أرشيف نادر يروي حكاية أسطورة موسيقى الروك ديفيد بوي
تاريخ النشر: 10th, September 2025 GMT
تفتح لندن أبوابها لعشاق الموسيقى والفن لاكتشاف كنوز أسطورة الروك البريطانية ديفيد بوي، وذلك عبر أرشيف ضخم يضم أكثر من 90 ألف قطعة من مقتنياته الشخصية والمهنية، ليكون متاحًا للزوار والباحثين بدءًا من يوم السبت، داخل مركز ديفيد بوي الجديد في منشأة V&A East Storehouse الواقعة في شرق العاصمة البريطانية.
كنوز فنية توثق رحلة إبداع امتدت خمسة عقوديقدم الأرشيف نظرة فريدة على حياة ديفيد بوي (1947–2016)، الذي اشتهر بلقب "الحرباء" لقدراته المتغيرة باستمرار في إعادة ابتكار نفسه، والتنقل بين عوالم الموسيقى، والموضة، والفن، والمسرح.
وتوفي بوي عام 2016 عن عمر يناهز 69 عامًا، بعد يومين فقط من إصدار ألبومه الأخير "Blackstar"، لكن إرثه الفني لا يزال حاضرًا بقوة في الذاكرة الثقافية العالمية.
يضم الأرشيف 70 ألف صورة فوتوغرافية، و400 زيّ مسرحي وأدائي، و150 آلة موسيقية، إضافة إلى دفاتر ملاحظات شخصية، وكلمات أغاني مكتوبة بخط اليد، ورسائل معجبين، ومواد أرشيفية لم تُعرض من قبل.
نظرة خلف الكواليس على عقل فنان متعدد الأبعادوصفت مادلين هادون، أمينة المعرض الرئيسية، الأرشيف بأنه "نافذة آسرة على تطور ديفيد بوي كمبدع متعدّد الأبعاد"، مشيرة إلى أن المعرض لا يوثق فقط لحياته، بل يعكس أيضًا تأثيره العميق والمستمر على الثقافة الشعبية العالمية. وأضافت: "إنه مثال نادر لفنان استطاع إعادة تشكيل الإبداع الفني من جذوره".
مسرحية موسيقية غير مكتملة... ورسائل من الماضيومن أبرز مفاجآت الأرشيف، مجموعة ملاحظات كتبها بوي على أوراق صغيرة عُثر عليها في مكتبه في نيويورك بعد وفاته، تُشير إلى مشروع مسرحي موسيقي كان يعمل عليه في سنواته الأخيرة، بعنوان The Spectator، مستوحى من شخصيات من القرن الثامن عشر، مثل الرسام ويليام هوغارث واللص الأسطوري جاك شيبرد.
وقالت هارييت ريد، أمينة الأداء المعاصر في متحف فيكتوريا وألبرت: "نحن لا نملك سوى تخمينات بشأن ما كانت ستكون عليه الرؤية النهائية لهذا المشروع، لكن ما بين أيدينا يقدم لمحة نادرة عن عقل مبدع لا يتوقف عن الابتكار".
ملاذٌ لعشاق الإبداع والتجريب الفنيهذا الأرشيف لا يُعد فقط تحية لمسيرة فنان فذ، بل هو مصدر إلهام للأجيال الجديدة من الفنانين والمبدعين. كما قالت ريد: "إنه ليس مجرد أرشيف، بل تجربة حية يمكنها أن تلهم أي شخص، سواء كان موسيقيًا أو فنانًا أو حتى مجرد عاشق للفن".
بافتتاح هذا الأرشيف، تؤكد لندن مكانتها كعاصمة عالمية للفن والموسيقى، وتمنح الجمهور فرصة فريدة للغوص في عالم أحد أعظم رموز القرن العشرين.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بوي الثقافة الشعبية المعرض الرئيسي كواليس الشخصية الارشيف
إقرأ أيضاً:
لوحاته تجوب أوروبا.. لماذا لجأ فنان من غزة للرسم على الكراتين؟
في قطاع يعتصره الحصار وتنهشه الحرب، وحيث تُغتال الألوان وتُغلق منافذ الإبداع، وقف ابن مدينة غزة الفنان التشكيلي أحمد مهنا وأمسك بما بقي من "كراتين المساعدات الإغاثية" التي كانت رمزا لما يسد الرمق في زمن انقطاع الحياة، وحولها بفرشاته إلى لوحات يضمد بها جراحه وجراح مدينته المكلومة.
ويقام حاليا في العاصمة الدانماركية كوبنهاغن معرض فني متنقل للفنان مهنا ينظمه برنامج الأغذية العالمي بالتعاون مع الاتحاد الأوروبي، والهدف تقديم تجربة فنية تنبض بالألم والإنسانية، وتوثّق حجم المأساة اليومية التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2قصة الغزاوية أم حسن تختزل مآسي أفظع حرب عاشتهاlist 2 of 2خسائر تكشف حجم الفاجعة بعد عامين من العدوان على غزةend of listوفي تصريحات للجزيرة نت، يقول مهنا إنه استطاع أن يربط بين المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة وكراتين المساعدات ليضفي على أعماله بعدا فلسفيا وفنيا، ويغلفها بلمسات إنسانية.
وبتلك الصناديق الورقية التي حملت شعار "ليس للبيع وليس للتبديل"، خاطب مهنا العالم بكل لغاته، وصاغ منها لوحات تشهد على حجم المأساة، وتفيض بأوجاع غزة وتنبض بالإنسانية والأمل الخافت، حتى غدت هذه الأعمال نافذة مفتوحة من قلب الحصار إلى فضاء أوروبا الرحب، تتجوّل بين عواصمها لتروي وجع الإنسان الفلسطيني، وتُرجع صدى الكرامة من بين الركام.
الرسم على الكراتين
ورغم أن الفنان التشكيلي ما زال يعيش وسط المعاناة في غزة حتى اليوم، فإن أعماله تخطت أسوار الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عامين، ووصلت إلى عدة عواصم أوروبية لتروي حكاية الصمود والكرامة، وتعكس صورة حيّة عن معاناة الفلسطينيين التي تتجاوز حدود المكان.
ويقول أحمد مهنا "الفكرة لم تأتِ من فراغ، بل دفعني إليها شُح المواد الخام وغياب أدوات الرسم التقليدية التي اعتدنا أن نعبر بها عن مشاعرنا، فأصبح الكرتون ملجئي الوحيد في ظل الحرب". مشيرا إلى أن هذه الكراتين عندما دخلت البيوت حاملة طعام المساعدات "كانت رمزا للمأساة وحملت معها الألم ورسائل العجز والانتظار أيضا".
إعلانويلفت الفنان الفلسطيني الانتباه إلى الشعارات التي حملتها كراتين برنامج الأغذية العالمي قائلا "أكثر ما لفت نظري أن الشعار المكتوب على الكراتين هو (ليس للبيع وليس للتبديل) بما لهذه العبارة من رمزية عميقة، كأنها تصف الحالة الفلسطينية كلها؛ فنحن محاصرون لا نملك حتى حرية التبادل أو القرار، ومن ثم قررت أن أحمل هذا الشعار، وأغلف به أعمالي ليصبح الفن رسالة فلسفية وإنسانية تمثلنا جميعا".
وهكذا استطاع مهنا الجمع بين معاناته اليومية وشغفه بالفن، وحوّل الصناديق الورقية المهملة من شاهد على الجوع إلى شاهد بصري على الصمود، ولم تعد لوحاته مجرد عمل فني بل صارت وثيقة إنسانية تحمل بين خطوطها دموع غزة وأحلامها.
ويختصر الفنان التشكيلي حكايته بكلمات تعكس تجربة أفراد يزيدون على مليوني فلسطيني يعيشون النزوح داخل النزوح "في زمن الحرب لم يبق للفنان سوى صوت اللوحة والفرشاة التي تسجل تاريخ الألم على كرتون الإغاثة".
معرض يجوب أوروباوبينما لا يزال أحمد مهنا يعيش حالة الفقد والحصار في غزة، انطلقت لوحاته خارج أسوار الحصار وصارت لها أجنحة في قلب أوروبا. ويقول "شعوري معقد؛ فأنا أعيش بين فخر بأن لوحاتي كسرت الجدران ووصلت إلى شعوب أخرى، وبين ألم لأنني لا أستطيع أن أرافقها". مضيفا بصوت يملؤه الأسى "لوحاتي تعانق الحرية التي أُحرم منها هنا في غزة".
ورحلة اللوحات "الغريبة" بين العواصم الأوروبية ترويها للجزيرة نت مستشارة الاتصال في برنامج الأغذية العالمي عالية زكي قائلة "هذه اللوحات كانت بالأمس صناديق مساعدات لأهالي غزة حيث سرقت الحرب كل شيء منهم: بيوتهم، وأحلامهم، وعائلاتهم، لكنها لم تستطع أن تسرق عزيمتهم ولا رغبتهم في الحياة".
وتضيف عالية أن الفنان الغزي أحمد مهنا لم يتوقف عن الرسم رغم كل شيء، واستطاع نقل مشاهد المجاعة والألم على الكراتين، و"اليوم هذه اللوحات واقفة في قلب أوروبا أمام الناس، ليشعروا بأنهم أقرب لما يحدث في غزة".
وتوضح مستشارة الاتصال في برنامج الأغذية العالمي أن فكرة إقامة معرض لهذه اللوحات الكرتونية بدأت "في بروكسل، ومنها إلى السويد، ونحن الآن في كوبنهاغن، وسنواصل إلى ألمانيا وهولندا وفرنسا".
وعن تأثير هذه اللوحات الفنية في مرتادي المعارض بأوروبا، تقول عالية إن "الزوار يتأثرون كثيرا، ويقف بعضهم أمام اللوحات ساعات. حيث إن الكثيرين كانوا يتابعون أخبار غزة من بعيد، لكنهم في المعرض شعروا بأن غزة أقرب إليهم". مشددة على أن "الفن الذي صنعه أحمد يتجاوز الحدود واللغات، ويحمل وجع غزة في كل ركن من أركان أوروبا".
ويصاحب عرض اللوحات في أوروبا مقطع فيديو لأحمد مهنا وهو يمارس ما يبدع فيه من فنون، فهو لا يكتفي بالجمع بين اللوحات والكلمات، بل جمع بين الفن والصناديق التي كانت تحمل غذاء ووجعا، وأبدع أعمالا تربيط بين ما هو فني وإنساني على نحو نادر.
فهو يروي قصة شعب لم يمنعه الجوع ولا الحرب من التعبير عن ذاته، وجعل من فنّه سفيرا يحمل الوجع والكرامة إلى دول لم تعرف غزة إلا من نشرات الأخبار. الفن هنا ليس مجرد لوحة، بل طوق نجاة يصرخ في وجه العالم أن "غزة ما زالت تبني من رمادها سُلما نحو الغد".
إعلانومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، يعيش قطاع غزة تحت حصار خانق فرضته إسرائيل عقب عدوان عسكري مستمر منذ عامين، مما خلف مئات آلاف الشهداء والمصابين، فضلا عن دمار واسع وموجات نزوح وأزمات إنسانية غير مسبوقة.