حرب المسيرات تشتعل بالسودان وتعقد التفاوض
تاريخ النشر: 24th, October 2025 GMT
يشهد السودان تصعيدا عسكريا خطيرا مع تكثيف قوات الدعم السريع هجماتها بالمسيرات على مطار الخرطوم ومدينة الفاشر، بينما يصل وزير الخارجية السوداني محيي الدين سالم إلى واشنطن لإجراء مباحثات حول الحرب وسط رفض قاطع من مجلس السيادة لأي مفاوضات مع المتمردين.
وتناول برنامج "ما وراء الخبر" هذا التطور الخطير عبر 3 محاور رئيسية تتعلق بدلالات التصعيد العسكري ورسائل السجال السياسي وتأثير المواجهات على فرص التسوية.
وكشف مصدر بالجيش السوداني أن الدفاع الجوي أسقط فجرا 5 مسيرات انقضاضية تابعة لقوات الدعم السريع بولاية الخرطوم، مشيرا إلى أن المسيرات استهدفت مطار الخرطوم ومنشآت مدنية أخرى.
وفي السياق ذاته، أكد مصدر عسكري آخر استهداف مسيرات انقضاضية لمدينتي سنجة وسنار في ولاية سنار جنوب شرقي البلاد، حيث استهدفت محطة كهرباء ومنشآت حيوية.
وأظهرت قوات الدعم السريع مقاطع مصورة زعمت أنها تكشف عن استيلاء مقاتليها على مقر إقامة والي شمال دارفور في الفاشر، في حين أكد قادة في القوات اقترابهم من مقر قيادة الفرقة السادسة مشاة التابعة للجيش بالمدينة.
تهديدات الدعم السريع
ويرى الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي أن تهديدات الدعم السريع بقصف دول تدعم الجيش السوداني تحمل مبالغات كبيرة، موضحا أن استهداف مطار الخرطوم يهدف إلى منع افتتاحه باعتباره رمزا من رموز السيادة.
وفي هذا الإطار، أضاف مكي أن القصف المتكرر لمحطات الكهرباء يسعى لإيصال رسالة مفادها أن الدولة غير قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين رغم استعادة الخرطوم.
وأشار مكي إلى أن الدعم السريع يفتقد للشرعية الدولية، وذلك ما يدفعه للذهاب إلى أقصى درجات القسوة في استهداف المدنيين، بينما يحاول الجيش التعامل بطريقة أكثر إنسانية لتجنب الاتهامات بارتكاب جرائم حرب.
ومن جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي ضياء الدين بلال أن السودان يواجه تمردا غريبا من نوعه يشكل عدوانا خارجيا مدعوما من دولة خليجية، مشددا على صعوبة إعادة قوات الدعم السريع إلى المعادلة السياسية بعد الجرائم والفظائع التي ارتكبتها.
إعلانوبناء على ذلك، أوضح بلال أن هذه القوات لم تعد ذات طبيعة وطنية بل أصبحت تضم مرتزقة من مختلف أنحاء العالم.
ويرفض الموقف الرسمي السوداني إشراك أبو ظبي في أي مسار تفاوضي، معتبرا أن تحويل طرف متهم بدعم الحرب إلى وسيط يعني مكافأته على الجرائم المرتكبة.
وبدلا من ذلك، يجري حاليا تفاوض سوداني أميركي حول تحقيق السلام، في حين تلعب واشنطن دورا في تقريب وجهات النظر وخلق جسر تواصل بين الخرطوم وأبو ظبي.
رؤية مغايرة
وفي مقابل هذا التوجه، يطرح الباحث السياسي محمد تورشين رؤية تعتمد على مبادرة الاتحاد الأفريقي التي دعت إلى حوار سوداني عبر مسارين، الأول مدني سياسي والثاني عسكري يهدف لتوحيد الجيش وإخضاع المؤسسة العسكرية للقيادة المدنية.
ومن هذا المنطلق، يحذر تورشين من عسكرة الحياة السياسية في السودان، مشددا على ضرورة دمج الفصائل المسلحة في الجيش خلال فترة لا تتجاوز عامين.
ويشكك رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان في جدوى جهود "الرباعية الدولية" المكونة من الولايات المتحدة والسعودية والإمارات ومصر، معتبرا أنها حاولت منح الدعم السريع شرعية مساوية للدولة، وذلك ما جعل الموقف السوداني سلبيا منذ البداية.
وفي هذا الصدد، يشير مكي إلى أهمية الدور المصري الحاسم بحكم العلاقة التاريخية والقرب الجغرافي واعتبار القضية السودانية جزءا من الأمن القومي المصري.
وعلى المستوى الميداني، يؤكد بلال أن الجيش ينتصر في مساحة واسعة ويتقدم في كل المحاور، بينما تقاتل المليشيا في مساحة ضيقة محاولة استخدام القصف للحصول على انتصارات معنوية.
وفي السياق نفسه، تعاني المليشيا من تصدعات داخلية وتستعين بمرتزقة من كولومبيا وجنوب السودان والنيجر، وهي مؤشرات ضعف وليست مظاهر قوة، وفقا لبلال.
وتواجه البلاد كارثة إنسانية ضخمة مع نزوح 15 مليون شخص داخل السودان، وذلك ما يجعل إيجاد حل عاجل ضرورة ملحة لإنقاذ الأرواح التي لم تعد المسألة معها تحتمل التأخير أو الانتظار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع تستهدف مطار الخرطوم الدولي لليوم الثاني
قال مصدر أمني للجزيرة إن قوات الدعم السريع استأنفت فجر اليوم الأربعاء استهداف مطار الخرطوم الدولي بنحو 6 مسيّرات انقضاضية، وذلك لليوم الثاني على التوالي.
وأضاف المصدر أن المضادات الأرضية للجيش السوداني تصدت لها بنجاح.
وكان قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان حميدتي قد توعد في خطاب أمس الثلاثاء باستهداف أي مطار تقلع منه المسيّرات والطائرات، معتبرا ذلك هدفا مشروعا، وفق تعبيره.
ويدخل قصف مطار الخرطوم الدولي يومه الثاني على التوالي، بعد إعلان شركة مطارات السودان إعادة تشغيل المطار عقب إغلاقه بسبب اندلاع الحرب في السودان في أبريل/نيسان 2023.
وقد أكد مصدر حكومي مطلع وآخر أمني للجزيرة أن قوات الدعم السريع استهدفت أمس الثلاثاء مطار الخرطوم الدولي بالمسيّرات.
وبحسب المصدر الأمني، فإن نحو 3 مسيّرات هاجمت أطراف المطار محدثة أضرارا وإصابات محدودة، موضحا أن الدفاعات الأرضية تصدت للهجوم، مما قلل الأضرار.
من جانبه، زار رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان مطار الخرطوم، وأكد من هناك عزم الجيش على القضاء على التمرد في البلاد.
وأضاف البرهان أنه لن يكون هناك دور لمن وصفهم بالمرتزقة ومن يساندهم في مستقبل السودان، لكنهم يرحبون في الوقت نفسه بأي مبادرة للسلام المبني على الأسس الوطنية الراسخة.
وفي وقت سابق، قالت مصادر أمنية للجزيرة إن مسيّرات للدعم السريع شنت غارات على مدينة سنار كبرى مدن ولاية سنار واستهدفت منشآت مدنية وعسكرية، لكن المضادات الأرضية للجيش السوداني تصدت للهجمات.
مأساة الفاشر
في الأثناء، تتواصل المأساة في مدينة الفاشر التي تحاصرها قوات الدعم السريع، حيث أعلنت منظمة الهجرة الدولية أمس نزوح أكثر من ألف شخص من المدينة الواقعة غربي السودان خلال اليومين الأخيرين فقط، وذلك جراء تفاقم انعدام الأمن.
إعلانوسبق للمنظمة أن أعلنت نزوح أكثر من 1500 شخص من المدينة بين 15 و19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، موضحة أن الوضع الأمني في المنطقة لا يزال متوترا ومتقلبا.
وحسب وكالة الأناضول للأنباء، فإن قوات الدعم السريع تحاصر مدينة الفاشر منذ 10 مايو/أيار 2024، في حين يسعى الجيش السوداني إلى كسر الحصار عن المدينة التي تُعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس.
في المقابل، اتهم حميدتي الجيش أمس الثلاثاء بمنع المدنيين من مغادرة مدينة الفاشر لاستخدامهم دروعا بشرية.
ومنذ 15 أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش و"قوات الدعم السريع" حربا لم تفلح وساطات إقليمية ودولية عديدة في إنهائها، وسط معاناة المدنيين.
وقُتل في الحرب نحو 20 ألف شخص وشُرّد أكثر من 15 مليونا بين نازح ولاجئ وفقا لتقارير أممية ومحلية، في حين قدّرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألف شخص.