حكاية أول أغنية مصرية بإيقاعات سودانية
تاريخ النشر: 2nd, September 2023 GMT
يكاد الغناء السوداني أن يكون الوحيد من بين الفنون الموسيقية العربية التي لم تنتشر بين المستمعين العرب، ولا يوجد له جمهور عريض خارج السودان، وذلك خلافاً لحال الأغنية المصرية واللبنانية والخليجية وحتى المغاربية. ولا نعتقد أن اللهجة هي الحائل، خصوصاً أن اللهجة السودانية ليست معقدة أو صعبة في الغالب الأعم من مفرداتها.
ربما كان السبب في عجز الأغنية السودانية عن عبور الحدود هو إيقاعاتها الأفريقية الخاصة التي لم يتعود المستمع العربي عليها، خصوصاً أنها تستخدم السلم الموسيقي الخماسي بدلاً من السلم الموسيقي السباعي الشائع، أو ربما كان السبب هو ضعف إمكانيات الإعلام السوداني لجهة نشر الفن الموسيقي لهذا البلد العربي العزيز وتسليط الأضواء على رواده ورموزه، الأمر الذي لم يتعرف معه الجمهور العربي إلا على اسم سوداني يتيم هو الفنان «سيد خليفة» صاحب أغنية «البامبو سوداني»، التي لم تشهرها وسائل الإعلام السودانية بقدر ما كان الإعلامان المصري والخليجي سبباً في شهرتها وشهرة صاحبها.
في عام 1960، حينما شهدت مصر احتفالات مشروع بناء السد العالي ذي التأثيرات الاقتصادية والاجتماعية على القطرين المصري والسوداني بحكم ارتباط مصيرهما بنهر النيل الخالد، ناهيك عن تأثير المشروع تحديداً على حياة أبناء النوبة الذين يشتركون مع الشعب السوداني في قواسم ثقافية واجتماعية وفنية وتراثية عدة، قررت الدولة المصرية وقتذاك إقامة حفل فني ساهر في الخرطوم بمشاركة ثلة من نجوم الطرب والغناء المصريين المعروفين، خصوصاً أن الحدث تزامن مع احتفالات السودان بـ«أعياد الثورة» في إشارة إلى انقلاب الفريق إبراهيم عبود سنة 1958.
وهكذا شهدت مدينتا الخرطوم وأم درمان في نوفمبر 1960 سبع حفلات غنائية على مسارحهما شاركت فيها بعثة «أضواء المدينة» التي تكونت من صباح وشادية ونجاة الصغيرة وعبدالحليم حافظ ومحمد عبدالمطلب والثلاثي المرح والفرقة الماسية بقيادة أحمد فؤاد حسن، علاوة على وفد إعلامي من الإذاعة المصرية بقيادة المذيع جلال معوض والمذيعة سامية صادق صاحبة برنامج «الأسرة البيضاء».
ما يهمنا هنا هو أن شادية فاجأت الجمهور السوداني بظهورها على المسرح مرتدية الزي التقليدي لنساء السودان. وبعد أن غنت لهم مجموعة من أجمل أغانيها الشائعة آنذاك مثل: «لا يا سي أحمد» (كلمات سيد مرسي وألحان محمد فوزي)، «أحب الوشوشة» (كلمات حسين السيد وألحان رياض السنباطي)، «القلب معاك»، «إنْ راح منك ياعين»، «ألو ألو» (كلها من كلمات فتحي قورة وألحان منير مراد)، فاجأتهم بأغنية أعدت خصيصاً للشعب السوداني.
لم تكن تلك الأغنية التي امتزج فيها الصوت المصري بالموسيقى السودانية، سوى أغنية «يا حبيبي عد لي تاني.. خلي عيني تشوف مكاني» الرقيقة التي صاغ كلماتها بذكاء الشاعر الغنائي المرح فتحي قورة، ووضع ألحانها المبدع منير مراد مستخدماً موسيقى السلم الخماسي ومستعيناً بآلات الموسيقى الأفريقية مثل الوتريات والدفوف والطبل والخشخيشة.
أخبرتنا الكاتبة ناهد صلاح بجريدة «اليوم السابع» المصرية، عن أن تجربة شادية هذه في الغناء للسودان لم تكن الأولى، حيث كتبت: إذا كانت «يا حبيبي عود لي تاني» علامة بارزة في رصيد شادية الغنائي، بما احتوته من مزج مصري/ سوداني، فإنها قد سبقتها بتجربة أخرى في فيلم «بشرة خير» إخراج حسن رمزي، والذي عُرض في أبريل 1952 أي قبل قيام ثورة يوليو بثلاثة أشهر تقريباً، كما لو كانت نبوءة الثورة يبشر بها فيلم رومانسي بسيط، غنت فيه شادية أغنية «النيل» من تأليف جليل البنداري وألحان حسن أبوزيد: «يا جاي من السودان لحد عندنا/ يا للي تمر من أسوان والقلة من قنا/ يا نعمة من السودان بعتها ربنا/ ومن عمر الزمان وأنت بقلبنا». وفي الفيلم نفسه شاركت مع ثريا حلمي في أوبريت «مصر والسودان»، تأليف السيد زيادة وألحان حسن أبوزيد، حيث مثلت الحضور المصري، بينما مثلت ثريا حلمي الحضور السوداني، وهو أوبريت يستنهض الهمة ويسعى لتأكيد الأخوّة بين الشعبين المصري والسوداني، وضرورة كسر الحواجز بينهما.
د. عبدالله المدني – صحيفة البيان
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
محمد عبده يتجاوز المليون مشاهدة بأغنية أحد سأل عني بتوقيع البدر وألحان طلال
في تعاون شعاره الطرب والأصالة، تخطّت أغنية "أحد سأل عني" لفنان العرب محمد عبده حاجز المليون مشاهدة خلال أيام قليلة من طرحها، لتكون أولى بشائر النجاح لألبومه الجديد "أحد سأل عني"، الذي يجمعه برمز الكلمة الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن، وعبقري اللحن الموسيقار د. طلال، تحت إشراف عام خالد أبو منذر، في عمل فني يُجسّد الوفاء لزمن الطرب والكلمة المضيئة.
كعادته يسعى محمد عبده إلى تحريك الساحة الفنية الغنائية ونثر السعادة والطرب من خلال أغنيات ألبومه الجديد، وهى : "احد سأل عني" توزيع أمير عبد المجيد، "قالت قصيدك ليل" توزيع وليد فايد، "يا صاحبي طالت" توزيع عصام الشرايطي، "لليل حارس" توزيع يحيى الموجي، "الشفق" توزيع عصام الشرايطي.
يقدم الألبوم دلالة معنوية خاصة، من خلال تقديم تحية للشاعر الراحل الأمير بدر بن عبد المحسن، أحد أهم وأبرز أعمدة الشعر الغنائي في الوطن العربي، عن تجربته الغنائية، ولغته الشعرية التي تتسم بالرقي، والتي تتناغم مع ألحان الموسيقار د. طلال صاحب البصمة الموسيقية المتجددة في الوطن العربي، وأعماله الموسيقية المتجددة والمتنوعة، التي تحمل جاذبية خالدة بين الشرقية والكلاسيكية والتجدد، ألحان منحت صوت محمد عبده التحليق عاليًا، في سيمفونية موسيقية تحتفي بالكلمة وتمنحها حضورًا قويًا.
وعن تجربته الفنية الجديدة قال محمد عبده : سعيد جدًا بتقديمي ألبوم غنائي يضم خمس أغنيات من كلمات الأمير بدر بن عبد المحسن، وألحان الموسيقار د. طلال، لانهما رمز الفن الغنائي العربي الأصيل، وأصحاب مدرسة للإحساس والأداء الفني الرفيع، من خلال كلمات رشيقة معبرة تحمل الأفكار الشرقية الراقية، والألحان الموسيقية الطربية المليئة بالحيوية والرؤية الفنية المتطورة الرشيقة، وهذا ما عهدناه دائمًا من البدر وطلال.
ويؤكد محمد عبده إلى ان أغنيات الألبوم تحمل رؤية فنية مليئة بالمواصفات البديعة، لإرضاء كل الاذواق، مشيرًا إلى انه يحب دائمًا تقديم ما يسعد جمهوره من خلال أغنيات تحمل الكثير من التحديات على صعيد الغناء والفكر الموسيقي، ليضاف إلى سجل أعماله الغنائية السابقة.
وفي النهاية توجه فنان العرب بالشكر والتقدير إلى كل صناع الألبوم، وكل من تعاون معهم فيه، حيث تمتاز الأغنيات بزخم كبير تحمل العديد من الأفكار الموسيقية الشرقية المتجددة.