المسألة الفلسفية

كلامي فيها ليس جديدا. إنه عودة إلى شرح قولي بمنطق القيم الخمس الذي عممته فطبقته على كل شيء موجود فعليا أو تخيليا بدأ بالفرد الإنساني وتثنية بزمانه التاريخي وختما بجعل التخميس نظام البنية المنطقية الدنيا التي تناسب قيام أي موجود منطلقه الزوجية.

وكما سأبين في الفصول الموالية التي تعالج المسألة الدينية فقد مثل ذلك سر المعادلة الوجودية التي حددتها الآية 23 من فصلت: نوعا الآيات المضاعفة آيات الآفاق (طبيعة وتاريخ) وآيات الأنفس (بدن وروح) وكونها جمعيا ما يراه الإنسان ويرى فيه ما وراءها فتكون دالة على كل مضمون القرآن الكريم.



وبين أني أعد بنية المنطق مخمسة القيم بديلا من بنية المنطق الهيغلي مثلثها. والمعلوم أن هذه هي بدورها بديل من بنية المنطق الأرسطي مزدوج القيم ومثلها ضمنيا بحاجته إلى الحد الأوسط يكون أداة قياس حتى في صيغتيه المريضة عند لوكازيفيكس أو أنطولوجيزي عند جرنجي. وقد ساد منطق التثليث الهيغلي في فكر النخب العربية الحديثة وما بعدها سواد منطق التثنية الأرسطي في فكر النخب العربية القديمة وما بعدها إلى حد الآن.

وقبل شرح القصد بالمنطق مخمس القيم وضرب الأمثلة عما يعنيه فيدخل فيه رؤية أخرى للدور الوجودي المضموني في المنطق الصوري فلا بد من البدء ببيان تفاهة ما صار ممضوغة في الكلام على النقد التيمي للمنطق الأرسطي وتبني النخب العربية القديمة وما بعدها له:

فأولا لم يشكك ابن تيمية في منطق أرسطو أبدا إذا تعلق الأمر به من حيث تمثيله لقوانين النظام الصوري لأفعال العقل: أي الإثبات والنفي والجمع والطرح وما يترتب عنها عند التطبيق على رموز لمتغيرات دون تعيين لطبيعتها: أي ما يرمز إليه أرسطو بالحروف في قياسه لما يترتب عن علاقات هذه الحروف باعتبارها قيما مجردة لا دخل لقيم ما يعينها في أشياء فعلية توضع محل تلك الحروف.

مشكل ابن تيمية مع المنطق الأرسطي لا علاقة له بهذا المعنى من المنطق بل بما يحصل لما ننتقل إلى تعيين القيم الشيئية الموجودة فعلا بديلا من الرموز الحرفية في الاستدلال: المسألة هي دور الميتافيزيقي المضموني في المنطقي الصوري، أي الانتقال من التحليلات الأوائل إلى التحليلات الثواني. فما تفترضه ضمنيا أمران لا شيء يثبتهما وكلاهما يتعلقان بالقيم العينية التي لم تبق رموزا للأشياء بل هي الأشياء نفسها:

1 ـ هل الأشياء ثابتة فعليا ثبات الرموز فرضيا: مشكل تعريف الأشياء أو هوياتها أم إن الثبات فيها هو من طبيعة غير منطقية بل هو ناتج عن توهم المطابقة بين التعريف الذي يضعه المدرك للشيء وحقيقة الشيء المعرف؟

مشكل ابن تيمية مع المنطق الأرسطي بما يحصل لما ننتقل إلى تعيين القيم الشيئية الموجودة فعلا بديلا من الرموز الحرفية في الاستدلال: المسألة هي دور الميتافيزيقي المضموني في المنطقي الصوري، أي الانتقال من التحليلات الأوائل إلى التحليلات الثواني.

2 ـ هل بعد التسليم بذلك هل المنطلق في الوصل بين القيم التي في المقدمات والقيم التي في النتائج التي يصل إليها القياس يبقى ثابتا إذا فصلناه عن أيقاف التسلسل والدول في التعليل لأن المقدمات هي العلل الأولى في أي استدلال وأهمها ما يعتبر اوليات في كل معرفة.

وبين أن الأمرين مترابطان لا يمكن لأي منهما أن ينفك عن الثاني ومن ثم فهما متفاعلان في الاتجاهين طردا من أحدهما إلى الثاني وعكسا من الثاني إلى الأول:

3 ـ فأولا تاريخ المعرفة يثبت أن ثبات هويات الأشياء ليست حقيقية بل تعني أن كل تعريف ليس تعريفا للشيء في ذاته بل هو تعريف لما أدركناه من "عاداته" أي من تجلياته في إدراكنا له خلال الاطلاع على "سلوكه".

4 ـ وثانيا حقيقة الأوليات تغيرت لأنها صارت تعتبر مسلمات للانطلاق في الاستدلال أو أكسيومات وليست حقائق ضرورية بدليل تغير النظريات بتغير الأكسيومات التي تؤسسها ومفعلوها يتحدد بتأويلاتها المضمونية.

5 ـ ومن ثم فالمنطق الذي لا يجادل فيه ابن تيمية هو الأول فحسب أي موضوع التحليلات الأوائل. إنه يقصر جداله في موضوع التحليلات الأواخر وبالذات الفعلين الموصلين للانتقال من القيمة الرمزية المجردة وهي الحروف إلى القيمة الفعلية المعينة وهي "عادات" الأشياء أي ما خبرناه منها في تجاربنا وفي حدود علمنا في تاريخ المعرفة الإنسانية: تعريف هوية الشيء ومبدأ الانطلاق أي الأوليات التي تزيل التسلسل والدور.

لذلك فهو لا يجادل في الاستدلال بعلاقات الرموز الحرفية دون تعيين للمرموزات العينية وهي كلها تقديرات ذهنية يردها إلى الرياضيات وهي وحدها التي لا ينكر أنها الاستدلال فيها له صفات خمسة مستحيلة في الاستدلال بعلاقات قيم الأشياء العينية التي في المرموزات الفعلية وليست التقديرية وكلها خالية من تلك الصفات:  فهي ليست: أولية، وهي ليست: بديهية، وهي ليست: عقلية، وهي ليست: محضة.

وأخيرا: فاعتبارها حاصلة على هذه الصفات مثل المقدرات الذهنية في العدد والمقدار يفترض أن الأشياء الخارجية مطابقة للتقدير وذلك عين ما تؤسسه الميتافيزيقا التي تؤسس للمطابقة بين التقدير الذهني والوجود الفعلي: وهو شرط النقلة إلى التحليلات الأواخر أي نظرية العلم أو الإبستمولوجيا الأرسطية.

وهذه الفقرة القصيرة الدالة على طبيعة نقد ابن تيمية للمنطق الأرسطي كافية لبيان ثرثرة المثرثرين حول الإشكالية الموضوعة للعلاج ولبيان الوعي الحاد بطبيعتها المتعلقة بالانتقال من التحليلات الأوائل إلى التحليلات الأواخر تؤيدها فقرة ثانية لتحديد علتها الميتافيزيية بعد هذه المنطقية:

"فالعلوم الأولية البديهية العقلية المحضة ليست  إلا في  المقدرات الذهنية كالعدد والمقدار لا في الأمور الخارجية الموجودة.

1 ـ فإذا كانت مواد القياس البرهاني لا يدرك بعامتها إلا أمور معينة ليست كلية وهي (ما يدركه) الحس الباطن والظاهر والتواتر التجربة والحدس.

2 ـ  و(إذا كان) الذي يدرك الكليات البديهية الأولية إنما يدرك أمورا مقدرة ذهنية لم يكن في مبادئ البرهان ومقدماته المذكورة ما يعلم به قضية كلية عامة للأمور الموجودة في الخارج .

3 ـ  و(إذا كان) القياس لا يفيد اتلعلم إلا بواسطية قضية كلية.

4 ـ فامتنع حينئذ أن يكون في ما ذكروه من صورة القياس ومادته حصول علم يقيني.

5 ـ  وهذا بين لمن تأمله وبتحريره وجودة تصوره تنفتح علوم عظيمة ومعارف".

ثم يعلن أنه سيبين علل الأخطاء التي تحدث في هذه النقلة بعد أن بين أن المنطق الصوري نفسه يلغي كل إمكانية لتحقيق أول شروط هذه النقلة التي لا تكون إلا بفضل المصادرة على المطلوب.

 لأن كل الأشكال ليست مفيدة إلا بحضور قضية كلية على الأقل في مقدم القياس وهي إذن بحاجة للمصادرة على المطلوب في مقدم القياس. وهو  يرد التقدير الذهني إلى وظيفة الإفادة الرمزية مثله مثل اللغة والكتابة:

1 ـ ولكن المعاني الكلية العامة المطلقة في الذهن، 2 ـ كالألفاظ المطلقة والعامة في  اللسان، 3 ـ وكالخط الدال على تلك الألفاظ، 4 ـ  فالخط يطابق اللفظ، 5 ـ واللفظ يطابق المعنى.

فكل من الثلاثة يتناول الأعيان الموجودة في الخارج ويشملها ويعمها لا أن في الخارج شيئا هو نفسه: يعم هذا وهذا، أو يوجد في هذا وهذا، أو يشترك فيه هذا وهذا.  فإن هذا لا يقوله من يتصور ما يقول وإنما يقوله من اشتبهت عليه الأمور الذهنية بالأمور الخارجية أو من قلد بعض من قال ذلك من الغالطين فيه".

والضمني هنا أن الكليات التي توصف بها الأشياء هي بدورها رموز من جنس اللفظ والكتابة. وليست صفات مقومة للموصوف بها بل هي عناصر مقومة للكلام عليها أي لصوغها الرمزي. ولا يمكن تصور ابستمولوجيا من دون هذه العلاقة بين نوعي الترميز أي بين:

الترميز مطلق التجريد دون تحديد لدلالة الرمز العينية، والترميز المعبر عما ندركه من عادات الأشياء العينية،  والأول لا يتجاوز التقدير الذهني العام والثاني لا بد فيه من أنطولوجيا تعرف ما تعتبره عين قيام الأشياء خارج كل تقدير ذهني.

فيكون المنطق مقصورا على التحليلات الأوائل وفيه يقتصر الأمر على علاقات مجردة بين رموز مجردة وما يحصل بينها من باعتبار هذه العلاقات ليست شيئا آخر غير أفعال الفكر اثباتا ونفيا  وجمعا وطرحا
تسليما بأن هذه الأفعال ثابتة فيصبح الموضوع هو أفعال الفكر الحاسب لأفعال الفكر الرامز. ولذلك فقد ردها ابن تيمية إلى الحساب دون تعيين طبيعة المحسوب والاكتفاء بالرمز إليه بالحروف.

وعندما تعدد المنطق فهو قد ضم إلى أفعال الفكر الحاسب لأفعال الفكر الرامز.. لما صارت قيم الأشياء العينية هي بدورها رموزا لما وضع دلالة على ماهية الأشياء العينية دون أن يرد إليها: أي إن تعريف الماهيات ووضع الأسكيومات صار هو بدوره من أفعال الفكر الرامز.

دون ادعاء أنها عين الأشياء بل هي رمز يثبت تعريفا هو بدوره أكسيومي أي مسلمة ينطلق منها العلاج. فيكون العلم في هذه الحالة مقدرات ذهنية ليس شكلا فحسب بل وكذلك مضمونا: لذلك يمكن الكلام على منطق رياضي ومنطق طبيعي ومنطق كيمياوي ومنطق خلقي لأن ماهية الموضوع ومسلمات انطلاق العلاج هي بدورها صارت تقديرات ذهنية ذريعية وضيفتها بناء نموذج مجرد يحاكي الأشياء بشروط ما ندركه منها.

فما الذي تغير؟ مراجعة الميتافيزيقا التي لا بد من دورها للانتقال من التقدير الذهني إلى تطبيقه على الأشياء. ويمكن اعتبار التقدير الذهني صورة خيالية عن الأشياء. والأشياء ليست كما تبدو لبادئ الرأي هي ما ندركه على ما هو عليه بل هي بدورها ليست إلا صورة خيالية عنها بردها إلى ما ادركناه منها متخيلين أنه عين مما هي عليه في ذاتها.

 فيكون ما تغير أدى إلى مراجعة الميتافيزيقا هو فهمنا لما أدركناه من الشيء هو بدوره تقدير ذهني  استمد من نظام تخيلناه لما أدركناه فافترضناه مطابقا للشيء في ذاته.

ليس صحيحا أن كل لغة لها منطقها إلا إذا تصورنا المنطق هو النحو والصرف وليس البنية الأعمق منهما والتي هي واحدة في كل لغات البشر: هي هذه العلاقة بين التقدير الذهني في الرموز والتعيين الفعلي في ما ندركه من عادات الأشياء أي ما خبرناه منها.ما تغير هو أننا أدركنا أن إدراكنا للأشياء هو بدوره تقدير ذهني من درجة ثانية تجاوز شكل البنية الرمزية المقصورة على نظام الرموز بصورة عامة إلى تقدير ذهني في شكل بنية رمزية كذلك لكنها ليست مقصورة على الرموز بصورة عامة.

بل هي قربت بين حصيلة التجربة أي من "عادات" الأشياء أي المعتاد من تجلياتها في التجربة بلغة ابن تيمية وابن خلدون مع عدم ردها إليها لأنها متغيرة بتقدم التجربة وتراكمها وقد تنقلب رأسا على عقب.

وقد حاول هيغل في نقده لتأويلات فلسفة أرسطو وعلاقتها بمنطقه أن يبين أن أرسطو لم يطبق منطقه في أي من علومه وأن انتقاله من التحليلات الأوائل إلى التحليلات الثواني طبق تقديرات ذهنية رمزية على تقديرات ذهنية رمزية: فالأولى عامة وهي قوانين نظام العلاقات بين المعاني عامة والثانية مستمدة من تجربته البايولوجية.

وتلك هي علة ضرورة التثليث في رؤية هيجل: فالحياة لا ترفع الثالث بل هي تعتبره بنية كلا العنصرين لأن الظاهرة الحية هي في آن أداة ذاتها وغايتها.

ومن ثم دورية التعليل علة ومعلولا في آن وهي في تحول دائم وتغير لا يتوقف. فيكون المنطق الذي استعمله أرسطو ونقله من التحليلات الأوائل إلى  التحليلات الأواخر هو كونه كان عالما في البايولوجيا وطبيبا أي ما له من خبرة عن "عادات الأشياء" الحية. 

وبذلك أنهي خرافة تبعية المنطق الأرسطي للغة اليونانية. وليس صحيحا أن كل لغة لها منطقها إلا إذا تصورنا المنطق هو النحو والصرف وليس البنية الأعمق منهما والتي هي واحدة في كل لغات البشر: هي هذه العلاقة بين التقدير الذهني في الرموز والتعيين الفعلي في ما ندركه من عادات الأشياء أي ما خبرناه منها.

والتقدير الذهني الأول يعود إلى ما يعد قوانين الفكر في صوغ ما ندركه منها وهي كونية وهي ما يجمع عليه العلماء من تقديرات ذهنية لأفعال الفكر الذي يعرف الأشياء بالأكسمة التعريفية وهي دائما فرضية وليست قطعية بوصفها عناصر الظاهرة التي يدرسها وما بينها من علاقات ليتم له الانطلاق في صوغ ما أدركه من "عاداتها".

والتقدير الذهني الثاني ـ وهو ما جعل هيغل يعتبر المنطق هو عين الميتافيزيقا ـ يعود إلى قوانين الأشياء ـ أي الكلي المتعين ـ وهي المطلوب في العلم وظنها مطلقة. لكن تاريخية المعرفة العلمية تثبت أنها نسبية إلى ما ندركه منها بتقدم التجربة والاطلاع على عاداتها بلغة المدرسة النقدية العربية.
ولا يمكن في أي وقت ادعاء حصولنا عليها تامة لكنها في كل مراحل حصولنا عليها هي ما يجمع عليه علماء عصر الحصول باعتباره المعرفة الكونية في ذلك الوقت: وبتغيره يتطور المنطق ليلائم بين قوانين الأشياء وقوانين العقل.

إقرأ أيضا: صلاح الدول وفسادها.. استكمال بنيتها المجردة ونوعا "القوامة" السياسية

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير شروط الرأي فلسفة رأي فلسفة دول شروط أفكار أفكار أفكار سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ابن تیمیة بین أن

إقرأ أيضاً:

كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟

مع إقدام الرئيس ماكرون على حل برلمان بلاده وطغيان اليمين العنصري المتطرف في البرلمان الأوروبي الأحد الماضي مع استقالة وزيرين من حكومة ناتنياهو وفرض حماس نفسها كشريك في تحديد حل الأزمة، يدشن العالم منعرجا جديدا غير مسبوق على خلفية حربي غزة وأوكرانيا وهما حربان قد لا يفهم الناس مدى ارتباطهما ببعضهما وتأثيرهما الحاسم على ما يسمى "النظام العالمي الراهن".

1 ـ جغرافيا تقع غزة في فلسطين المحتلة أي في منطقة الشرق الأوسط بينما تقع أوكرانيا بين القارة الأوروبية واتحاد الجمهوريات الروسية أي في قلب منطقة يمكن أن نصفها بالاستقرار والسلم لولا حرب الإبادة الصربية ضد مسلمي البلقان في بداية التسعينات.

2 ـ تاريخيا بدأت محنة فلسطين منذ سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924 وشروع الغرب المسيحي اليهودي في تنفيذ بنود معاهدة (سايكس بيكو) وتقسيم العالم الإسلامي إلى دول رسمت لها قوى الغرب حدودا وهمية وسموها للتمويه "أوطانا مستقلة" رفعت رايات وطنية وأصدرت عملات محلية وطبعت جوازات سفر وانطلت مخططات الاستعمار الذي تقاسم تلك الشعوب على أغلبية الدهماء المسلمين فصدقوا خديعة "الدولة الوطنية المستقلة" وتناحر زعماؤها فيما بينهم كإعادة مأساوية لحروب الطوائف الأندلسيين بإدارة ملوك قشتالة ودهاء (فردينان) و(إيزابيلا).

ويعرف المؤرخون ما حدث بعد ذلك من محاكم التفتيش ومحارق المسلمين واليهود معا وطرد آخر ملوك بني الأحمر من الأندلس التي فقدها المسلمون إلى الأبد وهو نفس سيناريو نتنياهو وحلفائه لإبادة شعب غزة فيما سمي صفقة القرن التي رفضها و رفض الخنوع لها جمع من فتية أمنوا بربهم فصنعوا لشعبهم ملحمة الطوفان.

ونلفت إلى أن التشابه بين حالتي غزة وأوكرانيا نبهت عديد الخبراء والإعلاميين إلى ما ينتظر العالم من تحولات عميقة بسبب هاتين الحربين، فاختار صحافيون مقاربة الحربين من زاوية إرهاصات نظام عالمي مرتقب وتحت عنوان إسرائيل ـ حماس، أوكرانيا…

اتساع الهوة بين الغرب ودول الجنوب

كتب (سيريل بلوييت) في مجلة (لكسبريس): "إن العالم يشهد نقطة تحوّل خطيرة بعدما أظهرت الحرب في أوكرانيا وجود هوة بين المعسكر الغربي وباقي الدول ليأتي الصراع في الشرق الأوسط ويزيد هذه الهوة اتساعاً. ولاحظ (بلوييت) مراهنة عديد الدول العربية والمسلمة على الصين وروسيا وإيران لإضعاف الولايات المتحدة وزيادة نفوذ تلك الدول لدى الدول المتوجسّة من واشنطن.

وفي نفس السياق اعتبر (آلان فراشون) عبر صحيفة (لوموند) أن الصراعين الروسي ـ الأوكراني والإسرائيلي ـ الحمساوي أبرزا مجتمعاً دولياً منقسماً على ذاته وعاجزاً عن فرض قواعده وهو وضع  تسعى الصين وروسيا إلى الاستفادة منه لإرساء نظام عالمي معادٍ للولايات المتحدة كما أن الخبير العالمي في العلاقات الدولية (برتران بادي) أشار إلى أننا نعيش لحظة تحوّل على صعيد النظام العالمي لكن يصعب التنبؤ بملامح هذا النظام.

والدليل على التحوّل الذي نعيشه هو عدم وجود تسمية جلية للواقع الراهن إذ يكتفي الأكاديميون بإطلاق وصف "نظام ما بعد القطبية الثنائية"، حيث أننا ندرك ما كان قبله لكن لا ندري ما سيأتي بعده ويختم (بادي) تحليله قائلاً: "يجب الانتظار عقداً أو عقدين لنلمس بصورة عملية أثر الحربين في أوكرانيا وقطاع غزة في بلورة النظام العالمي المنتظر.

الجديد الخطير في المواقف الأوروبية هو أن الغرب قرر أن من حق أوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية التي توفرها لها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) لضرب المواقع العسكرية في عمق الأراضي الروسية! وهو ما أسرع للرد عليه بوتين بخطاب قوي أعلن فيه الزيادة في مخصصات التسليح النووي بنسبة 30% وبعقد قمتين روسية عربية وروسية إفريقية كما فعلت الصين تماما ثم كوريا الجنوبية التي تعملقت في العقود الأخيرة بقصد واضح وهو قضم ما تبقى من القارة الافريقية والشرق الأوسط من دولها تحت هيمنة فرنسا وبريطانيا.وحتى نفهم حقيقة التغيرات المتوقعة كما كتبت الزميلة رغدة درغام فلنقل دون تردد بأن أوروبا في خطر وشيك تقرع أبوابها حرب كبيرة وقريبة كما رأينا في ذكرى مرور 80 سنة على يوم الانتصار في 6 يونيو حيث أصر الرئيس الفرنسي ماكرون وملك بريطانيا على حضور الرئيس الأوكراني زيلنسكي في هذه المناسبة بموافقة الحليف الأمريكي بايدن مما شكل استفزازا واضحا للرئيس الروسي بوتين بينما كان الاتحاد السوفييتي (روسيا اليوم) تاريخيا هو القوة الحاسمة التي قضت على الرايخ الثالث وقوات المحور ومكنت أوروبا من الحرية.

كما تنعقد هذه الأيام قمة الدول الصناعية السبعة في إيطاليا ومؤتمر السلام لأوكرانيا في سويسرا وهذه مناسبات لمزيد قرع طبول حرب عبثية منذرة بكل المخاطر بين الغرب وبين من يعتبرهم الغرب عدوين وهما روسيا والصين!

الجديد الخطير في المواقف الأوروبية هو أن الغرب قرر أن من حق أوكرانيا استخدام الأسلحة الغربية التي توفرها لها دول حلف شمال الأطلسي (ناتو) لضرب المواقع العسكرية في عمق الأراضي الروسية! وهو ما أسرع للرد عليه بوتين بخطاب قوي أعلن فيه الزيادة في مخصصات التسليح النووي بنسبة 30% وبعقد قمتين روسية عربية وروسية إفريقية كما فعلت الصين تماما ثم كوريا الجنوبية التي تعملقت في العقود الأخيرة بقصد واضح وهو قضم ما تبقى من القارة الافريقية والشرق الأوسط من دولها تحت هيمنة فرنسا وبريطانيا.

لعل أحد مفاتيح هذا الجري وراء الكارثة في أمريكا وأوروبا هو ما فسره (توماس فريدمان) في مقال نشره أخيرا في (نيويورك تايمز) حول ما سماه (أفول سلطات الغرب وراءها غياب الأخلاق) ونعجب لتنامي ظاهرة رفض عديد النزهاء الإسرائيليين لليمين المتغطرس الذي يقوده ناتنياهو منهم (شالوم ساند) والمثقفة اليهودية (بيرين سيمون ناحوم) عبر كتابها الجديد المندد باستعمال حيلة اتهام المخالفين بمعاداة السامية لكل من ينتقد حكومة متطرفة أساءت لشعب إسرائيل.

نشر الكاتب البريطاني المخضرم "ديفيد هيرست" مقالا عن التشابه بين ‏الاحتلال الإسرائيلي والصليبيين في الأساليب والمطامح مؤكدا أن السلوك ‏الإسرائيلي يجعل من غير المستبعد أن يكون مصير الاحتلال مثل مصير ‏الصليبيين في الشرق.‏

مقالات مشابهة

  • وزير دفاع تايوان: لا نريد الحرب مع الصين وميزان القوة في صالحهم
  • أزهري: صلة الرحم ليست مجرد فضيلة أخلاقية بل عبادة تُقرب المسلم إلى الله
  • أحمد عزيز مديرا للقطاع التجارى بشركة إير كايرو للطيران
  • زيلينسكي: سنركز في قمة «سويسرا للسلام» على الأمن الغذائي وإطلاق سراح السجناء
  • كيف ستنقلب موازين العالم بسبب غزة وأوكرانيا؟
  • العلماء الروس يبتكرون شبكة من الأقمار الصناعية الصغيرة لتنظيم "إنترنت الأشياء"
  • الراحة لا تتحقق بالإجازات وحدها.. كيف تستعد لعطلة ممتعة؟
  • أسئلة في المنطق للاستاذ ضياء الدين بلال
  • المستشار الألماني: مقترحات بوتين بشأن السلام بأوكرانيا ليست جادة
  • ليست هدنة.. خطة إنقاذ لـ«إسرائيل»!