هل يكشف وقف إطلاق النار مصير المفقودين في غزة؟
تاريخ النشر: 19th, October 2025 GMT
غزة- مع انحسار أصوات القصف في قطاع غزة، تطفو إلى السطح قضية إنسانية مؤلمة تتعلق بآلاف الفلسطينيين الذين فُقدت آثارهم منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية قبل نحو عامين، إذ ما يزال مصير كثيرين منهم مجهولا بين قتلى تحت الأنقاض، أو معتقلين لدى الاحتلال أو مفقودين دون أثر.
وتأمل عائلات المفقودين أن يشكل وقف إطلاق النار بارقة أمل لمعرفة مصير أبنائها بعد انقطاع الاتصال بهم لأشهر طويلة دون دليل على وفاتهم أو أسرهم.
وتحمل وقائع الاختفاء القسري للفلسطينيين خلال حرب الإبادة تفاصيل موجعة، حيث انقطع اتصال محمد الجالوس مع أبنائه الثلاثة وزوجته وحفيده مساء الثاني من مارس/آذار 2024، أثناء وجودهم في منزلهم بمدينة خان يونس.
يقول الجالوس -للجزيرة نت- إن أحد السكان شاهد جنود الاحتلال يقتادون أفراد عائلته داخل الآليات العسكرية، ومنذ ذلك الحين لم ترد أية معلومة مؤكدة عنهم، رغم توجه العائلة إلى مؤسسات حقوقية وإنسانية عديدة ولكن دون جدوى.
وناشد الجالوس المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والدولية، بالتحرك العاجل للكشف عن مصير أفراد أسرته، وضمان سلامتهم، ومحاسبة الجهة المسؤولة عن اختفائهم القسري.
الطبيب المفقودقصة أخرى لا تقل ألما تعيشها آلاء مرتجى التي تنتظر منذ مارس/آذار الماضي أي خبر عن والدها الطبيب أحمد (66 عاما) وشقيقها محمد، اللذين فقدا في محيط مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة خلال اجتياح قوات الاحتلال للمنطقة.
وتروي آلاء أن آخر اتصال كان بوالدها أثناء حصار منزلهما المكون من 7 طوابق، وقال لها حينها "الجيش في المنطقة والنيران اشتعلت بالطابقين الأول والثاني، نحن مختبئون في المطبخ"، وبعدها انقطع الاتصال به تماما.
وبعد انسحاب القوات الإسرائيلية، بحثت العائلة في المكان دون العثور على أي أثر يدل على مقتلهما، وأكدت آلاء أن بعض الأسرى المفرج عنهم أبلغوها برؤية والدها في أحد السجون الإسرائيلية، دون معرفة تفاصيل إضافية عن مكانه أو حالته الصحية.
إعلانوطالبت العائلة المنظمات المحلية والدولية بالتدخل العاجل للكشف عن مصير الطبيب أحمد ونجله، وضمان سلامتهما ومتابعة أوضاعهما القانونية.
ووفق رئيس المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرا، رامي عبده، يتجاوز عدد المفقودين في غزة 5 آلاف شخص، تمكن المركز من توثيق نحو 1300 حالة منهم حتى الآن، في ظل صعوبات كبيرة تواجه التوثيق الميداني بسبب الدمار الشامل، وصعوبة الوصول إلى الأسر، وانقطاع الاتصالات، فضلا عن اعتقاد بعض العائلات أن أبناءها معتقلون لا مفقودون.
ويعتقد عبده، في حديثه للجزيرة نت، أن العدد الأكبر من المفقودين ما يزالون تحت أنقاض المباني المدمرة التي يصعب الوصول إليها أو استخراج الجثامين منها بسبب انعدام المعدات المناسبة، إضافة إلى استخدام الاحتلال قوة تدميرية هائلة أدت إلى تبخر أجساد بعض الضحايا.
ويرجح أن بعض المفقودين دُفنوا دون التعرف على هوياتهم، سواء على يد مواطنين خلال عمليات النزوح أو بواسطة قوات الاحتلال التي يعتقد أنها أقامت مقابر جماعية في مناطق عدة.
ويشير عبده إلى أن الفقدان يشمل أيضا مقاتلين داخل الأنفاق وأسرى اعتقلتهم إسرائيل دون الإعلان عن أماكن احتجازهم، إضافة إلى ضحايا الهجوم الذي بدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويعمل المركز الفلسطيني للمفقودين على إنشاء ملفات فردية لكل حالة عبر فريق بحث ميداني مختص يجمع البيانات من ذوي الضحايا، تمهيدا لمتابعتها قانونيا وإنسانيا.
ويستعد المركز للتعاون مع الفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري التابع للأمم المتحدة (دبليو جي إي آي دي)، من خلال تزويده بمعلومات موثقة تشمل هوية المفقودين وتاريخ ومكان الاختفاء والجهات المحتملة المسؤولة، إضافة إلى تقارير دورية حول أنماط الإخفاء القسري في غزة.
ويأمل عبده أن تتكشف خلال الأسابيع المقبلة حقيقة مصير آلاف المفقودين مع استمرار عمليات انتشال الجثامين من تحت الركام، واستخدام وسائل الفحص الجيني للتعرف على الهويات، أو عبر صفقات التبادل التي تُلزم الاحتلال بتقديم معلومات عن الجثث والأسرى.
ومنذ منتصف الأسبوع الماضي، سلم جيش الاحتلال عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر جثامين 150 فلسطينيا دون تزويد الجهات الفلسطينية بقوائم الأسماء، مما أثار الشكوك حول ممارسات الإخفاء القسري والتلاعب بملفات الضحايا.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة أنه تم التعرف على هوية 25 فقط من الجثامين، بينما بقيت 125 جثة مجهولة. وأفادت بأن بعض الجثث تحمل آثار تعذيب وشنق وتقييد للأيدي والأرجل، مما يعزز الاتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة.
عاجل | منسق المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرا للجزيرة: استقبلنا آلاف البلاغات من أهالي المفقودين
— الجزيرة – عاجل (@AJABreaking) July 1, 2025
دور الصليب الأحمروتلعب اللجنة الدولية للصليب الأحمر دورا محوريا في ملف المفقودين. ووفق المتحدث باسمها في غزة هشام مهنا، تلقت اللجنة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 11 ألف بلاغ عن حالات اختفاء.
إعلانوأوضح مهنا في حديثه للجزيرة نت أن فرق اللجنة تمكنت من إغلاق أكثر من 4 آلاف ملف بعد التعرف على المفقودين أو عبر لم شمل العائلات، بينما لا يزال نحو 7 آلاف شخص في عداد المفقودين.
وبيّن أن أسباب الاختفاء متعددة، منها القتل أثناء القتال، والدفن تحت الأنقاض، والإصابات البليغة، والاحتجاز في المستشفيات أو لدى القوات الإسرائيلية، مؤكدا أن اللجنة تبذل جهودا مكثفة للتواصل مع العائلات والتحقق من المعلومات رغم صعوبة العمل الميداني في ظل تدمير البنية التحتية وتعطّل الاتصالات.
وأضاف مهنا أن فرق الصليب الأحمر تسعى لإعادة الاتصال بين الأسر والمعتقلين، وتتيح للمفرج عنهم إجراء مكالمات مع ذويهم، إضافة إلى متابعة قوائم المرضى والمحتجزين في المستشفيات الإسرائيلية.
وأشار إلى أنه مع دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، ستصبح ظروف العمل أكثر ملاءمة لاستكمال جهود البحث وجمع المعلومات، مؤكدا أن ملف المفقودين سيبقى أولوية إنسانية قصوى لدى اللجنة الدولية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات إضافة إلى فی غزة
إقرأ أيضاً:
الاحتلال ينتهك وقف إطلاق النار ويشن هجمات عنيفة على غزة
الرؤية- غرفة الأخبار
انتهك جيش الاحتلال الإسرائيلي اتفاق وقف إطلاق النار، وشن سلسلة من الضربات على قطاع غزة اليوم الأحد، ما يضع الاتفاق الهش على المحك.
وقال سكان في غزة ومسؤولون في قطاع الصحة إن الغارات الجوية الإسرائيلية ونيران الدبابات أدت إلى استشهاد ما لا يقل عن 11 شخصا في أنحاء القطاع.
وذكر مسؤول عسكري إسرائيلي أن الجيش ربما يشن مزيدا من الضربات على أهداف تابعة لحماس ردا على ثلاث هجمات على الأقل على القوات الإسرائيلية اليوم، على حد زعمه.
وقال الجيش إن الغارات الجوية ونيران المدفعية استهدفت مسلحين في منطقة رفح فتحوا النار على جنوده وأطلقوا صاروخا مضادا للدبابات.
وذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه أمر الجيش بالرد بقوة على ما وصفه بانتهاكات حماس لوقف إطلاق النار.
لكن في المقابل، قالت كتائب القسام، جناح حماس العسكري، في بيان "نؤكد على التزامنا الكامل بتنفيذ كل ما تم الاتفاق عليه وفي مقدمته وقف إطلاق النار في جميع مناطق قطاع غزة".
وأضافت "لا علم لنا بأية أحداث أو اشتباكات تجري في منطقة رفح؛ حيث إن هذه مناطق حمراء تقع تحت سيطرة الاحتلال، والاتصال مقطوع بما تبقى من مجموعات لنا هناك منذ عودة الحرب في مارس من العام الجاري".
ويشكل تصعيد اليوم أخطر اختبار لوقف إطلاق نار هش بالفعل دخل حيز التنفيذ في 11 أكتوبر وأنهى حربا استمرت عامين، مما يضعف الآمال في أن يؤدي اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة أمريكية إلى نهاية دائمة للحرب.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن "الخط الأصفر" الذي انسحبت إليه القوات بموجب اتفاق وقف إطلاق النار سيحدد بعلامات واضحة، وإن أي خرق لوقف إطلاق النار أو محاولة لعبور الخط ستُواجَه بإطلاق النار.
وتتبادل الحكومة الإسرائيلية وحركة حماس الاتهامات بشأن انتهاك وقف إطلاق النار منذ أيام.
وأصدرت حماس بيانا يشرح بالتفصيل ما قالت إنها سلسلة من الانتهاكات التي ارتكبتها إسرائيل، وذكرت أن هذه الانتهاكات أدت إلى استشهاد 46 شخصا ومنع وصول الإمدادات الأساسية إلى القطاع.
وقالت إسرائيل أمس إن معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر سيظل مغلقًا من الجانب الفلسطيني الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال، وإن إعادة فتحه مرهونة بوفاء حماس بالتزاماتها بموجب وقف إطلاق النار.
وتقول إسرائيل إن حماس تتباطأ في تسليم جثث الأسرى القتلى. وأفرجت حماس الأسبوع الماضي عن جميع الأسرى الأحياء العشرين الذين كانت تحتجزهم، وفي الأيام التالية سلمت 12 من أصل 28 جثة لأسرى قتلى.
وتقول الحركة إنها ليست لها أي مصلحة في الاحتفاظ بجثث باقي الأسرى، وإن هناك حاجة إلى معدات خاصة لانتشال الجثث المدفونة تحت الأنقاض.
وظل معبر رفح مغلقًا من الجانب الفلسطيني إلى حد بعيد منذ مايو 2024. وينص اتفاق وقف إطلاق النار أيضا على زيادة إدخال المساعدات إلى القطاع؛ حيث قالت مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهي مرصد عالمي لمراقبة الجوع، في أغسطس إن مئات الآلاف من السكان متضررون من المجاعة بالفعل.
وكان المعبر قناة رئيسية لتدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع خلال هدن سابقة.
وعلى الرغم من زيادة تدفق المساعدات بشدة عبر معبر آخر منذ بدء وقف إطلاق النار، فإن الأمم المتحدة تقول إن هناك حاجة إلى مزيد من المساعدات.
ويمثل وقف إطلاق النار المرحلة الأولى من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب. ولكن لا تزال هناك عقبات هائلة.
ولم تحل بعد قضايا رئيسية تتعلق بنزع سلاح حماس وكيفية إدارة غزة، وتشكيل "قوة استقرار" دولية والخطوات اللازمة من أجل إقامة دولة فلسطينية.
ولم ترد وزارة الخارجية الأمريكية بعد على طلب للتعليق.
وكانت حماس بدأت حملة أمنية في المناطق الحضرية التي أخلتها القوات الإسرائيلية، وأظهرت قوتها من خلال تنفيذ عمليات إعدام علنية واشتباكات مع العشائر المحلية المسلحة.