المليشيا تعزل قياداتها عن العالم.. رُعب حوثي من سيناريو حزب الله
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
كشفت مصادر أمنية عن تشديد مليشيا الحوثي الإرهابية لإجراءاتها الأمنية؛ لمنع كشف أماكن وتحركات قياداتها، خوفًا من اغتيالهم على يد إسرائيل، وتكرار سيناريو "حزب الله" في لبنان.
وقالت المصادر إن هذه الإجراءات تتركز على عزل قيادات المليشيا، خصوصًا العسكريين والأمنيين والعناصر المكلفة بحمايتهم، وكذلك المقربين منهم، عن أي اتصال خارجي بالعالم عبر شبكة الإنترنت.
وأضافت أن قيادات المليشيا الحوثية باتت تعتمد على وسائل اتصالية تقليدية، ومنظومات خاصة بها بشكلٍ محدود جدًا، مع تغييرٍ مستمرٍ ودائمٍ لأماكن إقامتهم في مناطق سيطرتها.
ووفق المصادر، فإن المليشيا الحوثية شرعت في تنفيذ هذه الإجراءات المشددة منذ حادثة استهداف اجتماعٍ لحكومة المليشيا بغاراتٍ إسرائيلية على إحدى الفلل جنوبي صنعاء، أواخر أغسطس الماضي.
وأشارت إلى أن تلك الغارات استهدفت أيضًا في فيلّا أخرى مجاورة اجتماعًا لقياداتٍ عسكريةٍ وأمنيةٍ بارزة، من بينهم رئيس أركان المليشيا محمد الغماري، الذي أقرت المليشيا مؤخرًا مصرعه، في حين تتكتم على مصير قياداتٍ أخرى، من بينهم وزير الدفاع محمد العاطفي.
ويؤكد مراقبون أن هذا الاستهداف أثار الرعب في صفوف مليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن، من تكرار ما تعرض له الذراع الآخر لإيران في لبنان، والمتمثل بـ"حزب الله"، من تصفياتٍ شاملةٍ لقياداته على يد إسرائيل.
هذه التصفيات، التي انتهت بمقتل أمين الحزب وأحد أهم مؤسسيه حسن نصرالله، بدأت مطلع أغسطس من العام الماضي باغتيال إسرائيل للقيادي البارز في الحزب فؤاد شكر.
ويرى مراقبون أن دور شكر في الحزب يتشابه مع الدور الذي لعبه الغماري في صفوف مليشيا الحوثي منذ بداياتها الأولى في صعدة، من حيث الإشراف العسكري على بناء وتدريب وتأهيل التشكيلات المسلحة.
وهو ما يفسّر تركيز إسرائيل على استهداف الغماري كأول قيادي بارز تسعى تل أبيب لتصفيته من بين قيادات مليشيا الحوثي، حيث استهدفته بغارةٍ منتصف يونيو الماضي، إلا أنه نجا منها، وفق ما أعلنته حينها هيئة البث الإسرائيلية.
ليأتي نجاح إسرائيل في تصفيته بالاستهداف الثاني، وخلال شهرين فقط، مشيرًا إلى نجاحها في إحداث اختراقٍ داخل صفوف المليشيا، مكنها من رصد تحركات وأماكن تواجد قياداتٍ بارزةٍ فيها.
خسارة المليشيا للغماري، الذي يُعد أهم قيادي عسكري يُقتل في صفوفها منذ ظهورها كحركة تمرد في جبال صعدة عام 2004م، تأتي في وقتٍ تتكتم فيه على مصير قياداتٍ أخرى قد تُعلن عن مصرعهم في الأيام القادمة.
وتبقى الخسارة الكبرى التي تعرضت لها المليشيا بمصرع الغماري هي سقوط الهالة التي حاولت بناءها حول نفسها، عن صعوبة اختراقها من الداخل، وسخرية بعض الموالين لها من إمكانية تكرار سيناريو "حزب الله"، لتجد نفسها اليوم أمام رعبٍ حقيقي من تحقق هذا السيناريو.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی حزب الله
إقرأ أيضاً:
حزب الله.. حضور راسخ ودور لا ينكسر
منذ استشهاد أمينه العام شهيد الإسلام والإنسانية السيد حسن نصر الله -رضوان الله عليه-، تكاثرت الأصوات المشككة والمحرّضة ضدّ حزب الله وبيئته، وكثر الترويج لانحسار دوره أو حتّى نهايته، فجاء العرض الكشفي الأخير للحزب ليقدم مشهدًا يناقض ويدحض ويذيب كلّ هذه الادّعاءات، حيث شهد لبنان قبل أيام استعراضًا استثنائيًا نظمته كشافة الإمام المهدي (عج)، بمشاركة أكثر من 74 ألف كشاف ومرشدة، ضمن مهرجان عيد التأسيس وتحت عنوان “أجيال السيد”، في مشهد عكس التنظيم المحكم، والمظهر اللافت، والانضباط الدقيق، ومستوى عاليًا من الجهوزية والبنية المؤسسية المتينة التي يتمتع بها الحزب.
هذا الاستعراض، الذي أضاء مجددًا على الجيل القادم في بيئة المقاومة، شكّل ردًا عمليًا على كلّ محاولات التشكيك بوجود الحزب وقوته. كيف ذلك؟.
إذا أُخذ الرقم مجردًا، فهو أكبر من الحاصل الانتخابي لمجموعات في مجلس النواب اللبناني تقود حملة التضليل واستهداف الحزب وبيئته. هكذا علق ناشطون على منصات التواصل الاجتماعي.
ليس الرقم وحده ما يلفت النظر في المهرجان، بل الدلالات العميقة التي يحملها رقم كهذا، أكثر من 74 ألف كشاف ومرشدة، استعرضوا ضمن التنظيم الدقيق والانضباط اللافت ومظهر باهر يشي بما هو أبعد بكثير من مجرد فعالية كشفية.
فحين يتمكّن حزب الله من تعبئة عشرات الآلاف من الناشئة في حدث واحد، تحت راية واحدة، وبخطاب موحد، فإن ذلك يدل على حضور متجذر في المجتمع الجنوبي والبقاعي وفي الضاحية، وعلى امتداد بيئة المقاومة، وليس مجرد حشد جماهيري عابر، هؤلاء الفتية والفتيات هم أبناء هذه البيئة التي ما زالت تحتضن المقاومة وتنتجها وتربي أبناءها على قيمها وتعدهم ليتحملوا المسؤوليات في المستقبل سواء في ميادين الخدمة أو في خطوط الدفاع.
والأهم من ذلك، أن هذا الحجم من المشاركة لا يمكن تحقيقه من دون مؤسسة فعلية قادرة على التخطيط، والتدريب، والتنظيم، والتواصل، والتحكم اللوجستي، ما يعني أن حزب الله، بعيدًا عن الصورة النمطية التي يحاول خصومه ترسيخها، هو ليس مجرد السلاح، حزب الله بنية شاملة متكاملة ثقافية، تربوية، خدماتية، وأمنية. عرض الكشافة بهذا الزخم هو في جوهره عرض لقدرات التنظيم، ومتانة البنية، وسعة الانتشار، وليس لمجرد استعراض شكلي.
من الناحية السياسية، هذا العرض جاء في توقيت لا يمكن تجاهله. فمع تصاعد التصريحات “الإسرائيلية” والغربية حول “انكفاء” حزب الله، ومع الحملات المتواصلة التي تحاول رسم صورة توحي بتراجع الحزب أو فقدانه السيطرة، جاء هذا المشهد ليقول العكس تمامًا. فجيل “السيد” لم ينتهِ، بل هو أكبر، وأشمل، وأكثر حضورًا من أي وقت مضى. وهذه القوّة الناعمة التي رأيناها في العرض الكشفي، تشكّل في الحقيقة أرضية صلبة لأي مواجهة قادمة، ودعامة بشرية ومعنوية في معركة الوعي التي لا تقل خطورة عن المعارك العسكرية.
من هنا، لا يمكن فصل هذا المشهد عن السياق العام في لبنان والمنطقة. فما بين من يروّج لوهم انتهاء الحزب، ومن يراهن على تفكك بيئته، يأتي عرض الـ74 ألفًا ليُعيد التوازن إلى المشهد، ويقول بوضوح إن هذه ليست جماعة متناثرة، فحزب الله أمة تقف خلف مشروع، وأجيال تتسابق على حمل رايته.
ولم يكن العرض الكشفي الوحيد في سياق التأكيد على قوة الحزب واستمراريته، إذ سبقه نجاح سياسي كبير في الانتخابات البلدية، حيث تمكّن حزب الله، بتحالفه الوثيق مع حركة أمل، من حصد كلّ المقاعد الشيعية في الجنوب، وغالبية المجالس البلدية بالتزكية. وقد علق الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في خطابه بمناسبة سنوية شهيد الإسلام والإنسانية، على هذا الإنجاز “خضنا الانتخابات البلدية بتحالف متين وثيق بين حزب الله وحركة أمل، مع أهلنا وأحبتنا، وكان النجاح عظيمًا، لفت نظر الجميع: كيف لهذه البيئة وهذه الجماعة أن تكون بهذا الزخم، وأن يكون هناك نجاحات بالتَّزكية في أكثر من نصف البلدات، كدليل على التوافق والتعاون».
إلى جانب العمل السياسي كانت للحزب إنجازات كبيرة على الصعيد الاجتماعي والخدماتي لا سيما في ما يتعلق بعمليات ترميم وإيواء شملت أكثر من 400 ألف مسكن، وهذا الرقم يعد إنجازًا استثنائيًا في ظل الحصار والأزمات والتضييق والقيود.
كما شكل إحياء ذكرى عاشوراء هذا العام علامة فارقة، من حيث الإقبال الكبير وروح التفاعل واستعداد الجمهور للتضحية وانخراط شرائح جديدة في مسيرة المقاومة.
كل هذه الوقائع تشير بوضوح إلى أن حزب الله لم يهزم، بل لم يضعف أصلًا، وأن ما تردّده ببغاوات الاحتلال “الإسرائيلي” وأدواتهم الإعلامية في الداخل والخارج لا يعدو كونه تمنيات وأوهام، أكثر من كونه قراءة واقعية. وهذه الحملات، وإن بدت صاخبة أحيانًا، فهي في جوهرها محاولات يائسة للتأثير على وعي الناس، وفصلهم عن واقعهم وبيئتهم. لكن الأحداث الأخيرة أثبتت أن جمهور المقاومة لا يزال وفيًا، واعيًا، وراسخًا في خياره.
بالمحصلة، يبقى حزب الله رقمًا صعبًا في معادلة الأمن والاستقرار في لبنان، ودعامة أساسية في محور المقاومة، وكلّ من يظن أن الحزب قد انتهى أو تراجع، إنما يقرأ الأحداث بعيون الوهم والتمني، لا بعين الحقيقة والواقع.