شارك المهندس حسن الخطيب، وزير الاستثمار والتجارة الخارجية، في أعمال القمة المصرية الأوروبية التي انعقدت في مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل، كمنصة نوعية تجسّد منعطفًا تاريخيًا في مسيرة العلاقات الثنائية بين الجانبين.

تأتي أعمال القمة المصرية الأوروبية تتويجًا لجهود مشتركة وتمثل إطارًا حيويًا لتعزيز التعاون متعدد الأبعاد، ودفع عجلة التكامل الاقتصادي والصناعي بين مصر والاتحاد الأوروبي، في إطار رؤية طموحة تضع الاستثمار والابتكار والتنافسية المستدامة في صلب أولوياتها.

وشهدت القمة مشاركة نخبة من صنّاع القرار وكبار المسؤولين من الجانبين المصري والأوروبي، إلى جانب ممثلي مؤسسات التمويل الدولية وقيادات قطاعات الصناعة والتكنولوجيا، سعيًا لتحويل الرؤى المشتركة إلى إجراءات ملموسة، وبلورة فرص التعاون إلى شراكات استثمارية حقيقية، بما يعزز مسيرة النمو الشامل والمستدام، ويؤكد المكانة المحورية لمصر كجسر استراتيجي يربط أوروبا بأسواق أفريقيا والشرق الأوسط.

وحضر القمة الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية، والدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولي، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين المصريين والأوروبيين وممثلي مؤسسات التمويل الدولية، في إطار مساعي مشتركة لتعزيز الشراكة ودفع التعاون في مجالات الاستثمار والتحول الصناعي والتنمية المستدامة.

استثمارات مصر في البنية التحتية أكثر من 500 مليار دولار خلال 10 سنوات

وأكد وزير الاستثمار أن أعمال القمة المصرية الأوروبية تمثل منصة حيوية لتعزيز التعاون الاقتصادي، مشيراً إلى أن مصر تشهد طفرة غير مسبوقة في بنيتها التحتية، باستثمارات بلغت أكثر 500 مليار دولار خلال العقد الماضي.

وأوضح أن هذه الاستثمارات أسفرت عن قفزة نوعية شملت عدداً من المشاريع العملاقة التي أصبحت نماذج ملموسة على أرض الواقع، من أبرزها المشاريع العمرانية والمدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة ومدينة الجلالة، إلى جانب شبكة الطرق والنقل التي تضمنت المشروع القومي للطرق وشبكة قيد التطوير بطول 7000 كيلومتر، وشبكة السكك الحديدية والنقل الجماعي.

وذكر أن المشاريع البينية تشمل تطوير خطوط لمترو الأنفاق، وإنشاء القطار الأحادي (المونوريل)، ومحطات للقطار الكهربائي الخفيف والسريع، إلى جانب تطوير وتشغيل المطارات الدولية والمحلية والموانئ التجارية.

واستعرض الخطيب الإصلاحات الهيكلية التي تبنتها الدولة، مؤكداً أن الحكومة تتبنى نهجًا إصلاحيًا متكاملًا يقوم على أربعة أركان رئيسية، أولها السياسة النقدية من خلال الانتقال إلى نظام استهداف التضخم الذي ساهم في تعزيز الاستقرار الكلي للاقتصاد واستعادة ثقة المستثمرين، حيث انخفض معدل التضخم بشكل ملموس ليصل إلى 11.6% في الربع الثاني من عام 2025 مقارنة بـ28.5% في الربع الثاني من عام 2024، ما يعكس نجاح السياسة النقدية في تحقيق الاستقرار وتعزيز الثقة بالاقتصاد.

وأفاد أن الركن الثاني يتمثل في سياسة مالية متوازنة ومستدامة تقوم على 20 إجراءً لإصلاح النظام الضريبي وجعله أكثر إنصافًا، بهدف تخفيف العبء عن قطاع الأعمال وإنهاء النزاعات الضريبية، مع التحول الكامل نحو الرقمنة والأتمتة في جميع الإجراءات. وتهدف هذه السياسة إلى توسيع قاعدة الوعاء الضريبي بنمو 35% سنويًا، والتحكم في الإنفاق ووضع سقف استثماري عام يبلغ تريليون جنيه، ومعالجة الأعباء غير الضريبية من خلال خطة ثلاثية تشمل التشخيص، الرقمنة، وإنشاء منصة رقمية موحدة لسداد الالتزامات.

وأردف، أن الركن الثالث يتمثل في سياسة تجارية منفتحة، تهدف إلى إدخال مصر ضمن أفضل 50 دولة في التجارة العالمية خلال ثلاث سنوات والوصول إلى المرتبة 20 بحلول عام 2030، مع تحقيق نمو سنوي للصادرات بنسبة تتراوح بين معدلات مرتفعة، لتصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات بحلول الفترة المستهدفة، وتحقيق نمو سنوي للصادرات بنسبة مرتفعة لتصل قيمتها إلى مئات المليارات من الدولارات خلال السنوات المقبلة. هذا وتسعى السياسة التجارية إلى خفض الإجراءات الجمركية بنسبة 90% وتقليل الوقت والتكاليف، مع حماية الصناعات المحلية من خلال إجراءات متوافقة مع منظمة التجارة العالمية، والاستفادة القصوى من الاتفاقيات التجارية الدولية لتعزيز تنافسية الاقتصاد المصري عالميًا.

ونوّه الخطيب إلى أن الركن الرابع يتمثل في إعادة تعريف دور الدولة، حيث تتحول من المشغل المباشر إلى المنظم والميسر، بما يعزز جذب الاستثمارات الخاصة ويدفع عجلة النمو المستدام، ويتم هذا التحول عبر وحدة حوكمة القطاع الاقتصادي الحكومي التي تنشئ آليات متقدمة لتخصيص الأصول للصندوق السيادي وبرنامج الطروحات، مع الحفاظ على القطاعات الاستراتيجية الحيوية. وتُوجّه وحدة التخصيص العائدات نحو خفض الدين العام، بينما تحدد وثيقة سياسة ملكية الدولة سقفًا واضحًا لدور الدولة في الاقتصاد بما يعزز الشفافية والكفاءة ويحقق قيمة مضافة للمجتمع والاقتصاد الوطني.

وأكد الخطيب أن الحكومة المصرية تواصل تنفيذ برنامج شامل للإصلاح التنظيمي وتحسين مناخ الأعمال، مع التركيز على التقدم المحرز في مجال الإصلاحات الهيكلية وتبسيط الإجراءات وتقليل البيروقراطية، بما يعزز كفاءة الخدمات المقدمة للمستثمرين، موضحاً أن الدولة تعمل على تطوير الإطار التشريعي والتنظيمي لرفع القدرة التنافسية والشفافية

وشدد على أن التحول الرقمي يمثل حجر الزاوية في هذه الإصلاحات، حيث تم إطلاق منصة إلكترونية موحدة للتراخيص تضم 460 خدمة وترخيصاً من 41 جهة حكومية، تليها بوابة الأعمال المصرية لتقديم خدمات استثمارية رقمية متكاملة، إضافة إلى البوابة الوطنية للتجارة لتعزيز تنافسية الصادرات المصرية.

وفي هذا الإطار، أعلن الخطيب عن التزام مصر الكامل بمعايير جاهزية الأعمال (B-READY) التابعة للبنك الدولي، والتي يتم تنفيذها من خلال لجنة رفيعة المستوى تهدف لدخول مصر التقرير بحلول عام 2026. وأوضح أن مصر تنفذ 209 إصلاحات شاملة ضمن هذا الإطار، حيث من المستهدف إنجاز 63% منها خلال فترة من 6 إلى 9 أشهر فقط، بما يسهم في تسريع الإصلاحات الهيكلية وخلق مناخ أعمال تنافسي عالمي.

الإفراج الجمركي

ولإعطاء صورة واضحة عن تحسن مناخ الأعمال، استعرض الوزير الجدول الزمني لخفض زمن الإفراج الجمركي، موضحاً أن إجراءات التخليص الجمركي شهدت قفزة هائلة في الكفاءة، حيث انخفض زمن الإفراج من 16 يومًا في يونيو 2024 إلى 5.8 أيام فقط في يونيو 2025، نتيجة لتطبيق 29 إجراءً تصحيحياً ساهمت في خفض التكلفة والوقت بنسبة 65%، مما وفر على الاقتصاد الوطني مبالغ كبيرة من العملة الصعبة.

وتابع أن الجهود مستمرة لتحقيق مزيد من التطوير للوصول إلى يومين فقط خلال الأعوام المقبلة، من خلال مجموعة من الإجراءات الجديدة المتوقعة أن تحقق وفراً كبيراً في الوقت والتكلفة، بما يعادل توفيراً إضافياً ملموساً للاقتصاد الوطني.

وأعرب الخطيب عن فخره بالشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي، والتي تجسدت في أن جزءاً كبيراً من صادرات مصر يتجه إلى السوق الأوروبية. كما شهدت مصر تدفقات ملحوظة من الاستثمارات الأجنبية المباشرة القادمة من أوروبا خلال الفترة الماضية، بما يعكس أهمية الشريك الأوروبي ودوره في دعم الاقتصاد المصري.

كما أكد الوزير أن مصر تتميز بموقع جغرافي استراتيجي عند مفترق طرق القارات، مما يسهّل الوصول إلى أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا، ويجعلها مركزًا حيويًا في سلاسل الإمداد الإقليمية والعالمية بكفاءة عالية. وأشار إلى أن الاقتصاد المصري متنوع ويشمل قطاعات تسهم بنسب متفاوتة في الناتج المحلي الإجمالي، من بينها قطاعات الخدمات والصناعة والزراعة.

وأضاف الخطيب أن الحكومة تركز على تنمية عدد من القطاعات ذات الأولوية تشمل الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والزراعة، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، والسياحة، والتعليم، والصحة، بما يعزز قدرة مصر على جذب الاستثمارات المتنوعة وترسيخ مكانتها كمركز اقتصادي إقليمي.

اقرأ أيضاًآخر تحديث.. ارتفاع سعر الذهب اليوم الأربعاء 22 أكتوبر 2025

البنك المركزي: طرح أذون خزانة بقيمة 90 مليار جنيه غدًا الخميس

بنك مصر يستعد لإطلاق أول بنك رقمي بداية 2026

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المونوريل الإفراج الجمركي الرقمنة وزير الاستثمار القمة المصرية الأوروبية المشاريع الاستثمارية في مصر إلى جانب بما یعزز من خلال

إقرأ أيضاً:

12 مليار دولار.. طفرة مرتقبة في صادرات الغذاء المصرية

توقع المهندس أشرف الجزايرلي، رئيس غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، تحقيق طفرة قوية في صادرات الصناعات الغذائية والتصنيع الزراعي، لترتفع من نحو 11 مليار دولار إلى 12 مليار دولار مدفوعة بالتوسع في الأسواق الخارجية وزيادة الطاقة الإنتاجية للشركات.

وأكد الجزايرلي، خلال كلمته في افتتاح معرض ومؤتمر «فوود أفريكا 2025»، أن السوق الأفريقي الذي يضم 1.4 مليار نسمة يمثل الفرصة الأكبر أمام المنتجات الغذائية المصرية، مشدداً على أن توحيد المعايير والاعتراف المتبادل بالمنتجات سيُحدث نقلة واسعة في حركة الصادرات نحو القارة.

وأوضح أن نسبة المصانع المتوافقة كلياً مع اشتراطات هيئة سلامة الغذاء لا تزال عند حدود 5% فقط، ما يستدعي جهوداً موسعة، لافتاً إلى أن الغرفة شكلت فريقاً فنياً تحت قيادة الدكتورة مايسة حمزة لدعم المصانع ميدانياً ورفع مستويات الجودة بما يتوافق مع المعايير الدولية.

لدعم المستثمرين ..المالية تعرض مزايا تطبيق حزمة التسهيلات الضريبية الثانية |تفاصيلالمالية تبدأ جلسات الحوار المجتمعي للحزمة الثانية من التسهيلات الضريبية.. تفاصيل

وفي الجانب التشريعي، كشف الجزايرلي عن تحركات جارية لإزالة العقوبات المقيدة للحريات من قوانين القطاع والاكتفاء بالغرامات المالية، مع تعزيز دور لجنة التظلمات للحد من خسائر الشركات الناتجة عن إجراءات الإعدام بسبب أخطاء قابلة للتصحيح.

كما أشار إلى توسع برنامج «ازدهار» الذي قدم دعماً فنياً لـ200 شركة، إضافة إلى استعداد الغرفة لإطلاق برنامج متكامل للابتكار الصناعي لتعزيز القيمة المضافة وزيادة القدرة التنافسية للمنتجات المصرية.

واختتم الجزايرلي بالتأكيد على استمرار الغرفة في تنفيذ رؤيتها لرفع كفاءة القطاع وتعزيز تنافسيته محلياً ودولياً، بما يرسخ مكانة مصر كقوة صناعية وتصديرية محورية في أفريقيا.

طباعة شارك سلامة الغذاء الأسواق الخارجية الغرامات المالية

مقالات مشابهة

  • الحكومة تعلن قبول استثمارات جديدة بقيمة 2.9 مليار دولار.. تفاصيل
  • مشاريع البنية التحتية الكبرى في سوريا تغري المستثمرين الخليجيين
  • الحكومة تعلن عن استهداف استثمارات بـ5,247 مليار دولار اليوم .. تفاصيل
  • هاريس يبلغ الأعرجي‏ بضرورة حماية البنية التحتية من هجمات الميليشيات
  • قيادي بمستقبل وطن: فائض الـ179 مليار جنيه يعكس صلابة الاقتصاد المصري
  • خطط جاهزة للإعمار.. وزير الحكم المحلي الفلسطيني: دمار غزة يشمل البنية التحتية والمباني
  • قناة السويس تحقق 1.97 مليار دولار إيرادات منذ يوليو مقابل 1.68 مليار العام الماضي
  • إطلاق برنامج تمويل مشاريع البنية التحتية الاجتماعية في قطاع التعليم
  • 12 مليار دولار.. طفرة مرتقبة في صادرات الغذاء المصرية
  • لانخفاض أسعار الطعام.. تراجع التضخم على أساس شهري وسنوي خلال نوفمبر الماضي