ويقصد بالمحيط الحيوي أو الكتلة الحيوية جميع النظم البيئية والكائنات الحية التي تشملها الأرض وتتفاعل مع بيئتها، ويمتد من أعماق المحيطات إلى أبعد ارتفاع في الغلاف الجوي، ويتضمن الحياة على اليابسة وفي المياه والهواء.
وتسلط الدراسة الضوء على الحالة الحرجة التي وصل إليها الغلاف الحيوي للأرض، مع التركيز على التأثير البشري منذ القرن الـ17، باستخدام نموذج لتتبع التغيرات البيئية، وكشف الاتجاهات المثيرة للقلق على مر القرون.
وتؤكد الدراسة على أهمية الكتلة الحيوية ومصارف الكربون في التخفيف من آثار تغير المناخ، كما تدعو إلى اتخاذ إجراء عالمي شامل لتحقيق التوازن بين المطالب البشرية والحفاظ على البيئة.
وتتعرض سلامة المحيط الحيوي للأرض لتهديد غير مسبوق، مع تراجع قدرة الكوكب على الحفاظ على التوازن البيئي، وتنظيم الوظائف البيئية الأساسية، حسب الدراسة التي أجراها معهد بوتسدام لأبحاث تأثير المناخ وجامعة بوكو في فيينا.
وتتناول الدراسة، المنشورة في مجلة "أرض واحدة" (One Earth)، تدفقات الطاقة الناتجة عن عملية التمثيل الضوئي ودورها في استدامة العمليات الحيوية للحياة.
ويقصد بالتمثيل الضوئي العملية الحيوية التي تحول بها النباتات والطحالب وبعض الكائنات الدقيقة الطاقة الضوئية للشمس إلى طاقة كيميائية تخزن في الغذاء.
ومع تزايد الطلب البشري على الكتلة الحيوية، تُؤكد النتائج الحاجة المُلِحّة للاهتمام والتحرك العالمي لفهم حدود الكوكب حسب الدراسة.
ويشكّل مفهوم حدود الكوكب إطارا لتقييم الحدود البيئية للأرض. وتستند الدراسة المعنية إلى تحديث عام 2023 لهذا الإطار، مؤكدةً على أهمية تدفقات الطاقة الناتجة عن عملية التمثيل الضوئي في الحفاظ على استقرار الكوكب.
إعلانويقول فولفغانغ لوشت، رئيس قسم تحليل نظام الأرض في جامعة بوكو، أن تدفقات الطاقة هذه أساسية للحياة على الأرض. ومع ذلك، تُحوّل الأنشطة البشرية بشكل متزايد جزءا كبيرا منها، مما يُخلّ بالتوازن الدقيق للطبيعة.
تستخدم الدراسة نموذج المحيط الحيوي العالمي، الذي يُحاكي تدفقات الماء والكربون والنيتروجين عبر العالم بدقة عالية، ويُقدم جردا تاريخيا مُفصّلا، مُتتبعًا التطورات حتى عام 1600م.
ويكشف أن التغيرات البيئية المُقلقة بدأت منذ القرن الـ17، مُسجلة تاريخا طويلا من التأثير البشري على النظم البيئية للكوكب، مع بدء الاستغلال المفرط للطبيعة وتزايد انبعاثات غازات الدفيئة.
وترسم الدراسة صورة قاتمة للضغوط على النظم البيئية للأرض خلال القرن الماضي، وتشير إلى أنه بحلول عام 1900، تجاوزت مساحاتٌ كبيرة من الأراضي العالمية الحدود البيئية الآمنة.
وحسب الدراسة، كانت 37% منها في حالةٍ هشة و14% في مناطق عالية الخطورة. أما اليوم، فقد ارتفعت هذه النسب إلى 60% و38% على التوالي.
وتُبرز هذه الإحصاءات التأثير المتسارع للتصنيع، وسوء استخدام الأراضي ومنذ الثورة الصناعية واستنزاف الموارد والنظم البيئية للكوكب.
ورغم أن النتائج مثيرة للقلق، يصف الباحثون الدراسة بأنها إنجاز علمي يُقدم رؤى بالغة الأهمية حول التفاعل بين استغلال الموارد الطبيعية والتأثير البيئي.
كما تبرز الدراسة تجاوز حدود قدرات الكوكب، مدفوعا في المقام الأول بالتوسع الزراعي واستغلال الموارد بشكل غير مستدام.
ومن أهم النتائج التي توصلت إليها الدراسة الترابط بين الكتلة الحيوية ومصارف الكربون الطبيعية مثل الغابات المطيرة والمحيطات في التخفيف من آثار تغير المناخ.
ويؤكد يوهان روكستروم، مدير معهد حماية المحيط الحيوي والمؤلف المشارك في الدراسة، على أهمية التعامل مع حماية المحيط الحيوي والعمل المناخي كقضية واحدة.
ويشير البحث إلى أنه من خلال حماية الكتلة الحيوية وتعزيز مصارف الكربون، يمكن للحكومات أن تلعب دورا محوريا في مواجهة تحديات المناخ العالمية.
ومن خلال إدراك الصلة بين الكتلة الحيوية ومصارف الكربون، يُمكن لصانعي السياسات وضع إستراتيجيات تُعزز الاستدامة البيئية والقدرة على التكيف مع تغير المناخ.
ومع تزايد الضغط على النظم البيئية للأرض وتعقيدات التنمية المستدامة في عالم دائم التغير، تطرح مسألة الموازنة بين الاحتياجات البشرية المتزايدة والحفاظ على الموارد الطبيعية والنظم البيئة، وهو ما يتطلب تضافر جهود الدول والمنظمات غير الحكومية والعلماء والشعوب على حدٍ سواء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات تغي ر المناخ الکتلة الحیویة المحیط الحیوی النظم البیئیة
إقرأ أيضاً:
وول ستريت جورنال: الجيش الأميركي يغير أدواته وتكتيكاته استعدادا لحرب المحيط الهادي
قالت صحيفة وول ستريت جورنال إن عصرا مروّعا من الحروب يلوح في الأفق، مما يجبر الولايات المتحدة على إعادة التفكير في كيفية الاستعداد لصراع القوى العظمى مع الصين.
وكشفت الصحيفة -في مقال بقلم نيهاريكا ماندانا- كيف يمر الجيش الأميركي بمرحلة تحول عميقة في أدواته وتكتيكاته العسكرية استعدادا لاحتمال اندلاع صراع واسع النطاق في المحيط الهادي، ولا سيما في مواجهة الصين.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2خبير روسي: الأزمة الأفغانية الباكستانية قد تشعل حربا طاحنة بشرق آسياlist 2 of 2تجربة مسيّرة "الخفاش الشبح" تغير ملامح حروب المستقبلend of listوبعد عقدين من الحروب غير النظامية في العراق وأفغانستان، بات الجيش الأميركي يواجه واقعا مختلفا جذريا يتميز بساحات قتال مفتوحة، وجزر متناثرة، وتفوق صاروخي وصناعي محتمل لدى الخصم، مما يفرض إعادة نظر شاملة في أساليب القتال التقليدية، كما تقول الكاتبة.
وخلال مناورات عسكرية واسعة أُجريت في هاواي، عرض الجنود الأميركيون -حسب الكاتبة- أحدث ما لديهم من معدات خفيفة وسريعة الحركة، في مقدمتها الطائرات المسيّرة بأنواعها المختلفة، من طائرات استطلاع صغيرة إلى مسيّرات هجومية وانتحارية تدار منفردة أو ضمن أسراب.
ويعكس هذا التحول انتقال الجيش من الاعتماد على أنظمة باهظة ومعقدة إلى معدات أرخص، مرنة وقابلة للاستهلاك السريع، مشابهة لما فرضته الحرب في أوكرانيا من نماذج جديدة للقتال.
الجميع مرئيويؤكد قادة عسكريون أن ساحة المعركة الحديثة لم تعد تقتصر على البر والبحر والجو التقليدي، بل امتدت إلى ما يعرف بـ"السواحل الجوية" وهي المجال الجوي بين الأرض والسماء العالية، حيث تكمن الطائرات المسيّرة وتترصد وتقتل.
وفي هذا السياق، بات الجنود يتدربون على القتال بالطائرات المسيّرة وضدها، وعلى تقليص بصمتهم البصرية والإلكترونية لتفادي الرصد والاستهداف، وسط قناعة متزايدة بأن "الجميع مرئي" في الحروب الحديثة.
وقال اللواء جيمس بارثولوميز، قائد الفرقة 25 مشاة "حقيقة ساحة المعركة الحديثة هي أن الجميع يمكن رؤيتهم".
إعلانوأضاف اللواء أن على الجنود التعامل مع "أول احتكاك" قادم من السماء أو من الطيف الكهرومغناطيسي الذي أصبح هو الواقع الجديد، حيث تتصارع الطائرات المسيّرة وأنظمة التشويش والاستشعار، كما تشير الصحيفة.
وسلّطت الكاتبة الضوء على تغييرات هيكلية داخل الجيش، أبرزها إنشاء وحدات جديدة تجمع بين الكشافة التقليديين، ومشغلي الطائرات المسيّرة، وخبراء الحرب الإلكترونية، بهدف كشف العدو واستهدافه عبر تتبع الإشارات الرقمية لمشغلي المسيّرات.
ومن الإضافات عالية التقنية في هذا المجال -كما تقول الكاتبة- جهاز قابل للارتداء لتعطيل الطائرات المسيّرة، يتكوّن من وحدتين بحجم هواتف آيفون تقريبا، إحداهما، وتسمى "وينغمان" تكتشف الطائرات القادمة، والأخرى "بيتبول" تُعطّلها أو تشوش عليها بما يشبه سهما كهرومغناطيسيا، علما أن التشويش يعني كشف الموقع.
عصر مخيف من الحروبومع كل ذلك يدرك الجنود أن العدو يمتلك مثل ما يمتلكونه، ولهذا أصبحت الحرب الإلكترونية أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأن الجنود الذين يقاتلون بالموجات والإشارات غير المرئية، وكانوا في السابق في الخلف، باتوا الآن في المقدمة "وجها لوجه مع العدو"، بحسب الملازم أول أندريس رودريغيز، الخبير في هذا المجال.
ولم يعد هؤلاء المتخصصون يعملون من الخطوط الخلفية -حسب الصحيفة الأميركية- بل باتوا جزءًا من الاشتباك المباشر، مما يستدعي تدريبا قتاليا بدنيا إلى جانب مهاراتهم التقنية.
ورغم التقدم السريع في تبني التكنولوجيا، يبرز تحدٍّ رئيسي يتمثل في القدرة على الإنتاج الكمي، إذ تنتج روسيا وأوكرانيا ملايين الطائرات المسيّرة سنويا، وتمتلك الصين قدرة صناعية أكبر، في حين يخشى محللون من أن يكتفي الجيش الأميركي بتطوير نماذج متقدمة من دون امتلاك مخزون كافٍ لخوض حرب طويلة الأمد.
ولهذا يسعى الجيش الأميركي إلى تسريع آليات الشراء وتحفيز التصنيع المحلي، مانحا القادة مرونة أكبر في اقتناء التقنيات الحديثة، كما تقول الكاتبة.
وفي الخلاصة رسمت الكاتبة صورة لجيش أميركي يدخل "عصرا مخيفا" من الحروب، حيث تتقاطع التكنولوجيا الرخيصة والفتاكة مع ساحات قتال معقدة وغير متوقعة، مما يفرض على الولايات المتحدة أن تتعلم بسرعة، وأن تختبر عقائدها الجديدة ميدانيا، استعدادا لصراع محتمل قد يحدد ملامح التوازن العسكري في المحيط الهادي لعقود مقبلة.