آخر تحديث: 9 شتنبر 2025 - 9:41 ص بقلم:ادهم ابراهيم  انتشرت مؤخرًا مقاطع مصوّرة تُظهر شبانًا عراقيين وهم يرتدون الزي العسكري الروسي ويرفعون العلم العراقي في جبهات القتال بأوكرانيا، لتفجّر قضية تجنيد المرتزقة من العراق وتعيد إلى الأذهان مشاهد مشابهة من حروب سوريا ولبنان.الأوضاع الاقتصادية المتردية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، دفعت العديد من الشباب العراقي إلى البحث عن أي مصدر دخل، حتى لو كان عبر الانضمام كمرتزقة في صراعات لا تعنيهم.

التقديرات تشير إلى وجود ما يقارب 500 عراقي في روسيا منذ عام 2023، جرى استقطاب بعضهم عبر وسطاء محليين. اللجنة النيابية للعلاقات الخارجية أقرت بوجود هذه الظاهرة وأعلنت متابعتها رسميًا، لكن الواقع يكشف أن المشكلة أعمق بكثير. فالمعادلة ليست مجرد “شباب بلا عمل”، بل استغلال منظم من قبل شبكات الجريمة السياسية التي حولت العراق إلى سوق مفتوحة للاتجار بالبشر، مرة تحت عناوين عقائدية كما حدث في سوريا، ومرة تحت الحاجة المعيشية كما يحدث اليوم. تعطيل الاقتصاد العراقي عمدًا، وإهمال الصناعة والزراعة والتجارة، جعل آلاف الشباب يقعون فريسة لليأس. بعضهم التحق بمليشيات حزبية مسلحة، وآخرون صاروا سلعة تُباع وتشترى في أسواق الحروب. وحين يغيب الضمير الوطني، يتحول أبناء الشعب إلى وقود لمعارك الآخرين، إما كمرتزقة أو كلاجئين، بينما تجني بعض القوى السياسية أرباحًا طائلة من دماء الفقراء. ما يجري ليس عشوائيًا، بل سياسة ممنهجة وجريمة منظمة، تقودها أحزاب فاقدة لأي التزام وطني أو أخلاقي، تفوقت ببطشها وفسادها على كل الأنظمة السابقة. هذه القوى زرعت الفساد في كل مكان، وشجعت على البطالة والتهميش كي يبقى الشباب تحت رحمة المليشيات وشعاراتها الخادعة. المؤلم أن بعض رجال الدين والسياسة يلتزمون الصمت حيال هذه الكارثة، وكأن المتاجرة بالشباب أصبحت أمرًا طبيعيًا. لكن الحقيقة أن البلد صار مستباحًا، وأن أخطر ما في الأمر أن هذه الظاهرة ليست جديدة، بل جرى التغطية عليها لسنوات، حتى بات المجندون بالمئات وربما بالآلاف. العراق غني بخيراته، لكنه فقير بأيدي ساسته. بدل أن يكون الإنسان فيه هو رأس المال الأعظم، يُترك الشباب ليُستنزفوا في الحروب أو يُحطموا بالمخدرات اوالضياع في المقاهي . إن التاريخ لن يرحم من أوصلهم إلى هذا المصير، وسيظل العار يلاحق من حوّل أبناء البلد إلى سلعة في أسواق الدم. والمشكلة لايمكن حلها الا من خلال حكومة وطنية حقيقية تعالج جذور الأزمة، عبر إعادة بناء الاقتصاد، وتفعيل الصناعة والزراعة، وتوفير ضمان اجتماعي وخدمات أساسية، وفتح مراكز للشباب تعيد إليهم الأمل بدل أن تدفعهم نحو الهجرة أو الارتزاق. إن العراق بحاجة إلى نظام وطني جامع يتجاوز الطائفية والقبلية، ويعيد للشباب ثقتهم بوطنهم. فاستمرار هذا النهج لا يعني سوى مزيد من الانحدار، ومزيد من نزيف الطاقات البشرية التي كان يفترض أن تكون عماد المستقبل .

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

قبل فبراير (شباط) 2022، الموعد الذي بدأت فيه روسيا عمليتها العسكرية في أوكرانيا، بدا كأن الحلم الأوراسي قاب قوسين أو أدنى، بمعنى المزيد من التلاحم الجغرافي والديموغرافي بين القارة الأوروبية وروسيا الاتحادية.

مثّلت ألمانيا القلب النابض للحلم عينه، ولا سيما بعد أن انسحب الجيش الأحمر من ألمانيا الشرقية. وحتى عام 2023، حافظت ألمانيا على علاقة تجارية وثيقة مع موسكو، وخاصة في قطاع الطاقة، ولا بد هنا من الاعتراف بأن المعجزة الاقتصادية الألمانية بعد الحرب الباردة، وبالتالي الازدهار الاقتصادي للاتحاد الأوروبي، بُنيت بفضل إمدادات الطاقة الروسية الرخيصة.

هل حلّت الـ«روسفوبيا» محل الـ«أوروآسيا»؟
ربما الوضع بات أسوأ بكثير إذا أخذنا في الاعتبار الوثيقة التي نشرتها مؤخراً مجلة «نيوزويك» الأميركية، وتحمل عنوان «OPLAN DEU»، أو «أوبلان دوي»، وهي خلاصة عمل بحثيّ استشرافي عسكري ألماني قام به مجموعة من كبار ضباط الجيش، استعداداً للحظات الصدام العسكري المقبلة مع موسكو، من وجهة نظرهم.

الوثيقة/الخطة تقع في نحو 1200 صفحة، ومن أهم ملامحها نشر قرابة مليون جندي من قوات حلف شمال الأطلسي إلى الشرق في حالة الحرب مع روسيا، عطفاً على تفاصيل الطرق عبر المواني والأنهار والسكك الحديدية والطرق السريعة، فضلاً عن نظام لتزويد وحماية القوافل العسكرية.

يؤكد نفر بالغ من مسؤولي ألمانيا، عسكريين ومدنيين، أن روسيا- بوتين، حتماً ستكون مستعدة في وقت مبكر من 2029 لمهاجمة دول حلف الناتو، كما أن سلسلة من حوادث التجسس، والتخريب، وانتهاك المجال الجوي، قد تقوم بدفع موسكو للتحرك في وقت أقرب من ذلك.

المثير في خطة «أوبلان دوي» هو شِقها الآخر، حيث لا تشمل الجيش فحسب، بل تمتد كذلك إلى القطاع الخاص والمستشفيات والشرطة والخدمات المدنية، وهذا يمثل عودة إلى مفهوم «عسكرة المجتمع ككل» بهدف الدفاع، والذي ظل سائراً مهيمناً طوال أربعة عقود تقريباً من مواجهات حلفيْ «وارسو» و«الناتو».

هل يمكن بالفعل لروسيا التي أضعفتها الحرب مع أوكرانيا، أن تخطط لعمليات عسكرية في أوروبا، في المدى الزمني المنظور؟
في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) المنصرم، وخلال المؤتمر السنوي للجيش الألماني في برلين، قال الفريق ألكسندر سولفرانك، قائد القيادة العملياتية للقوات المسلّحة الألمانية: «إنه رغم الحرب في أوكرانيا، لا تزال روسيا تمتلك إمكانات عسكرية هائلة. هذا يعني أن موسكو قادرة، اليوم، بالفعل على شن هجوم إقليمي محدود على أراضي حلف شمال الأطلسي».

والشاهد أنه ليست ألمانيا فحسب التي تنتابها حالة الـ«روسفوبيا»، ففرنسا وبولندا تؤمنان أيضاً بأن الكرملين يعيد بناء قواته البرية والمدفعية والجوية، ناهيك بجحافل الدرونز، كما يخطط لتوسيع قواته العسكرية النشطة إلى 1.5 مليون جندي، وخاصة في ضوء العروض السخية للعمل في الخطوط الأولى للجبهة، وتعهدات بتخفيف أعباء الديون، وتوفير رعاية للأطفال، ومقاعد في الجامعات للأبناء، وحتى دون النظر للسجلات الجنائية.

يشارك الجنرال المتقدم، دافيد بتريوس، مدير الاستخبارات المركزية الأميركية السابق، الأوروبيين، القلق نفسه، وعنده أنه إذا افترضنا أن بوتين قادر على الاستمرار في تمويل مكافآت التجنيد الضخمة والعثور على القوى العاملة المدعوة حالياً للخدمة، فإن روسيا يمكنها أن تستمر في هذا النوع من الحملة المكثفة والمُرهقة التي ميزت أعمال القتال.

يتكشف لنا، الآن، السبب في التصريحات المثيرة، وربما المخيفة، التي أطلقها سيد الكرملين، أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وقبل لقائه المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، للتباحث حول الخطة الأميركية لإنهاء الحرب مع أوكرانيا.

وصرح بوتين بالقول: «لا نخطط للحرب مع أوروبا، لكن إذا أرادت أوروبا فنحن مستعدون لها».
لم تكن إذاً تصريحات بوتين عشوائية، فرجل الـ«كي جي بي» لا يضيع، مهما مرّ من الزمن، وهواجس ألمانيا الآرية، في ثوبها القومي الشوفيني المتصاعد، لا تغيب عن أعين صقر المخابرات الروسية السابق ورئيسها الحالي.

لكن على الجانب الآخر، هناك من يرى أن ألمانيا تستفز روسيا، التي لا تزال قواتها في الجانب الشرقي من أوكرانيا وفي القرم، وبعيداً عن أي تهديد فعلي. أضفْ إلى ذلك أنه لو رغب القيصر الروسي في قصف أوروبا جواً وبراً وبحراً، فلن يثنيه شيء.

وبالنظر إلى رؤية الرئيس ترمب لأوروبا، كما وردت في استراتيجية الأمن القومي الجديدة، يمكن القطع بأن واشنطن لا تسعى لأي صدام مع موسكو.
هنا السؤال: هل الخوف من روسيا يمكن أن يُدخلها في خانة غير المتوقع الذي يحدث عادة؟
تبدو ليالي 2026 حُبلى بالمفاجآت.

الشرق الأوسط

مقالات مشابهة

  • عبد الحليم قنديل: الحرب الروسية الأوكرانية تتحول لأزمة عالمية نتيجة دعم الغرب لـ كييف
  • الشرق الأوسط بعد أوهام الردع.. حين تُدار الحروب بدل أن تُمنع
  • انقضاء عام 2025 والحرب تقتل حاضر ومستقبل السودانيين
  • جروسي يدعو لضبط النفس في الحرب الروسية الأوكرانية لتجنب وقوع حوادث نووية
  • مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية يحذر من حوادث نووية محتملة في الحرب الأوكرانية
  • خبير: استمرار الحرب الروسية الأوكرانية يحمل تداعيات خطيرة عسكريًا واقتصاديًا
  • المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية
  • تراجع جماعي للأسواق الأوروبية بفعل التوترات الروسية الأوكرانية وتحذيرات الناتو
  • الدفاع الروسية تعلن القضاء على مجموعة من القوات المسلحة الأوكرانية في غوليايبولي
  • القوات الروسية تنفذ 6 هجمات ضد المؤسسات العسكرية الأوكرانية