سواليف:
2025-10-08@01:45:52 GMT

الاستثمار… ممر الأردن نحو التحديث

تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT

#الاستثمار… #ممر_الأردن نحو #التحديث
الأستاذ الدكتور #أمجد_الفاهوم
يقف الأردن اليوم على مفترق اقتصادي حساس، حيث تُظهِر الأرقام بوضوح حجم التحديات القائمة. فقد بلغت نسبة البطالة 21.3% في الربع الثاني من عام 2025، وارتفعت بين النساء إلى 32.8%، في ظل موارد طبيعية محدودة وديون عامة متزايدة تُثقل كاهل الموازنة.

وعليه، فإن هذه المعادلة الضاغطة تجعل من الاستثمار ليس خيارًا إضافيًا، بل ضرورة وطنية لا يمكن تجاهلها. لم يعد الاقتصاد يحتمل المزيد من التباطؤ، ولم يعد المجتمع قادرًا على تحمّل تصاعد البطالة والفقر.
ورغم أن الاستثمار يواجه عقبات مألوفة، مثل البيروقراطية المتجذّرة، والتشريعات المتقلبة، والبنية التحتية اللوجستية المحدودة، وتكاليف الطاقة والنقل المرتفعة، فإن هذه التحديات ليست قدرًا محتومً. بل يمكن تحويلها إلى فرص إذا ما أُديرت بعقلية جديدة ورؤية تتجاوز حدود الروتين نحو إصلاح حقيقي.
وتبدأ أي نهضة استثمارية حقيقية من الإنسان. فالأردن يمتلك طاقات شبابية متعلمة، لكنها تواجه فجوة في المهارات تحدّ من اندماجها في سوق العمل. وهنا تبرز الحاجة إلى إعادة تعريف دور الجامعات والمعاهد، لتصبح منصات لإعداد الكفاءات المرتبطة مباشرة بالاقتصاد المحلي والإقليمي. فالتدريب العملي المأجور، والحاضنات الجامعية، والمشاريع التطبيقية بالشراكة مع القطاع الخاص، لم تعد رفاهية، بل ضرورة لتجسير الفجوة بين التعليم وسوق العمل. عندها يتحوّل الخريج من باحث عن فرصة إلى صانع لها، ويتحوّل الشباب من عبء على الموازنة إلى محرّك فعلي للنمو.
أما الموارد الطبيعية المحدودة، فليست نقطة ضعف، بل فرصة للابتكار. ففي قطاع المياه، يشكّل مشروع الناقل الوطني لتحلية مياه العقبة ونقلها إلى عمّان تحولًا نوعيًا، لا لمعالجة أزمة مائية فحسب، بل لجذب استثمارات صناعية وزراعية تقوم على أمن مائي مستدام. وفي قطاع الطاقة، حيث تشكّل المصادر المتجددة ما يقارب 27% من إنتاج الكهرباء، يمكن للأردن أن يرسّخ مكانته كمنصة إقليمية للطاقة النظيفة، إذا ما اعتمد اتفاقيات شراء طويلة الأجل تُخفّف من مخاطر المستثمر وتزيد من جاذبية المشاريع الصناعية. وفي المستقبل، سيكون من الضروري التوسّع في دراسة هذه الفرص بشكل أعمق.
وفي ما يخص التحويلات المالية، فإن أكثر من 3.6 مليار دولار تتدفق سنويًا من الأردنيين المغتربين، أي ما يعادل 9% من الناتج المحلي، لكنها غالبًا ما تُنفق في الاستهلاك قصير الأجل. وهذا يتطلّب إجراءات حكومية حقيقية لتعزيز الثقة بأن الاقتصاد الوطني قائم على خطط طويلة الأجل ومستدامة، مما يشجّع على توجيه هذه الأموال نحو الاستثمار. المطلوب هو إطلاق أدوات تمويل مبتكرة، مثل السندات الاستثمارية للمغتربين، والصناديق الوطنية ذات العوائد الشفافة، لتحويل هذه التحويلات إلى رافعة تنموية يشارك من خلالها الأردنيون في الخارج في بناء مستقبل وطنهم، لا في تمويل استهلاكه فقط.
ويبقى الإصلاح الإداري عنصرًا محوريًا، إذ لا يمكن الحديث عن جذب استثمارات حقيقية بينما يظل المستثمر عالقًا بين الإجراءات الورقية والمكاتب المتعددة. فالحل يكمن في رقمنة شاملة للإجراءات، من خلال منصة موحدة تختصر الوقت، وتعيد الثقة، وتفرض معايير خدمة واضحة وملزمة. عندها فقط يشعر المستثمر أن بيئة الأعمال في الأردن ليست مجرد شعارات، بل تجربة عملية مبنية على الشفافية والكفاءة.
وتجارب الدول المجاورة تثبت أن النجاح ممكن. فالمغرب جذبت استثمارات كبرى بفضل مشروع “نور” للطاقة الشمسية، وحوّلت مصر منطقة قناة السويس إلى منصة صناعية ولوجستية عالمية. أما السعودية، فسلكت من خلال “رؤية 2030” طريق المشاريع العملاقة التي جعلتها مركزًا إقليميًا جاذبًا، بينما رسّخت الإمارات مكانتها كوجهة استثمارية رائدة بفضل بنيتها التشريعية والرقمية المتطورة. هذه النماذج تُظهر أن الإرادة السياسية والجرأة في الإصلاح كفيلتان بتحويل التحديات إلى نقاط قوة.
ومن هنا، فإن الدروس المستفادة من هذه التجارب تؤكد أن الاستثمار في الأردن لم يعد مجرد بند اقتصادي، بل هو شريان حياة. فعندما تتلاقى الجرأة في القرار مع وضوح الرؤية، ويتحول رأس المال البشري إلى قوة إنتاجية، والموارد المحدودة إلى منصات ابتكار، والتحويلات المالية إلى استثمارات، والبيروقراطية إلى رقمنة، حينها فقط يستطيع الأردن الخروج من عنق الزجاجة وفتح صفحة جديدة في تاريخه الاقتصادي.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: ممر الأردن التحديث

إقرأ أيضاً:

22 مليار ريال استثمارات تراكمية في "المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية"

 

 

 

 

مسقط- الرؤية

أصدرت الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة العدد الحادي والأربعين من مجلة الدقم الاقتصادية باللغتين العربية والإنجليزية، حيث تناول العدد مجموعة من الموضوعات والتقارير والحوارات الاقتصادية، إلى جانب مقالات تحليلية تسلط الضوء على أبرز التطورات في المشهد الاستثماري والاقتصادي في سلطنة عُمان.

واستعرض العدد الإحصائيات الصادرة عن الهيئة والتي كشفت عن ارتفاع حجم الاستثمارات التراكمية في المناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والمدن الصناعية ليصل إلى 22 مليار ريال عُماني حتى نهاية النصف الأول من عام 2025، فيما بلغ حجم الاستثمارات المضافة خلال الفترة نفسها مليار ريال عُماني. وأشارت البيانات إلى أن إجمالي القوى العاملة في هذه المناطق بلغ 79202 عامل، من بينهم 30289 عاملًا عمانيًا بنسبة تعمين وصلت إلى 38%.

وأوضحت الأرقام أن عدد المستثمرات العُمانيات في المنشآت القائمة بالمناطق بلغ 754 مستثمرة، إضافة إلى 143 مستثمرة وافدة مقيمة في سلطنة عُمان، ليصل العدد الإجمالي إلى 897 مستثمرة، في دلالة على الحضور المتنامي للمرأة العُمانية ودورها الحيوي في دعم التنمية وتعزيز المشاركة الاقتصادية. وجاءت افتتاحية العدد بعنوان "الهيئة تعزّز حضورها الاستثماري على خارطة الاقتصاد العالمي"، كما أبرزت فوز الهيئة للمرة الثانية على التوالي بجائزة أفضل منفذ خدمة في محافظة مسقط لعام 2024.

وفي حوار خاص لمجلة الدقم الاقتصادية، أكد معالي عبدالسلام بن محمد المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني، أن "الجهاز" يتّبع منهجية "البُعد العُماني" في استثماراته الخارجية، حيث استقطب استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 3.348 مليار ريال عُماني خلال عام 2024. ومن جانبه أشار سعادة الشيخ خليفة بن علي الحارثي وكيل وزارة الخارجية للشؤون السياسية إلى أن وزارة الخارجية تواصل جهودها عبر بعثاتها الدولية لتسهيل الاستثمارات وتعزيز الشراكات الاقتصادية.

وتضمّن العدد تقارير موسعة من بينها تقرير عن جودة الحياة في المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية، وموضوع متكامل عن المزايا والحوافز والإعفاءات والتسهيلات التي تحظى بها المشروعات العاملة في هذه المناطق، إضافة إلى متابعة خاصة لتطور المنطقة الاقتصادية بمحافظة الظاهرة وما تشهده من تسارع في استكمال جاهزيتها الاستثمارية.

وفي حوار آخر بالمجلة، كشف المهندس عبدالله الوهيبي الرئيس التنفيذي لشركة "تطوير الدقم" أن محفظة أصول الشركة بلغت 1.2 مليار ريال عُماني مع تنفيذ أكثر من 46 مشروعًا خلال السنوات الخمس الماضية في الدقم. وأوضح الدكتور أيمن الفضيلي الرئيس التنفيذي لأكاديمية الابتكار الصناعي أن الأكاديمية أسهمت في رفع جاهزية أكثر من 40 شركة ناشئة وتسعى إلى تأسيس حاضنات صناعية جديدة.

أما على صعيد المناطق الاقتصادية والحرة، فقد سجّلت المنطقة الحرة بصلالة استثمارات تراكمية بلغت 4.9 مليار ريال عُماني بنسبة نمو 6.5% حتى يونيو من العام الجاري، فيما شهدت المنطقة الحرة بصحار استثمارات بقيمة 1.318 مليار ريال عُماني موزعة على 77 مشروعًا استثماريًا. كما ارتفع حجم البضائع التي عبرت المنطقة الحرة بالمزيونة خلال النصف الأول من العام الجاري إلى 137 ألف طن بزيادة بلغت 20%، بينما استقطبت مدينة خزائن الاقتصادية استثمارات تجاوزت 276.5 مليون ريال عُماني عبر 19 اتفاقية في الفترة ذاتها.

وأبرز العدد قصة نجاح استثمارية لشركة "الشرق الأوسط الشاملة لخدمات الأنابيب" باستثمارات بلغت 3.9 مليون ريال عُماني مع خطة للتوسع بقيمة 3 ملايين إضافية، إلى جانب تقرير عن شركة "محاجر الدقم" التي تسعى لتنويع مصادر إيراداتها وتعزيز شراكاتها الصناعية، فيما سلط الضوء كذلك على جهود "صحار ألمنيوم" في تعزيز كفاءة الطاقة وتقليل انبعاثات الكربون في إطار التوجه نحو الاستدامة البيئية.

مقالات مشابهة

  • العيسوي: التحديث الشامل خيار وطني استراتيجي وأمانة للأجيال القادمة
  • 15 مليار جنيه استثمارات فى سيناء لإقامة 27 محطة محولات جهد فائق وجهد عالى
  • وزير الخارجية: استثمارات هولندا في مصر تتجاوز 5 مليارات دولار
  • الأردن بين التحديات والتحولات: قراءة في كتاب “Jordan: Politics in an Accidental Crucible”
  • تمكين استثمارات وابتكارات التأمين
  • 22 مليار ريال استثمارات تراكمية في "المناطق الاقتصادية والحرة والمدن الصناعية"
  • 
  مبادرات "100 مليون صحة" تحولت إلى استثمارات وطنية تحقق عائدًا اقتصاديًا مستدامًا
  • «المشاط»: 10 مليارات جنيه استثمارات حكومية بمحافظتي شمال وجنوب سيناء
  • الليثيوم ودوره الغامض في الدماغ.. هل يمكن أن يقي من ألزهايمر؟