مصر بين التصعيد والعودة للمفاوضات… بعد التشغيل الرسمي لأضخم سد كهرومائي في إفريقيا
تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT
في التاسع من سبتمبر 2025، أعلنت الحكومة الإثيوبية عن التشغيل الرسمي لسد النهضة بعد سنوات طويلة من الجدل والمفاوضات ، ليصبح بذلك أضخم مشروع لتوليد الطاقة الكهرومائية في إفريقيا بقدرة إنتاجية تصل إلى 5,150 ميجاوات، وهو ما اعتبرته أثيوبيا خطوة تاريخية نحو تعزيز التنمية الاقتصادية وتلبية احتياجاتها من الطاقة.
غير أن هذه الخطوة أعادت الملف إلى واجهة المشهدين الإقليمي والدولي، بعدما فجرت مجددًا المخاوف المصرية والسودانية من التداعيات المحتملة على حصصهما المائية في نهر النيل، وما قد يترتب على ذلك من تحديات تهدد الأمن المائي والغذائي لشعوب المنطقة.
وفي ظل غياب اتفاق شامل وملزم ينظم قواعد الملء والتشغيل، تتزايد التساؤلات حول مستقبل المفاوضات وإمكانية تجنب صدام مفتوح يضع دول الحوض الشرقي أمام معادلة صعبة بين حق إثيوبيا في التنمية وحقوق مصر والسودان التاريخية في مياه النيل.
سعيد الزغبي: مصر مستعدة لكل السيناريوهات إذا استمر التعنت الإثيوبي
قال الخبير السياسي سعيد الزغبي في تصريحات صحفية خاصة بموقع صدى البلد إن التاريخ لا ينسى، ومصر لن تنسى أن إثيوبيا أقدمت على الملء والتشغيل الأحادي لسد النهضة، دون اتفاق قانوني ملزم مع مصر والسودان، بما يتوافق مع إعلان المبادئ لعام 2015 وأحكام القانون الدولي.
وأكد الزغبي أن القاهرة عبرت بوضوح عن موقفها الرافض عبر رسائل رسمية وموثقة إلى مجلس الأمن، مشدداً على أن إثيوبيا لم تظهر الإرادة السياسية المطلوبة لإنجاح المفاوضات، بل استخدمت الحوار كغطاء لترسيخ الأمر الواقع، وهو ما دفع مصر إلى إعلان انتهاء مسارات التفاوض بعد أكثر من عشر سنوات من الجهود المتواصلة.
وأضاف: “مصر لم تكتفِ بالاعتراض الدبلوماسي، بل تقدمت إلى مجلس الأمن بمسودة قرار يطالب بوقف أي إجراءات أحادية من قبل إثيوبيا، وتشجيع الأطراف على العودة إلى المفاوضات خلال أسبوعين، مع دعم دور الأمين العام للأمم المتحدة.”
وأشار الزغبي إلى أنه في 9 سبتمبر 2025 اعلن رسمياً افتتاح سد النهضة، ليصبح أكبر مشروع للطاقة الكهرومائية في إفريقيا بطاقة إنتاجية تصل إلى 5,150 ميجاوات، رغم استمرار المخاوف المصرية والسودانية بشأن أمنهما المائي.
وحول السيناريوهات المصرية المقبلة، أوضح الزغبي:
أولاً: من المرجح أن تكثف مصر تحركاتها الدولية عبر مجلس الأمن وجامعة الدول العربية، سعياً لاستصدار مواقف أكثر حزماً وربما قرارات تدين التصرفات الأحادية لإثيوبيا.”
ثانياً: ستعمل القاهرة على تعزيز التنسيق مع السودان والدول المتأثرة، إضافة إلى حشد دعم عربي وأفريقي ودولي.”
ثالثاً: داخلياً، من المنتظر أن تستمر مصر في تحسين إدارة مواردها المائية عبر مشروعات كبرى مثل تحلية المياه، وإعادة الاستخدام، وتطوير البنية التحتية للري والتخزين.”
رابعاً: إذا استمر التعنت الإثيوبي، قد تلجأ مصر إلى خطوات قانونية أو دبلوماسية أكثر تصعيداً، بما في ذلك تحريك الملف على مستوى الأمن الإقليمي في مجلس الأمن.”
خامساً: يبقى السيناريو الأفضل من وجهة نظري هو العودة لمفاوضات جديدة في إطار قانوني ملزم، إذا أبدت أديس أبابا جدية سياسية، لأن مصلحة إثيوبيا الحقيقية تكمن في التوافق مع مصر، بما يضمن استقرار العلاقات ويحمي مصالح شعوب المنطقة.”
واختتم الزغبي تصريحاته قائلاً: “مصر الآن بين خيارين: تصعيد دبلوماسي بكل الوسائل الممكنة… أو العودة إلى طاولة المفاوضات بإطار قانوني ملزم إذا توفرت الإرادة السياسية من الجانب الإثيوبي.”
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سد النهضة ازمة سد النهضة إثيوبيا تحلية المياه الطاقة الكهرومائية مجلس الأمن سد النهضة
إقرأ أيضاً:
الكشف عن تحركات خطيرة من الإمارات لفتح جبهات قتال جديدة على السودان مع إثيوبيا
متابعات تاق برس- قال الناشط السياسي السوداني أمجد فريد، إن الإمارات قامت خلال الأسابيع الأخيرة بمساعٍ حثيثة لتحويل الحرب في السودان إلى نطاق إقليمي اوسع، عبر دفع إثيوبيا إلى التورّط المباشر في حرب السودان، بفتح جبهة جديدة لمليشيا الدعم السريع على الحدود مع السودان.
وأشار فريد في منشور، إلى أن الإمارات تستغل فرصة انشغال العالم بفترات عطلات نهاية العام وعدم وجود متابعة لصيقة للاوضاع في الاقليم.
وقال إن المشهد ذاته ينسحب على جنوب السودان، حيث ظهرت محاولات الإمارات لجرّ جوبا إلى دائرة الاشتباك بعد سيطرة “المليشيا”- على حد وصفه- على مصفاة هجليج واصبحت الامارات تطرح اتفاق ثنائي لتشغيلها بين مليشيا الدعم السريع والسلطات في الجنوب، بما يعني تحويل البنية النفطية إلى أداة ابتزاز وجسر لتموضع المليشيا داخل العمق الجنوبي.
وحذر من أن الصورة في الشرق بالغة الخطورة، بعد تأكد وجود قواعد لوجستية للدعم السريع في مناطق اصوصا ويابوس بالقرب من الحدود السودانية الاثيوبية، إضافة إلى قاعدة قرب هرر مَدَّى وكلها تستقبل طائرات إماراتية يومية محمّلة بالسلاح والمعدات الثقيلة للمليشيا ومنظومات مدفعية وأجهزة تشويش عبر مدينة أصوصا عاصمة إقليم بني شنقول قمز في الشمال الغربي من إثيوبيا المتاخم لإقليم النيل الأزرق في السودان، ويوجد به سد النهضة.
وقال إن ذلك يدل على ترتيبات عسكرية لفتح جبهة قتالية قاسية في ولاية النيل الأزرق.
وأشار إلى قيام السلطات الإثيوبية بإطلاق أعداد كبيرة من السجناء المدانين باستثناء المدانين بالقتل مقابل صفقة انتقالهم إلى هذه المعسكرات والتدريب للقتال في صفوف مليشيا الدعم السريع، وهو ما يضفي على المشهد طابعاً مقلقاً يذكّر بأخطر نماذج الحروب بالوكالة.
وبحسب فريد أن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لا يزال يبدي تردداً في السماح للإمارات بإنشاء معسكر للتدريب وتجميع قوات الميليشيا في إقليم بني شنقول المحاذي للسودان والذي يضم سد النهضة، إلا أن هذه القواعد اللوجستية والإمداد الإماراتي المستمر يمثلان خطراً لا يقل جسامة عن إنشاء ذلك المعسكر، بل ربما يفوقه في بعض الجوانب نظراً لتعدد المواقع وصعوبة المراقبة.
واضاف “ويبدو أن آبي أحمد يحسب حساباته بدقة ويستعد لأي تطورات محتملة في علاقاته المتوترة بالفعل مع إريتريا ومصر، واحتمالات تفاقم هذه التوترات لتتحول إلى نزاع مسلح مفتوح، ولذلك يحاول الاستعداد لمثل هذه السيناريوهات عبر استخدام ورقة ميليشيا الدعم السريع كأداة في معادلاته الإقليمية والأمنية لتحقيق مصالحه الخاصة”.
ولفت فريد الى أن هذه السيناريوهات جميعها تحمل طابعاً كارثياً تدفع نحوها الإمارات بإصرار في محيط القرن الأفريقي، خاصة مع وجود ميليشيات التيغراي والفانو التي تخوض صراعات مستمرة مع الحكومة الإثيوبية وتتمركز بكثافة على طول الحدود السودانية الإثيوبية، مما يجعل المنطقة برمتها على صفيح ساخن.
وحذر من أن استمرار الإمارات في تدخلاتها المدمرة في منطقة القرن الأفريقي ينذر بإشعال الإقليم بأكمله في حريق لا يمكن السيطرة عليه، وربما يتعين على الإخوة الإثيوبيين قبل بقية العالم إعادة النظر بشكل جاد وعميق في تحولات سياساتهم الأخيرة المتعلقة بالحرب في السودان، فما يجري الآن على الأرض سوف تدفع ثمنه الباهظ شعوب المنطقة بأسرها، بينما المستفيد الحقيقي هو أطراف أخرى تجد في معاناتنا مادة للتسلية وتحقيق مصالحها الخاصة دون اكتراث بالعواقب الإنسانية والإقليمية المدمرة على حد قوله.
إثيوبياالإماراتالسودان