أكد تحليل أمريكي أن إصلاح مجلس القيادة الرئاسي اليمني لا يزال بعيدًا عن اهتمامات رعاته، حتى أنه تم تجاهله خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك الشهر الماضي.

 

وقال مركز "ميدل إيست فورم" الأمريكي في تحليل للخبير فرناندو كرفخال، العضو السابق في لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، المتهم بالشأن اليمني إن غياب إصلاح جاد لمجلس القيادة الرئاسي يترك اليمن لمصير الوضع القائم، وإن "المستقبل يبدو قاتمًا في ظل تفشي الخلافات السياسية ومعاناة ملايين اليمنيين جراء انقطاع الرواتب والخدمات الأساسية".

 

وأضاف "لم يكن لعملية "الراكب الخشن"، الحملة العسكرية الأمريكية ضد الحوثيين في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2025، تأثير يُذكر على المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران. فلم يقتصر الأمر على تجديد الحوثيين لهجماتهم على السفن المدنية عبر باب المندب والهجمات الصاروخية على إسرائيل، بل ظل خصومهم اليمنيون إلى حد كبير في حالة ركود وانشغال بالصراع السياسي.

 

وتابع "بينما يواصل الحوثيون سيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، يسعى أعضاء المجلس الرئاسي القيادي للبقاء على قيد الحياة في ظل تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتنامي حالة عدم الاستقرار في المحافظات المحررة.

 

وأكد أن الوقت ليس في صالح الحكومة المعترف بها دوليًا".

 

واستدرك "بعد ثلاث سنوات من توسط المملكة العربية السعودية في إنشاء المجلس الرئاسي القيادي، ظهرت شائعات في أبريل/نيسان عن استعدادات لقوة قوامها 80 ألف جندي لشن هجوم بري ضد الحوثيين. وبينما تصوّر اتفاق الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 في البداية هذه القوة، إلا أنها لم تتحقق أبدًا لأن الطرفين المتنافسين فشلا في دفن الخلافات وتوحيد القوات الأمنية والعسكرية ضد الحوثيين.

 

الخلافات داخل المجلس الرئاسي أعاقة أمال في استعادة صنعاء

 

وأشار التحليل إلى أن النزاعات السياسية في العاصمة المؤقتة عدن، وفي حضرموت ومأرب وشبوة وتعز، أعاقت آمال أي قوة متماسكة في استعادة صنعاء منذ سبتمبر/أيلول 2014.

 

ولفت إلى أن الأحزاب السياسية تشترك في مصالح محدودة، وبينما يُقيد الوضع الراهن الحوثيين بالأراضي التي احتلوها منذ أوائل عام 2021، يُعاني ملايين اليمنيين من انعدام الرواتب والخدمات الأساسية.

 

وقال "في غياب أي إطار دستوري، كان المصدر الرئيسي للصراع في المجلس القيادي الرئاسي هو ضعف السلطة القانونية لرئيسه رشاد العليمي وسبعة أعضاء آخرين: عيدروس الزبيدي، طارق صالح، سلطان العرادة، عبد الله العليمي باوزير، عبد الرحمن أبو زرعة المحرمي، عثمان مجلي، وفرج البحسني.

 

"يُمثل أعضاء المجلس حزب المؤتمر الشعبي العام، وحزب الإصلاح، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو تكتل يُذكرنا بنظام الوحدة الفاشل عام 1990"، وفق التحليل.

 

وأفاد بأن الصراع مع الحوثيين يمثل تهديدًا وجوديًا للجنوبيين، ولكن ليس بالضرورة لبعض التجمعات السياسية الشمالية. كما شكّل الحوثيون تحديًا لنظام ما بعد الجمهورية الذي سيطر على المؤتمر الشعبي العام والإصلاح.

 

الصراع بين حزب المؤتمر والجنوبيين يعود لتجربة الوحدة الفاشلة عام 1990م

 

وقال "في الوقت نفسه، يعود الصراع بين المؤتمر الشعبي العام والجنوبيين إلى تجربة الوحدة الفاشلة في مايو 1990، والتي بلغت ذروتها في الحرب الأهلية عام 1994، والتي أدى حسمها لصالح الشماليين إلى خلق تصور لدى الجنوبيين عن "وحدة قسرية"، حيث سيقمع الشماليون تطلعاتهم ويستغلون الموارد الطبيعية".

 

وأكد أن "جيران اليمن مترددون في زعزعة الوضع الراهن في ظل تهديد الحوثيين بضرب أراضيهم".

 

وطبقا للتحليل فإن كل طرف داخل المجلس القيادي الرئاسي يرى أن بقاءه أولوية قصوى. ولفت إلى أن غياب التقدم في معالجة الأزمة الاقتصادية يظهر عجزَ الأطراف عن تلبية الاحتياجات الأساسية في المناطق المحررة، وعدم استعدادها للمخاطرة برأس مالها السياسي لتخفيف معاناة ملايين اليمنيين.

 

ولحشد قوة مؤثرة لطرد الحوثيين من أي محافظة، يضيف التحليل "يتعين على الأطراف نشر قوات من أراضيها، والثقة بأن منافسيها لن يجندوا محرضين لزعزعة استقرار معاقلهم. كما أن جيران اليمن مترددون في زعزعة الوضع الراهن في ظل تهديد الحوثيين بضرب أراضيهم. وفي غياب المصالح المشتركة، ينتظر كل طرف ضعف الآخرين أو فشلهم، بينما يُبقيه دوره الأمني ​​المحدود فاعلاً.

 

ولفت إلى فشل المقترحات البديلة في معالجة أيٍّ من جذور الصراع. ويتلاشى أي أمل في تدخل الحكومات الغربية المباشر مع تفاقم الصراع وتفاقم أزماتها الداخلية.

 

وخلص مركز "ميدل إيست فورم" الأمريكي في تحليله إلى القول "إذن، لا يبدو المستقبل مشرقًا. ما لم يجد القادة اليمنيون أنفسهم سبيلًا لتسوية خلافاتهم أو وصفة للتعاون من أجل إعادة تأسيس دولة مركزية، أو اتحاد، سيستمر ملايين اليمنيين في المعاناة، بينما يُحوّل المجتمع الدولي تركيزه إلى أزمات أخرى".

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن المجلس الرئاسي الحوثي الأزمة اليمنية جهود السلام ملایین الیمنیین

إقرأ أيضاً:

‏لماذا يخرج اليمن من الصراع أقوى؟؟

عندما نقول إن ما بعد إسناد اليمن لغزة ليس كما قبلَه، فإننا نعني أن الإخلاص لله، والجهاد الصادق في سبيله، ومواجهة التحديات، هي التي تبني الأمم وتُحيي فيها روح العزة والقوة.

يمانيون / كتابات/ محمد الفرح

 

ففي تجربة اليمن الممتدة لأكثر من خمسةٍ وعشرين عامًا، من الحروب الست إلى العدوان السعوأمريكي المستمر، تكرّر المشهد نفسه: كل حرب كانت تزيد اليمن صلابةً وخبرةً وقدرةً على الصمود. ونخرج من الحرب ونحن أقوى من ذي قبل بفضل الله وعونه.
ومن يتأمل بدايات العدوان السعودي وكيف آل أمره في نهايته، يدرك بوضوح أن اليمن خرج من الصراع أقوى مما بدأ، أشدّ عزيمةً وأوسع تجربةً وامتلكوا خبرات واسعة وقدرات متنامية، وارتفعت معنوياتهم، وطال نَفَسُهم في الصبر والمصابرة، لأن الله جعل الجهاد في سبيله وسيلةً لبناء الحياة والنفوس والقدرات.
يخطئ من يظن أن الجهاد سببٌ في ضعف الأمم أو تراجعها؛ فالحقيقة أن الضعف ينشأ من القعود عن الجهاد في سبيل الله، والتنصّل من المسؤوليات، والتردد في المواقف، والرضا بالهوان والذل.
إن الجهاد في سبيل الله ـ بمفهومه الشامل دفاعًا وبناءً وإعمارًا وإصلاحًا ـ هو الذي يصقل النفوس، وينمي المواهب ويصنع المعارف ، ويقوّي العزائم، ويبعث في الأمة روح القوة والعزة والاعتماد على الله، ويعيد إليها ثقتها بذاتها واستقلال قرارها.
أما القعود والتخاذل فهما أصل الوهن، ومصدر الانحدار، وسبب فقدان الهيبة والقدرة على النهوض؛ فالأمم التي تركن إلى الراحة وتستسلم للأمن الزائف، تُصاب بالضعف الداخلي الذي يسبق سقوطها الخارجي.
والصراع بشكل عام، في جوهره سنةٌ من سنن الله في الحياة؛ به تُبنى القدرات، وتُنمّى الطاقات، وتُصقل الإرادات.
وقد أدرك الأمريكيون والغربيون هذه الحقيقة، فجعلوا من وجود العدو حافزًا للبناء، ومن التحديات وسيلةً لتقوية الذات، ودائماً يفترضون أعداء ليجعلوا من التحدي حافزاً للنهوض.
أما أمتنا الإسلامية، فمنذ أن فقدت وعيها بعدوها وغاب عنها استشعار الخطر، وتخلّت عن الجهاد في سبيل الله، ونظرت إليه على أنه دمار وخراب وإرهاب، أصبحت في واقعٍ تتحكم فيه قوى البغي والطغيان، وتُستباح أرضها وكرامتها، وهي في حال عجزٍ رغم ما تمتلكه من إمكانات وجيوش وعدّة، وتراجع دورها، وضعفت قوتها، وذلّ سلطانها، بعد أن كان إدراك العدو ومواجهة التحدي كفيلَين بنهضتها لتكون أمةً قويةً عزيزةً تنافس سائر الأمم، فضلاً عن فقدانها معية الله وسنده وتوفيقه الذي يتحقق بالثقة به والتوكل عليه وبالوقوف في وجه الطغيان والإجرام.

مقالات مشابهة

  • عضو مجلس القيادة الرئاسي البحسني يشيد بجهود وزارة الخارجية في تعزيز الحضور الدبلوماسي
  • الهروب من الحرب إلى المجهول.. آلاف اليمنيين يفرّون من جحيم الحوثي.. المليشيا تُشعل أكبر مأساة إنسانية في اليمن
  • القيادي الوفدي عباس حزين: "ثقة القيادة تكليف ومسؤولية لخدمة الوطن"
  • صحيفة إسبانية: تمر 25 عاما على تفجير المدمرة الأميركية كول في اليمن.. بانتظار محاكمة العقل المدبر للهجوم (ترجمة خاصة)
  • ألمانيا: اليمن بحاجة لحكومة قوية وموحدة وعلى الحوثيين مراجعة أنفسهم
  • هكذا تشكّلت في اليمن ثقافة الانتصار
  • تقرير بريطاني: الحكومة الشرعية تفقد أهميتها والحوثي خرج أقوى بعد حرب إسرائيل (ترجمة خاصة)
  • ‏لماذا يخرج اليمن من الصراع أقوى؟؟
  • مجلس القيادة الرئاسي يؤكد التزامه بمبدأ الشراكة والتوافق الوطني لضمان وحدة الصف واستعادة الدولة