علق عبدالغني العيادي، المستشار السابق في البرلمان الأوروبي، على التظاهرات الحالية في فرنسا، موضحًا أن هذه التظاهرات لا تعكس أزمة ديمقراطية بقدر ما تُعبّر عن تقاليد سياسية راسخة في الشارع الفرنسي، الذي لطالما استخدم الاحتجاج كأداة للتعبير عن موقفه من السلطة.

 التظاهرات الحالية في فرنسا الأسهم الأوروبية تصعد قبيل تصويت حاسم لحجب الثقة عن رئيس وزراء فرنسا فرنسا تُرحب بدعوة الجامعة العربية إلى تنفيذ "إعلان نيويورك" لتنفيذ حل الدولتين

وأوضح العيادي خلال مداخلة عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، أن هذه التحركات التي تأخذ طابعًا سياسيًا حزبيًا في بعض جوانبها، تعبر عن رفض واضح من قبل اليسار المتطرف وبعض القوى الاجتماعية لسياسات الرئيس إيمانويل ماكرون، لكنها تبقى ضمن الأطر الديمقراطية.

وأشار إلى أن دوافع الاحتجاجات تتجاوز مجرد الاعتراض على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، لتمتد إلى أزمة ثقة أعمق بين المواطنين والمؤسسات السياسية، خصوصًا بعد سلسلة من الصدمات السياسية والاجتماعية التي شهدتها فرنسا في السنوات الأخيرة، بدءًا من احتجاجات "السترات الصفراء" وحتى أزمة تعديل نظام التقاعد.

وأشاف أن نتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة زادت من هذا الاستياء، في ظل غياب أغلبية واضحة، مما زاد من شعور فئات واسعة من الناخبين بأن أصواتهم لم تُترجم إلى تمثيل حقيقي، محذرًا من اختزال الأزمة الحالية في الصراع بين الرئاسة والمعارضة فقط، مشيرًا إلى أن هناك أزمة في مقاربة الواقع السياسي لدى بعض القوى، خاصة الشعبوية منها، موضحا أن تجاهل هذه القوى للتحديات الدولية والداخلية التي تواجه فرنسا، وغياب رؤية توافقية وطنية، قد يفاقم الانقسام. 

ودعا إلى إدراك أهمية الوحدة الوطنية، لا سيما في ظل استحقاقات انتخابية مقبلة، منها الانتخابات المحلية، والرئاسية المنتظرة في عام 2027، التي ستعيد رسم المشهد السياسي الفرنسي بالكامل.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فرنسا التظاهرات الاحتجاج السلطة التحركات

إقرأ أيضاً:

التجنيس.. أزمة هوية تهدد الرياضة المصرية وناقد رياضي: الوزارة تكتفي بالشعارات والابطال يرفعون اعلام الغير

شهدت الرياضة المصرية خلال الأعوام الأخيرة موجة متكررة من رحيل الأبطال البارزين إلى دول أخرى تمنحهم ما لم يجدوه في وطنهم من دعم طبي متكامل، عقود احترافية، وبنية تنظيمية قائمة على الشفافية ، تحولت الظاهرة إلى خسارة متلاحقة تسجلها مصر في سجل الألعاب الفردية، بينما اكتفت وزارة الشباب والرياضة بالتصريحات الوقتية والتحركات المتأخرة، لتبقى النتيجة واحدة أعلام وطنية تتبدل على صدور لاعبين صنعوا أمجادًا قبل أن تدفعهم الأزمات إلى البحث عن بديل.


شكل انتقال محمد الشوربجي، أحد أبرز أبطال الإسكواش في العالم، نقطة تحول كبرى في ملف التجنيس الرياضي ، أعلن في يونيو 2022 تمثيل إنجلترا بدلًا من مصر بعد مسيرة طويلة رفع خلالها راية بلاده وحصد بطولات عالمية، أوضح اللاعب في تصريحات رسمية أن السبب المباشر لقراره هو غياب الدعم الفني والطبي اللازم في مرحلة عمرية حساسة لمسيرته، مشيرًا إلى أن إنجلترا وفرت له فريقًا متكاملاً يتابع كل تفاصيله كلاعب محترف بيانات الاتحاد المصري للإسكواش اكتفت بالتأكيد على أن ما قدم للاعب كان في حدود إمكانيات الدولة، لكن المشهد بدا كاشفًا عن خلل عميق بطل عالمي يطلب بيئة تدريبية كاملة، واتحاد يرد بأن الموارد لا تسمح.


بعد عام واحد فقط، أعلن شقيقه مروان الشوربجي القرار نفسه بالانتقال إلى صفوف المنتخب الإنجليزي في يوليو 2023. كانت الخطوة بمثابة تكريس لمشهد الخسارة المزدوجة، إذ استقبلت إنجلترا الشقيقين رسمياً ضمن فريقها الوطني، بينما تحولت مصر إلى متفرج يرى أبطاله يغادرون دون أن يلمس إصلاحًا في المنظومة ، وكانت ردود الفعل بين الجماهير تراوحت بين اتهامات بالخيانة وبين تعاطف واسع يضع المسؤولية على الإدارة الرياضية، التي عجزت عن توفير أبسط مقومات الاحتراف في ظل وجود أبطال يرفعون اسم مصر عالميًا.


وجاءت أزمة أخرى لتؤكد أن المشكلة لا تقتصر على الإسكواش في سبتمبر 2025 فجّرت اللاعبة شروق وفا، بطلة الشطرنج المصرية، قضية كبرى بعد تصريحاتها عن إهمال إداري ومالي أثّر على مسيرتها الدولية. وأشارت اللاعبة إلى معوقات تتعلق بالمشاركات الخارجية والمستحقات المالية، الأمر الذي دفعها للتلميح عبر وسائل الإعلام بإمكانية تمثيل دولة أخرى، قبل أن تتدخل وزارة الشباب والرياضة سريعًا لإنهاء الأزمة. و أعلن وزير الشباب والرياضة حينها محاسبة أي مقصر، غير أن الحدث كشف هشاشة البنية الإدارية التي تجعل لاعبة تضطر للتهديد بالرحيل حتى تنال حقها.


وكانت متابعة هذه النماذج تفضح نمطًا واحدًا لاعبو الألعاب الفردية في مصر يواجهون غياب برامج رعاية طويلة الأمد، ضعف في منظومة الإعداد الطبي والنفسي، وبيروقراطية لا تعترف باللاعب كنجم يحتاج إلى استثمار، بل كملف إداري يُدار بالوعود تقارير صحفية دولية ومحلية ربطت قرارات التجنيس بالحاجة إلى بيئة احترافية متكاملة، بينما ظل الموقف الرسمي يكرر عبارة "حدود الإمكانيات"، وكأنها مبرر لإهدار أبطال صنعوا مجدًا عالميًا.


تحمل وزارة الشباب والرياضة القسط الأكبر من المسؤولية ولم تعد الانتقادات صادرة فقط من الصحفيين أو المتابعين، بل طرحت في البرلمان وعلى لسان خبراء رياضيين، أكدت أن الوزارة تركز ميزانياتها على ملفات بعيدة عن الألعاب الفردية، وتسمح باستمرار ممارسات المحسوبية والواسطة داخل بعض الاتحادات، ما يضرب مبدأ الشفافية في مقتل واصبحت التدخلات الوزارية السريعة بعد الأزمات الفردية لا تغير من الصورة الكلية سياسة غياب التخطيط المسبق والاكتفاء بالتحرك بعد تفجر الأزمات.


لم تعد الظاهرة تخص أسماء فردية، بل باتت ناقوس خطر يهدد تاريخ مصر في الألعاب الفردية عقب خسارة محمد ومروان الشوربجي، وأزمة شروق وفا، مجرد عناوين لقضية أكبر تعكس إخفاقًا في إدارة منظومة الرياضة، واستمرار الوضع يعني أن مزيدًا من الأبطال قد يسلكون الطريق نفسه، وأن تاريخًا صنعته أجيال سابقة مهدد بأن يتحول إلى مجرد ذكرى تروى في سجلات الصحافة والبطولات.


أكد مصدر مسؤول داخل إحدى الاتحادات الرياضية  فضل عدم ذكر اسمه أن ما يحدث الآن من موجات تجنيس متكررة ليس إلا نتيجة طبيعية لفشل المنظومة الرسمية في إدارة المواهب ، وقال المصدر إن الاتحادات تدار بعلاقات شخصية وولاءات، لا بمعايير فنية أو خطط طويلة المدى، مشيرًا إلى أن عددًا كبيرًا من اللاعبين يشعرون بالإقصاء لأن الاختيارات لا تقوم على الكفاءة وإنما على الواسطة والانتماء الإداري، وأضاف أن "الوزارة تعلم تفاصيل هذه التجاوزات لكنها لا تتدخل إلا بعد أن تنفجر الأزمة إعلاميًا، فتتحرك ببيانات وتصريحات مؤقتة لتهدئة الرأي العام دون أن تمس أصل المشكلة".


وأشار المصدر إلى أن غياب منظومة دعم حقيقية للألعاب الفردية هو ما دفع لاعبين بحجم محمد ومروان الشوربجي إلى الرحيل، وقال: "الاتحاد كان يرى فيهما واجهة إعلامية فقط، وليس مشروعًا يجب أن يُستثمر فيه ويدعم فنيًا وطبيًا، لو تم إعداد خطة حقيقية لاستمرارهما لما تركا مصر، لكن للأسف لا توجد رؤية استراتيجية أو متابعة جادة من الوزارة، فقط مجاملات ومؤتمرات".


من جانبه، علّق ناقد رياضي معروف لـ"الوفد" طلب عدم ذكر اسمه بأن ما يحدث ليس أزمة عابرة، بل مؤشر على انهيار الثقة بين الرياضي والدولة. وقال: "اللاعب في مصر يشعر أنه وحده في الميدان، والاتحاد لا يهتم إلا بالنتائج عند البطولة، والوزارة لا تتذكره إلا عند التتويج أو الهروب، الدعم الطبي والنفسي مفقود، والإعداد الفني لا يستمر إلا موسمًا واحدًا، بينما اللاعب في الخارج يجد منظومة كاملة تُعامل الرياضة كمهنة لا كمنحة".


وأضاف الناقد أن الدولة تُنفق الملايين على كرة القدم، بينما تُترك الألعاب الفردية لتتآكل بالإهمال، وقال نصًا: "عندنا أبطال عالميين يموّلون أنفسهم، يسافرون على حسابهم، ويُعاملون كأنهم عبء على الوزارة. طبيعي أن يبحثوا عن بلد يقدرهم، ومن الظلم أن نلوم الشوربجي أو شروق وفا، بينما المسؤول الحقيقي هو من تركهم بلا رعاية أو رؤية".


وتابع: "الوزير الحالي يُجيد إدارة الصورة لا إدارة الأزمة، كل تحرك بعد وقوع الكارثة وليس قبلها، ما نحتاجه ليس مؤتمرات ولا شعارات، بل سياسة واضحة تضع خططًا طويلة الأمد لتأهيل اللاعبين، ومحاسبة الاتحادات التي تهدر الكفاءات، بدون إصلاح إداري جذري سنرى مزيدًا من الأبطال يرحلون واحدًا تلو الآخر".


في ختام حديثه، أكد الناقد أن مصر لا تخسر لاعبين فقط، بل تخسر سمعتها الرياضية وقدرتها على الحفاظ على أبطالها، مضيفًا: "حين يصبح التجنيس هو الحل الوحيد أمام الموهوبين، فاعلم أن الوطن الرياضي نفسه بحاجة إلى إنقاذ قبل أن يفقد ما تبقى من مجده".

مقالات مشابهة

  • لإنقاذ فرنسا من المأزق السياسي.. لوكورنو يطلق محادثات «الفرصة الأخيرة»
  • فرنسا.. «فرصة أخيرة» لإنهاء الأزمة السياسية
  • نائبة بالبرلمان الإسباني: نقدر الاعتراف الأوروبي بفلسطين وندعو لوقف فوري لإطلاق النار
  • سجن وغرامة.. عقوبات رادعة للمتورطين في جرائم انتخابية تهدد العملية الديمقراطية
  • بعد استقالة ليكورنو.. هل ينجو ماكرون من أعمق أزمة سياسية تهدد فرنسا؟
  • أزمة تأشيرات المنتخب الإيراني تهدد مشاركته في قرعة مونديال 2026
  • شبكات تناقش جدل المنصات بشأن أول متجر دائم لـشي إن بفرنسا و أزمة لامين جمال
  • الكونغو الديمقراطية تهدد بحظر دائم لمصدّري الكوبالت المخالفين للنظام الجديد
  • التجنيس.. أزمة هوية تهدد الرياضة المصرية وناقد رياضي: الوزارة تكتفي بالشعارات والابطال يرفعون اعلام الغير
  • رسميًا.. استقالة رئيس وزراء فرنسا وتعميق الأزمة السياسية في البلاد