كانت الصور المرفوعة والرايات القرآنية اليوم تتمايل مع أصوات وهتافات الحشود، وكأن السماء نفسها تشارك في وداع بطل صنعته السماء بعناية الثقافة القرآنية وجوهر الرسالة الخاتمة، على نهج آل البيت عليهم السلام في الخروج على الظالمين والطواغيت في كل زمان ومكان.

كل شارع وكل ممر في صنعاء المؤدي إلى ميدان السبعين يعج بالوجوه المتيقظة، ورجال الأمن، ومن كبار السن إلى الصغار، ومن زعماء القبائل إلى علماء الدين، ومن العسكريين إلى المواطنين العاديين، جميعهم متحدون في رسالة وفاء لا تضاهى، وترسم لوحة جديدة مشرقة لتاريخ يكتبه العظماء بدمائهم وتضحياتهم وصدقهم ووفائهم لله ولرسوله وللذين آمنوا.

وسط الميدان، عكس المشهد مراسيم روحية وجهادية متكاملة؛ فرق التشييع واللجان التنظيمية شكلت صفوفًا متراصة بعناية، والتوجيه المعنوي مستمر على أيدي الضباط المتطوعين، فيما تتردد في الميدان هتافات العهد على مواصلة الطريق الذي رسمه الشهيد الغماري.

المشاهد تنطق بالوفاء.. صور الشهيد مرفوعة على الأكتاف، والدموع تتساقط على وجوه الحاضرين، والهمس بالدعاء يتناثر بين الصفوف، والمديح وترديد أناشيد الوداع الأخير "لا إله إلا الله، لا يدوم إلا الله، لا إله إلا الله الشهيد حبيب الله، لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا إله إلا الله علياً ولي الله، لا إله إلا الله فاطمة أمة الله، لا إله إلا الله القرآن كتاب الله، لا إله إلا الله، الحسنين صفوة الله..." وهكذا.

شدّد المشاركون على أن غياب القائد الغماري جسديًا لن يثنِ عزيمة القوات المسلحة اليمنية والشعب اليمني المجاهد العظيم، ولن يغيّر الموقف الوطني، وأن إرثه العسكري والتكتيكي سيستمر عبر تلاميذه وزملائه في قيادة المعركة.

ووصف الحاضرون الشهيد بأنه مهندس المعركة وحجر الزاوية في بناء الجيش اليمني الحديث، حيث جمع بين الاحتراف العسكري والبصيرة الاستراتيجية والبعد الإنساني الذي أكسبه احترام اليمنيين جميعًا، حتى من لم يلتقوه شخصيًا.

وألقى مفتي الديار اليمنية، السيد العلامة شمس الدين شرف الدين، كلمة أكّد فيها أن التعاون مع أعداء الأمة ردّة عن الإسلام وخيانة وطنية، داعيًا إلى التبليغ عن كل متعاون مع العدو. كما شدد على أن الشهادة في سبيل الله نور دائم للأحياء وباب للرحمة والمغفرة، مؤكدًا أن دماء الشهداء نبراس يضيء طريق الأمة في مواجهة الظلم والطغيان.

وأوضح قادة سياسيون وعسكريون أن القدرة التكتيكية التي أظهرها الشهيد الغماري ورفاقه في المعارك البحرية والبرية والجوية أضرت بموازين القوى لدى الأعداء، وأجبرت القوى الكبرى على إعادة حساباتها الاستراتيجية، مؤكدين أن اليمن قادر على مواجهة أي اعتداء بفضل التخطيط الاستراتيجي والقيادة الجماعية التي رسخها الشهيد.

كان التشييع الجماهيري الحاشد الغفير تجسيدًا حقيقيًا للوحدة الوطنية، إذ تجمع العلماء والزعماء السياسيون والقبليون والعسكريون والمواطنون العاديون من مختلف المحافظات والمناطق اليمنية، في مشهد روحاني ووجداني يماثل مشاهد تشييع الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي - رضوان الله عليه - والشهيد الرئيس الصماد - رحمة الله عليه -. إنه مشهد وحد القلوب والأفئدة من فلسطين وغزة إلى اليمن، ومن لبنان والعراق وإيران إلى مختلف البدان الحرة.

 الجماهير حملت صور الشهيد ورايات المشروع القرآني، مرددة العهد على مواصلة المسيرة التي سطرها في حياتها القائد الغماري.

وخرجت الحشود في الميدان حاملة رسائل الوفاء بالدماء الزكية، مؤكدين أن دماء الشهداء لن تضيع، وأن إرثهم العسكري والروحي سيظل نبراسًا للأحياء في مسيرة الدفاع عن الوطن والأمة والفلسطينيين.

هذا اليوم لم يكن وداعًا لشخص فحسب، بل تجسيدًا لمفهوم الشهادة والجهاد في وجدان الشعب اليمني كله، على دروب معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، إنه قطرات من بحر الشهادة الزكية في سبيل الله والتجارة الرابحة لشعب اليمني مع ملك السماوات والأرض، أنه يوم يقربنا ليوم النصر المحتوم والغلبة والتمكين.

الغماري ورفاقه الشهداء القادة والأفراد في محور المقاومة يشيعون اليوم مهراً يسيراً  لعزة الأمة ومجدها وضبط بوصلتها باتجاه المعركة المقدسة، تحرير فلسطين والمنطقة من الهيمنة الصهيوأمريكي.

 

 

 

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: لا إله إلا الله

إقرأ أيضاً:

انطلاق مراسيم تشييع الشهيد المجاهد الغماري

وتوافدت الجموع منذ ساعات الصباح الأولى حاملة صور الشهيد ورايات المشروع القرآني، في مشهد مهيب يعبر عن وفاء اليمنيين لقائد أفنى حياته في بناء القوات المسلحة وتعزيز قدرات الردع والدفاع عن فلسطين والأمة.

انطلقت المراسم في «يوم الوفاء لأهل الوفاء» بحضور آلاف المشيعين القادمين من مختلف مديريات أمانة العاصمة ومحافظات الجمهورية.

وتدفقت الحشود إلى مداخل الميدان وهي تحمل صور الشهيد وأعلام الجمهورية ورايات المشروع القرآني، فيما تتواصل الوفود الرسمية والشعبية والعشائرية والحزبية وصولًا إلى ساحات جامع الشعب وميدان السبعين.

وفي هذا السياق قال أمين عام العزب الديمقراطي اليمني الأستاذ سفيان العماري أن الشهيد الغماري «يُعد أحد مهندسي المعركة»؛ فقد أسهم في تطوير أداء القوات المسلحة اليمنية ورفع جاهزيتها برًّا وبحرًا وجوًّا، وبنى قدرات نوعية في مجالات الصواريخ والطيران المسيّر والتصنيع العسكري.

وأكد العماري أن الغماري ورفاقه نجحوا في سد الفجوة بين الإمكانات والقدرة العملياتية عبر تكتيكات مبتكرة لم يسبق لها مثيل، ما دفع قوى كبرى إلى مراجعة أدواتها واستراتيجياتها البحرية.

وأشار ضباط تخرّجوا على يدي الشهيد إلى أنه كان أبًا ومعلّمًا، بنى جيشًا عقائديًا مؤمنًا يمتلك خبرات وقدرات ميدانية أخرجت القوات اليمنية إلى مستوى جديد في مواجهة قوى الهيمنة، مجددين العهد على السير في الدرب الذي رسمه.

وشدد المشاركون على أن تشييع الغماري ليس وداعًا فحسب، بل إعلان عهدٍ ووفاءٍ يستمر في كل ميادين النضال.

ومن المقرر أن تبدأ مراسم الصلاة على الجثمان الطاهر في جامع الشعب، ثم نقله إلى ميدان السبعين لإقامة مراسم التشييع الرسمية، قبل مواراته الثرى إلى جوار الشهيد الرئيس صالح الصماد، في لفتة رمزية تعبّر عن وحدة القادة الشهداء في درب الجهاد والكرامة.

مقالات مشابهة

  • تشييع رسمي وشعبي مهيب لجثمان الشهيد الفريق الركن محمد الغماري رئيس هيئة الأركان العامة
  • اليمن تشيع الشهيد الفريق ركن محمد الغماري
  • انطلاق مراسيم تشييع الشهيد المجاهد الغماري
  • اليمن يودع الشهيد القائد الغماري
  • وزارة الإعلام تُحيي أربعينية الشهيد المجاهد هاشم شرف الدين
  • أبرز محطات القائد الجهادي الكبير الشهيد الفريق الركن “الغماري”
  • القوات المسلحة : مراسيم تشييع الشهيد الفريق الركن محمد الغماري الإثنين المقبل
  • تحديد موعد تشييع الشهيد الفريق الركن الغماري
  • قيادة حزب البعث: الشهيد الغماري كان أنموذجًا في الشجاعة والجهاد والتضحية والفداء