دراسة حديثة تؤكد أن معبد الكرنك بالأقصر أقيم على جزيرة ناتجة عن تغيّر مجرى النيل، فيما يرجّح الباحثون أن أول استيطان للموقع كان بين 2305 و1980 قبل الميلاد. اعلان

أظهرت دراسة حديثة قام بها فريق دولي من علماء الآثار أن معبد الكرنك، أحد أعظم المعابد المصرية وأكبر المجمعات الدينية في العالم القديم، قد بُني في موقع يرتبط بشكل مباشر بتغيرات نهر النيل وأساطير الخلق المصرية.

وتشير النتائج إلى أن اختيار الموقع لم يكن عشوائيًا، بل جاء ليجسد معتقدات المصريين القدماء ويجعل من المعبد مركزًا روحيًا وثقافيًا.

الموقع قبل آلاف السنين

بحسب الدراسة المنشورة في مجلة Antiquity، كان موقع معبد الكرنك يغمره نهر النيل قبل عام 2520 قبل الميلاد، ما جعله غير صالح للسكن أو البناء. ومع مرور الزمن، انقسم النهر إلى عدة مجاري، مكوّنًا جزيرة طبيعية شكلت أساسًا للبناء الآمن وتوسيع المعبد لاحقًا.

وقال بن بينينغتون، المؤلف الرئيسي للدراسة وزميل في علم الآثار الجيولوجي بجامعة ساوثهامبتون: "توفر هذه الدراسة صورة دقيقة لتطور معبد الكرنك، من جزيرة صغيرة إلى أحد أبرز الصروح الدينية في مصر القديمة."

البحث العلمي يربط بين الجغرافيا والتاريخ

حلّل الباحثون 61 عينة رسوبية من الموقع وحوله، بالإضافة إلى دراسة عشرات الآلاف من شظايا الفخار، لتحديد كيف تغير المشهد الطبيعي عبر القرون. وأظهرت النتائج أن أولى الاستيطانات البشرية على الموقع تعود إلى الفترة بين عامي 2305 و1980 قبل الميلاد.

Related دراسة تكشف سرًا عمره 5700 عام.. ما السبب وراء تقويم قرون الأغنام في مصر القديمة؟نفرتيتي على عربتها... كيف استخدمت النساء في مصر القديمة العربات؟ "كليوباترا" في مدريد.. معرض رقمي يُقدّم للزوار رحلة فريدة تغوص في تاريخ مصر القديمة

وأوضح دومينيك باركر، أحد المشاركين في الدراسة: "شكلت مجاري النهر المحيطة طريقة تطور البناء في الموقع.. كما ساهم المصريون القدماء في تعديل مجرى النهر عن طريق رمي الرمال الصحراوية لتوفير أرض جديدة للبناء."

الأسطورة تتحقق على أرض الواقع

أحد أهم الاكتشافات هو الربط بين موقع المعبد وأسطورة الخلق المصرية، التي تصف ظهور التل الأولي من مياه الفوضى. ويعتقد الباحثون أن النخبة في طيبة اختارت موقع الكرنك لمعبد رع آمون، لأنه يجسد مشهدًا كونيًا يدمج الأرض المرتفعة والمياه المحيطة، تمامًا كما تصفه الأسطورة.

وأشار بينينغتون:"النصوص المصرية في المملكة الوسطى تصف التل الأولي وهو يرتفع من 'مياه الفوضى'. ومع انحسار الفيضان السنوي، بدا التل وكأنه ينهض من المياه، وهو المشهد الذي اختار المصريون القدماء تجسيده في الكرنك."

الكرنك بين الهندسة والدين

يُعد معبد الكرنك شاهدًا على براعة المصريين القدماء في الجمع بين المعرفة الجيولوجية والهندسة والدين. وتوضح الدراسة أن الموقع لم يُختَر صدفة، بل كان اختيارًا واعيًا بمعتقداتهم الدينية، ليصبح أحد أكبر المجمعات الدينية والثقافية في مصر القديمة.

وقال كريستيان سترات، المؤلف المشارك: "لقد كان عمر الكرنك موضوع جدل طويل، لكن أدلتنا الجديدة توفر إطارًا زمنيًا واضحًا لبداية الاستيطان والبناء، ما يساعد في فهم تاريخ هذا الصرح العظيم."

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثة

المصدر: euronews

كلمات دلالية: إسرائيل دونالد ترامب غزة حركة حماس قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل دونالد ترامب غزة حركة حماس قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الحضارة الفرعونية حضارة تاريخ مصر إسرائيل دونالد ترامب غزة حركة حماس قطاع غزة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني روسيا الاتحاد الأوروبي وقف إطلاق النار بنيامين نتنياهو جائزة نوبل بحث علمي فی مصر القدیمة معبد الکرنک

إقرأ أيضاً:

الشهيدُ أحمدُ الشيبة.. فتى النور الذي اختار طريق الخلود

 

الأسرة /وفاء الكبسي
في زمنٍ اشتدت فيه الفتنُ وتلاطمت فيه أمواجُ الدنيا، ظهر النورُ من نفسٍ طاهرةٍ وقلبٍ مؤمنٍ. ذلك هو الشهيد أحمد عادل الشيبه، فتىً حمل في صدره حبًّا لله، وفي يده عملًا صالحًا، وفي قلبه إيمانًا لا ينكسر.
في دفءَ ذاكرة الأمِّ تَنسَابُ حكايةُ ابنٍ صنعَ من الهدوءِ تسامحًا، ومن الحنانِ رحمةً، ومن الطيبةِ نبعًا لا ينضب. كانت طفولته لوحةً من الصدق والحياء؛ خجولٌ مؤدبٌ نقيٌّ، وفي شبابهِ كملت ملامحُ الفتى حتى صارَ خلقُه عنوانًا، وسيرتُه مثالًا يُحتذى. لا غرضَ له في أرضِ الناس إلا أن يُحسن، لا دافعَ له إلا أن يُعدِل، لا مقامَ له إلا أن يَبرّ، وأن يكون راجيًا رضا الرحمن.
نشأةٌ على البرِّ والصفاء
نشأ أحمد في بيتٍ حضنه الحنان، وقد زرعت فيه والدته قيمَ الأدبِ والاحترامِ والإحسان. كانت صفاته الطيبة تتسرب كلّما تقدم به العمر؛ خجولًا مؤدبًا، صادقًا نقيًّا، كريمًا لا يعرف للضغينة طريقًا. تعلقٌ خاصٌ جمّ بينه وبين أمه؛ كان لها الحنّةُ والوفاءُ، وهي له ملاذُ الحبِّ والطمأنينةِ.
في زمن الغرس الصغير التحق بالمراكز الصيفية والدورات الثقافية داخل الحي، فزاد وعيه وتعمقت رؤيته. فتفتحت أمامه أبواب العمل في سبيل الله: تنظيم الفعاليات، تأمين احتفالات والمشاركة في المجالس التوعوية، ودوراتٌ ثقافيةٌ شبّت فيه حبُّ الجهادِ وخدمةِ الدينِ والوطن. ومع الدوراتِ العسكريةِ التي اجتازها، نما في قلبهِ يقينٌ بأن هذه المعركةَ معركةُ حقٍ ضدَّ الباطلِ، وأن التضحيةَ في سبيلِ الله طريقُ العزِّ والخلود.
وعيٌ مبكّرٌ وقرارٌ لا رجعةَ عنه
رغم صغر سنه، تميّز أحمد بوعيه وإدراكه لخطورة المرحلة. التحق بدوراتٍ عسكريةٍ وثقافيةٍ تفوَّقَ فيها، ولم تكن الدورات مجرد تدريبٍ جسديٍ بل كانت مدرسةً لصقل النفس وتقوية العزيمة. ومع اكتمال دراسته الثانوية كانت أمامه فرصةٌ جامعية في هندسة النفط، لكنه رأى أن المرحلة حرجةٌ، وأن للواجبِ وجوبًا قبل كلِّ شيء؛ فاختار أن يبقى في ثغر الجهاد، مفضّلًا دوامَ الجهاد على زخارف الدنيا. قال لأمه ذات مرةٍ بكلماتٍ بسيطةٍ : «خليني في الجبهة، فأنا الآن أحقق أحلامي». هكذا رأى الجهادَ حلمًا يعيشُهُ بكل تفاصيله، يجدُ فيهِ السعادةَ والطمأنينةَ.
في ميادين العزِّ
تنقّل الشهيد في ساحاتِ العزة: شبوة، حجة، البيضاء، مكيراس ومارب… وفي كل ميدانٍ كان يزيد من مقدارِ إخلاصه وتفانيه. حضر أكثر من دورةٍ ميدانيةٍ ونفّذ واجباته بإخلاصٍ وحزمٍ وروحٍ عالية. كان يسعى دائمًا للطلعة الأولى، متقدّمًا في الاجتهاد والتعلم والتطوير. تعلّق بروحِ الملازمِ للشهيد القائد حسين الحوثي، وسمع محاضرات السيد عبدالملك سلام الله عليهما فتأثرَ وازداد بصيرةً وإدراكًا لحجم القضية وأبعادها.
قال لأمه ذات يوم بعد أن استمع لمحاضرة السيد القائد عن «خطورة التفريط»: «القضية كبيرة يا أمي».
كلمةٌ صغيرةٌ حملت عمق وعيه وشدة إحساسه بالمسؤولية، فقد أدرك أن معركته ليست معركة حدودٍ أو أرض، بل معركة وعيٍ وإيمانٍ وولاءٍ لله.
شهادةٌ اختارها بقلبٍ طاهر
تنقّل في جبهاتِ العز: شبوة، حجة، البيضاء، مكيراس، مارب… وفي كلِّ ميدانٍ كان يضاعف همّته، ويُحسّن إعدادَه القتالي والروحي، مخلصًا في عمله الإيماني والجهادي. وها هيَ مواجهةٌ في جبهةِ العبدية بمأرب تُسدِّدُ خاتمة السائرين على نهجِ الإيمان؛ فارتقى شهيدًا وهو يرفع يدهُ ويهتف الصرخةَ: «اللَّهُ أَكْبَرُ — الموتُ لأمريكا»… صدحت روحهُ بأعظمِ معاني الفداء.
تلقى الأهلُ نبأ استشهاده بقلوبٍ راضيةٍ وقناديلِ شكرٍ، فقد كان أحمد يوصي أمه ألا تحزن، وألا تجزع، وألا تلبس السواد، وأن يُستقبل الخبرُ بالفرحةِ والرضاِ والشكر والثبات، وأن تُدفع روحُ الأخِّ إلى مواصلة المسير.
كانت وصيته واضحةً: أن تستمر الراية، وأن يستمر الوطنُ في طريقِ الحق، وأن يُرعى الإخوةُ ويُدفعوا إلى مواصلة المسير. هكذا علّمهم الإسوةَ بالبذلِ والسموِّ على النفس.
معالمٌ من خلقه تحفرها الذاكرة
الحياء والورعُ والصدقُ معه في كلِّ قولٍ وفعلٍ.
البرُّ بالأمِّ وحنانُ القلبِ تجاهها.
التواضعُ واحترامُ الكبيرِ وصلةُ الرحم.
الإخلاصُ والتفاني في العملِ الدعويِّ والتنظيميِّ قبل أن يكون في الميدان.
الروحُ القياديةُ التي لا تَخشى متاعبَ الطريق، بل تنشدُ رضى الرحمن.
خاتمة: وعدٌ وأملٌ
إن رحيلَ أحمد ليس نهايةً لقصةٍ أو نورًا تنطفئ شراعته، بل هو شجرةٌ غرسَها الحقُّ في أرضِ الإيمانِ فتظلُّ خصبًا لمن يَستلهمُ منها العزمَ والصبر.
إنها شهادةٌ لم تَكن مجردَ انطفاءٍ لجسدٍ، بل طلوعٌ لنورٍ لا يَزول؛ فقد عاشَ أحمد بقلبٍ صافٍ، وبعزمٍ مَنَّ الله عليه بهدايةٍ ورؤيةٍ جعلته يطلبُ الشهادةَ ويعدُّها أسمى الآمال.
هنيئًا للشهيدِ مقامُهُ، ولأمِّه صبرُها الذي يَشهد لها بالإيمانِ والرضى.
سيبقى الشهيد أحمد الشيبة فتى النور الذي اختار طريق الخلود، ورمزًا للبطولة والفداء، ومنارةً تُضيء دروب المجاهدين والأجيال.

مقالات مشابهة

  • “الفاف” تكشف موعد انطلاق التكوين الفدرالي للمحضرين البدنيين
  • صحة غزة تكشف أرقام صادمة تعكس حجم الانهيار الصحي في القطاع
  • دراسة حديثة تكشف بروتينًا قد يقلل خطر الإصابة بالزهايمر
  • فوائد عصير البرتقال أكثر مما تعتقد.. دراسة تكشف تغير الجينات
  • دراسة صادمة.. روبوتات الذكاء الاصطناعي تكشف طرق صنع القنبلة النووية
  • دراسة تكشف سبب عدم قدرة المصابين بالأرق على إيقاف التفكير ليلا
  • السيسى اختار العلاج بالمواجهة
  • سيوفر آلاف الفرص الوظيفية.. الحكومة الأردنية تكشف عن مدينة عمرة
  • دراسة تكشف دورا للشعر الأحمر.. لماذا لا تلتئم بعض الجروح؟
  • الشهيدُ أحمدُ الشيبة.. فتى النور الذي اختار طريق الخلود