سنقتلك ونهدم بيتك.. جيش الاحتلال يستهدف التوثيق الشعبي
تاريخ النشر: 5th, September 2025 GMT
نابلس- "سنقتلك ونهدم بيتك" بهذه العبارة هدّد الضابط (في جيش الاحتلال) الفلسطينيَ ناصر صلاح بعد اقتحام منزله واعتقاله إذا واصل توثيق عمليات الاحتلال العسكرية في قريته، ثم أكد تهديده بعبارة "أنا جادّ" وبدأ الجنود الآخرون بركله بأرجلهم وضربه بأعقاب البنادق.
وكانت تهمة المواطن (55 عاما) توثيق اقتحامات قوات الجيش الإسرائيلي المتكررة لقريته بُرقة قرب مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، واعتدائها على المواطنين، لا سيما النساء والأطفال، ونشر ذلك عبر مواقع التواصل لفضح جرائم الاحتلال وعنفه.
وقبل أيام، وبعد منتصف الليل اقتحم الجنود المدججون بالسلاح منزل صلاح واقتادوه، بعد تقييده والاعتداء عليه، إلى بيت آخر في القرية حولوه إلى ثكنة عسكرية ومركز تحقيق ميداني مع المواطنين الذين توالى اعتقالهم وإحضارهم إليه في تلك الليلة.
عقاب ووعيد
لم يخضع ناصر صلاح للتحقيق فعلا، لكنهم كبّلوه وأجلسوه على ركبتيه وأبرحوه ونجله (18 عاما) ضربا بأيديهم وبأعقاب البنادق وهم يتهامسون "هذا (هو) المصور" وكأن التهمة جاهزة، كما يقول صلاح.
ولعدة ساعات ظل الأب وابنه محتجزين، حيث تم قمعه وشتمه بكلمات نابية. ويقول صلاح -الذي يعرف اللغة العبرية جيدا- إنه سمع الجنود يتحدثون فيما بينهم "يصورنا ويُعلِّق على التصوير بصوته مثل قناة الجزيرة".
ويُدرك صلاح أن لتصويره تأثيرا على الاحتلال وجيشه "وإلا لماذا قتلوا شيرين أبو عاقلة؟" كما يضيف متسائلا، وأخبره الضابط بأن العقاب سيكون في المرة القادمة "جماعيا، ولكل الحارة". وقد نالت بعض المقاطع التي صوّرها "ملايين المشاهدات" حسب صلاح.
وبعد إطلاق سراحه، اكتشف الرجل أن الجيش حذف محتوى هاتف ابنه وزوجته التي تحتفظ به منذ سنوات طويلة، وسط استمرار التهديد والوعيد إذا عاد للتصوير.
ولم يتوقف الأمر هنا، بل عاد جنود جيش الاحتلال بعد أيام خلال توغل جديد للقرية، واقتحموا منزل صلاح مرة أخرى وعاثوا به دمارا وخرابا وهددوه إذا صوّرهم، وأخبره أحد الجنود بأنه يتابع التصوير مباشرة عبر "تليغرام".
إعلانومع تصعيد جيش الاحتلال ومستوطنيه عدوانهم على الفلسطينيين، اتخذ المواطنون من التصوير وسيلة لتوثيق جرائمه وفضحه، رغم إدراكهم أنه يفلت من العقاب دائما. وبالمقابل يقوم الجنود والمستوطنون بتصوير هؤلاء المواطنين تمهيدا لاعتقالهم أو معاقبتهم لاحقا.
وقد تصاعدت عمليات التوثيق الجماهيري خلال تنقل المواطنين عبر الحواجز العسكرية المنتشرة بالمئات بين المدن والقرى الفلسطينية بالضفة المحتلة، مما عرّض الكثير منهم للاحتجاز والضرب وتحطيم هواتفهم المحمولة على أيدي الجنود.
وكشفت دراسة حديثة لمركز "صدى سوشيال" المختص برصد الانتهاكات الرقمية، أعدها الباحث أحمد العاروري وحملت عنوان "جندي في هاتفك" تصاعدا خطيرا في انتهاكات إسرائيل الرقمية بحق الفلسطينيين، تمثّلت في تكثيف عمليات تفتيش ومصادرة الهواتف منذ بدء عدوانها على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وجاءت نتائج الدراسة بناء على استطلاع شمل 526 مشاركا من الضفة والقدس المحتلتين، تعرضوا لاعتداءات مختلفة خلال اقتحام منازلهم أو احتجازهم عند الحواجز العسكرية، كالضرب والتفتيش والاعتقال وتكسير الهواتف ومصادرتها.
وفيما يتعلق بالخصوصية الرقمية، أوضحت الدراسة أن 89.2% اضطروا لحذف صور أو تطبيقات من هواتفهم تجنبا للملاحقة، في حين أكد 81.7% أنهم لم يعودوا قادرين على الوصول إلى الأخبار والمعلومات كما في السابق.
كما اضطر 39.4% لإغلاق حساباتهم على مواقع التواصل بشكل كلي أو جزئي. كما استهدف جيش الاحتلال بشكل رئيسي الحسابات التي تنشر صور الشهداء والأسرى وقادة الفصائل ومقاطع للمقاومة الفلسطينية.
وقد ركّزت الدراسة على تطبيق تليغرام الذي تعرّض لفحص أو حذف في 90% من حالات تفتيش الهواتف خلال الاقتحامات أو على الحواجز العسكرية، يليه فيسبوك 36.3% وواتساب 26.9%.
وأوضحت الدراسة أن جيش الاحتلال يسعى من خلال تفتيش الهواتف إلى السيطرة على الوعي الفلسطيني عبر منع تداول صور الشهداء وقادة المقاومة، وفرض رقابة ذاتية قد تدفع الفلسطينيين لتجنّب النشر أو حذف أي محتوى سياسي ووطني.
التوثيق سلاحويقول الإعلامي نواف العامر إن الفلسطيني بات يدرك أهمية الإعلام في فضح إسرائيل وانتهاكاتها، واعتبر "التوثيق ذخيرة تقنية تسهم في نشر وتوسيع ما يتعرض له الفلسطينيون وتثبيت عدالة قضيتهم للعالم" كما أن "الصورة التوثيقية سريعة التأثير وتنتقل في أرجاء العالم بسرعة البرق".
وبرأي العامر، يرى جيش الاحتلال في الصورة وحامل الكاميرا "عدوا وجنديا في الميدان، فعمد إلى استهدافهم وتغييبهم عن نقل المشهد، ولهذا تجاوز عدد الإعلاميين الشهداء 247 شهيدا، وعشرات الصحفيين مغيبون خلف القضبان".
ومن جانبه، يقول المختص بالشأن الإسرائيلي محمد أبو علان إن "التوثيق الشعبي" يقوم به المواطنون سرا وبالعلن ويكشفون عبره عربدة الجيش الإسرائيلي والمستوطنين، إلا أنه وعلى أهميته "ليس رادعا لهم على المستويين العملي والميداني" ورغم ذلك "يقومون بإجراء مضاد، وذلك برصد الجرائم وملاحقة من يقوم بها".
إعلانويشير أبو علان إلى تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية مؤخرا، وجاء فيه أنه منذ بدء الحرب على قطاع غزة قبل 23 شهرا، قتل المستوطنون برصاصهم 19 فلسطينيا، وجزء من هذا موثق بالصوت والصورة "لكن حتى الآن لوائح الاتهام صفر ضد المستوطنين ولا تتم محاسبتهم".
كما أن جيش الاحتلال -حسب أبو علان- يتعامل مع الاقتحامات من زاوية أمنية، وبالتالي لا يهمه التوثيق والنشر لدرجة أنه هو نفسه يُصور أحيانا اعتداءاته، لا سيما تدمير البنية التحتية للمناطق التي يتوغل بها وينشر ذلك، الأمر نفسه يفعله المستوطنون، ولم يتراجعوا قيد أُنملة عن تصرفاتهم.
ورغم ذلك، يؤكد أبو علان ضرورة أن تكون هناك توعية حول آليات التوثيق القانونية لاعتداءات الجيش والمستوطنين بما يخدم مقاضاتهم وملاحقتهم بالمحاكم الإسرائيلية والدولية "ولذلك يبقى للتوثيق الشعبي أهميته في رصد وفضح انتهاكات الاحتلال".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات جیش الاحتلال
إقرأ أيضاً:
ختام مهرجان حمراء الدروع للإبل والموروث الشعبي بعبري
عبري - سعد الشندودي
أسدل الستار اليوم على مهرجان حمراء الدروع للإبل والموروث الشعبي بنيابة حمراء الدروع بولاية عبري بمحافظة الظاهرة، وذلك برعاية معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة، وبحضور سعادة نجيب بن علي الرواس محافظ الظاهرة، إلى جانب عدد من الشيوخ والأعيان وجمع غفير من محبي رياضة الهجن من سلطنة عُمان ودول الخليج العربي.
وشهد المهرجان الحادي عشر مشاركة كبيرة وتنافسًا قويًا بين الهجن المشاركة؛ حيث بلغ عددها نحو 1292 ناقة من سلطنة عُمان ودول الخليج العربي، في تأكيد على المكانة المتنامية التي يحظى بها المهرجان، والذي يشهد تطورًا سنويًا في برامجه وأنشطته وفعالياته المختلفة.
وحول ختام المهرجان، ألقى الشيخ حمد بن مطر الدرعي رئيس لجنة المهرجان كلمة أكد فيها أن مهرجان حمراء الدروع للإبل والموروث الشعبي في نسخته الحادية عشرة شهد مشاركة واسعة من مربي ومُلّاك الإبل من داخل سلطنة عُمان وخارجها، مشيرًا إلى أن الاستعداد للمهرجان بدأ منذ وقت مبكر؛ حيث تم تشكيل عدد من اللجان التنظيمية شملت اللجنة الرئيسية، واللجنة الفنية، واللجنة الإعلامية، ولجنة التنسيق والمتابعة، بما أسهم في إنجاح فعالياته.
وأوضح أن المهرجان أصبح -ولله الحمد- محطة سنوية ينتظرها عشاق رياضة الهجن والموروث الشعبي من مختلف الولايات، واشتمل على باقة متنوعة من الفعاليات التراثية والاقتصادية والثقافية، تمثلت في مزاينة الإبل، وسباق الهجن لسن الفطايم، وركض العرضة، والعروض الشعبية التقليدية، والمسابقات التراثية والثقافية، إلى جانب مسابقة اليولة للشباب على مستوى سلطنة عُمان ودول الخليج العربي، إضافة إلى إقامة قرية تراثية، وسوق شعبي، ومعرض للتمور، ومسابقة لأجود أنواع التمور على مستوى سلطنة عُمان.
وعقب ذلك، قدمت طالبات مدرسة حمراء الدروع للتعليم الأساسي نشيدًا ترحيبيًا نال استحسان الحضور، كما ألقى ثابت بن ذبيان الدرعي قصيدة شعرية وطنية، وقدمت فرقة بن وداد عرضًا للفنون الشعبية التقليدية.
وقبل الختام، اطّلع راعي الحفل والحضور على فعاليات القرية التراثية والسوق الشعبي، بمشاركة العشرات من الحرفيين والحرفيات من سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث عُرضت منتجات حرفية متنوعة وصناعات مرتبطة بالإبل، إلى جانب زيارة معرض التمور الذي شارك فيه عدد من المزارعين والمهتمين بزراعة النخيل من مختلف ولايات سلطنة عُمان، واستعرضوا منتجاتهم من التمور ومشتقاتها.
وأعرب معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة عن إعجابه بحسن التنظيم والإعداد للمهرجان، مشيدًا بالجمع بين التراث والأصالة وتوظيف الممكنات المتاحة لخدمة المجتمع المحلي والاقتصاد الوطني والسياحة، داعيًا إلى مواصلة دعم وتطوير مهرجان حمراء الدروع للإبل، ومقدمًا شكره للجنة المنظمة والقائمين عليه.
تكريم الفائزين
وفي ختام الحفل، قام معالي سالم بن محمد المحروقي وزير التراث والسياحة بتكريم الجهات والمؤسسات الحكومية والأهلية الداعمة والمتعاونة في إنجاح المهرجان، كما تم توزيع الجوائز التشجيعية على الفائزين في سباق المزاينة.
ففي الشوط الذهبي لفئة الحول، حققت المركز الأول الهنوف لمالكها محمد الهاجري من دولة قطر، وجاءت في المركز الثاني السمو لراشد عجين الهاجري من دولة الكويت، وحلت ثالثًا الغزيل لراشد بن سعيد السعيدي من ولاية السويق.
وفي الشوط الفضي المفتوح لفئة الحول، فازت بالمركز الأول نوف لمالكها سيف محمد الخيارين من دولة قطر، وجاءت ثانية مغثة لغالب بن سعيد الرشيدي من ولاية بركاء، وثالثة الشاهينية لعبدالله بن راشد السنيدي من ولاية الكامل والوافي.
أما الشوط البرونزي المفتوح لفئة الحول، فقد حققت المركز الأول سهم لراشد فهد الهاجري من دولة الكويت، وجاءت ثانية حضور لفهد فلاح الهاجري من دولة الكويت، وثالثة الشيخة لحمد بن خلفان المعولي من ولاية وادي المعاول.