من الخرطوم إلى الرنك.. النساء الجنوب سودانيات يُقتلعن من حياتهن قسراً
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
منتدى الإعلام السوداني
الرنك، 18 أكتوبر 2025، (سودان تربيون) – تعيش ازاك في السودان منذ أربعين عامًا، وكانت تعمل في إحدى الشركات لمدة 14 عامًا، ولكن في لحظة مفاجئة، وصل أفراد إلى منزلها بالخرطوم وطلبوا منها مرافقتهم لإكمال بعض الإجراءات البسيطة.
تقول ازاك في حديثها لـ(سودان تربيون): “لم أتوقع أبدًا أن تلك الخطوة ستكون بداية رحلة عذاب”.
تتردد صرخات الألم في ظلام المعاناة الإنسانية التي يعيشها المواطنون الجنوب سودانيون المرحلون من السودان. تروي قصص المرحلين الجنوبيين من السودان معاناة إنسانية قاسية، حيث يتم إجبارهم على ترك ديارهم وأبنائهم دون سابق إنذار.
شهادات حية ومعاناة حقيقية لنساء أجبرن على ترك كل شيء وراء ظهورهن في هذا التقرير.
حكايات من قلب المعاناةتحدثت مني جوزيف عن المعاملة القاسية التي تعرضت لها هي وعائلتها، حيث تم القبض عليها وترحيلها دون أن تتمكن من اصطحاب أطفالها الأربعة. وعبرت جوزيف ل(سودان تربيون) عن شعورها بالحزن والأسى لأنها لم ترَ جنوب السودان إلا بعد ترحيلها إليها، بعد أن عاشت جل حياتها في السودان.
أما الويل دينق، فتروي في قصتها عن تعرضها للإهانة والاحتجاز دون مراعاة لحالتها الإنسانية، وتم القبض عليها وعائلتها وحرموا من أبسط حقوقهم مثل الحصول على ماء الشرب.
وذكرت لـ(سودان تربيون): “عندما مرض طفلي، طلبت المساعدة من الجنود، لكنهم رفضوا ذلك بكل قسوة، وقالوا لي: اتركيه يموت”. روت عن تعرضهم للضرب بالسياط، ولم يجدوا بديلاً عن الصمت في وجه القسوة والإهانات.
ردود الفعل الجنوب سودانية الرسمية والشعبيةمن جانبه قال مصدر موثوق داخل حكومة جنوب السودان إن عدد النساء اللائي تم ترحيلهن قسرًا من ولاية الخرطوم إلى منطقة الرنك الحدودية، وتم فصلهن عن أطفالهن يقدر بـ(111) امرأة.
وكشف المصدر لسودان تربيون عن عدد الأطفال الذين تم فصلهم عن أسرهم بأكثر من 200 طفل، حيث يتراوح عدد الأطفال في الأسرة الواحدة بين 6 إلى 9 أطفال. وقال مضيفاً: “لا تزال أعداد كبيرة من النساء الجنوب سودانيات في الخرطوم ومتوقع ترحيلهن قسرًا خلال الفترة القادمة”.
واعلن عن مطالبات من الشعب الجنوبي لحكومة جوبا بنقل الجنوبيين فوراً من السودان، وانتقد تطبيق قانون الوجوه الغريبة وعدم رغبة الحكومة السودانية في وجود السودانيين الجنوبيين في السودان واتهامهم بالاشتراك في الحرب والتعاون مع الدعم السريع.
مناشدة عاجلة ورفض من المجتمع المدني السودانيفي السياق، أطلقت المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات وهيئة محامي دارفور مناشدة للمفوضية القومية لحقوق الإنسان للتدخل. وقال عضو المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات الصادق علي حسن لسودان تربيون: “المجموعتان أطلقتا مناشدة عاجلة إلى المفوضية القومية لحقوق الإنسان باعتبارها الجهة المنوط بها دراسة الظاهرة والتوصية لدى الأجهزة الرسمية لإيقاف الترحيل القسري”.
وطالب علي المؤسسات الدولية بممارسة الضغط على النظام الحاكم لوقف عمليات الترحيل، وأضاف: “لكن من خلال المتابعة لا توجد حتى الآن أي استجابة”.
ودعا السلطات للنظر إلى للجنوبيات المشمولات بالأمر بالضرورة ودراسة حالتهن والتمييز بين طالبات اللجوء أو الراغبات في الإقامة. وتابع: “في كل الأحوال يجب اخضاعهن لدراسة حالاتهن، فطالبات اللجوء لا تجوز أعادتهن تحت أي ظرف من الظروف. كما بالضرورة يجب مراعاة حالة من ترغب في الإقامة والتعامل معهن بصورة كريمة”.
وفيما يتعلق بالأطفال الذين نقلوا إلى أماكن أخرى يرى الصادق على حسن، ضرورة التعرف على الغرض من ذلك النقل، حتى يتبين ذلك الأمر بصورة واضحة، بعد ذلك يمكن تكييف وضعهم. ولكن مجرد نقل الأطفال بعيدا عن أمهاتهم ومن دون علمهم يندرج ذلك العمل ضمن الأخفاء القسري، وإذا كان ذلك الأخفاء القسري ممنهجا فقد تشكل جريمة من الجرائم ضد الإنسانية إذا توافرت شروطها.
انتهاك وسلوك غريب عن السودانيينفي سياق متصل، أدان التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بشدة ترحيل الجيش السوداني، وسلطته ببورتسودان ومليشياته المساندة حسب تعبيره، للعشرات من دولة جنوب السودان بشكل قسري، ووصفه بأنه سلوك غريب على الأخلاق السودانية، ومخالف للأعراف الدولية التي تضمن كرامة الإنسان وحقه في الحماية.
وأعرب تحالف صمود في بيان الأربعاء عن بالغ القلق لما أسماه “الإجراءات المتعسفة من سلطة الأمر الواقع”، التي لم تكترث لعلاقات الأخوة والمصير المشترك، والأواصر الحميمة بين شعبي السودان وجنوب السودان.
وذكر البيان: ”إن هذا العسف ليس مستغرباً على سلطة أعادت ذات الوجوه الكالحة التي أطاحت بها ثورة ديسمبر المجيدة، وأضحت حاضنة وأم رؤوم للعنصريين والمتطرفين، ودعاة التقسيم على أسس اجتماعية”.
واستنكر التحالف ما وصفه بـ”السلوك البربري، والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان” خاصة في ظروف النزاع، وأكد أن كل محاولات فلول النظام البائد ومليشيات التطرف الديني والعرقي لتقويض العلاقات الأخوية والتاريخية بين شعبي السودان وجنوب السودان لن تفلح في تهديد الروابط الإنسانية التي تجمع بينهما.
وطالب “صمود” الجيش السوداني والمليشيات المساندة له” بالتوقف الفوري عن مثل هذه الإجراءات، والعمل على ضمان سلامة وكرامة جميع المدنيين، بغض النظر عن جنسيتهم أو خلفيتهم، وفتح تحقيق عاجل في هذه الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عنها.
وناشد المجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، ووكالات الأمم المتحدة، بالتدخل العاجل لتقديم الدعم والحماية للمتضررين، وضمان لمّ شمل الأسر التي فُصلت قسرًا، وتم ترحيل أفراد منها جبراً في ظروف غاية في الصعوبة والقسوة.
وأكد التحالف على عمق العلاقات الوطيدة بين شعبي السودان وجنوب السودان، وتقدم ببالغ الأسف للدولة الشقيقة، ودعاها إلى عدم التعامل بالمثل مع السودانيين المقيمين بجنوب السودان، الذين فتحت جوبا أبوابها لاستقبالهم بالآلاف برحابة صدر وأخوة عقب اندلاع ما أسماه ب”حرب التوحش العبثية” بين الجيش والدعم السريع، وقال إنه “ليس لهم من يد في ما جنته سلطة الأمر الواقع ببورتسودان، فهم أيضاً ضحايا لعسف الانقلابيين وتجار الحروب وجنرالات الدم”.
وأعربت مسؤولة مكتب العلاقات والاتصال السياسي في التنسيقية النسوية الموحدة لوقف الحرب، أماني إدريس، عن بالغ إدانتها واستنكارها للإجراءات القسرية التي قامت بها السلطات السودانية مؤخراً، والمتمثلة في الترحيل القسري لأعداد كبيرة من النساء اللاجئات من دولة جنوب السودان، وترك أطفالهن خلفهن دون رعاية أو حماية.
وصفت أماني إدريس لـ “سودان تربيون” هذه الخطوة بأنها انتهاك صارخ لكل المبادئ الإنسانية والقانونية. وأكدت أن هذا الفعل “يمثل تجرداً من أدنى معايير الكرامة الإنسانية، ويتنافى بشكل واضح مع الالتزامات الدولية للسودان بموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، واتفاقية حقوق الطفل، والمواثيق الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان”.
وذكرت أن ترحيل النساء اللاجئات بشكل قسري، وخصوصاً عندما يتم فصل الأمهات عن أطفالهن، “لا يرقى فقط إلى سوء معاملة اللاجئين، بل يصل إلى حد الممارسات اللاإنسانية التي تستوجب الإدانة والمساءلة”.
وطالبت أماني إدريس، باسم التنسيقية النسوية لوقف الحرب، السلطات السودانية بـ “الوقف الفوري لأي عمليات ترحيل قسري بحق اللاجئين واللاجئات، خصوصاً النساء والأطفال”.
وشددت على ضرورة توفير الحماية والرعاية الإنسانية لكافة اللاجئين على أراضيها، و”احترام وتعزيز الحقوق الأساسية للاجئين وفقاً للمواثيق الدولية التي صادق عليها السودان”.
كما ناشدت المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين، وكافة منظمات حقوق الإنسان، “التحرك العاجل للضغط على السلطات السودانية لوقف هذه الانتهاكات وتقديم الدعم العاجل للمتضررين”. واختتمت بالقول: “الكرامة لا تتجزأ، واللاجئون ليسوا أرقاماً بل بشرٌ يستحقون الحماية والعدالة”.
هذه الشهادات والبيانات تكشف عن حجم المعاناة الإنسانية التي يتعرض لها المواطنون الجنوبيون في السودان ،نامل أن يتم سماع أصواتهم والاستجابة لاحتياجاتهم الإنسانية.
ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء هذه المادة من إعداد (سودان تربيون) لعكس معاناة الجنوب سودانيين المرحّلين قسراً من السودان، خاصة النساء اللواتي فُصلن عن أطفالهن وتعرضن لسوء معاملة وانتهاكات إنسانية جسيمة. ويكشف عن ردود فعل رسمية وشعبية في جنوب السودان، واستنكار منظمات المجتمع المدني السوداني لهذه الممارسات التي اعتُبرت مخالفة للقانون والأعراف الإنسانية.
الوسومالتحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة (صمود) التنسيقية النسوية الموحدة لوقف الحرب الخرطوم الرنك السودان اللاجئين المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات المواثيق الدولية جنوب السودان منتدى الإعلام السوداني هيئة محامي دارفورالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة صمود الخرطوم الرنك السودان اللاجئين المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات المواثيق الدولية جنوب السودان منتدى الإعلام السوداني هيئة محامي دارفور لحقوق الإنسان سودان تربیون جنوب السودان فی السودان من السودان
إقرأ أيضاً:
«صيحة» تكشف أرقام صادمة لحالات العنف الجنسي في السودان
شبكة (صيحة) قالت إن قوات الدعم السريع مسؤولة عن الغالبية العظمى من الانتهاكات في السودان، حيث نُسبت إليها 87% من الحالات.
التغيير: وكالات
كشفت شبكة نساء القرن الأفريقي (صيحة)، عن توثيق 1294 حالة مؤكدة من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في 14 ولاية سودانية خلال الفترة من 2023 إلى 2025.
وخلال فترة الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الممتدة من ابريل 2023 وحتى اليوم، تعرضت كثير من النساء والفتيات لحالات متنوعة من العنف القائم على النوع، سيما في مناطق الاشتباكات.
وقالت شبكة (صيحة) في بيان، يوم الخميس، إن قوات الدعم السريع مسؤولة عن الغالبية العظمى من الانتهاكات، حيث نُسبت إليها 87% من الحالات التي تم فيها تحديد هوية الجناة.
وأضافت أن العنف الجنسي في هذه الحرب ممنهج وليس مجرد أضرار جانبية، حيث يتبع تحركات النزاع ويعكس التحولات في السيطرة الإقليمية.
وأوضحت أن 77% من الحالات التي توفرت عنها معلومات تفصيلية كانت عبارة عن جرائم اغتصاب، كما وثّقت الشبكة 225 حالة لأطفال، معظمهم من الفتيات، تتراوح أعمارهن بين 4 و17 عامًا، تعرضوا للعنف الجنسي المرتبط بالنزاع، بما يمثل 18% من إجمالي الحالات الموثّقة.
ونوهت إلى تزايد حالات زواج الأطفال والزواج القسري كآليات تكيف سلبية أو تحت التهديد من قبل أفراد قوات الدعم السريع.
وقالت إنها تتبعت تسلسلًا منهجيًا للعنف يمر عبر ثلاث مراحل متصاعدة تتبع تقدم القوات، تبدأ بموجة الاستيلاء التي تتسم باقتحام المنازل ونهبها بالتزامن مع ارتكاب جرائم الاغتصاب.
وأوضحا أن المرحلة الثالثة تُعد الأشد قسوة، حيث تشمل احتجاز النساء لفترات طويلة داخل المنازل أو المعتقلات ليواجهن صنوفاً من التعذيب والاغتصاب الجماعي والزواج القسري.
وكشفت الشبكة، عن توثيق اعتقال القوات المسلحة أكثر من 840 امرأة في مناطق سيطرتها مثل ود مدني بولاية الجزيرة، والقضارف، وبورتسودان بولاية البحر الأحمر.
ولفت بيان الشبكة إلى الاستهداف العرقي، حيث تعرضت النساء والفتيات من القبائل غير العربية في دارفور للاستهداف المباشر، شملت قبائل المساليت، البرتي، الفور، الزغاوة. كما طال الاستهداف والإهانة والعنصرية النساء من جبال النوبة المقيمات في الخرطوم.
الوسومالبحر الأحمر الجزيرة الجيش السوداني الخرطوم السودان العنف القائم على النوع الاجتماعي بورتسودان دارفور شبكة نساء القرن الأفريقي صيحة قوات الدعم السريع كردفان مدني