على بُعد خطوات من أهرامات الجيزة، يتجسد مشروع فريد من نوعه يجمع بين عراقة الحضارة المصرية القديمة وأحدث التقنيات العالمية، ليُصبح المتحف المصري الكبير أحد أبرز المشروعات الثقافية في القرن الحادي والعشرين، ورمزًا للتعاون الدولي في الحفاظ على التراث الإنساني.

ويُعد المتحف المصري الكبير، ثمرة شراكة استراتيجية بين مصر وعدد من الشركاء الدوليين من مختلف القارات، حيث توحّدت الجهود والخبرات والموارد لتحقيق حلم طال انتظاره، يهدف إلى صون الإرث الثقافي المصري ونقله للأجيال القادمة في أبهى صورة.

ولا يُعتبر المتحف المصري الكبير مجرد تحفة معمارية أو صالة عرض للآثار، بل يمثل رؤية حضارية متكاملة تربط بين الماضي المجيد والحاضر المتطور، وتعكس التزام مصر بدعم الحوار الثقافي والتعاون الدولي المستدام، في إطار جهودها لتعزيز مكانتها كمركز عالمي للتراث والثقافة.

انطلاق مشروع المتحف المصري الكبير

لم يكن المتحف المصري الكبير ليرى النور بهذه الصورة المبهرة لولا الدعم الدولي الواسع الذي تلقاه المشروع منذ انطلاقه، فقد شكل التعاون بين مصر ومجموعة من الحكومات والمؤسسات الدولية ركيزة أساسية في تحويل الفكرة إلى واقع ملموس، فمن اليابان التي ساهمت عبر وكالة «جايكا» بخبرات تقنية وتمويل ميسر، إلى دعم البنك الدولي لمعايير الاستدامة البيئية، وصولا إلى إشراف اليونسكو على الجوانب المتعلقة بصون التراث، كانت كل جهة تقدم عنصرا أساسيا في منظومة معقدة متكاملة.

ولم يقتصر هذا التعاون على التمويل أو التقنية فقط، بل شمل التدريب، وتبادل المعرفة، والتخطيط الاستراتيجي طويل المدى، ليصبح المتحف مشروعا عالميا بامتياز، يعكس كيف يمكن للتكامل الدولي أن يصنع إنجازا حضاريا يخدم الإنسانية جمعاء.

اليابان شريك في نجاح مشروع المتحف المصري الكبير

تعد اليابان شريكا مهما في نجاح مشروع المتحف، حيث قدمت مساهمات نوعية عبر وكالة اليابان للتعاون الدولي «JICA» التي وفرت أحدث المعدات والمعامل المتخصصة في ترميم الآثار، بحسب وكالة «كيودو» اليابانية في عام (2024)، فإن «المتحف المصري الكبير نموذج متقدم لدمج التكنولوجيا اليابانية مع الإرث المصري، حيث ساهمت المعدات الحديثة في حماية آلاف القطع الأثرية من عوامل الزمن والبيئة».

مشروع ترميم واستخراج الأجزاء الخشبية للقارب الشمسي الثاني لخوفو

التعاون الياباني المصري منذ عام 2006، عبر وكالة اليابان للتعاون الدولي (JICA)، تولى مشروع ترميم واستخراج وتوثيق الأجزاء الخشبية للقارب الشمسي الثاني لخوفو، الذي اكتشف في هضبة الجيزة، وتم استخراج حوالي 1700 جزء من 13 طبقة داخل الحفرة.

نقل القطع الأثرية إلى المتحف الكبير

تم نقل حوالي 72 قطعة أثرية من بينها بعض مقتنيات توت عنخ آمون من المتحف المصري بالتحرير إلى مركز ترميم المتحف الكبير، بدعم تقني ياباني، بما في ذلك أجهزة مثل المجهر الرقمي، وآلة إشعاعية محمولة، ورافعة كهربائية لرفع القطع الثقيلة بطريقة آمنة.

اليابان تقدم قرض لتمويل بناء المتحف المصري الكبير

قدمت اليابان قرضا ميسرًا لتمويل بناء المتحف المصري الكبير، تجهيز المعارض، البنية التحتية لتقنية المعلومات، التصميم الداخلي والحدائق، وغيرها من المكونات الأساسية للمتحف.

توفير برامج تدريب لموظفي المتحف

كما تم توفير برامج تدريب لموظفي المتحف والتقنيين المصريين في الترميم والإدارة المتحفية من خلال التعاون مع اليابان، إلى جانب مشروع مشترك مع الجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا E-JUST لتبادل الخبرات في علم ترميم التراث.

المتحف الكبير مشروع عالمي يحافظ على التراث

أشادت منظمة اليونسكو بالمتحف كمشروع عالمي يحافظ على التراث ويوفر منصة تعليمية للباحثين والمهتمين، مؤكدة في بيان رسمي عام (2024) أن المتحف يعكس أفضل الممارسات الدولية في حفظ التراث الثقافي، ويعتبر مركزا عالميا للتدريب والبحث في فنون الترميم.

كما شاركت اليونسكو مع فريق المتحف في الاجتماعات المتعلقة بحماية موقع الأهرامات والمناظر المحيطة، وضمان أن المشروعات الجديدة، مثل الممشى السياحي بين المتحف والأهرامات، لا تؤثر سلبيًا على المنظر الطبيعي والقيمة العالمية للموقع ضمن التراث العالمي.

وتم الاتفاق أيضا على عقد مؤتمرات دولية تحت راية اليونسكو لتعزيز الوعي بأهمية المتاحف والتراث، ومشاركة الخبرات بين المتاحف الإقليمية والعالمية.

المتحف الكبير ينال شهادة «EDGE Advanced» للمباني الخضراء

قدم البنك الدولي دعما ماليا وتقنيا للمشروع، حيث نال المتحف شهادة «EDGE Advanced» للمباني الخضراء، كأول متحف في إفريقيا والشرق الأوسط يحصل عليها. وقالت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، في عام 2024: «إن المتحف المصري الكبير يعكس شراكة قوية بين مصر والمجتمع الدولي لتعزيز التنمية المستدامة والابتكار في الحفاظ على التراث».

الخبرات الدولية.. تقنيات عالمية من أوروبا وأمريكا

سلطت وكالة الأنباء العالمية، الضوء على التعاون التقني مع خبراء ومهندسين من أوروبا وأمريكا، الذين شاركوا في تصميم وبناء المتحف المصري الكبير، مؤكدين على الجمع بين الأصالة المصرية والتكنولوجيا المتقدمة لضمان سلامة المعروضات وتجربة زائر متميزة.

المتحف المصري الكبير ركيزة أساسية لتعزيز السياحة الثقافية في مصر

أعلنت منظمة السياحة العالمية في عام (2025)، أن المتحف المصري الكبير سيشكل ركيزة أساسية لتعزيز السياحة الثقافية في مصر، مما ينعش الاقتصاد ويجذب ملايين الزوار سنويا.

ونتاج كل هذه الجهود والتعاون المثمر، بات المتحف المصري الكبير أكثر من مجرد صرح أثري، فهو قصة نجاح تجسد التعاون الدولي والالتزام المشترك بحماية تراث البشرية، وبتضافر جهود مصر واليابان، اليونسكو، البنك الدولي، وخبراء العالم، يتحقق اليوم حلم حضاري يفتح أفقًا جديدا أمام التاريخ والثقافة والسياحة في مصر والعالم.

فمن خلال هذا التعاون الدولي المكثف والمتنوع، من اليابان التي وفرت موارد تقنية وتمويل، إلى المؤسسات الاقتصادية العالمية التي ساعدت المتحف على تبني معايير استدامة، ومن اليونسكو التي ضمنت الحماية والإدارة المسؤولة، والإدارة متعددة الأطراف التي تشرك الخبراء والشركاء من كل أنحاء العالم، تحقق الحلم الذي طال انتظاره: متحف مصري كبير ليس فقط ليعرض الآثار، بل ليحفظها للأجيال، ويعرضها بكل تكريم، ويعد جسرا بين ماض مجيد ومستقبل واعد.

ويعد هذا المشروع اعترافا عالميا بأن التراث الإنساني مسؤولية مشتركة، وأن التعاون بين الدول يمكن أن ينتج إنجازات تتجاوز الحدود، وتنفع الإنسانية جمعاء، وتضع مصر في موقع ريادي عالمي في الثقافة والحضارة.

اقرأ أيضاًبعد أيام.. الموعد الرسمي لافتتاح المتحف المصري الكبير

«من خام الذهب والفضة».. إصدار عملات تذكارية بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير

المتحف المصري الكبير.. منصة تعليمية ومعرفية تسعى إلى نشر الثقافة الأثرية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المتحف المصري الكبير أهرامات الجيزة منظمة السياحة العالمية وكالة جايكا مقتنيات المتحف المصري المتحف المصری الکبیر التعاون الدولی المتحف الکبیر على التراث

إقرأ أيضاً:

برلمانية: المتحف المصري الكبير يضع مصر في صدارة السياحة العالمية

أشادت النائبة فاطمة سليم بالطفرة الكبيرة التي يشهدها المتحف المصري الكبير، مؤكدة أن الإقبال المتصاعد من الزوار يوميا يعكس مكانته كأحد أهم المتاحف على مستوى العالم، ودوره في ترسيخ الريادة الثقافية لمصر.

برلماني: غزة تعيش كارثة إنسانية متعمدة.. والمجتمع الدولي يتحمل المسئوليةتايلاند.. رئيس الوزراء يحل البرلمان ويعلن موعد إجراء الانتخاباتبرلماني: دعم البحث العلمي والابتكار ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة في مصربرلماني: مصر تمر بمرحلة دقيقة تتطلب تكاتفًا ووعيًا عامًا ومشاركة انتخابية

وقالت سليم في تصريحات خاصة إن تقديرات المؤسسات الدولية، ومنها فيتش التي قدرت عدد زواره بنحو 19 ألف زائر يوميا، وبلومبرج التي توقعت تجاوز 5 ملايين زائر سنويا، تعكس حجم الثقة العالمية في هذا الصرح الحضاري.

وأضافت أن الإشادات الدولية من صحف كبرى مثل نيويورك تايمز والجارديان ووول ستريت جورنال تؤكد أن مصر تمتلك الآن مشروعا عالميا قادرا على تعزيز قطاع السياحة بقوة خلال السنوات المقبلة.

ارتفاع عدد السائحين

 وأثنت سليم على التوقعات الإيجابية بارتفاع عدد السائحين إلى أكثر من 20 مليون سائح بحلول 2029، مشيرة إلى أن المتحف سيكون أحد أهم محركات النمو السياحي وزيادة الإيرادات وفق تقديرات صندوق النقد الدولي.

 ويشهد المتحف المصري الكبير إقبال متزايد من الزوار من مختلف الفئات والجنسيات، بما يعكس المكانة الدولية التي بات يحتلها كأحد أهم المقاصد الثقافية والسياحية على مستوى العالم، وهو ما أكدته الرؤية الدولية الإيجابية لدوره في تعزيز قطاع السياحة.

وأكدت وكالة "فيتش" أن متوسط عدد زوار المتحف المصري الكبير يبلغ نحو 19 ألف زائر يوميًا، متوقعة أن يستقبل ما يصل إلى 7 ملايين زائر سنويا. 

وفي السياق ذاته، توقعت "بلومبرج" أن يجذب المتحف أكثر من 5 ملايين زائر سنويًا، بينما أشارت "ناشيونال جيوغرافيك" إلى أن الدعاية العالمية للمتحف ساهمت في زيادة الحجوزات السياحية لعام 2026. 

كما أشادت مؤسسات دولية مرموقة مثل "وول ستريت جورنال"، و"نيويورك تايمز"، و"الجارديان"، و"لوموند"، ومعهد منتدى السياحة العالمي، بالمتحف المصري الكبير، معتبرين إياه إنجازًا بارزًا في مجال السياحة الثقافية، ومتوقعين أن يسهم افتتاحه الكامل في تعزيز القطاع السياحي بقوة.

طباعة شارك المتحف المصري الكبير بلومبرج التوقعات الإيجابية نيويورك تايمز المتحف المصري

مقالات مشابهة

  • غرق وانهيار المتحف المصري الكبير.. ما صحة الفيديو المتداول؟
  • ذكرى رحيل الفنان حسن كامي.. أيقونة الغناء الأوبرالي وحارس التراث الثقافي المصري
  • الكشري المصري على مائدة التراث الإنساني .. كيف تحوّل طبق شعبي إلى أيقونة ثقافية عالمية؟
  • ليس خللاً.. المتحف المصري الكبير يوضح حقيقة تسرب الأمطار
  • كشف أسباب إيقاف بيع التذاكر من المنافذ داخل المتحف المصري الكبير
  • هشام حسين : إشادات المؤسسات العالمية بالمتحف الكبير شهادة دولية بجدارة مصر السياحية
  • برلمانية: المتحف المصري الكبير يضع مصر في صدارة السياحة العالمية
  • ملك بريطانيا يتطلع لزيارة المتحف المصري الكبير: «تجسيد معاصر للحضارة المصرية»
  • توقعات دولية بانتعاش سياحي ضخم بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. وارتفاع مرتقب في أعداد الزوار والإيرادات حتى 2030
  • 7.5 مليون طن صادرات زراعية.. ومصر تفتح أبوابها للاستثمارات الهولندية