مصور يحول سفن الرحلات البحرية الفاخرة إلى لوحات معمارية من السماء
تاريخ النشر: 27th, October 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- مع مرور السنوات، تزداد سفن الرحلات البحرية الفاخرة رفاهيةً وإبهارًا، لتتحوّل إلى مدن عائمة هدفها تلبية رغبات ركّابها. لكن هذه الهياكل الضخمة لفتت نظر مصوّر رأى فيها ما هو أبعد من الترف، موثقًا تفاصيلها المعمارية الفريدة.
تستكشف أعمال المصوّر الأوكراني يفهين كوستيوك مفهومي الهندسة والبساطة، حيث يحول مواضيع مألوفة إلى قصص بصرية غير متوقعة، إذ قال في مقابلةٍ مع موقع CNN بالعربية: "لطالما أبهرتني التفاصيل التي عادةً ما تمر دون أن تُلاحظ، وإمكانية تغيير الإدراك من خلال منظور جديد".
هذا ما يفعله كوستيوك بالضبط في سلسلته الفوتوغرافية ".P.O.O.L.S"، التي توثق سفن الرحلات البحرية من منظور جوي غير مألوف لكثير من الناس، باستخدام طائرة "درون".
تركّز صوره على مقدّمة السفن ومسابحها الصغيرة، محوّلًا إياها إلى تراكيب معمارية وأنماط تجريدية.
ذكر المصوّر الأوكراني، أن كل سفينة تتميّز بشخصية وإيقاع خاص بها، حيث تنتج التفاصيل الصغيرة أنماطًا فريدة.
إلى جانب ذلك، غالبًا ما تظهر "تفاصيل خفية" عند توثيقها من الأعلى، بفضل عوامل مثل الإضاءة، والانعكاسات، والأشكال الهيكلية، إذ أوضح كوستيوك أن "هذه العناصر الدقيقة تجعل كل صورة تبدو حية ومتميزة".
ولا تُظهر صوره عددًا كبيرًا من الأشخاص، وتسودها أجواء هادئة، وهو أمر مقصود، بحسب المصوّر، الذي قال: "وجود الأشخاص في الصورة يضيف إحساسًا بالحجم والحياة، لكن من دون أن يخطفوا الانتباه. أريد للمشاهد أن يشعر بالهدوء، والفضول.. وأن يرى المألوف من زاوية غير متوقعة".
حتى الآن، يشمل مشروعه 17 سفينة وثّقها بمياه البحر كرواتيا، وإيطاليا، وإسبانيا.
أما عن كيفية عمله على المشروع، فقد قال كوستيوك: "أخطط لكل جلسة تصوير بعناية. أتابع جداول رحلات السفن السياحية وأدرس صورها حتى أتأكد من أن تصميم مقدّمتها يناسب المشروع. ألتقط الصور دائمًا من الميناء باستخدام طائرة بدون طيار، لذا لا أحتاج إلى أن أكون على متن رحلة بحرية لالتقاط الصورة".
وقد غيّر العمل على هذه السلسلة نظرته إلى سفن الرحلات البحرية، إذ قال: "في السابق، كنت أرى سفن الرحلات البحرية كمركبات ضخمة فحسب، ووسيلة سفر مترفة ذات روح مرحة. الآن، تبدو كل سفينة كإبداع يعكس رؤية مصمّميها".
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: التصوير صور عمارة فنون سفن الرحلات البحریة
إقرأ أيضاً:
غزّة.. بين مطر الشتاء ووعد السماء
لم يكن الشتاء مجرّد تبدّل في الفصول فوق غزّة؛ بل كان امتحانًا جديدًا تتجلّى فيه سنّة الابتلاء التي تحدّث عنها القرآن، حين تشتدّ المحن لتكشف خبايا القلوب، وتُظهر المواقف كما هي دون أقنعة.
فالمطر الذي ينزل على كل الأرض، نزل على غزة بوجهٍ آخر:
مطرٌ يطرق خيامًا بلا جدران، ويهوي فوق بقايا منازل لم يُسمح لها بأن تُبعث من تحت الركام، وبردٌ يلامس أجساد أطفالٍ لم يجدوا إلا العراء.
في تلك الليالي العاصفة، تشعر غزة وكأنها تقف على حدّ آيةٍ من كتاب الله:
?أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ…?
فالخوفُ حاضر، والجوعُ حاضر، ونقصُ الأمن والمال والبيوت حاضر… لكن معها أيضًا يقينٌ لا ينكسر، يمتدّ في جذور الأرض كما تمتدّ بقايا الزيتون تحت الركام.
وحده الإنسان الفلسطيني يمضي في مسيره، يحمل على كتفيه ما لا تحمله الجبال، ويقف بإرادةٍ تصنعها العقيدة لا الظروف.
ففي كل خيمةٍ تُقتلع، تُولد أخرى من روحٍ لا تُهزم، وفي كل ركامٍ يعلو، ترتفع عزيمةٌ تُذكّر بأنّ الشعوب قد تنهك… لكنها لا تستسلم.
ومع ذلك، يبقى هناك سؤال مطروح على الساحة العربية:
كيف تحوّلت غزة، بكل ما فيها من دماء ودموع وصبر، إلى ملفّ يُدار في غرف مغلقة، بينما تُفتح الأبواب على مصاريعها لوفودٍ تشدّ الرحال إلى واشنطن في مواسم التبعية الجديدة؟
مشهد الهرولة السياسية نحو البيت الأبيض ليس مشهدًا عابرًا، بل انعكاس لمعادلة يريدها الغرب واضحة:
أمنُ الكيان المؤقّت أولًا،
ومشاريع إعادة الهندسة الإقليمية ثانيًا،
وتحويل بعض العواصم العربية إلى أدوات تنفيذ ثالثًا.
وما يجري اليوم من محاولات لفرض خرائط جديدة، أو إعادة تشكيل التحالفات، ليس إلا جزءًا من مسار طويل يسعى إلى خنق أي صوت مقاوم، وتجفيف الوعي، ومنع تحوّل الشعوب إلى قوى فاعلة.
لكنّ هذه الحسابات، مهما بدت دقيقة، تغفل سنةً مذكورة بوضوح في القرآن:
?إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا?
وأنّ الظلم حين يبلغ ذروته، يبدأ أفوله.
في اليمن، يتجلّى هذا الفهم بوضوح أكبر.
شعبٌ حوصر وقُصف، ثم نهض أكثر رسوخًا في موقفه تجاه فلسطين، وكأنّ الجراح التي أصابته لم تزدْه إلا بصيرةً.
فقد تعلّم اليمنيون أن القضايا العادلة لا تُقاس بالجغرافيا، بل بالحق، وأنّ الأمة التي تتخلّى عن فلسطين تتخلّى عن نفسها قبل أن تتخلّى عن قضيتها.
لذلك، لا غرابة أن يصبح الموقف اليمني مصدر قلقٍ لدى القوى الكبرى؛ فمجرّد وجود شعبٍ ما يزال يؤمن بالآيات التي تُذكّر بوعد المستضعفين، يشكّل تهديدًا لمشاريع التطويع ومسارات الاستسلام.
وما بين غزة المحاصرة واليمن الصامد، يمتدّ خيط واحد: خيط الوعي.
وعيٌ يرى أنّ ما يحدث ليس فصلًا من فصول السياسة، بل جزءٌ من معركةٍ أوسع بين مشروعٍ يريد للأمة أن تسقط، ومشروعٍ يريد لها أن تنهض.
وإذا كان البرد قد اشتدّ، والمطر قد أغرق الخيام، والليل قد طال.. فإنّ القرآن يعلّمنا أن الفجر لا يتأخّر، وأنّ النصر لا يأتي وفق توقيت القوى العظمى، بل وفق وعدٍ إلهيّ ثابت لا يخلف:
?حَتَّى? إِذَا ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ أَنَّهُمْ قَدْ أُحِيطَ بِهِمْ جَاءَهُمْ نَصْرُ اللَّهِ?.
غزة اليوم ليست مأساةً تُروى، بل شاهدًا على خذلان الشعوب الإسلامية، وموت ضمير العالم.
وشتاء غزة، مهما قسا، ليس إلا مقدّمة لنهاية مأساة وفرج قريب تعرفه القلوب قبل أن تراه العيون، لمن ظنّ أنّ الحرب قدرًا أبديًا، وتُكتب فيه البداية لمن آمن بأنّ الصبر طريق، وأنّ الدمّ لا يبقى بلا ثمرة، وأنّ الأرض التي تعمّدها الشهداء لا تموت، وأن البلاء كلما أشتد فالوعد كان أقرب.