تكثيف حوثي مريب في جبهات الساحل الغربي.. مؤشرات على نوايا لتفجير الوضع عسكريًا
تاريخ النشر: 20th, October 2025 GMT
كثّفت ميليشيا الحوثي الإيرانية خلال الأسابيع الأخيرة من تحركاتها العسكرية في محافظة الحديدة والساحل الغربي، وسط مؤشرات واضحة على نوايا مبيتة لتفجير الوضع ميدانيًا واستئناف العمليات القتالية الواسعة ضد القوات المشتركة الملتزمة بالتهدئة الأممية لإتاحة الفرصة أمام الجهود الرامية للوصول إلى حل سلمي وإنهاء الحرب.
وبحسب مصادر عسكرية ميدانية، دفعت الميليشيا منذ الإعلان عن اتفاق وقف الحرب في غزة بتعزيزات بشرية وآليات قتالية إضافية إلى خطوط التماس في قطاعات مختلفة من الحديدة، في خطوة تُعدّ الأكبر منذ أشهر، وتهدف – وفق مراقبين – إلى إعادة تنشيط الجبهات التي ظلت مجمّدة نسبيًا بفعل الضغوط الدولية ومساعي التهدئة.
وأكدت المصادر أن القوات الحوثية تقوم بإعادة تموضع وتنظيم وحداتها المقاتلة ضمن خطط تنسيق جديدة، تتضمن إنشاء مراكز قيادة ميدانية، ونشر طائرات استطلاع مسيّرة لرصد تحركات القوات المشتركة، ما يشير إلى تحضير ممنهج لمعركةٍ قادمة.
ومساء الأحد أعلن الإعلام العسكري للمقاومة الوطنية أن الوحدات المرابطة في خطوط التماس بمحور الحديدة أخمدت خلال الساعات الماضية محاولة تسللٍ جديدة نفذتها عناصر حوثية على أحد محاور القتال. وأوضح البيان أن قوات اللواء الأول زرانيق رصدت تحركات مشبوهة للمليشيا المدعومة من إيران أثناء محاولتها التقدم نحو تباب قريبة من مواقع التماس، قبل أن يتم التعامل معها بحزم وإجبارها على التراجع تحت نيران كثيفة.
وأكدت المقاومة الوطنية أن العناصر الحوثية تكبّدت خسائر فادحة في العتاد والأرواح، بينما استعادت القوات المشتركة السيطرة الكاملة على المنطقة المستهدفة، مشيرة إلى أن تلك المحاولات لم تتوقف في الأيام الماضية وتُظهر إصرار المليشيا على اختبار جاهزية القوات المرابطة.
ويرى خبراء عسكريون أن التحركات الحوثية الأخيرة لا تقتصر على عمليات محدودة أو استطلاعية، بل تُعدّ جزءًا من خطة أوسع لإعادة إشعال الجبهة الغربية، في محاولة لصرف الأنظار عن الضغوط التي تتعرض لها المليشيا سياسيًا وعسكريًا في جبهات أخرى، خصوصًا في مأرب وتعز والضالع.
وأكدوا أن التحركات الحوثية الأخيرة تتطابق مع نمط تكتيكي معروف تتبعه المليشيا قبل تنفيذ عمليات هجومية واسعة، يبدأ بعمليات تسللٍ محدودة لاختبار خطوط الدفاع، يتبعها قصف مدفعي واستطلاع جوي، تمهيدًا لشنّ هجمات متزامنة على أكثر من محور.
تكثيف التحركات العسكرية وإرسال التعزيزات إلى الحديدة يعكس رغبة إيرانية واضحة في إعادة خلط الأوراق داخليًا على طول الشريط الساحلي الغربي، خصوصًا بعد إسقاط شماعة الحرب الإقليمية التي قادتها الميليشيات بحجة "نصرة غزة" لضرب الملاحة والسفن التجارية بالبحر الأحمر.
بحسب تقديرات ميدانية، تسعى الميليشيا الحوثية من خلال تحركاتها إلى تحقيق جملة من الأهداف، بينها إعادة تحريك الجبهة الغربية للضغط على القوات المشتركة وإجبارها على إعادة توزيع قواتها بعيدًا عن جبهات أخرى، إرسال رسائل سياسية وعسكرية للمجتمع الدولي بأن الحوثيين لا يزالون يمتلكون زمام المبادرة رغم الحديث عن التهدئة، وكذا إعادة اختبار جاهزية القوات المشتركة ومستوى التنسيق لصد الهجمات التي تشن بشكل بين الحين والآخر.
من جانبها، تؤكد القوات المشتركة في الساحل الغربي أنها على جاهزية قتالية عالية للتعامل مع أي تهديد أو محاولة تقدم حوثية، مشيرة إلى أنها تراقب التحركات بدقة عبر وحدات الاستطلاع الميداني والطائرات المسيرة. وتشير تقارير ميدانية إلى أن القوات المشتركة عززت مواقعها الدفاعية ونشرت وحدات إضافية في خطوط التماس، في رسالة حازمة بأنها لن تسمح بفرض أي واقع جديد على الأرض.
ويأتي هذا التصعيد في وقتٍ تشهد فيه الجهود الأممية لإحياء مسار السلام جمودًا واضحًا، ما يعزز المخاوف من أن المليشيا الحوثية تسعى لاستباق أي تسوية محتملة بفرض مكاسب ميدانية. وبينما تحاول طهران استخدام الحوثيين كورقة ضغطٍ في صراعاتها الإقليمية، يبدو أن الساحل الغربي قد يعود إلى واجهة المواجهة العسكرية في حال مضت الميليشيا بخططها التصعيدية، وهو ما قد يعيد إشعال واحدة من أكثر الجبهات تعقيدًا واستنزافًا في الحرب اليمنية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: القوات المشترکة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري للجزيرة نت: لهذا السبب لن يمنح ترامب أوكرانيا صواريخ توماهوك
واشنطن- قبل أيام، بدا الرئيس الأميركي دونالد ترامب منفتحا بشأن احتمال بيع صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا، بينها صواريخ توماهوك، وأعرب عن خيبة أمله من استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا.
ولكن بعد مكالمته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، الخميس الماضي، بدا ترامب أكثر حذرا ومتراجعا عن موقفه الأول، وعبر عن قلقه بشأن استنفاد المخزون الأميركي من هذه الصواريخ.
وبعد لقائه مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، أمس الجمعة، قال ترامب في تغريدة على منصة تروث سوشيال "إنه يجب على كل من روسيا وأوكرانيا إعلان النصر وترك الحكم للتاريخ!".
وفي حديثه إلى الصحفيين بعد اجتماع البيت الأبيض، أقر زيلينسكي بأنه من المحتمل ألا يحصل على صواريخ توماهوك في النهاية، وأضاف "أنا واقعي".
مشاركة بالحرب
وتحدث خبير عسكري سابق للجزيرة نت عن صعوبة منح هذه الصواريخ الأميركية المتطورة لأوكرانيا، لأن ذلك ببساطة سيكون بمثابة "إعلان حرب أميركية على روسيا".
وأوضح الخبير، الذي رفض كشف هويته، أن "الحصول على صواريخ توماهوك شيء، واستخدامها شيء آخر. فهي صواريخ متطورة للغاية، وتعتمد في إصابة أهدافها وتحديد مواقع هذه الأهداف وإحداثياتها الرقمية على منظومة إلكترونية معقدة ومتطورة مندمجة في نظام التموضع العالمي المرتبط بالأقمار الصناعية (جي بي إس)".
وأضاف "لا يمكن استعمال هذه الصواريخ دون دور وقدرات الاستخبارات العسكرية الأميركية الفنية والبشرية، ولا تستطيع أوكرانيا استخدامها دون الدعم الأميركي، وربما تحتاج لنحو عام كامل للتجهيز الفني والبشري، إضافة لربطها بنظم استطلاعاتها العسكرية".
ولا تملك أوكرانيا القدرات الفنية لإدارة وتنفيذ عمليات الاستهداف الدقيقة بصواريخ توماهوك، وهو ما يثير تساؤلات حول مقدار التوجيه ومشاركة الاستخبارات التي سيكون البنتاغون (وزارة الحرب الأميركية) على استعداد لدعم أوكرانيا بها لإنجاح إطلاق صواريخ توماهوك حال تمكنت كييف من الحصول عليها.
وقال مسؤولون أميركيون -قبل أيام- لصحيفة فايننشال تايمز إن البنتاغون قدّم الدعم الكامل في كل مرحلة من مراحل التخطيط لضربات أوكرانيا السابقة بعيدة المدى على مصافي النفط الروسية بطائرات مسيرة بدون طيار، بما في ذلك تخطيط المسار والارتفاع والتوقيت وتفاصيل المهمة.
إعلانوعلى هذا النحو، يمكن توقع أن يوفر البنتاغون المعلومات اللازمة لشن هجمات توماهوك التي تتطلب بيانات أكثر تعقيدا من تلك التي تستخدمها الطائرات بدون طيار بسبب طرق الملاحة في توماهوك.
ولدفع روسيا إلى مائدة التفاوض، هدد ترامب بإرسال صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا في محاولة لإقناع الرئيس بوتين بإنهاء الحرب.
وتشير تقارير إلى أنه يمكن لصواريخ توماهوك دعم قدرات أوكرانيا الهجومية بشكل كبير، مما يُمكِّنها من ضرب أهداف في عمق الأراضي الروسية، بما فيها القواعد العسكرية والمراكز اللوجستية والمطارات ومراكز القيادة التي لا يمكن الوصول إليها حاليا عن طريق المُسيَّرات.
وكانت روسيا قد أعربت عن قلقها الشديد إزاء احتمال قيام الولايات المتحدة بتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك، وسبق أن أشار بوتين إلى أن مثل هذه الخطوة ستضر بشكل خطير بالعلاقات بين موسكو وواشنطن.
وفي الوقت ذاته، ينطوي توفير صواريخ توماهوك لأوكرانيا ضربا لحسابات ترامب الذي يكرر رغبته بوقف الحرب وإقامة علاقة جيدة مع روسيا، وأوضح بوتين أنه سيعتبر أية خطوة من هذا القبيل تصعيدا كبيرا في الاتجاه المعاكس لطموحات ترامب.
ويرى بعض المراقبين أن روسيا قد تكون مستعدة لمهاجمة صريحة لدول حلف شمال الأطلسي "الناتو" حال استهدافها بصواريخ غربية متقدمة طويلة المدى.
وبعد أن فشلت جهود ترامب للتفاوض على صفقة سلام تنهي الحرب مع بوتين في أعقاب قمة ألاسكا في أغسطس/آب الماضي، شجع ترامب بوتين مرارا وتكرارا على إنهاء الحرب لكنه لم يحقق نجاحا يذكر. ونتيجة لذلك، توترت علاقاتهما، ومن ثم اتفاقهما على اللقاء قريبا في المجر بقمة جديدة.
الصاروخ وإمكانياتهتوماهوك هو صاروخ كروز بعيد المدى يتم إطلاقه عادة من البحر لمهاجمة أهداف في مهام الضربات العميقة، كما يمكن إطلاقه من على مركبات فوق البر.
واستخدمت تلك الصواريخ لأول مرة عام 1991 خلال حرب الخليج الثانية لتحرير الكويت، وطورت شركة "رينثيون" المصنعة له إمكانيات الصاروخ على مدار الـ30 عاما الماضية.
ووفقا للشركة، يمكن للنسخ الحديثة من توماهوك تبديل الأهداف أثناء الطيران، والتسكع لساعات عند الحاجة، وتغيير المسار على الفور. وجاء آخر استخدام له عام 2024، عندما أطلقت البحرية الأميركية والبريطانية هذا النوع من الصواريخ على مواقع لجماعة الحوثيين في اليمن.
تسعى #أوكرانيا جاهدة لامتلاكها.. ما الخصائص التقنية والعسكرية لصواريخ توماهوك؟#إنفوغراف pic.twitter.com/H9iO8tM60t
— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 17, 2025
ويمكن لهذا السلاح الموجه بدقة أن يضرب أهدافا على مسافة 1600 كيلومتر، حتى في المناطق التي تحيطها نظم دفاع جوي متقدمة. ويبلغ طول الصاروخ الواحد 6.1 أمتار، ويصل طول جناحيه إلى 2.5 متر، ويزن حوالي 1510 كيلوغرامات، ويبلغ متوسط تكلفة الصاروخ الواحد 1.3 مليون دولار، وتنتج الولايات المتحدة ما بين 50 و70 صاروخا سنويا.
وقد أمضت روسيا سنوات في تحسين شبكة دفاعها الجوي ضد التهديدات التي تُمثّلها صواريخ توماهوك بما في ذلك صواريخ "سام" الأرضية، وبناء نظم اعتراضية مثل "إم آي جي-31 بي إم" بهدف مواجهة التهديدات التي تُمثِّلها صواريخ توماهوك.
إعلان