بالتأمل في جولات الصراع مع العدو الصهيوني المحتل للأراضي العربية في الألفية الجديدة سيجد أنه في كل مرة كان يظهر أكثر بطشا وغطرسة، لكنه في النتيجة كان يتلقى في كل مرة صفعة اشد إيلاما تضطره لمراجعة حساباته وتطوير قدراته. منذ العام (2000) حين أرغمت قوة الإرادة لدى مجاهدي حزب الله اللبناني الكيان الصهيوني على الانسحاب الذليل من جنوب لبنان، وهو يتجرع الهزائم والانكسار وتآكل عوامل البقاء.
إلى جانب ما تلقاه العدو الصهيوني من ضربات على يد حزب الله حطّت من قدره أمام الغرب، انحسرت جغرافيته وتراجعت شعبيته وتهاوت فرص استعادته هيبته المنهارة، وصار رهانه مقتصرا على تفعيل ورقة الإرهاب على شعوب المنطقة لفرض أرادته وهيمنته.
وفي فلسطين كان عليه تجرُّع أشكال الذل على أيدي المقاومة الفلسطينية.
في عام (2006) حين مرغت مقاومة حزب الله انفه في التراب انكفأ إلى الداخل الفلسطيني، وذهب يتآمر على حركة حماس عقب فوزها بالانتخابات الفلسطينية، ولما كان لحماس وكل المقاومة فرض وجودها في قطاع غزة لجأ العدو إلى فرض حصار خانق على القطاع في محاولة لمنع حماس وباقي الفصائل من تطوير أي قدرات. فيما ظلت أقمار المراقبة والتجسس وأجهزة الاستخبارات الأمريكية والدولية تنشط في رصد أي تحركات تسليح سواء للمقاومة الفلسطينية أو حزب الله بقصد إحباط أي عمليات من هذا النوع.
رغم كل هذا النشاط التآمري، بينت جولات العدوان الصهيوني على فلسطين ولبنان أن اقصى حدود قدراته كانت تبدأ دائما عند قتل المدنيين وضرب مشاريع المياه ومخازن الأدوية، وتنتهي عند منع وصول الحليب إلى الأطفال الفلسطينيين، وحين يتحول الأمر إلى سلوك عبثي لا يحقق أي نتائج استراتيجية، تتحرك الدبلوماسية الدولية بقيادة أمريكا لإنهاء الوضع القائم حينها وإخراج الربيبة «إسرائيل» من وحل الفشل. كما بينت حالات الحصار والمراقبة ورفع مستوى التضييق على فلسطين ولبنان، أنها لم تكن إلا شكلا من أشكال التنفيس عن جمود الوضعية إلى إقناع الذات بأن مجريات الواقع تحت السيطرة، مع ذلك كانت هزيمة كل تحرك أو استحداث بمثابة قدر حتمي وفاجعة على الكيان وداعميه، فالمقاومة الفلسطينية بعد (18) عاماً من الحصار الخانق، ومسار متواصل من الاستهداف والتنكيل الصهيوني بالفلسطينيين، ظهرت في أكتوبر 2023 في أوج قوتها ونفذت ملحمة بطولية صارت وصمة عار في تاريخ الكيان بمعية أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، من المستحيل طمسها.
بينما فرض حزب الله معادلة ميدانية أوقفت طموحات الكيان الذي لم يكن بمقدوره التحرك شبرا واحدا في الأراضي اللبنانية منذ اندحاره، والى ذلك ظهرت قوة الحزب خلال عمليات معركة «أولو البأس» الإسنادية لغزة بصورة أرعبت العدو وباقي الأنظمة الاستعمارية، خصوصا مع نجاح مجاهدو الحزب في توجيه ضربات موجعة تسببت في إخلاء الغاصبين لمستوطنات شمال فلسطين المحتلة، وفرض على قادة الكيان تغيير أماكن سكنهم فضلا عن حالات الهلع الذي عم كل الكيان. وقفت بعدها جوقة الأعداء تندب جهدها في وضع خطط الاستهداف والحصار والتضييق خلال العقدين الماضيين على الحزب، ولأجل ذلك مارست أمريكا خلال الأشهر الماضية ضغوطا يعلم بها الجميع من اجل نزع سلاح الحزب.
كما راهن العدو الصهيوني على نجاح أنشطة الاستهداف بالمؤامرات وزراعة الخلايا داخل المجتمعات بهدف بقاء هذه الدول عند الحدود المرسومة لها بقصد منع ظهور أي أصوات مقاوِمة أخرى بإمكانها التحرك والتأثير، وتصدّرت للاشتغال على هذا الأمر كالعادة، أمريكا واتباعها، غير أن ذلك انتهى أيضا إلى هزيمة فادحة، إذ ظهرت في اليمن الذي شهد أسوأ أشكال الاستهداف لحاضره ومستقبله، قوة باتت مرتكز الكثير من التناولات البحثية العسكرية والإعلامية، أثارت خيبة كل تلك الجهود التي أرادته كحال باقي الدول مرتهناً إلى ما يمكن أن يتلقاه من مساعدات.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
فتح الانتفاضة: الدماء اليمنية الزكية سترتد وبالا على العدو الصهيوني
ونعت "بكل آيات الفخر والاعتزاز ومعاني الإصرار والصمود، إلى شعبنا الفلسطيني في كل ساحات الوطن وخارجه، وإلى أمتنا العربية والإسلامية، استشهاد رئيس هيئة الأركان العامة في القوات المسلحة اليمنية اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري" .
وفي تصريح صحفي، أعربت الحركة عن خالص التعازي إلى الشعب اليمني وحركة أنصار الله والقائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي والحكومة اليمنية، مشيدة "بصمود المجاهدين في اليمن الذين سطروا أروع ملاحم البطولات بإسنادهم للشعب الفلسطيني المظلوم ودفاعهم عن المقدسات ".