أجرى الباحث الكندي مايلز هاو٬ تحقيقا حول الجمعيات الخيرية المؤيدة للاحتلال الإسرائيلي في كندا، وركز على السجلات الضريبية لمجموعة مزراحي كندا "Mizrachi canada"٬ خلال عامي 2022 و2023، ليكشف عن تحويل أكثر من 4 ملايين دولار كندي (نحو 2.92 مليون دولار أمريكي) إلى منظمات تدعم المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.



وأشار التحقيق إلى أن هذه التبرعات الكندية تتناقض مع العقوبات التي فرضتها الحكومة الكندية منذ أيار/مايو 2024 على 17 فردا وسبع كيانات إسرائيلية لارتكابها "عنفا متطرفا من المستوطنين ضد المدنيين" في الأراضي الفلسطينية، ما يعد دعما ضمنيا لانتهاكات حقوق الإنسان.

وقال هاو: "كندا تدعم جرائم الحرب عبر جمعياتها الخيرية"، مؤكدا أن التبرعات الممنوحة معفاة من الضرائب يجب أن تذهب لأغراض خيرية، لكن الأموال الكندية تم توجيهها إلى دعم النشاط العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما في ذلك المستوطنات المستمرة في التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية.

مخالفة صريحة للقوانين الضريبية 
بحسب التحقيق، يحصل الكنديون على إعفاء ضريبي مقابل التبرعات الخيرية، إذ يفترض أن تستثمر في الصالح العام. وتشترط وكالة الإيرادات الكندية (CRA) على الجمعيات الخيرية أن تتحكم بالتبرعات وأن تنفقها لأغراض خيرية بحتة، وأن لا يتم إرسالها إلى جهات أجنبية حسب ما تراه هذه الجهات مناسبا. كما يحظر على الجمعيات الخيرية الكندية إرسال تبرعات للجيش الأجنبي.

رغم ذلك، كشف التحقيق أن بعض الجمعيات لا تزال تنتهك هذه القواعد، ومنها "مزراحي كندا" والجمعية الثقافية الصهيونية الكندية (CZCA)، حيث أرسلتا ملايين الدولارات إلى كيانات إسرائيلية تابعة للجيش، بما في ذلك جمعيات الجنود الإسرائيليين ومشاريع توسعة المستوطنات.

وأكد الباحث هاو أن "هذا ليس نشاطا قانونيا بموجب قانون ضريبة الدخل الكندي. العمل كقناة للأموال ليس غرضا خيريا"، مشددا على أن الكنديين غالبا لا يدركون أن أموالهم تستغل لدعم الجيش الإسرائيلي.



عقوبات وإجراءات لم تنفذ بالكامل
في السنوات الأخيرة، ألغت وكالة الإيرادات الكندية صفة "المنظمة الخيرية" عن بعض الجمعيات التي أرسلت عشرات الملايين إلى الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك الصندوق القومي اليهودي في كندا (JNF Canada)، جزئيا بسبب فشلها في السيطرة على التبرعات المرسلة إلى كيانات لا تعد خيرية.

وتستأنف هذه المؤسسات قرارات الإلغاء أمام المحاكم، فيما تواصل بعض الجمعيات، مثل "أصدقاء JNF كندا"، أعمالها الخيرية بنفس النهج. وفي الوقت نفسه، بقيت الجمعيات الأخرى موضع شكاوى عامة بسبب مزاعم عدم إنفاق التبرعات بطريقة خاضعة للرقابة، وتحويلها إلى كيانات عسكرية إسرائيلية.


تحقيق "السلطة الخامسة"
في حزيران/يونيو الماضي، بدأ موقع جمع التبرعات الإسرائيلي "JGive" قبول التبرعات الكندية لصالح صندوق جبل الخليل، وهو كيان إسرائيلي يهدف لتوسيع مستوطنة مجاورة لخربة سوسيا، والتي كانت تحتل أراضي فلسطينية منذ عام 1967. 

وكانت السلطة الخامسة قد تبرعت بمبلغ 25 دولارا أمريكيا لاختبار إمكانية التبرع، لتتلقى إيصالا ضريبيا من جمعية "مزراحي كندا". بعد أسابيع، تم استرداد المبلغ بسبب "خطأ فني"، لكن الحملة بقيت مؤهلة لتلقي التبرعات بعملات أخرى.

حجم الأموال المرسلة إلى للاحتلال
أظهرت الإقرارات الضريبية لجمعية "مزراحي كندا" من 2007 إلى 2022 أنها أرسلت أكثر من 50 مليون دولار كندي إلى الاحتلال الإسرائيلي، بما في ذلك مشاريع تعليمية وثقافية ودينية، ومعظمها مرتبط مباشرة بدعم المستوطنات والأنشطة العسكرية. 

وبدأت الجمعية في السنوات الأخيرة تقديم تفاصيل عن المستفيدين المحددين من هذه الأموال، بعد تقديم شكاوى إلى هيئة الإيرادات الكندية.

كما يواصل ناشطون تقديم شكاوى ضد الجمعية الثقافية الصهيونية الكندية٫ لارسالها ملايين الدولارات للكيانات التابعة للجيش الإسرائيلي، بما فيها جمعية الجنود الإسرائيليين٬ وأصدقاء جيش الدفاع الإسرائيلي، ما يجعل التبرعات جزءا من شبكة دعم مستمرة للمستوطنات والانتهاكات في الضفة الغربية والإبادة الجماعية.

تواصلت "السلطة الخامسة" مع وزير المالية الكندي فرانسوا فيليب شامبين، والذي أكد أن قوانين الضرائب الكندية صارمة جدا وأن وكالة الإيرادات الكندية تلتزم بالقواعد، لكنه لم يوضح سبب استمرار تحويل التبرعات إلى كيانات إسرائيلية تخالف السياسة الكندية.

وقال شامبين: "لدينا قوانين صارمة للغاية فيما يتعلق بالجمعيات الخيرية، ونحرص دائما على التزام وكالة الإيرادات الكندية بها، لضمان أن التبرعات تنفق للأغراض الخيرية المصرح بها وفق القانون".



ما هي جمعية "مزراحي كندا"؟
تُعرف جمعية "مزراحي كندا" بأنها منظمة تعليمية دينية صهيونية، تُركز على الهوية اليهودية وعلاقتها بإسرائيل، وتضم فروعا وشبكات متعددة في كندا تشمل حركة الشباب "بني عكيفا" ومخيمات صيفية وبرامج تعليمية. وتهدف الجمعية لتعزيز الصهيونية الدينية والارتباط بالهوية اليهودية، بما في ذلك دعم المؤسسات التعليمية والثقافية في الاحتلال الإسرائيلي.

ويشغل الحاخام إيلان مازر منصب المدير الوطني للجمعية منذ 2016، حيث يسافر بين كندا والاحتلال الإسرائيلي لتنسيق المشاريع وتعزيز التعليم اليهودي وربط المجتمع اليهودي الكندي بالاحتلال.

وتؤكد الجمعية أن أنشطتها الخيرية تهدف إلى دعم التعليم الديني والثقافي، لكنها في الوقت نفسه تُظهر شبكة واسعة من الدعم المالي للمؤسسات المرتبطة بالدولة الإسرائيلية، بما في ذلك كيانات عسكرية واستيطانية، مما يضع نشاطها في قلب الجدل القانوني والحقوقي في كندا.

وتعد المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية بموجب القانون الدولي، وفقا للأمم المتحدة، التي دعت منذ سنوات إلى وقف جميع الأنشطة الاستيطانية، معتبرة أنها تقوض حل الدولتين وتعرقل أي تقدم نحو السلام.

ووفقا للبيانات الرسمية الفلسطينية، بلغ عدد المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية نحو 770 ألف مستوطن حتى نهاية 2024، بينما تستمر الحكومة الإسرائيلية في توسيع المستوطنات، مع تمويل مباشر وغير مباشر من جمعيات خيرية دولية، بما فيها الجمعيات الكندية المذكورة.


رفض الجمعيات الخيرية التعليق
وبحسب "السلطة الخامسة" فقد حاولت الحصول على تصريحات من جمعية "مزراحي كندا"٬ والجمعية الثقافية الصهيونية الكندية٬ حول هذه التبرعات، لكنهما لم تستجبا لطلبات المقابلة، ما يزيد من الشكوك حول الشفافية والتحكم في الأموال المرسلة لدعم المستوطنات والجيش الإسرائيلي.

وأوضح المحامي شين مارتينيز من المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين في تورنتو٬ للبرنامج أن "الكنديين لا يدركون غالبا أن أموالهم تستغل لدعم الجيش الإسرائيلي"، مؤكدا أن تقديم إيصالات ضريبية للتبرعات لا يعكس سيطرة أو توجيها حقيقيا للأموال للأغراض الخيرية، وأن هذه الأموال تستخدم لأنشطة عسكرية واستيطانية غير قانونية وفق القانون الدولي.

وأشار مارتينيز إلى تقديم شكوى رسمية ضد الهيئة الضريبية الكندية لخرقها القواعد الضريبية، مطالبا بمراجعة شاملة للأنشطة المالية لهذه الجمعيات ومحاسبتها على أي دعم مباشر أو غير مباشر لجيش الاحتلال الإسرائيلي والانتهاكات المرتكبة في الأراضي الفلسطينية.

ويُظهر التحقيق الاستقصائي الذي أجراه برنامج "السلطة الخامسة" أن دعم بعض الجمعيات الخيرية الكندية للمستوطنات الإسرائيلية وجيش الاحتلال يشكل انتهاكا صارخا للقوانين الضريبية الكندية وللمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، وأن ملايين الدولارات من التبرعات الكندية المعفاة من الضرائب تستغل في أنشطة عسكرية واستيطانية ضد الفلسطينيين. 

ويكشف التحقيق عن ثغرات في الرقابة الحكومية، ودور هذه الجمعيات كقنوات تمويلية، ما يضع كندا أمام مسؤولية وطنية وقانونية في مراقبة استخدام الأموال الخيرية وضمان عدم استغلالها لدعم انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية الجمعيات الخيرية كندا المستوطنات الضفة كندا مستوطنات الضفة جمعيات خيرية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی الجمعیات الخیریة فی الضفة الغربیة بعض الجمعیات إلى کیانات بما فی ذلک فی کندا

إقرأ أيضاً:

من مطار مهجور إلى مدينة مستدامة.. مشروع كندي يتطلّب 30 مليار دولار و30 سنة

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- شهد مطار "داونزفيو"، الواقع شمال غرب مدينة تورنتو في كندا،  تحولات عديدة على مرّ التاريخ، منذ تشييد  أوّل مهبط طائرات قبل حوالي مئة عام. كما شمل المطار مدرجًا قصيرًا ومبنى صناعيًا وسط حقول المزارعين.

كان الموقع مقر شركة "De Havilland Canada" الرائدة عالميًا في مجال الطيران.

يعود تاريخ الموقع إلى عام 1929 عندما اشترت شركة الطيران الرائدة "De Havilland" قطعة الأرض.Credit: Toronto Public Library/Northcrest Developments

أصبح المطار مركزًا لإنتاج الطائرات الحربية خلال الحرب العالمية الثانية، وفي مطلع التسعينيات، استحوذت عليه شركة " Bombardier" الكندية لتصنيع الطائرات. 

وفي العام 2024، أُغلق المطار أبوابه بعد انتقال الشركة إلى موقعٍ آخر.

لكن في أوائل العام 2026، انطلقت أعمال البناء لما سيكون أكبر مشروع تطوير للموقع حتى الآن.

أُغلِق مطار "داونزفيو" الكندي في العام 2024، وسيتم تطوير الموقع إلى مشروع حضري ضخم يحمل اسم "YZD".Credit: Northcrest Developments

يجري حاليًا تطوير المنطقة التي تبلغ مساحتها 1.5 كيلومتر مربع لتصبح مقاطعة حضرية تحتضن أكثر من 50 ألف شخص وأكثر من 300 متر مربع من المساحات الخضراء والمفتوحة.

سيُطلق على المنطقة اسم "YZD" (في إشارة إلى رمز المطار السابق)، وستكون مشروعًا تطويريًا ضخمًا يحتاج تحقيقه 30 عامًا. وستعتبر المنطقة التي ستُكلِّف 30 مليار دولار، من أكبر المشاريع من نوعها في أمريكا الشمالية.

سيتحوّل المدرَّج الممتد لكيلومترين، الذي يُمثّل محور الموقع، إلى حديقة للمشاة تربط بين سبعة أحياء. 

وسيتمتع كل حي بطابعه الخاص، مع احتضانه لمساكن، ومكتبات، ومتاجر، ومدارس، ومراكز مجتمعية، بينما سيعمل المدرج كحلقة وصل تربط جميع الأحياء مع  "احترام وتقدير الإرث الجوي للموقع" في الوقت ذاته، وفقًا لما قاله ديريك غورينغ، الرئيس التنفيذي لشركة "Northcrest Developments" التي تقود المشروع.

مستقبل أكثر استدامة صورة تخيّلية توضح مستقبل المطار السابق.Credit: Northcrest Developments

الحفاظ على تاريخ الموقع ليس مجرّد قرار عاطفي، بل قرار عملي أيضًا، من ناحية الأثر البيئي.

وشرح غورينغ: "تحتوي المباني القائمة على كميات كبيرة من الكربون، وعوض هدمها وبناء كل شيء من الصفر، يحقّق الحفاظ على هذه المباني فائدة كبيرة من حيث خفض انبعاثات الكربون".

تعرض هذه الصورة التخيلية هدف المشروع المتمثّل في إضافة مساحات خضراء.Credit: Northcrest Developments

وسيتم الاحتفاظ بحظائر الطائرات الواسعة، التي شُيّدت بين خمسينيات وتسعينيات القرن الماضي، واستخدامها كمبانٍ تجارية تخدم قطاع إنتاج الأفلام، والصناعات الخفيفة، والتكنولوجيا النظيفة.

ستُغطى أسطح الحظائر بالأعشاب والنباتات، وهو أمر يدّعي المطورون أنّه سيساعد على امتصاص مياه الأمطار والحد من خطر الفيضانات، مع تعزيز التنوع البيولوجي في المركز الحضري.

سيتحول المدرّج إلى حديقة للمشاة، كما هو موضح في الصورة التخيلية.Credit: MVVA

ومع أنّ المدرَّج لن يحتَفظ بشكله الحالي، ستتم إعادة تدوير الخرسانة والإسفلت المستخدمين في بنائه من أجل الطرق أو الأرصفة، كما ذكر غورينغ.

وستتولى شركة "Michael van Valkenburgh Associates" المعمارية مَهمة وضع تصميم مبدئي للمدرج، بعد فوزها بمسابقة دولية تابعة للمشروع في أكتوبر/تشرين الأول. 

وتهدف الشركة إلى إعادة الطبيعة إلى هذا المكان.

سيتم الحفاظ على إرث المطار في بعض أجزاء المشروع الجديد.Credit: Toronto Public Library/Northcrest Developments

وأشارت إميلي مولر دي سيليس، إحدى الشركاء في الشركة المعمارية، إلى تاريخ الموقع قبل أن يتحول إلى مطار وأرض زراعية، فقد كان جزءًا من غابة "كارولينيان" جنوب أونتاريو.

يسعى الفريق إلى إعادة إحياء الموائل الطبيعية واستقطاب الحياة البرية إلى الموقع.

وأوضحت دي سيليس: "كان لا بد من كبح الطبيعة داخل الموقع الحالي لضمان سلامة عمليات الطيران"، وتجسَّد ذلك عبر منع الطيور من التعشيش رغم موقعه على طول المسار الأطلسي لهجرة الطيور.

يُحيط بموقع مشروع "YZD" شبكة من محطات القطارات ومترو الأنفاق بالفعل، لذا سيُراعي التصميم هذه المرافق، كما أنّه سيُشِّجع على المشي واستخدام وسائل النقل التي تستبدل السيارات. 

ومع ذلك أكّد غورينغ: "لا يعني هذا انعدام استخدام السيارات، فسيكون المدرّج المنطقة الوحيدة الخالية من السيارات. لكننا نسعى لجعل المشي وركوب الدراجات أكثر وسائل النقل سهولةً، وأمانًا، وملاءمة".

إرث المشروع

مقالات مشابهة

  • شخصان يقيدان مسنا بعامود إنارة بالشرقية.. تحقيق عاجل يكشف الأسرار
  • الكشف عن تورط جهة عربية في تدريب عناصر المرتزقة في غزة
  • "الشعبية" تدين إعدام 110 أسرى منذ 2023 وتطالب بفتح تحقيق دولي بجرائم الاحتلال
  • الأول من نوعه من "طلبات".. عُمان تتصدر تقرير "رد الجميل"
  • من مطار مهجور إلى مدينة مستدامة.. مشروع كندي يتطلّب 30 مليار دولار و30 سنة
  • ممثل حماس في إيران يكشف لـعربي21 واقع العلاقة مع طهران بعد حرب الـ12 يوما (شاهد)
  • استشهاد فلسطيني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في رفح
  • تحقيق رسمي يكشف ملابسات وفاة غللو توت في تركيا
  • 30 ثانية هزّت أمن متحف اللوفر! تحقيق رسمي يكشف: كيف نجح اللصوص بفضل إخفاقات كارثية
  • تحقيق إسرائيلي يكشف تحولات تاريخية بالضفة الغربية